Previous PageTable Of ContentsNext Page


الملحق الأول

البيانات - مراسم الافتتاح

فخامة السيد Carlo Azeglio Ciampi، رئيس الجمهورية الإيطالية (اللغة الأصلية الإيطالية) - 10 يونيو/حزيران 2002

السيد المدير العام،
المندوبين الكرام،
السيدات والسادة.

إني لمدرك تماماً لأهمية افتتاح أعمال مؤتمر القمة العالمي للأغذية بحضور هذا الحشد الكبير من رؤساء الدول والحكومات وأمين عام الأمم المتحدة. وإني، إذ أعلن افتتاح أعمال المؤتمر، أعرب لكم عن أطيب تحياتي وأبعث لكم رسالة تضامن وأمل وتشجيع للتوصل معاً إلى برنامج ذي أهداف وأدوات تنفيذ موثوقة.

يكفي الإنتاج الزراعي العالمي اليوم لإطعام سكان العالم الذين يبلغ عددهم اليوم ضعف ما كان عليه قبل قرن. وينخفض عدد الجياع في العالم على نحو مطرد وإن يكن بطيئا. ولن تفي الأسرة الدولية مسؤولياتها كاملة إلى أن يتم القضاء نهائياً على مشكلة الجوع في العالم. إذ يرزح أكثر من مليار شخص اليوم تحت وطأة الجوع والفقر. وسيتركّز النمو السكاني بنوع خاص في البلدان الأشدّ فقراً. وستكون سبل عيش خُمس البشرية وأوضاعهم الصحية وتقدمهم الصناعي رهناً بالتزام راسخ من جانبنا جميعاً. وقد جاء مؤتمر القمة هذا الذي لم يُخطط له في الأصل بدافع القلق المتزايد من عدم بلوغ الهدف الذي حدده إعلان روما عام 1996.

ولن يتكلل مؤتمر القمة بالنجاح ما لم يسند الأولوية القصوى للتقيّد بالتزامات خطة عمل عام 1996، وما لم يحدد طريقة واضحة للمضي قدماً من خلال تحديد الموارد والوسائل والخطوات اللازمة لتحقيق الهدف المرجو كي يتمكن الجميع من الحصول على الغذاء الكافي والسليم.

ولابد من خطوات ملموسة لتحقيق الأهداف المحددة والعامة على حدٍ سواء التي نصّ عليها إعلان وخطة عمل روما لعام 1996. وإنّ النجاح في تخفيض نسبة الجياع في العالم بحلول عام 2015 إلى النصف إنما يعتبر دلالة على بلوغ البشرية درجة عالية من الحسّ المدني.

السيد المدير العام، يتعيّن علينا بالدرجة الأولى أن ندرك تماماً الأخطاء التي ارتكبناها في الماضي وبالأمس القريب. ولن يطمئنّ لنا بال ما لم تنجح جهودنا في خلق الظروف المواتية لضمان الأمن الغذائي لجميع سكان الأرض. ولا يمكن معالجة مسألة الأغذية على حدة. بل إنّ أهمية مؤتمر القمة هذا تكمن في ارتباطه الوثيق بقدرته على الانضمام إلى المجموعة الواسعة من المبادرات الدولية الموجودة أصلاً والهادفة إلى مكافحة الفقر وتشجيع عمليات التنمية. وسوف يُقاس نجاحه استناداً إلى موثوقية الاستنتاجات التي سيخلص إليها والإسهامات فيه، بالإضافة إلى مصداقية الالتزامات المعلن عنها وبنوع خاص التنفيذ الدقيق للبرامج. وتحقيقاً لهذه الغاية، يجدر بنا السعي إلى إحراز تقدم باتجاه الأهداف المحددة من خلال الرصد المستمر للتأكد من احترام الالتزامات وتنفيذ التدابير تنفيذاً مرناً.

ويتطلّب الأمن الغذائي إنتاجاً أعلى ومحاصيل موثوقة وبنى أساسية تؤدي الغرض منها، إلى جانب خدمات التجميع والتوزيع. وتتطلّب الزراعة المنتِجة استخداماً مستداماً للأراضي الصالحة للزراعة والغابات والمناطق الجبلية وصيانة التربة وإدارة واعية لمصادر المياه والمحافظة على الثروة الحيوانية ومصايد الأسماك. فالزراعة المستدامة التي تضمن استفادة الأجيال القادمة من الموارد مرتبطة بحماية البيئة. ويؤثر تدهور البيئة بيد الإنسان على منطقة أكبر من الولايات المتحدة وكندا مجتمعتين. كما يهدد التصحّر وفقدان التنوع البيولوجي وتغيّر المناخ بحدوث المزيد من الاضطرابات والاختلالات في الميزان المناخي والأيكولوجي الحيوي. لذا يتعيّن على كل بلد الالتزام بشكل مسؤول بالقضايا العالمية المتعلقة بحماية البيئة. وإنّ الاتحاد الأوروبي لفخور بالتصديق على بروتوكول كيوتو.

وفي البلدان التي يعيش فيها معظم الـ800 مليون شخص من ناقصي التغذية، يعمل في الزراعة المزارعون الفقراء في القرى الريفية. ويأمل المزارعون في أن يكفل لهم عملهم مستوى معيشي لائق وقدرة شرائية كافية. لكن المشكلة الأساسية بالنسبة إلى الأغذية هي السبيل إلى إعطاء المناطق الريفية حياة كريمة وظروف عمل لائقة ومداخيل أعلى للأسر وخدمات اجتماعية وتربوية وصحية. ويفترض وجود قطاع زراعي منتِج بالدرجة الأولى ضمان حيازة الأراضي. هذا بالإضافة إلى البنية الأساسية والخدمات الأساسية والائتمان الريفي وأخيراً وليس آخراً القدرة التنافسية على الوصول إلى الأسواق.

إنّ البيئة الراهنة للتجارة الدولية تعمل ضد المنتَج الزراعي من خلال فرض تعريفات أعلى مرتين أو ثلاث مرات تقريباً من تلك المفروضة على مجالات التجارة الأخرى. لذا لا بد من إزالة هذه العقبات تدريجياً لكن بكل تصميم.

السيدات والسادة، إنّ التغذية الكافية والصحية، مقرونة بالصحة والتعليم الأساسيين، هي من ركائز كرامة الإنسان وحق كل كائن بشري في المشاركة مشاركة كاملة في المجتمع المدني. ونحن نملك القدرة على التغلّب على مشكلة ندرة المياه وزيادة التصحّر. كما قد يعود التقدم العلمي بالنفع على جودة المحاصيل وكميتها من خلال استخدام التكنولوجيات الحيوية التي خضعت لتجارب دقيقة والاستثمار الدائم في برامج التدريب والأبحاث. وبالإمكان أيضاً تحسين الظروف الاجتماعية والصحية كما بالنسبة إلى معالجة مسألة تهميش المرأة في المجتمع.

وأعني بقولي هذا 150 مليون تنقصهم المدارس - وعشرات الملايين ممن يموتون بسبب الأمراض المعدية، وفي طليعتها فيروس المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسبة. وتعتبر القرى والمناطق الريفية الأكثر ضعفاً وتأثراً. لذا فإنّ قادة البلدان النامية مسؤولون بالدرجة عن مستقبل بلدانهم ومواطنيهم. وإنّ وجود التزام راسخ أكثر بالسلام والديمقراطية والعدالة والإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والحكم الصالح أمور حيوية لمعالجة قضية الفقر في المناطق الريفية. كما تتفاقم مأساة العنف بفعل النزاعات الخارجية والداخلية بما يشكل هدراً عبثياً للموارد الضرورية للنمو.

ويعتبر إلغاء الديون الخارجية للبلدان الأشد فقراً عنصراً أساسياً من عناصر مكافحة الفقر في العالم. ويجدر بالبلدان الصناعية ومؤسسات التمويل الدولية مكافأة من يعملون في سبيل الديمقراطية والحكم الصالح. وإني أكرر هنا من جديد النداء الذي أطلق في مونتيري للأسرة الدائنة برمتها لإلغاء جميع الديون الثنائية القائمة، بما في ذلك الديون التجارية المالية الخارجية المترتبة على البلدان الأشد فقراً. كما تقترح إيطاليا اعتماد آلية عمليّة أكثر للإعفاء من الديون مقارنة مع تلك المعمول بها حالياً على المستوى الدولي مع إمكانية الاستفادة من إعفاء استثنائي في حال حدوث كوارث طبيعية أو أزمات إنسانية خطرة، وقد اتخذ البرلمان الإيطالي إجراءات محددة بهذا الشأن. وانطلاقاً من هنا، عمدت إيطاليا منذ عام 1999 إلى دعم صكا ماليا جديدا لصندوق النقد الدولي: مرفق الحد من الفقر وتحقيق النمو.

