بيان المحتوياتبيان المحتوياتالصفحة التالية

أولا - مبررات الإصلاح

1- تعرض مقدمة المدير العام أسباب طرح المقترحات في هذه الوثيقة في أعقاب سلسلة من التطورات ذات الأهمية القصوى للمنظمة خلال الأشهر الأخيرة. وتتضمن الفقرة التالية بعض أهم التحديات والفرص التي تكتسي أهمية أكبر حتى في ضوء هذه التطورات.

2- فخلال السنوات الستين من عمر المنظمة، شهدت الزراعة في العالم تحولات بالغة الأهمية. وقد حدثت في هذه الفترة تغيرات سريعة لا سابق لها في مجال التقانة واشتمل ذلك على التوسع في مكننة الزراعة واستيلاد أصناف محصولية جديدة واعتمادها على نطاق واسع، فضلا عن التكثيف الشديد لنظم الإنتاج الحيواني والتعجيل في تطوير تربية الأحياء المائية والتوسع السريع في استخدام الأسمدة والمبيدات لاسيمــا في البلدان المتقدمــة. وهذا التطور سرعان ما انتقل إلى البلدان النامية خصوصا في آسيا وأمريكا اللاتينية، لكنه بقى على نطاق محدود في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حيث أن التوسع في المساحات المزروعة كان المحرك الرئيسي للنمو. والتغيرات التي حدثت قد دحضت آراء أولئك الذين يجادلون بأن الاحتياجات الغذائية للإنسان سوف تتجاوز القدرة الإنتاجية في العالم. وبدلا من ذلك فقد مكّنت هذه التغيرات المزارعين من زيادة إنتاجهم من الأغذية لتلبية طلبات سكان العالم الذين تضاعف عددهم ثلاث مرات من ملياري نسمة إلى أكثر من ستة مليارات منذ 1945 بينما ازداد متوسط الاستهلاك الفردي من الأغذية بنسبة 23 في المائة في نفس الفترة.

3- والأمر الأساسي الذي يواجه المنظمة وبلدانها الأعضاء يتمثل في التأكد من أن منافع هذه الإنجازات الملحوظة تتوزع على جميع السكان في العالم، خصوصا أولئك الذين يعانون حاليا من انعدام الأمن الغذائي المزمن والذين يتجاوز عددهم 850 مليون شخص. وفي الأجل القصير، ينبغي على المنظمة أن تبذل كل ما في وسعها، ضمن صلاحياتها وسلطاتها، لكي تضمن، على الأقل، تحقيق هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية المتمثل في تخفيض عدد ناقصي التغذية إلى النصف بحلول عام 2015، وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية ذات الصلة، خصوصا تلك المتعلقة بصحة الإنسان وبالبيئة. ويظل هدف القضاء على الجوع أمرا ممكنا إذا ما اتخذت الإجراءات الضرورية بما يتناسب وحجم المشكلة. لكن توجيه الاهتمام إلى الأمن الغذائي والى الأهداف الإنمائية للألفية لا يجب أن يحول دون قيام المنظمة بالأعمال الحيوية الأخرى لمعالجة الأمر الأساسي الذي لا يقل أهمية ويتمثل في توفير الإمدادات الغذائية العالمية على نحو مستدام وطويل الأجل، فضلا عن الاستجابة للتغيرات المهمة التي تحدث ضمن الأنظمة العالمية للإدارة العامة والتجارة والتي تولد طلبات جديدة على عرض السلع العامة.

التحديات الرئيسية

مؤتمر القمة العالمي للأغذية والأهداف الإنمائية للألفية

4- مع أن المسؤولية الأساسية بشأن تقليص عدد الجياع في العالم تقع على عاتق جميع أعضائه، فإن حقيقة إحراز تقدم ضئيل باتجاه بلوغ هدف مؤتمر القمة العالمي في السنوات العشر الماضية، يشير إلى أنه على المنظمة أن تتساءل عن السبيل الذي يمكّنها من تحسين استجابتها لتلك المجالات التي أنيط بها القيام بتنفيذها. فماذا يجب عليها عمله وما يتعين عليها تحسينه لتمكين أعضائها من تحقيق هدف مؤتمر القمة خلال السنوات العشر القادمة بين العام الحالي وعام 2015؟ وهل تستطيع مثلا أن تكون أكثر فاعلية في مناصرتها لعالم خال من الجوع وأن تشرك معها شركاءها من أجل توسيع نطاق تأثير المنظمة وتوسيع سياساتها الفعالة ودعمها الفني للبلدان التي تبدى إرادة سياسية للقضاء على الجوع لكنها تحتاج إلى المشورة في مجال تصميم وتنفيذ البرامج على نطاق يتناسب وحجم مشكلة انعدام الأمن الغذائي؟

5- إن الأهداف الإنمائية للألفية التي حددتها قمة الألفية للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول 2000 قد عززت هذا الشعور بالإلحاح. وتتضمن الأهداف الإنمائية للألفية مجموعة من الغايات الملزمة زمنيا والتي يمكن قياسها وتنفيذها، وهي الأهداف التي تستطيع أن تسهم في تحقيقها البلدان النامية والمجتمع الدولي على السواء. وتجدر الإشارة إلى أن الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية والمتمثل بتقليص نسبة الفقراء والجياع إلى النصف بحلول عام 2015 له دلالة بالغة الأهمية بالنسبة للمنظمة نظرا لتنامي اليقين بأن الجوع هو سبب الفقر ونتيجة له في وقت واحد. وفي العديد من البلدان يفسح الحد من انتشار الجوع المجال للإسراع في التقدم باتجاه الحد من الفقر. ويشير تقرير فريق المهام المعنى بمكافحة الجوع والتابع لمشروع الأمم المتحدة للألفية إلى "أن التحدي المتمثل في تخفيض عدد الجياع إلى النصف....إنما يرتبط ارتباطا وثيقا بتحقيق سائر الأهداف الإنمائية للألفية. فتقليص الجوع من شأنه أن يسرع في التقدم صوب الأهداف الأخرى والعكس بالعكس. ...ومن المهم على وجه خاص أن يمثل الحد من الجوع الجزء الرئيسي من استراتيجيات الحد من الفقر، ذلك أنه من المحتمل تحقيق تقدم ضئيل فقط باتجاه تقليص الفقر طالما أن هناك أعدادا كبيرة من السكان تعانى من سوء التغذية". ومع ذلك فان البلدان الأعضاء وضعت العديد من استراتيجيات الحد من الفقر التي أخفقت في إيضاح هذه العلاقة، الأمر الذى يزيد من خطورة نقص الاستثمارات في مجال الحد من الجوع.

الارتقاء باستدامة النظم الغذائية من الناحيتين البيئية والاجتماعية

6- إن الزيادات في الإنتاج الزراعي الإجمالي ربما واكبت الزيادة السريعة في الطلب العالمي على الأغذية والألياف، لكن ذلك كان، في غالبيته، على حساب التكلفة البيئية والإنسانية التي لم تؤخذ في الحسبان. وهناك مساحات شاسعة من الغابات العذراء قد تم تحويلها إلى أراض زراعية أو إلى مراع قليلة الكثافة وأن ملايين من الهكتارات من الأراضي الخصبة قد خضعت لنظام الري لكنها لم تعالج على نحو ملائم في مجال الصرف، وبالتالي، فقد تضررت بسبب الملوحة؛ كذلك فإن المياه السطحية والجوفية قد تلوثت بالنترات والمبيدات؛ وأرصدة الأسماك البحرية قد نضبت بسبب الإفراط في الصيد؛ وانبعاثات الميثان من زراعة الأرز في أراضى الفيض ومن مشروعات تربية الماشية المكثفة فضلا عن عزق الأراضي بحرقها، قد أصبحت مصادر رئيسية لغازات الدفيئة، وهناك استنزاف مطرد وخطير للتنوع الحيوي الزراعي الذي يؤثر على المحاصيل والماشية على السواء. وفي الوقت ذاته، ومع أن إنتاج الأغذية قد ازداد، فإن ذلك قد ترافق مع تدهور شديد وطويل الأجل في أسعار الأغذية الأساسية الذي جعل العديد من المزارعين، خصوصا في البلدان النامية والبلدان التي تمر بمرحة تحول، أشد فقرا وأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي مما كانوا عليه من قبل، الأمر الذي أدى إلى انهيار اقتصادي واجتماعي في العديد من المجتمعات الريفية والى ارتفاع معدلات الهجرة من الريف إلى المدينة.