وإنّ التحرير المتزايد للأسواق العالمية لا يمكن أن يقوم على أساس الكيل بمكيالين. ففتح الأسواق أمام الصادرات من البلدان النامية مكمّل أساسي لعملية إلغاء التعريفات بالإجمال. وقد أظهرت النظريات والتجربة المنافع العامة لتحرير التجارة الدولية بالنسبة إلى المنتجين والمستهلكين والمصدّرين والمستوردين.

ويشكل عدم توافر التمويل الكافي إحدى أسباب التأخر في بلوغ أهداف إعلان وخطة عمل روما لعام 1996. ويسعى مؤتمر القمة هذا إلى اكتساب دفع جديد وإنّ إيطاليا تشارك في هذا الحدث من هذا المنطلق. وفي هذه الأثناء، ساهمت الحكومة الإيطالية بمبلغ 50 مليون يورو في حساب الأمانة الخاص للأمن الغذائي وسلامة الأغذية.

السيد المدير العام، حضرة السيدات والسادة، إنّ الأسرة الدولية وبالأخصّ المجتمعات الريفية المحلية في نصف الكرة الجنوبي من العالم تعوّل على منظمة الأغذية والزراعة وعلى برنامج الأغذية العالمي وعلى الصندوق الدولي للتنمية الزراعية والتي انضمّت إليها عام 1994 المنظمة الدولية الرئيسية المسؤولية عن حماية التنوع البيولوجي الزراعي وتعزيزه. وقد كان لي العام الماضي شرف استضافة مراسم الافتتاح في مقرها الرئيسي قرب روما. ولا بد لنا من الاعتراف بمساهمة المزارعين الكبيرة في البلدان النامية في حماية التنوع البيولوجي الزراعي في العالم.

وتشكل الأنشطة التي أدّتها المنظمات الدولية المجتمعة هنا اليوم مرجعاً لالتزام الأسرة الدولية المتجدد إزاء التنمية الزراعية الريفية والأغذية. وتؤكد إيطاليا مجدداً دعمها الثابت لهذا البعد الحيوي للأمم المتحدة الذي أصبح الآن متجذراً في عاصمتها. وستسعى إيطاليا جاهدة إلى جعل روما صلة الوصل في الحوار بين بلدان الشمال والجنوب. ويرتبط مستقبل كوكبنا والتوازن العالمي في القرن الجديد والحاجة إلى تحقيق السلام بين الشعوب إلى حدٍ بعيد بقدرة الأسرة الدولية على كسب معركتها ضدّ الجوع.

وإنّ الطريقة الوحيدة لاستئصال الجوع وسوء التغذية هي من خلال تحقيق نمو زراعي متوازن وتحسين الظروف المعيشية في المناطق الريفية. لكن هناك إطار واحد لا غير للتنمية. ويجب أن تكون الأولوية القصوى لإلغاء الديون وإمكانية الوصول إلى أسواق الشمال وزيادة التدفقات المالية باتجاه الجنوب. وكي تكون تلك التدابير بالفعالية المطلوبة، لا بدّ لنا من توحيد الأهداف واتخاذ خطوات ملموسة. وبقدر ما إنّ هدفنا طموح، بقدر ما إنّ مهمتنا صعبة، لكنها مجرّد معركة صغيرة بإمكاننا كسبها لو اتحدنا معاً.


السيد Kofi Annan، أمين عام الأمم المتحدة - 10 يونيو/حزيران 2002

رئيس الوزراء السيد Berlusconi،
أصحاب الفخامة والدولة رؤساء الدول والحكومات،
السيد المدير العام Diouf،
أصحاب المعالي والسعادة،
حضرة السيدات والسادة.

حددت الأسرة الدولية في مؤتمر القمة العالمي للأغذية في روما عام 1996 هدفاً يقضي بتخفيض عدد الجياع من الأطفال والنساء والرجال إلى النصف بحلول عام 2015. وقد مضى ثلث هذه المهلة تقريباً حتى الآن سجّل خلالها تقدم بطيء جداً.

ليس لدينا وقت نضيّعه إذا أردنا بلوغ هدفنا الذي هو أيضاً أحد أهداف التنمية للألفية التي اتفق عليها قادة العالم في سبتمبر/أيلول 2000.

ويعاني كل يوم أكثر من 800 مليون شخص في العالم - من بينهم 300 مليون طفل - من قرصات الجوع الشديد ومن الأمراض والإعاقات الناجمة عن سوء التغذية. واستناداً إلى بعض التقديرات، يموت 24000 شخص كل يوم جرّاء ذلك.

فلا جدوى إذاً من إطلاق المزيد من الوعود اليوم. بل على مؤتمر القمة هذا تجديد الأمل لهؤلاء الأشخاص الـ800 ملايين من خلال الاتفاق على إجراءات ملموسة.

إنّ كوكبنا لا يعاني من نقص الأغذية. فالإنتاج العالمي للحبوب أكثر من كافٍ لوحده لتلبية الحاجات التغذوية الدنيا لكلّ طفل وامرأة أو رجل. لكن في حين تنتج بعض الدول أكثر من حاجتها لإطعام شعوبها، لا تنتج دول أخرى ما يكفي من الغذاء وتعجز الكثير منها عن استيراد ما يكفي من الغذاء لسدّ الفجوة. والأسوأ من ذلك كلّه، أنّ هذا يحصل داخل البلد الواحد أيضاً. ومع أنّ بلداناً كثيرة تملك ما يكفي من الغذاء لشعوبها، يعاني الكثيرون منهم من الجوع.

وثمة علاقة وثيقة بين الجوع والفقر. فالجوع يُبقي على الفقر إذ أنه يحول دون تمكين الناس من الاستفادة من طاقاتهم بالكامل والمساهمة في تقدّم مجتمعاتهم. والجوع يجعل الناس أكثر عرضة للأمراض. ويصيبهم بالضعف والخمول بما يحدّ من قدرتهم على العمل وإعالة أسرهم. وتتكرر هذه الحلقة المدمّرة جيلاً بعد جيل وهي لن تتوقف ما لم تتخذ خطوات عملية لكسرها.

ويتعيّن علينا جميعاً كسر هذه الحلقة والحد من الجوع والفقر على المدى البعيد. ويعيش 70 في المائة تقريباً من الجياع والفقراء في البلدان النامية في المناطق الريفية. ويعمل العديد منهم في زراعة الكفاف أو لا يملكون الأراضي بل يسعون إلى بيع عمالتهم ويعوّلون، بشكل مباشر أو غير مباشر، على الزراعة لكسب المال.

كما من واجبنا تحسين الإنتاجية الزراعية ومستويات المعيشة في الريف من خلال مساعدة صغار مزارعي الكفاف والمجتمعات الريفية المحلية على زيادة عائداتها وتحسين كمية وجودة الأغذية المتوافرة محلياً. ويكون ذلك من خلال زيادة قدرة هؤلاء على الحصول على الأراضي والقروض والتكنولوجيا والمعرفة ذات الصلة التي من شأنها مساعدتهم على إنتاج محاصيل أكثر مقاومة وضمان تحقيق السلامة النباتية والحيوانية.

لكن النجاح سيكون أيضاً رهناً بالتطورات خارج نطاق المزرعة الضيّق، مثل تحسين خدمات الرعاية الصحية والتربية والبنى الأساسية الريفية، بما يشمل الطرقات وتأمين مياه الري وإدارة سلامة الأغذية. ومن شأن هذه التحسينات المساهمة أيضاً إلى حد كبير في تحفيز الاستثمار في القطاع الخاص في الأنشطة القاعدية، مثل تجهيز الأغذية وتسويقها.

ويتعيّن علينا أن نضمن موضعا مركزيا للمرأة التي تلعب دوراً حيوياً في الزراعة في البلدان النامية. كما تشارك المرأة في كل مراحل إنتاج الأغذية وتعمل لساعات أطول من الرجال وتعتبر عنصراً أساسياً لضمان حصول أسرتها على ما يكفي من إمدادات الأغذية.

إنّ استراتيجيات التنمية الزراعية والريفية المستدامة تتسم بأهمية خاصة في أفريقيا حيث يعاني 200 مليون
شخص - أي ما يعادل 28 في المائة من السكان - من الجوع المزمن. وتواجه اليوم عدة بلدان في إقليم إفريقيا الجنوبية، للمرة الأولى منذ عشر سنوات، خطر المجاعة الشاملة في الأشهر القادمة.

لذا، يتعيّن علينا إيجاد طرق مبتكرة لمساعدة أفريقيا على مكافحة الجوع. ولا بد في هذا الإطار من دعم الشراكة الجديدة من أجل التنمية التي أطلقتها وتديرها أفريقيا على اعتبارها أداة مهمة لمكافحة الجوع.

كما يتعين علينا الوفاء بالوعد الذي قطعناه في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي خلال اجتماع منظمة التجارة العالمية في الدوحة والحرص على أن تزيل جولة المفاوضات التجارية الجديدة الحواجز أمام استيراد الأغذية من البلدان النامية. إذ من المستحيل مثلاً لصناعات التجهيز في البلدان النامية المنافسة بسبب فرض تعريفات على الأغذية المجهّزة مثل الشوكولاته.

ويتعيّن علينا أيضاً إجراء تقييم دقيق لتأثير الإعانات التي تعطى الآن للمنتجين في البلدان الغنية. فمن شأن خفض أسعار الأغذية في البلدان الأشد فقراً مساعدتها على التخفيف من حدة الجوع في بعض الحالات وعلى المدى القصير فقط. لكن إغراق الأسواق بالفوائض قد يكون له أيضاً آثار سلبيّة جداً على المدى البعيد - بدءاً بعدم إعطاء حوافز للإنتاج القطري وصولاً إلى البطالة - فيما يصبح من المستحيل بالنسبة إلى البلدان النامية المنافسة في الأسواق العالمية.

لكن حتى في حال فتح الأسواق في البلدان المتقدمة أكثر، ستبقى هذه البلدان بحاجة إلى الاستفادة من تلك الفرص، لاسيما في القطاع الزراعي. ولن يكون بالإمكان تطبيق بعض القواعد والمعايير الدولية من دون مساعدة دولية والمزيد من الاستثمارات.

كما أنّ مكافحة الجوع رهن أيضاً بالإدارة المستدامة للموارد الطبيعية والنظم الأيكولوجية التي تساهم في إنتاج الأغذية. وفي حين يتوقّع أن يتخطى عدد سكان العالم سبعة مليارات نسمة بحلول عام 2015، سيزداد أكثر الضغط على البيئة. ويكمن التحدي في السنوات القادمة في إنتاج ما يكفي من الأغذية لتلبية حاجات مليار شخص إضافي في ظل المحافظة على قاعدة الموارد الطبيعية التي تقوم عليها رفاهية أجيال الحاضر والمستقبل.

لكن الفقراء الجياع بحاجة أيضاً إلى مساعدة مباشرة اليوم. فالمعونة الغذائية هامة جداً إن في حالات الطوارئ أو في حالات الجوع المزمن. ويساعد الدعم التغذوي للحوامل والمرضعات تمتع أطفالهنّ بصحة جيدة في سنّ البلوغ. ولا تكتفي برامج التغذية المدرسية بإطعام الأطفال الجياع فحسب بل تساعد أيضاً على زيادة نسبة الالتحاق بالمدرسة - وقد أظهرت الدراسات أنّ المتعلّمين قادرون أكثر من سواهم على كسر حلقة الفقر والجوع.

أصدقائي الأعزاء، إذا أردنا فعلاً عكس الاتجاهات الحالية وتخفيض الجوع بنسبة 50 في المائة بحلول عام 2015، علينا اتباع نهج شامل ومتماسك لمعالجة مختلف أبعاد الجوع من خلال السعي إلى زيادة فرص الحصول على الأغذية والتنمية الزراعية والريفية. كما أننا بحاجة إلى برنامج لمكافحة الجوع ليكون بمثابة إطار مشترك تتمحور حوله القدرات العالمية والقطرية من أجل مكافحة الجوع.

ونحن نعلم أنّ مكافحة الجوع تنعكس إيجاباً على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي. وهي خطوة أساسية باتجاه تحقيق جميع أهداف التنمية التي اتفقنا عليها في مؤتمر قمة الألفية. فكان من الطبيعي إذاً أن يُعقد مؤتمر القمة هذا وسط سلسلة هامة من المؤتمرات التي تسعى إلى تحسين حياة الناس أينما وُجدوا - من التجارة في الدوحة، مروراً بتمويل التنمية في مونتيري، وصولاً إلى التنمية المستدامة في جوهانسبرغ.

يعتبر الجوع إحدى أفظع الانتهاكات لكرامة الإنسان. وإنّ القضاء على الجوع في متناول أيدينا في عالم الوفرة هذا. وعار على كل منا أن نفشل في بلوغ هذا الهدف. لقد ولّى زمن الوعود وآن الأوان للعمل. آن الأوان لنفي بوعد قطعناه منذ زمن - ألا وهو القضاء على الجوع من على وجه الأرض.


نيافة الكاردينال Angelo Sodano، وزير خارجيّة الكرسي الرسولي (اللغة الأصليــة الإيطاليـــة) -
10 يونيو/حزيران 2002

فخامة رئيس الجمهورية الإيطالية
وأصحاب الفخامة رؤساء الدول والحكومات،
السيد أمين عام الأمم المتحدة
ومدير عام منظمة الأغذية والزراعة،
السيدات والسادة.

يسرني أن أعرب لكم عن أطيب وأصدق التحيات، ممثلي كل بلدان العالم تقريباً، المجتمعين اليوم في روما، بعد أكثر من خمس سنوات بقليل على انعقاد مؤتمر القمة العالمي للأغذية عام 1996.

وبعدما تعذّر علي أن أكون معكم اليوم شخصياً لهذه المناسبة الرسمية، طلبت من وزير الخارجيــة الكاردينال Angelo Sodano أن ينقل لكم تقديري العميق للعمل الشاق الذي لابد لكم من القيام به كي يحصل كل شخص على خبزه اليومي.

وأخصّ بالتحية فخامة رئيس الجمهورية الإيطالية وجميع رؤساء الدول والحكومات الذين حضروا إلى روما للمشاركة في مؤتمر القمة. وخلال زياراتي الرعوية إلى مختلف أنحاء العالم وفي الفاتيكان، كانت لي فرصة لقائهم شخصياً: وإني أبعث أصدق تحياتي إليهم وللبلدان التي يمثلونها.

كما أحيي أيضاً أمين عام الأمم المتحدة ومدير عام منظمة الأغذية والزراعة ورؤساء المنظمات الدولية الأخرى المشاركين في هذا اللقاء. وإنّ الكرسي الرسولي يعلق آمالاً كبيرة على جهودهم في سبيل التقدم المادي والروحي للبشرية جمعاء.

وآمل أن يتكلل مؤتمر القمة العالمي للأغذية هذا بالنجاح: وهذا تحديداً ما يتوقعه ملايين الرجال والنساء في كافة أرجاء العالم.

لقد خلُص مؤتمر القمة الماضي عام 1996 إلى أنّ الجوع وسوء التغذية ليسا ظاهرة ذات بعد طبيعي أو بنيوي بحت تؤثران على بعض المناطق الجغرافية دون سواها، بل هما نتيجة حالة أكثر تعقيداً من قلّة التنمية بفعل خمول الإنسان وأنانيته.

وإنّ عدم تحقيق أهداف مؤتمر قمة عام 1996 يعود أيضاً إلى غياب ثقافة التضامن وتأثّر العلاقات الدولية في معظم الأحيان بنزعة واقعيّة لا أسس أخلاقية ومعنوية لها. وما يبعث على القلق أيضاً الإحصاءات التي تشير إلى انخفاض المساعدة المخصصة للبلدان الفقيرة في السنوات القليلة الماضية بدل ارتفاعها.

وهناك حاجة ماسة اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى جعل التضامن في العلاقات الدولية المعيار الكامن وراء شتى أشكال التعاون، مع الاعتراف أنّ الموارد التي أنعم الله الخالق بها علينا هي لنا جميعاً دون استثناء.

إننا نعلّق طبعاً آمالاً كبيرة على الخبراء الذين يتعين عليهم تحديد توقيت وسبل زيادة الموارد الزراعية وكيفية توزيع المنتجات بشكل أفضل وإعداد برامج الأمن الغذائي وابتكار تقنيات جديدة لدعم المحاصيل وزيادة القطعان.