7- وينبغي للمنظمة أن تولى مزيدا من الاهتمام نحو التجديد في مجالات الإنتاج الزراعي والحرجي والسمكي وأنظمة التصنيع والتوزيع على نحو مستدام، بمعنى أنها في الوقت الذي تلبى فيه احتياجات الإنسان في المستقبل، لا تؤدى إلى نضوب الموارد الطبيعية العالمية ولا إلى التعجيل في عمليات تغير المناخ ولا إلى إفقار المجتمعات الريفية، وهي أمور كثيرا ما تترافق مع تزايد تهميش المرأة.

التكيف على نحو أفضل مع العولمة

8- تتسارع وتيرة عولمة الزراعة وبخاصة نظم تجهيز الأغذية وتوزيعها، وهو ما تترتب عليه تأثيرات ايجابية وسلبية على رفاه الإنسان وسبل معيشته. وإن المنظمة، باعتبارها مؤسسة حكومية دولية عالمية لها سلطات واسعة لعقد الاتفاقات، فقد أنيطت بها وحدها مهمة القيادة في مجال وضع صكوك للحد من الآثار التدميرية المحتملة لعمليات العولمة على مدى استدامة الزراعة وعلى صحة السكان المعرضين للخطر وسبل معيشتهم. وينبغي للمنظمة أن توجه مزيدا من الاهتمام صوب تيسير تنفيذ الاتفاقات الدولية ومدونات السلوك والمعايير التي تستهدف صيانة وحماية الموارد الطبيعية بحيث تظل هذه الموارد متوافرة لتلبية احتياجات الأجيال المقبلة.

9- وكذلك ينبغي أن توسع المنظمة أنشطتها فيما يتعلق بالتنوع الحيوي وحماية المستهلك من خلال الدراسات المتعلقة بمواصفات جودة الأغذية وسلامتها وأيضا من خلال ترويج العادات الغذائية الصحية ومتابعة إقرار الخطوط التوجيهية الطوعية لدعم الإعمال المطرد للحق في غذاء كاف، وأن تركز جهودها على تعزيز القدرات القطرية لتطبيق المعايير والاتفاقات الدولية.

10- كذلك تحتاج المنظمة إلى تعزيز قدراتها في مجالات الوقاية من الآفات الحيوانية والنباتية والأمراض التي تتفشى على نطاق واسع والاستجابة لذلك في الوقت المناسب، ذلك لأن تفشى هذه الآفات والأمراض قد تفاقم بسبب الزيادة السريعة في الأسفار لمسافات بعيدة وفي انتقال السلع عبر الحدود والمحيطات. ورغم أن هناك إدراكا عاما من جانب أولئك المعنيين بمكافحة الأمراض والآفات العابرة للحدود بأن الوقاية هي أفضل وأرخص بكثير من العلاج، فإن هذا الأمر لم ينعكس على توافر الموارد المطلوبة لاتخاذ الإجراءات الوقائية الفعالة قبل وقوع المشاكل، مثل الحمى القلاعية أو الجراد أو أنفلونزا الطيور، إلى مستويات تستلزم تدخلات باهظة التكاليف وتترتب عليها خسائر كبيرة في المردود.

11- وفضلا عن ذلك، هناك دليل على تزايد عدد وشدة حالات الطوارئ الناجمة عن الكوارث الطبيعية أو الكوارث من صنع الإنسان والتي تؤثر على البلدان النامية وخصوصا على سكان الريف. وقد أصبحت عولمة الاتصالات ذات فعالية متزايدة في تعميق الوعي العام بهذه الكوارث وبعض ما يعانيه البشر جرائها مما يلزم المنظمة بتعزيز قدراتها في مجالي التدخل والإنذار المبكر.

التغير في البيئة والفرص على النطاق الدولي

12- إن الاتجاهات في البيئة العالمية على نطاق واسع لها تأثيرها على أعمال المنظمة وتتيح فرصا جديدة لتعزيز دورها وفعاليتها. وتم إبراز العديد من هذه الأمور في كل من الإطار الاستراتيجي والخطة المتوسطة الأجل، وفي الآونة الأخيرة، في مناقشة الدراسة المعنونة المنظمة وتحديات الأهداف الإنمائية للألفية: آفاق المستقبل. ونلقى فيما يلي الضوء على تلك النقاط ذات الصلة الخاصة بمقترحات المدير العام بشأن الإصلاح.

الالتزامات بتوسيع تعبئة الموارد وتدفقات المعونة والإعفاء من الديون

13- إن التزام رؤساء دول أعضاء الاتحاد الأفريقي، الذي ورد في إعلان مابوتو بشأن الزراعة والأمن الغذائي في يوليو/ تموز 2003، والذي يقضى بتخصيص "ما لا يقل عن 10 في المائة من موارد الميزانيات القطرية ... خلال خمس سنوات" لتنفيذ البرنامج الشامل للتنمية الزراعية في أفريقيا في إطار الشراكة الجديدة من أجل التنمية في أفريقيا (نيباد)، قد أعقبته سلسلة من الالتزامات المهمة من جانب البلدان المانحة لزيادة تدفقات المعونة وإلغاء المزيد من الديون، بما في ذلك الديون المستحقة للمؤسسات المتعددة الأطراف وأيضا لروسيا. وتتماشى هذه الالتزامات مع توافق الآراء في مونتيرى الذي صدر عن المؤتمر الدولي المعنى بتمويل التنمية الذي عقد في مارس/آذار 2002. وتشمل هذه الالتزامات اقتراحا بمضاعفة المعونة المقدمة من العديد من الجهات المانحة الرئيسية، بما في ذلك البلدان الخمسة والعشرون في الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا، خلال السنوات الخمس القادمة، وهو الالتزام الذي سجل في إعلان غلينيغلز في يوليو/تموز 2005. ومن المتوقع أن تزداد تدفقات المعونة إلى أفريقيا بوتيرة أسرع من تلك المقدمة في باقي الأقاليم.

14- وينبغي أن تكون المنظمة قادرة على الاستجابة لهذه الفرص الجديدة وأن تدخل إصلاحات على هياكلها ووحداتها التنفيذية بحيث تزيد من تأثيرها على التوسع في استثمارات البلدان النامية في مجالات التنمية الزراعية والريفية والأمن الغذائي. وهذا يستلزم إيلاء اهتمام خاص لمساعدة البلدان على وضع استراتيجيات للحد من الفقر وتستند إلى الإقرار بوجود علاقة بين الجوع والفقر، وفي إدخال الإصلاحات في مجال السياسات، وفي إعداد البرامج القطرية للأمن الغذائي بهدف تحقيق هدف مؤتمر القمة العالمي للأغذية بحلول عام 2015. والقياس الأفضل للنجاح ليس مقدار الأموال التي تستطيع المنظمة جمعها لتنفيذ برامجها، بل المدى الذي تستطيع فيه الحكومات الأعضاء حشد الموارد الإضافية المحلية الدولية لتوجيهها نحو الاستثمارات داخل البلدان المعنية في القطاعات ذات الصلة بمهام المنظمة.