وقد نصت ديباجة دستور المنظمة على التزام كل بلد من البلدان برفع مستوى التغذية لديه وتحسين ظروف الزراعة وسكان الأرياف لديه، بما يحقق زيادة في الإنتاج ويضمن توزيعاً فعالاً لإمدادات الأغذية في مختلف أنحاء العالم.

لكنّ هذه الأهداف تتطلّب إعادة نظر مستمرة في العلاقة بين الحق في التحرر من الفقر وواجب البشرية جمعاء في تقديم مساعدة عملية للمحتاجين.

ويسرني من جهتي أن أرى مؤتمر القمة العالمي للأغذية يحثّ، مرة بعد، مختلف قطاعات الأسرة الدولية والحكومات والمؤسسات الدولية على الالتزام بضمان الحق في التغذية في الحالات التي تعجز فيها دولة بمفردها عن القيام بذلك بسبب نقص تنميتها وفقرها. وإنّ هذا النوع من الالتزام ضروري ومشروع بالكامل إذ أن الفقر والجوع يهددان حتى التعايش السلمي للشعوب والأقطار ويشكلان خطراً حقيقياً محدقاً بالسلام والأمن الدولي.

من هنا أهمية مؤتمر القمة العالمي للأغذية المنعقد اليوم والذي يعيد التأكيد على مفهوم الأمن الغذائي والدعوة التي أطلقها للتضامن بهدف تخفيض عدد ناقصي التغذية والمحرومين من أبسط مقومات الحياة في العالم إلى النصف بحلول عام 2015.

إنه لتحدٍ كبير التزمت الكنيسة أيضاً التزاماً كاملاً بمواجهته.

وإنّ الكنيسة الكاثوليكية معنيّة بتعزيز حقوق الإنسان والتنمية المتكاملة للشعوب وستستمر بالتالي في دعم جميع من يعملون في سبيل حصول كل إنسان على القدر الكافي من الغذاء اليومي. وإنّ دعوة الكنيسة تكمن في تقرّبها من الفقراء في العالم وهي تأمل في أن يشارك الجميع بفعالية في الإسراع في إيجاد حل لهذه المشكلة التي هي الأسوأ التي تواجه البشرية.

فلتحل بركة الله عليكم وعلى العمل الذي تؤدونه تحت رعاية المنظمة وعلى جميع من يجاهدون في سبيل تقدم البشرية.

البابا يوحنا بولس الثاني

الفاتيكان، 10 يونيو/حزيران 2002.


السيد Jacques Diouf، مدير عام منظمة الأغذية والزراعة (اللغة الأصلية الفرنسية) - 10 يونيو/حزيران 2002

نيافة الكاردينال،

أودّ أن أشكركم على رسالة الإخاء والحكمة التي نقلتموها إلينا من قداسة البابا يوحنا بولس الثاني الذي لطالما ساند منظمتنا كي يكون هناك خبز للجميع: Fiat Panis

فخامة الرئيس تشامبي،
السيد الأمين العام للأمم المتحدة،
أصحاب الجلالة،
السيدات والسادة رؤساء الدول والحكومات،
دولة رئيس مجلس الشيوخ ودولة رئيس مجلس النواب
السيدات والسادة أصحاب المعالي الوزراء،
السيد عمدة مدينة روما
أصحاب السعادة
سيداتي وسادتي،

اسمحوا لي أولا أن أقدم الشكر الواجب لكل المشاركين في هذا اللقاء الدولي المهم، وخصوصا لأصحاب الفخامة رؤساء الدول وأصحاب الدولة رؤساء الحكومات الذين رأوا أن مصير الجياع في العالم يستحق منهم عذاب السفر المنهك، والانتقال في بعض الحالات عبر البحار، ليكونوا معنا هنا اليوم في روما. ود أيضا أن أعرب عن الشكر للحكومة الإيطالية التي لولاها ما اتيح لهذه القمة أن تنعقد في تلك الظروف الممتازة. ولا بد كذلك من أن اعترف بالجميل لكل من تقدموا بمساهمات طوعية عوضت عن عدم وجود ميزانية مخصصة لمؤتمر القمة.أصحاب الفخامة، سيداتي وسادتي،

في لحظة الحقيقة، أي بعد ست سنوات من انعقاد مؤتمر القمة العالمي للأغذية عام 1996، لازال ناقوس الخطر يدق للكثرة الكثيرة من الجياع في كوكبنا الأرضي. ولم تتحقق الوعود والعهود، بل الأدهى من ذلك أن الأفعال تناقض الأقوال. قد كان هناك تعهد رسمي بتخفيض عدد الجياع إلى 400 مليون بحلول عام 2015، وهم الذين يقنعون بنوم مضطرب متى عز عليهم الطعام. لكن، ويا للأسف، لم تكن الإرادة السياسية والموارد المالية حاضرة في الموعد المنتظر مع التضامن الإنساني.

وفي السنوات الأخيرة الماضية، انتظمت عدة لقاءات دولية كبرى بشأن الأزمات الاقتصادية والمالية، وبشأن غسيل الأموال والفراديس الضريبية، أو بشأن الهجرة السرية والرقابة على الحدود، أو تجارة المخدرات والإرهاب، أو التكنولوجيات الحديثة والفجوة الرقمية. ولكن لم تهتم قمة الثمانية الكبار بموضوع الأمن الغذائي إلا في العام الماضي ولأول مرة في مدينة جنوة. مجاعات التي تسببها حالات الجفاف والفيضانات والنزاعات تثير المشاعر ثورة مشروعة وتستنهض شعور التآخي عند الرأي العام. وما الجوع المزمن فنصيبه اللامبالاة، لأن ذنبه أنه لا صوت له ولا صورة له من تلك الصور التي تصدم مشاهدي التلفزيون. ولكن الحق أن نتيجته تدهور حيوي وفكري يصيب ناقصي الأغذية، فيقصيهم عن جميع فرص الحياة.

والجوع يؤثر تأثيرا سلبيا كبيرا في اقتصادات البلدان التي ابتليت به، إذ أنها تفقد نحو واحد في المائة سنويا من نموها الاقتصادي بسبب انخفاض الإنتاجية وبسبب الأمراض التغذوية. بعد قمة عام 1996، كانت هناك جهود كبيرة لتنفيذ قرارات رؤساء الدول والحكومات. فقد وضعت استراتيجيات قطرية للأمن الغذائي في 150 بلدا من البلدان النامية أو التي يمر اقتصادها بمرحلة تحول. كما وضعت استراتيجيات للتجارة الزراعية للمنظمات الاقتصادية الإقليمية. وبدأ تنفيذ برنامج خاص للأمن الغذائي لمصلحة صغار المنتجين الريفيين في 69 بلدا. كما يجري تنفيذ برنامج مكافحة وقائية للآفات والأمراض الحيوانية والنباتية العابرة للحدود. وبدأ منذ عام 1997 برنامج لتعبئة الرأي العام بواسطة أجهزة الإعلام وشخصيات من عالم الفنون والثقافة. وفضلا عن ذلك حدث تقدم في إعمال الحق في الغذاء.

أصحاب الفخامة، سيداتي وسادتي، ليس في تاريخ الفكر الاقتصادي مدرسةُ واحدةُ، وما أكثرَ المدارسَ الاقتصادية، رأت أن من الممكن تنمية قطاع ما بتقليل الاستثمارات المخصصة له. ولكن القطاع الزراعي شهد انخفاضا بنسبة 50% بين عامي 1990 و2000 في المعونة بشروط ميسرة من البلدان المتقدمة، وفي قروض المؤسسات المالية الدولية، رغم أنه وسيلة البقاء أمام 70 في المائة من فقراء العالم لأنه مصدر الحصول على عمل ودخل.

والنتيجة هي أن عدد ناقصي الأغذية لم ينخفض إلا بمقدار 6 ملايين بدلا من 22 مليونا، وهو العدد الذي كان مطلوبا حتى نبلغ في عام 2015 الهدف الذي حددته القمة عام 1996. وبهذه الطريقة سنصل إلى الهدف المرسوم بعد 45 عاما من التأخير. وفي الوقت نفسه لازالت السوق العالمية للمنتجات الزراعية تتحدى مبادئ الإنصاف. فمجموع المدفوعات التحويلية إلى القطاع الزراعي في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يجاوز 300 مليار دولار، أي أن الدعم المباشر لكل مزارع هو 000 12 دولار في السنة. وفي مقابل ذلك، تقدم هذه البلدان نفسها دعما سنويا للبلدان النامية بنحو 8 مليارات دولار، أي ستة دولارات لكل مزارع. كما أن الدخول إلى أسواق البلدان المتقدمة يصطدم برسوم جمركية، ترتفع في حالة المنتجات الزراعية الأولية إلى 60 في المائة في المتوسط مقابل نحو 4 في المائة على المنتجات الصناعية. بل ان الرسوم على المنتجات الزراعية المجهزة أعلى من ذلك، وهي تعوق نمو التصنيع الزراعي في العالم الثالث. فإذا أضفنا إلى هذه العوامل المقيِّدة الحواجز الصحية والفنية يتبين لنا الشوط الذي يجب أن نقطعه لنصل إلى علاقات زراعية أقل إجحافا بأفقر البلدان.

لقد بعث برنامج التنمية الذي وضعه مؤتمر الدوحة أملا أكيدا في إصلاح الأوضاع. فلنأمل أن تصل المفاوضات عام 2005 إلى قواعد تنظم المنافسة الشريفة في التجارة الزراعية في العالم. إن استئصال الجوع هو واجب أخلاقي يقوم على حق في أعمق أعماق حقوق الإنسان، ألا وهو الحق في الحياة. فالحياة هي الماء والهواء والطعام. واستئصال الفقر هو أيضا فى مصلحة القادرين المالكين، فكم تكون السوق هائلة إذا دخلها 800 مليون من الجائعين مسلحين بقوة شرائية حقيقية تمكنهم أن يصبحوا مستهلكين. وكم تعُمُُُُ السكينة في العالم إذا قلً فيه هذا الفقر الذي لا يأتي إلا ومعه تابعاه وهما: الظلم وضياع الرجاء!

إن المجتمعات الثرية في هذه الألفية الجديدة، بما لها من موارد وتقنيات، تستطيع إبعاد شبح المجاعات الدورية الرهيب كما تستطيع منع الانحطاط الذي لا مفر منه بسبب الجوع المزمن. وإذا وضعنا استئصال الفقر في منظور أوسع، ينبغي أن تقوم البرامج على قاعدة ثلاثية قوامها الطعام والصحة والتعليم. إن طريقة الكفاح ضد الجوع أمر معروف.

إذ يجب مساعدة صغار المزارعين على ضمان الإنتاج رغم التقلبات المناخية متى أمكن التحكم في المياه - ومنها كل شيء حي - بإقامة إنشاءات صغيرة لجمع المياه والري والصرف تنفذها الأيدي العاملة المحلية. كما ينبغي أن ننقل إليهم تكنولوجيات بسيطة زهيدة الثمن وأعلى كفاءة من أجل زيادة إنتاجيتهم، وذلك بمعاونة جمع من الخبراء، ولا سيما أولئك الذين يعملون في الميدان في إطار التعاون بين الجنوب والجنوب. ويجب أن تتوافر لهم فرص الحصول على المدخلات والقروض، وأن يتمكنوا من حفظ منتجاتهم وبيعها.

وجملة القول، ان من الضروري معاونتهم على صيد الأسماك بأنفسهم لا أن نقدم لهم الأسماك. ويجب أن نمكِّنهم من الحصول على عمل ودخل يضمن لهم سبل العيش المستدام ويسمح لهم بالمساهمة الفعالة في اقتصاد بلادهم. وأمامنا في جميع القارات أمثلة مفيدة على النجاح في مكافحة الجوع، ويجب أن يكون في مقدورنا توسيعها لتشمل المستبعدين من الوليمة على هذا الكوكب الأرضي.

وللوصول إلى هذه النتائج لا بد من إنفاق حكومي إضافي يبلغ 24 مليار دولار في السنة. وإذا استبعدنا القروض التجارية ومساعدات التغذية، يبقى أمامنا العثور على تمويل حكومي إضافي مقداره 16 مليارا من الدولارات. وينبغي أن تزيد البلدان النامية مواردها الحكومية المخصصة للقطاع الريفي بنسبة 20 في المائة حتى تساهم بنصف المبلغ المطلوب. وأما النصف الآخر فيأتي من البلدان المتقدمة ومن المؤسسات المالية الدولية التي يجب أن ترفع حصة الزراعة في برامجها إلى المستوى الذي كانت عليه عام 1990. وهذا يتفق مع التعهد بمضاعفة مبلغ المساعدات الميسرة الذي قطعه العالم على نفسه في مؤتمر تمويل التنمية.

لقد ظهر "برنامج العمل لمكافحة الجوع" منذ عدة أيام. وهذه البداية تعتبر أساسا للعمل والحوار بين الشركاء من أجل تعبئة الموارد التي مازالت مطلوبة حتى اليوم. كما أنه يعتبر مساهمة إضافية في جهود الأمس في مونتييري وفي جهود الغد في جوهانسبرغ من أجل بلوغ الأهداف الإنمائية في الألفية الثالثة. كما أن تعبئة "التحالف الدولي ضد الجوع" ستكون بعثا للإرادة السياسية التي لا غنى عنها حتى يعود مصير الجياع في العالم إلى احتلال مركز الصدارة بين الاهتمامات والأولويات في عمل الحكومات والبرلمانات والهيئات المحلية والمجتمع المدني. إن بوسعنا معا أن نقهر الجوع. فلنفعل ذلك الآن وفي كل مكان بفضل التضامن الأخوي الفعال من جانبكم وبفضل دعمكم الصريح الذي لا تنطفئ جذوته. وشكرا على حسن استماعكم.


دولة السيد Silvio Berlusconi، رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية الإيطالية (اللغة الأصلية الإيطالية) - 10 يونيو/حزيران 2002

أودّ بدايةً أن أشكر الجمعية على انتخابي رئيساً لمؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد. وكما ذكّرنا به أمين عام الأمم المتحدة السيد Kofi Annan، كنّا قد حددنا هدفاً واضحاً وقابلاً للقياس في إعلان روما، وافق عليه مؤتمر القمة العالمي للأغذية قبل ستّ سنوات: تخفيض عدد من يعانون من سوء التغذية في العالم إلى النصف بحلول عام 2015. لكن كلما شارفت المهلة على الانتهاء، كلما بدا لنا الهدف أبعد من ذي قبل.

ومع ذلك، كلنا ثقة أنّ المنفعة الأساسية لكل منا، أساس كل المنافع الأخرى، هي الحرية: الحرية بشتى أشكالها، الحرية السياسية وحرية المعتقد والحرية الاقتصادية. لكن أهم أنواع الحرية هي برأيي أن يكون المرء بمنأى عن الجوع أو متحرراً منه: فالإنسان الجائع ليس إنساناً حراً. والتحرر من الجوع حق من الحقوق الأساسية الذي لا وجود لأي من الحريات الأخرى أو الحقوق الأخرى من دونه. وكلنا مقتنعون بهذا على ما أظنّ. إنها حقيقة بديهيّة لكنّ ما نبذله لا يزال غير كافٍ لضمان هذا الحق الأساسي لجميع المواطنين.

حتى إيطاليا - رغم كل ما بذلته كما ذكّر فخامة رئيس الجمهورية منذ قليل - أكدت في اجتماع مجموعة الثمانية في جنوة الذي كان لي شرف رئاسته: "يجب بذل المزيد". ولاحظنا آنذاك أن جميع البلدان المشاركة بعيدة كل البعد عن عتبة 0.7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الذي كنا قد تعهدنا بتخصيصه للبلدان النامية. صحيح أنّ اجتماع جنوة لمجموعة الثمانية شكل خطوة في الاتجاه الصحيح من خلال إنشاء الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز، بناء على اقتراح أمين عام الأمم المتحدة. وكما ذكّر منذ قليل السيد Jacques Diouf، مدير عام المنظمة، اعترفنا أنّ الأمن الغذائي هو إحدى الركائز الثلاث لعملية التنمية إلى جانب التربية والصحة. وكنا قد قررنا في اجتماع المجلس الأوروبي الذي عقد مؤخراً في برشلونة أن تتعهد الدول الأوروبية في السنوات الأربع القادمة بزيادة المعدل من 0.23 في المائة إلى 0.70 في المائة (وكنت قد اقترحت شخصياً معدل 0.42 في المائة لكننا قررنا في النهاية اعتماد معدل 0.39 في المائة). حضرة السيد المدير العام، لا نزال كما ترون بعيدين جداً عن نسبة الواحد في المائة التي أجمعنا على اعتبارها العتبة الواجب بلوغها لتأمين مبلغ الستة عشر مليار دولار الذي ما زلنا بحاجة إليه.