15- وإن العلاقات الراسخة والبناءة بين المنظمة والبنك الدولي، والاتفاقات المماثلة مع معظم مؤسسات التمويل الدولية الأخرى، هي دليل أكيد على أهمية مثل هذه الشراكات في تعبئة الموارد اللازمة للاستثمار في البلدان الأعضاء. وينبغي تحويل محور اهتمامات علاقات المنظمة مع الجهات المانحة الثنائية والمتعددة الأطراف بعيدا عن جمع الموارد من خارج الميزانية لبرامجها الخاصة - مهما بدت ضرورية - صوب شراكة أعمق تتركز على هدف مشترك يتمثل في جمع الموارد الإضافية لتحقيق التنمية الزراعية والأمن الغذائي داخل البلدان الأعضاء.

عمليات الإصلاح والتوحيد في منظومة الأمم المتحدة

16- تكمن مفاهيم الشراكة والتنسيق والتوحيد في صلب الإصلاح الراهن في منظومة الأمم المتحدة وهي تحاول أن ترسى قواعد استراتيجية عالمية فعلية للتنمية كما أن هذه المفاهيم هي المحاور الرئيسية لإعلان باريس بشأن فعالية المعونة: الملكية والتوحيد والنتائج والمساءلة المتبادلة، الذي صدر في مارس/آذار 2005. والأمانة ملتزمة بالتأكد من أن برامج المنظمة وتدخلاتها في المستقبل تنسجم مع جهود الوكالات والصناديق والبرامج في منظومة الأمم المتحدة وسائر الشركاء في التنمية. ولهذا السبب، فإن الإصلاحات المقترحة سوف تزود المنظمة بالوسائل لكي تنخرط، على نحو أوسع، في عمليات الإصلاح على مستوى منظومة الأمم المتحدة، بما في ذلك، في سياق عمل المجموعة الإنمائية للأمم المتحدة وسائر الوكالات المتخصصة والاتفاقات والعمليات التي تنسق على المستوى القطري، خصوصا التقييمات القطرية المشتركة وأطر المساعدة الإنمائية للأمم المتحدة.

17- لكن المدى الذي تستطيع فيه المنظمة أن تصبح شريكا فعالا على المستوى القطري يعتمد أيضا على قدرتها على ضمان تحقيق مزيد من الانسجام في برامجها الخاصة بالتعاون الفني. وإن المقترحات المالية الواردة في هذه الوثيقة تعكس المقترحات الواردة في استجابة الأمانة للتقييم المستقل للامركزية المنظمة ولاستعراض السياسات والإطار التشغيلي لبرنامج التعاون الفني. وتتناول هذه المقترحات الحاجة إلى تحسين تحديد الأولويات على المستوى القطري، ضمن نسق الخطوات المتخذة من جانب معظم الجهات المانحة الرئيسية لتركيز مساعداتها على النهج الأكثر تكاملا وانسجاما لدعم البرامج القطرية، بما في ذلك المساهمة في استراتيجيات الحد من الفقر والنهج القطاعية بدلا من تنفيذ المشروعات القائمة بحد ذاتها. وهذا يضمن استخدام الموارد البشرية والفنية للمنظمة على النحو الأكثر فعالية لدعم احتياجات وأولويات الحكومات وجعلها تتفق وبرامج سائر أعضاء المجموعة الإنمائية للأمم المتحدة ومختلف الوكالات المتخصصة والشركاء الدوليين في التنمية.

ظهور مؤسسات جديدة وتزايد الكفاءات في البلدان النامية

18- لقد ظهرت، خلال السنوات الستين منذ إنشاء المنظمة، العديد من المؤسسات التي تعمل في مجالات تتصل باختصاصات المنظمة، وفي العديد من الحالات، تطورت الخبرات والمهارات في مجالات متخصصة تتجاوز القدرات المتاحة لدى المنظمة ذاتها. ونتيجة لذلك، فهناك العديد من المجالات التي تتمتع فيها المنظمة بمزايا نسبية تكمن في استنباط ارتباطات جوهرية مع هذه المراكز ذات الخبرة، بل وأيضا فيما بين هذه المراكز ذاتها، حتى تتركز نتائج دراساتها على القضايا الغذائية والزراعية العالمية.