وخصصت إيطاليا من جانبها هذه السنة 100 مليون يورو لتنفيذ برنامج أعدته المنظمة في البلدان الأكثر حاجة في قطاع الأمن الغذائي والاستثمار والزراعة. ونحن ننفذ مشروعات عملية تقوم على المعرفة والمعلومات والمهارات والأدوات التكنولوجية. كما أنشأنا مدرسة دولية خاصة لتدريب الشباب في البلدان النامية على دراسة التنوع البيولوجي الزراعي وحمايته، باعتباره مورداً مميزاً وهاماً لتنمية الإنتاج الزراعي في جميع البلدان، إن للاستخدام الداخلي أو الخارجي من خلال تسويق المنتجات أو تصديرها. وفي ما يتعلق بالعلاقات الثنائية مع البلدان المَدينة، نحن الآن، كما ذكّر رئيس جمهوريتنا، في طور تحويل القروض التي منحناها إلى معونة تخصص لتنفيذ مشروعات ملموسة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية وللتنمية في قطاع البيئة. مع علمنا أنّ كل هذا لن يكون كافياً.

فنحن ندرك تماماً أننا بحاجة إلى بذل المزيد لتمكين البلدان النامية من الانخراط في الدائرة الحميدة للاقتصاد العالمي. وسبق لي أن قلت هذا مراراً وتكراراً وبات الكل يعلم أنه آن الأوان للبلدان الصناعية الكبرى أن تفتح أسواقها. فمن مسؤوليتنا جميعاً، نحن البلدان الصناعية، أن نسعى إلى عدم إقصاء أي بلد من الاقتصاد العالمي الذي يقدم للجميع أفضل الظروف لإبراز رأسماله البشري وموارده الطبيعية. وتكون أكثر أشكال التضامن فعالية واستدامة التي يمكننا إبرازها للبلدان النامية بإزالة، قدر المستطاع، أياً من مخلفات السياسة الحمائيّة تجاهها.

والزراعة أبلغ مثال عن هذا الواقع. لكنه مثال سلبي وللأسف. إذ إنّ البلدان المتقدمة شأنها شأن البلدان النامية وضعت حواجز أمام التجارة العالمية للمنتجات الزراعية. فأدّى ذلك إلى خسارة صافية في الثروات للجميع. لكن البلدان النامية كانت الأشدّ تأثراً حيث انخفضت صادراتها الزراعية العالمية في السنوات الماضية بشكل كبير. لذا لا بد لنا من احترام التزامنا في الدوحة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وإزالة الحواجز التي تمنع البلدان التي هي في أشدّ الحاجة إلى ذلك من الوصول إلى الأسواق. وكلي ثقة شخصياً أنّ البلدان الصناعية مستعدة لتخصيص موارد مالية ودعم معنوي أكبر مما هو متوافر في الوقت الراهن لمساعدة المحتاجين. وإني مستعدّ للقيام بذلك في سبيل الابتكار شرط أن نعمل على إيجاد طرق مبتكرة للتمويل والمساعدة.

ولا بد من وضع نظم تدخّلات أكثر فعالية وواقعية من حيث الأهداف العملية وضمان أكبر في وصولها إلى المنتفعين من المساهمات. ويندرج في هذا الإطار التصوّر الذي تقدّمت به إيطاليا خلال اجتماع مجموعة الثمانية الذي يقضي بدراسة نموذج جديد لتنظيم الدولة وإدارتها يسمح لمختلف البلدان بتحقيق نموّ يوازي عشرات السنين على طريق التحديث. وهو نموذج معلوماتي رقمي يختصّ بنظم الإدارة العامة ومحاسبة الدولة والنظام الضريبي ونظام السجلات العقارية والنظام الإحصائي والنظام القضائي والنظام المدرسي والنظام الصحي. ونحن واثقون أنّ النتائج ستكون مرضية جداً للدول التي ستعتمد هذا النموذج - الذي وإن أسميناه النموذج العالمي، يمكن تكييفه مع الحالة الخاصة لكل دولة من دون المساس بهويتها أو ثقافتها أو تقاليدها.

أولاً، ستكون ميزانياته شفافة وواضحة، وهي في الواقع السياسة التي تسعى إليها جميع المؤسسات المالية الدولية، وفي طليعتها البنك الدولي، في مجال المساعدات إلى الدول. ثانياً، سوف يؤدي اعتماد هذا النموذج إلى تعزيز الديمقراطية وسوف يضمن الدفاع عن حقوق الإنسان الأساسية وبالتالي وجود قواعد وقوانين، أي وجود سيادة القانون عن حقّ. أخيراً، سيؤدي ذلك إلى زيادة كفاءة الإدارة العامة وفائدة الخدمات للأعمال التجارية والمواطنين على السواء. ومما لا شك فيه أنّ ذلك سيعطي دفعاً جديداً للتنمية التي تتخطى عندها أية حدود. ويطيب لي من هذا المنطلق التحدث عن العولمة، انطلاقاً من "التنمية بلا حدود" بعدما اتخذت كلمة العولمة في الآونة الأخيرة مغزى سلبياً جداً، ولو عن غير قصد، بسبب الحركة المناهضة للعولمة. وإنّ هذا النموذج يشكل، كما قلت، مدخلاً لتنمية بلا حدود تشجّع البلدان الأغنى على بذل المزيد وتلغي الحجّة التي غالباً ما لجأت إليها لتبرير تخفيض المساعدات التي تقدمها. وتلك الحجة هي عدم معرفة ما تؤول إليه المساعدات: هل تصل إلى السكان المحتاجين إليها أم إلى جيوب الطبقات الحاكمة والفاسدة في الأغلب. ونحن الآن في طور إعداد هذا النموذج بمساعدة أهم الشركات الاستشارية في العالم والعديد من الشركات المتعددة الجنسيات والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي كي نحصل على نموذج جاهز للتطبيق بأسرع وقت ممكن من جانب جميع الراغبين في ذلك.

إلى ذلك، نحن واثقون من أنّ هناك مساعدة خاصة من المواطنين تضاف إلى المساعدة الرسمية من الدول. وقد دعت محطات التلفزة الإيطالية في بعض المناسبات المشاهدين إلى المساهمة في بناء مستشفى للأطفال أو مدرسة أو جامعة. ولطالما استجاب الشعب الإيطالي على ما أظنّ لهذه النداءات بسخاء كبير. من هنا كانت فكرة إيجاد آلية نقترحها على مواطني مختلف البلدان الصناعية من أجل تنفيذ مشروعات في المناطق الأفقر. وهذا يشجعهم على المشاركة والمساهمة بشكل ملموس في تنفيذ المشروع.

وخلال اجتماع مجموعة الثمانية في كندا، سنقترح على البلدان الصناعية الكبرى مشروع قانون، بالإضافة إلى النموذج العالمي لإدارة الدولة الذي حدثتكم عنه للتوّ. ويجيز هذا القانون لجمعيات التجار من مختلف البلدان الانضمام إلى المؤسسات التي تقوم بأعمال "خيرية" لصالح البلدان الفقيرة، أمثال منظمة الأغذية والزراعة وغيرها من المنظمات المماثلة.

وبفضل هذا النظام، قد يخصص المواطن في بلد غني عندما يشتري غرضاً من محلّ ما، قد يكون سلعة فاخرة مثلاً، نسبة 1 أو 2 أو 3 في المائة من السعر المدفوع لغرض معيّن. ويتعيّن علينا تشجيع هذا النوع من التبرعات إذ من واجب من حظوا بفرصة العيش في عالم من الرفاهية مساعدة من هم أقل حظوة منهم ولا يمكنهم التراجع ولا حتى رفض الاستجابة بإيجابية وسخاء.

وإني واثق كل الثقة أنّ هذا النموذج العالمي الذي سنعمل عليه سيساهم في تغيير نظام المساعدة للبلدان النامية وسيسمح لنا ببلوغ نسبة 1 في المائة الضرورية لتنضمّ إلى مبلغ الـ16 ملياراً الذي لا غنى عنه يرأيكم، حضرة السيد المدير العام.

وفي هذا الإطار، حددنا في اجتماع مجموعة الثمانية في جنوة ثلاث مراحل تنفيذية للمشروع. المرحلة الأولى اختبارية لتقديم المساعدة الاقتصادية اللازمة للبلدان الراغبة في اعتماد هذا النظام. وقد تستمر هذه المرحلة سنتين أو ثلاث أو أربع سنوات.

وإذا أثمرت المرحلة الأولى النتائج المرجوة، سيكون بالإمكان الانتقال إلى المرحلة الثانية التي تفرض اعتماد نظام المحاسبة العالمي هذا في البلدان الراغبة في الحصول على مساعدة. فنحصل عندها على نموذج عالمي لمسك الحسابات العامة وإدارة ميزانيات الدول في عالم بات يشكل منذ الآن، في نهاية المطاف، كياناً واحداً موحداً.

وقد تلي بعد ذلك مرحلة ثالثة يُطلب فيها من البلدان الصناعية الكبرى عقد اتفاقات شراكة مع البلدان الأقرب إليها لأسباب جغرافية أو ثقافية أو تاريخية وتولي تنفيذ مشروعات معينة في تلك المناطق. وكان مشروع قديم للسيد المدير العام Jacques Diouf يقضي بتوأمة بعض المدن والقرى في بعض البلدان مع بلدان ومدن في البلدان الغربية بغية تنفيذ برامج محددة مع التحكم باستمرار باستخدام الأموال المخصصة لإنجاز الأعمال. وإنّ الدول الأغنى ستكون أكثر انفتاحاً واستعداداً للبذل متى رأت أنّ مساعداتها تترجم على شكل أعمال ملموسة. وتضاف إلى مساعدة الدول، مساعدة المواطنين والأفراد. وهذا النموذج العالمي لتنظيم الدولة القائم على تكنولوجيات جديدة ووسائل اتصال ومعلومات جديدة يشكل بالطبع محاولة ومشروعاً نطلقه من هنا.

وتشير الدراسات بشأن النمو السكاني إلى ازدياد السكان في العالم بنحو ملياري نسمة في الربع قرن القادم، وسيولد هؤلاء ويعيشون على الأرجح في بلدان مقصيّة اليوم عن عالم الرفاهية. فتعيش بالتالي 6 مليارات نسمة في ظروف صعبة ومليار و850 مليون نسمة في عالم من الرفاهية.

تصوروا ضغط حركات الهجرة في الربع قرن القادم إذا لم ننجح في تغيير الوضع الراهن! سيختلف الوضع عما كان عليه في 11 سبتمبر/أيلول ولا شك أنه سيكون من الأسهل، بالنسبة إلى أيديولوجيا الرعب، تجنيد أتباع لها حيث يسود الفقر والجوع واليأس. هذا ما نطمح إليه من خلال مساهمة هذه المبادرة في محاولة المنظمة الكريمة والشجاعة، مع غيرها من المؤسسات الدولية، إيجاد حل لمشاكل العالم.

واسمحوا لي ختاماً أن أكرر ما جاء على لسان أمين عام الأمم المتحدة: " لقد ولّى زمن الوعود وآن الأوان للعمل. آن الأوان لنفي بوعد قطعناه منذ زمن - ألا وهو القضاء على الجوع من على وجه الأرض". وإني أتفق تماماً مع ما قاله وأقول إنّنا مجتمعون هنا اليوم لنتعهد بتحقيق ذلك. وشكراً على حسن إصغائكم.


السيد Walter Veltroni، عمدة مدينة روما (اللغة الأصلية الإيطالية) - 10 يونيو/حزيران 2002

السيد أمين عام الأمم المتحدة،
السيد مدير عام منظمة الأغذية والزراعة،
السيدات والسادة.

قال Isaiah Berlin، أحد أبرز مؤلفي القرن الماضي، إنّ الإنسان لا يحيا فقط لمحاربة الشرّ بل لتحقيق أهداف إيجابية. وبصفتي عمدة هذه المدينة، أودّ أن أرحّب بكم جميعاً هنا. وإنّ مدينة روما تفخر بوجود المقر الرئيسي لمنظمة الأغذية والزراعة فيها. وكما أسلفت، علينا أن نعمل على ضوء تلك الكلمات من الماضي. إذ إنّ نضالنا ضد الجوع والفقر، أقلّ المآسي احتمالاً في عصرنا هذا، يتطلّب الكثير من الصبر. وعلينا القيام بالخيارات السياسية الملموسة والإيجابية اللازمة لمواجهة تلك المآسي. وعلينا أن نمكّن الأسرة الدولية من إنجاز أكثر مما استطاعت إنجازه حتى الآن.

وأقول لكم بكل صراحة إننا نلاحظ هنا الآن، على مستوى رؤساء الدول والحكومات، غياب شخصيات بارزة. ومن المنافي للعقل ألاّ يعطي اجتماع الدول الغنية في مجموعة الثمانية الفقراء فرصة للمشاركة. ومن غير المعقول حتى ألاّ تحضر الدول الغنية اجتماعات الدول الفقيرة عندما تدعوها للحضور.

نحن بحاجة إلى نوع جديد من الإدارة على نطاق العالم. وهذا يتطلّب بدوره فتح مسارات جديدة. وعلينا القيام بما يلزم في الأمم المتحدة لإعطاء المزيد من السلطات والقوة كي يكون النجاح حليفنا. كما علينا توسيع نطاق اجتماعات مجموعة الثمانية وتوجيه الدعوات إلى ممثلي المناطق النامية في العالم لحضور تلك الاجتماعات. فلم يعد بالإمكان اتخاذ بعض القرارات من دون أن تتمثّل الشعوب الأفقر في العالم. ولا بد من التحرك بسرعة لأنّ الجوع وصراع الحياة والنزاعات الأهلية لا يمكنها انتظار تلك القرارات.

ويموت ملايين الأشخاص كل عام بسبب نقص الغذاء أو جراء النزاعات الأهلية أو فيروس المناعة البشرية/متلازمة نقص المناعة المكتسبة أو غيره من الأمراض مثل الملاريا في أفريقيا. والأمر سيّان بالنسبة إلى مناطق فقيرة أخرى في العالم حيث يعاني الناس من فقر مدقع ويعيشون بأقلّ من دولار واحد في اليوم.

ويعاني أكثر من مليار شخص من نقص مياه الشرب. فيما يفتقر مئة مليون شخص إلى المياه أو لا يمكنهم الحصول على أراضٍ زراعية أو لا يملكون الأدوات اللازمة لزراعتها أو لا مستشفيات لديهم. ويموت ثلاثون ألف طفل كل يوم لأسباب كان يمكن تجنّبها. ويكمن وراء هذه الأرقام نظام جائر يهمّش الناس ويحول دون تأمين الموارد لمن هم بحاجة إليها. ولا يكفي في الغرب الاستشهاد بتلك الأرقام بل يجدر بنا أن ندرك جديّة هذه المشكلة الأخلاقية. ومن واجب مجتمعنا الإمساك بزمام مصير العالم. وإنّ المأساة التي تصيب البلدان النامية تطال بلا شك جميع البلدان، حتى أكثر شعوب العالم أنانية وإنكارا للخير. وفي العديد من الدول الأفريقية، يبلغ متوسط العمر المتوقع نصف ما هو عليه في الدول الغربية وهو ما يفسّر الهجرة. ونحن نسعى إلى إعطاء هؤلاء الأمل في أن يعيش أولادهم لمدة أطول مرتين. ونريد إعطاءهم حافزاً للأمل. لقد عانى بعض الفقراء من الهجرة. وإنّ مكافحة الجوع هي أفضل علاج للهجرة التي ترعب الناس في البلدان المتقدمة.

وفي ما يتعلق بالتنمية في بلداننا، وكما أشار إليه السيد Ciampi هذا الصباح، لا بد من معالجة مسألة الديون إذا ما أردنا فعلاً إحراز تقدّم. إذ علينا الإعفاء نهائياً من الديون لرفع القيود عن الموارد المالية التي يمكن استخدامها لبناء المستشفيات والمدارس وما إلى ذلك. فالمسألة ليست مسألة شراء أسلحة، بل إننا نسعى إلى فرض حظر تام على بيع الأسلحة، حتى الخفيفة منها. ولا يشكل الإعفاء من الديون حجة لإيقاف المساعدة للتنمية كما جاء على لسان السيد Berlusconi. بل نريد احترام المبادئ التي حددتها الأمم المتحدة العام الماضي بالاتفاق مع المجلس الأوروبي. وعلينا زيادة الموارد المخصصة للبلدان النامية. واسمحوا لي أن أشدد على هذه النقطة بصفتي عمدة إحدى المدن الخمس والعشرين في العالم التي تعهدت بالسعي إلى بلوغ تلك الأهداف.