19- ويجب أن تطبع هذه الفلسفة علاقات المنظمة، بعد الإصلاح، مع منظمات التكامل الاقتصادي الإقليمية وشبه الإقليمية. وفي جميع البلدان، توجد منظمات تضطلع بوضع رؤية سياسية عليا، وتقوم بأدوار مهمة في التنمية الزراعية والأمن الغذائي وتسهيل التجارة، وتتمتع بمزايا نسبية في معالجة الأبعاد العابرة للحدود. ويمكن للمنظمة تعظيم تأثيرها عن طريق العمل ضمن شراكة مع هذه المنظمات. وإن تعزيز الارتباط مع هذه المنظمات، كجزء من عملية اللامركزية، وكذا تزايد التركيز على المساعدة في مجال السياسات، من شأنها توطيد الأسس لتوسيع التعاون.

20- وأحد التغيرات الأكثر أهمية، التي حدثت خلال عمر المنظمة، يتمثل في تقليص دور الدولة وبروز الأطراف الجديدة الفاعلة في مجالات الزراعة والغابات ومصايد الأسماك وصناعة الأغذية بشكل عام. وتشمل هذه الأمور، النمو السريع في القطاع الخاص المتعدد الأطراف في النظم العالمية لإمدادات الأغذية بدءا من الإنتاج، ومرورا بالنقل والتصنيع، ووصولا إلى التوزيع بالتجزئة. وتلعب اتحادات المزارعين، في العديد من البلدان النامية، دورا رئيسيا كجهات تقدم الخدمات لأعضائها كما أن المنظمات غير الحكومية، التي كانت من قبل فعالة بصورة رئيسية في حالات الإغاثة، أخذت عملياتها تتوسع لتشمل مجالات الإحياء والتنمية، وغالبا ما تركز اهتمامها على قضايا المساواة بين الجنسين وعلى الحد من تأثيرات فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز على السكان المعرضين للخطر. وتتطلب هذه التغيرات من المنظمة أن توسع نطاق مشاركاتها لتتجاوز القطاع العام وإقامة شراكات مع المؤسسات التي تشارك المنظمة التزاماتها باستئصال الجوع وتستطيع تعظيم تأثيرها. وهذا يستدعى تعميق العلاقات ليس مع المنظمات غير الحكومية فحسب، بل وأيضا مع أعضاء البرلمانات وغرف الزراعة والتجارة والمؤسسات الحكومية المحلية والاتحادات المهنية والقيادات الدينية. وان التحركات في هذا الاتجاه وجدت تعبيرا لها في إنشاء التحالف الدولي لمكافحة الجوع، وفي دعم التحالفات القطرية لمكافحة الجوع في البلدان النامية والمتقدمة، على السواء.

21- وأخيرا، فقد كان هناك نمو ملحوظ في الخبرات الفنية وفي القدرات المؤسسية فيما يتعلق بالزراعة في معظم البلدان النامية بل، وبوجه خاص، في البلدان المتوسطة الدخل. وقد أتاح هذا الأمر فرصا للتوسع السريع في التعاون فيما بين بلدان الجنوب وأيضا زيادة فرص التدريب والتشابك فيما بين البلدان. وإن المنظمة تحتل مكانا ملائما لترويج مثل هذا التعاون.

التوسع السريع في تقانات المعلومات والاتصالات

22- إن النمو السريع في قوة وسرعة تقانات المعلومات والاتصالات يتيح فرصا واسعة لتعزيز فعالية وتأثير المنظمة خصوصا في دورها كمؤسسة للمعارف والخبرات. وحتى لا تتخلف المنظمة في عالم يزداد ترابطا، فإنها ملزمة أن تستفيد بقدر أكبر من هذه الفرص التي لم تستغل إلا بصورة جزئية حتى الآن.

23- ويتعلق بعض أهم هذه الفرص في زيادة تأثير الأعمال الأساسية للمنظمة فيما يتعلق بتنمية قدراتها كمنظمة تتقاسم المعلومات. فمن جهة أولى، يمكن أن يحقق تعزيز قدرات تقاسم المعلومات مزيدا من المكاسب في مجال الفعالية ويحسن التنسيق الداخلي، ومن جهة أخرى، يمكن أن يزيد مقدرة المنظمة على الاستجابة للأوضاع المتغيرة في البلدان الأعضاء ويبرز إسهامها في الحوارات المتعلقة بالسياسات الرئيسية. كذلك فإن نظم الاتصالات الحديثة يمكن أن يسهل، إلى حد كبير، استنباط وتطوير الشبكات المواضيعية لتعزيز الاتصالات فيما بين المؤسسات والأفراد العاملين في المواضيع المشتركة فضلا عن تحقيق التقدم في مجال الأفكار التي تتوافر بسرعة لتطبيقها في البلدان الأعضاء وذلك، مثلا، من خلال الشبكات المحلية للدروس المستفادة. ويتيح تزايد إمكانية إقامة ارتباطات من امكانات إقامة اتصالات تفاعلية تمكّن المنظمة، وهي تعمل مع المؤسسات الشريكة، من أن تقدم إجابات سريعة على الأسئلة المتعلقة بالمعلومات خصوصا في مجال الاستفسارات الفنية. كذلك فإنها تمكّن المنظمة من توسيع نطاق برامجها التدريبية، وذلك بتوسيع استخدام نظم التعليم عن بعد كتلك النظم التي طبقتها بنجاح في أمريكا اللاتينية.

فرص تغيير العمليات الإدارية

24- تتمثل إحدى مقترحات الإصلاح بشأن المجالات الأساسية للمنظمة في التصميم على مواجهة ومعالجة العمليات الإدارية الموجودة بحثا عن تحسين الفعالية والاستجابة لبرامج المنظمة. وقد تعزز ذلك من خلال التوصيات التي اقترحتها تقارير المراجع الأخيرة والتقييمات المواضيعية وتقارير الخبراء الاستشاريين في مجال الإدارة، فضلا عن التوجيهات التي قدمتها الأجهزة الرياسية. إضافة إلى ذلك فقد استخلصت الأمانة العبر من تجاربها الأخيرة في مجالات تقديم مساعدات الطوارئ للبلدان التي واجهت غزو الجراد الصحراوي وأمواج المد العملاقة (التسونامى) في آسيا وحالات الطوارئ الأخرى. وكانت لهذه الدروس أهميتها في تحسين الأنشطة الإدارية والمالية وعمليات التوريدات وإدارة الموارد البشرية، بما يستجيب بسرعة أكبر، لاحتياجات تنفيذ البرامج.

25- وفي السنوات القليلة الماضية أمكن تحقيق وفورات مهمة كما استطاعت المنظمة، رغم الصعوبات التي واجهتها في مجال الموارد، من تنفيذ النظم الجديدة المتعلقة بالمالية والميزانية، واستبدال سائر التقانات المتقادمة، كما تتواصل الجهود مع مشروع نظام إدارة الموارد البشرية الذي ينفذ حاليا. وهذا يتم بدعم من إصلاح الموارد البشرية في المنظمة الذي يسعى إلى تحسين تحفيز الموظفين وأدائهم وهو شرط أساسي لضمان الفعالية. ومن جهة أخرى، تحتاج المنظمة حاليا إلى التحرك إلى ما يتجاوز الجوانب الفنية لزيادة الكفاءة في عملية التغيير والتركيز بصورة أكبر على تغيير عملية الإدارة على نطاق واسع للتخلص من العمليات الفائضة بدلا من ترشيدها. وهذا من شأنه أن يمكّن المنظمة من اتخاذ الخطوات الرئيسية لتحقيق زيادة الكفاءة. وإن الحاجة إلى المتابعة الفعالة لهذه الإجراءات من شأنه أن يدعم النقلة النوعية في الثقافة المؤسسية التي دعا إليها المجلس في يونيو/حزيران 2005 ويدعم مبررات الإصلاح المقترحة في الأقسام التالية من هذه الوثيقة.

بيان المحتوياتبيان المحتوياتالصفحة التالية