لقد لعب الاتحاد الأوروبي دوراً هاماً جداً لرفع راية هذا التحدي. وهذا جزء من الهوية الأوروبية وهو برأيي الدستور الأوروبي الجديد. ويجدر بنا إدراج مهمتنا في القسم الأول من الدستور. كما علينا أن نأخذ بالاعتبار الـ300 مليون مواطن أوروبي الذين سيتعهدون بمكافحة الجوع والفقر في العالم ولضمان حق الحصول على المياه والأراضي وموارد أخرى. على أن تستفيد من ذلك كافة البلدان النامية في العالم الأجمع. وهذا يحتّم علينا العمل ضمن فريق بالتعاون مع المؤسسات الحكومية الدولية والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني وغيرها. ونحن بحاجة إلى هذا التحالف الواسع النطاق وإلى إطلاق هذه الرسالة التي أعددناها خلال المؤتمر الأول قبل شهر واحد فقط من الآن.

ويشارك عدد من عمداء المدن في إعداد برامج لمساعدة البلدان النامية. وفي هذا الإطار، وجّه تجمّع البلديات الإيطالية، انطلاقاً من مبدأ التعاون اللامركزي، كتاباً مفتوحاً يتعهّد بموجبه بدعم البيئة والحرص على تنميتها المستدامة. وهو ما تم الاتفاق عليه في المنظمة في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وبالتعاون مع المنظمة وعن طريق وزارة الشؤون الخارجية، وضعت مدينة روما قواعد التعاون مع بلدان الساحل. ويجري هذا أيضاً في إطار مختلف المنتديات المعنية وبمساعدة العمداء الذين شاركوا في اجتماع روما. ووحده اتباع نهج كهذا كفيل بإعطائنا الأمل في جني ثمار مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد. وهو يصبّ برمته في إطار هدف تاريخي بالنضال في سبيل التقدم. وإن نجاحنا سيشكل نقطة الارتكاز للأنشطة اللاحقة في هذا القرن.

لقد شهد القرن العشرون معسكر الاعتقال في أوشفيتز. وكلنا ثقة أنّ الأمور ستجري على أحسن ما يرام في القرن الجديد. إذ لم يسبق أن عقد مؤتمر قمة بهذه الأهمية ولا كانت هناك شبكات تلفزة ليعرف الناس حقيقة ما كان يجري في معسكرات الاعتقال. لكننا نعرف اليوم أنّ أطفالاً يموتون كل يوم بسبب الملاريا وأمراض أخرى. ولا أحد يستطيع البقاء مكتوف اليدين أمام هذا الواقع. فنحن مطلعون على كل ما يجري في العالم ونعرف تماماً ما يحصل بالنسبة إلى الفقر والجوع. لذا يجب أن تكون مكافحة الفقر والجوع والقضاء عليهما إحدى أهدافنا الأساسية. ونحن وحدنا مسؤولون عن اتخاذ الخطوات اللازمة لبلوغ الهدف المرجو.


السيد عزيز مدكور، الرئيس المستقل لمجلس المنظمة (اللغة الأصلية الفرنسية) - 10 يونيو/حزيران 2002

دولة رئيس مجلس الوزراء الإيطالي،
السيد أمين عام الأمم المتحدة،
أصحاب الجلالة،
أصحاب الفخامة والدولة رؤساء الدول والحكومات،
أصحاب المعالي الوزراء،
السادة رؤساء الوفود،
السيد مدير عام منظمة الأغذية والزراعة،
السيدات والسادة.

إنه لشرف عظيم لي أن أخاطب مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد. وإني واثق أنّه بفضل رئاستكم الحكيمة والإرادة السياسية للقادة المجتمعين هنا اليوم، سنتمكن من إطلاق رسالة حازمة إلى العالم أجمع، في دلالة واضحة على التزام الجميع وتصميمهم على مكافحة إحدى أخطر النواقص في عصرنا هذا أي تعايش الجوع وتوافر الغذاء الكافي. وكما ذكرتم، حضرة الرئيس، فإنّ العملية التي قادتنا اليوم إلى الموافقة على الإعلان بعنوان "التحالف الدولي ضد الجوع" بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني 2000 عندما طلب المجلس عقد مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد.

وكان هذا بمثابة اعتراف من المجلس أنه سيكون من المستحيل بلوغ الهدف الذي حدده مؤتمر القمة العالمي للأغذية إذا استمرت الوتيرة الحالية وأننا بحاجة إلى اجتماع سياسي على أرفع المستويات إذا ما أردنا تخفيض عدد ناقضي الأغذية إلى النصف بحلول عام 2015 على أقصى تقدير. وسيتعيّن على كبار المسؤولين الحكوميين في سياق هذه العملية البحث في الأسباب التي تجعل بلوغ الهدف صعباً جداً. وكان هناك إجماع على اعتبار الإرادة السياسية وتعبئة الموارد اللازمة كفيلتين وحدهما بإعادة التوازن. فكان من الطبيعي أن يطلب المجلس من لجنة الأمن الغذائي العالمي دراسة الموضوع في دورتها التي عقدت في مايو/أيار 2001 للبحث في سبل معالجته. وهو تحديداً ما انكبّت عليه لجنة الأمن الغذائي في دورتها في مايو/أيار 2001. وقد استند المجلس إلى استنتاجات اللجنة وتوصياتها لتشكيل مجموعة عمل مفتوحة العضوية أعدت، بعد عدة أيام من المفاوضات المكثّفة، مشروع النص الذي وافقتم عليه اليوم.

ولا يسعني هنا إلا أن أشيد برئيس لجنة الأمن الغذائي العالمي والرئيس المشارك لمجموعة العمل اللذين، لولا جهودهما الحثيثة منذ البدء وطيلة الأسبوع الماضي، لما كان بالإمكان تحقيق هذه النتائج المُرضية التي عرضت اليوم على مؤتمر القمة كما أشرتم إليه حضرتم.

أصحاب الجلالة،
فخامة الرئيس،
معالي الوزراء،
السادة رؤساء الوفود.

لقد ارتأيتم اختيار المنظمة بما تملك من دراية وخبرة وتجارب لتكون إحدى أدوات التنفيذ الناجح للبرنامج وخطة العمل التي وافقتم عليها. وإنّ مجلس المنظمة الذي لي شرف رئاسته لن يألوَ جهداً للمساعدة على تنفيذ توجيهاتكم المضمّنة في الإعلان والذي يشير في عنوانه "التحالف الدولي ضد الجوع" إلى التصميم الراسخ لدى الجميع على استئصال ما لا طائل على تحمله بعد الآن: الجوع والفقر الذي يعاني منه البشر.

شكراً السيد الرئيس.


السيد Adisak Sreesunpagit، رئيس لجنة الأمن الغذائي العالمي - 10 يونيو/حزيران 2002

السيد الرئيس،
أصحاب المعالي،
السادة المندوبون.

إنه لشرف عظيم لي أن أخاطب هذا الحشد الكريم من موقعي الذي توليته حديثاً في رئاسة لجنة الأمن الغذائي العالمي. لكني لن أطيل الكلام مع أنّ اللجنة منكبّة منذ أربعة أيام على دراسة المسائل المطروحة في الاجتماعات التي عقدت مؤخراً.

واسمحوا لي أن أستذكر الدور الحيوي الذي لعبته اللجنة في التحضير لمؤتمر القمة العالمي للأغذية قبل خمس سنوات وعملها الدؤوب لرصد تنفيذ خطة العمل المنبثقة عنه في السنوات التي أعقبت انعقاده. وقد اتسعت اهتمامات اللجنة في سياق عمل الرصد هذا. وقد شكل مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد فرصة لإعطاء دفع جديد للعمل المدروس ولإيجاد حلّ لمشكلة الجوع وانعدام الأمن الغذائي. وكان من دواعي سرور اللجنة المساهمة في الترتيبات النهائية لمؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد في دورتها التي عقدت في الأيام القليلة الماضية. وشمل هذا الدعوة من جديد إلى عقد اجتماع لمجموعة العمل المفتوحة العضوية التي أنشأها المجلس العام الماضي وإجراء الترتيبات النهائية للإعلان الذي تمت الموافقة عليه الآن.

السيد الرئيس، أصحاب المعالي والسعادة، السادة المندوبون الكرام، إني أشاطر اللجنة فخرها واعتزازها بالعمل المنجز وأود أن أشكر الرئيس المستقل للمجلس والرئيس الأسبق للجنة الأمن الغذائي العالمي السيد Aidan O'Driscoll والرئيسة المشاركة الكفوءة السفيرة Mary Margaret Muchada على قيادتها الحكيمة لمجموعة العمل المفتوحة العضوية توصلاً إلى النتائج المشرّفة التي نشهدها اليوم.

Previous PageTop Of PageNext Page