الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية


 

الباب الرابع: الإنتخاب للصفات الكمية

                    عوامل يجب مراعاتها قبل تنفيذ برامج الإنتخاب الوراثى

                   الإنتخاب الفردى

                             التأثيرات البيئية التى يلزم السيطرة عليها

                             الحدود

                             الإنتخاب لأكثر من صفة

                                       إنتخاب العائلة

                             الإنتخاب بين العائلات

                             الإنتخاب ضمن العائلة

                             دمج الإنتخاب بين العائلات والإنتخاب ضمن العائلة

                             تقريخ الأمهات المنتخبة

                   تقييم نتائج الإنتخاب بإستخدام عشائر مقارنة

                   الخلاصة

 


 

الباب الرابع

الإنتخاب للصفات الكمية

تعتبر الصفات الكمية هى الصفات الإنتاجية الهامة والتى منها الطول، الوزن، كفاءة تحويل الغذاء وعدد البيض بالنسبة للكيلوجرام من وزن الانثى. عند التعامل مع هذه الصفات، فإن المزارع لا يقوم بتصتيف أسماكه إلى مجموعات محددة غير متداخلة كما استطاع عمله بالنسبة للصفات الوصفية (مثال اللون الاحمر مقابل اللون الطبيعى). وبدلا من ذلك، فإن كل صفة كمية تمثل طرازا ظاهريا فريدا كالطول مثلا، حيث يتم تحديد الفروق بين الأفراد بقياسها. وعليه، فإن القيمة الرقمية التى تخص كل سمكة نتيجة قياسها هى القيمة الظاهرية للفرد.

ولأن الشكل المظهرى للفرد يتحدد بالقياس مثل الطول بالملليمتر على عكس الصفة الوصفية مثل اللون، فإن الإنتخاب للصفات الكمية يتم بناء على قيم رقمية وليس على مظهر محدد. فمثلا، عند الإنتخاب لصفات وصفية مثل اللون، يقوم المزارع بإنتخاب الأسماك ذات اللون المحدد المرغوب، وبالتالى يستبعد الأسماك ذات اللون المخالف أى أن قرار الإنتخاب أو الإستبعاد يتوقف تماما على معايير وصفية. فبينما عند الإنتخاب لصفة كمية، ينتخب المزارع الأسماك التى توفى أو تجتاز قيمة رقمية محددة، ويستبعد ما دون ذلك. ولهذا، فإن الإنتخاب أو الإستبعاد للصفات الكمية يبنى تماما على قيم رقمية.

تصمم برامج الإنتخاب للصفات الوصفية بهدف إنتاج عشائر صادقة التكاثر. وتتسم مثل هذه البرامج بالبساطة حيث أن كل ما تستهدفه هو إستبعاد أليل غير مرغوب وتثبيت الأليل المرغوب مؤديا بذلك إلى وجود عشيرة صادقة التكاثر تمتلك فقط الصفات المرغوبة. يمكن إتمام هذا عادة فى جيل واحد (غالبا فى يوم إنتخاب واحد)، وبمجرد إتمام ذلك، يكون قد تحقق هدف المزارع وينتهى بذلك برنامج التربية.

وعلى عكس ذلك، فإن برامج التربية التى تصمم لتحسين الصفات الكمية هى أكثر تعقيدا مقارنة ببرامج تحسين الصفات الوصفية ويتطلب تنفيذها مستوى عالى من التكنولوجيا كما تحتاج الى نظام دقيق للتسجيل ذلك علاوة على أن هذه البرامج مفتوحة النهايات نظرا لاستمرارها من عام لآخر نتيجة إستحالة إنتاج عشيرة صادقة التكاثر لهذه الصفات. وبدلا من ذلك، تصمم هذه البرامج لتحقيق تحسين تدريجى فى متوسط الصفة بالعشيرة فى كل جيل. إنه من الأهمية صرفة أن برامج الإنتخاب الوراثى للصفات الكمية لا تنتهى أبدا ومن الأهمية أيضا بذل الجهد من أجل تحقيق تحسينات بسيطة ولكن تدريجية على مدى أجيال عديدة. ذلك مع العلم أنه من الممكن تحقيق تحسينات ضخمة خلال الجيل الأول أو الثانى، وإن كان ذلك يمكن تحقيقه فقط بتخفيض حجم عشائر التربية breeding population وما ينجم عن ذلك بما يعرف بتدهور التربية الداخلية، وهذا يمكنه أن يمحو الكثير من المكاسب التى تحققت نتيجة الإنتخاب.

هناك سبب آخر فى كون البرامج المستخدمة فى تحسين الصفات الكمية مفتوحة النهايات أنه بتركها، فإنه سوف يتم فقد معظم ما تحقق من مكاسب فى الصفات هذا وإن كان من الصعوبة التنبؤ بمعدل هذا الفقد فى هذه الحالة حيث أن ذلك يتوقف على الصفة، مكافئ التوريث، وكذا العشيرة إذا افترضنا أن الصفة موضع الإنتخاب يتم السيطرة عليها كاملا من خلال التباين الوراثى التجميعى (مكافئ وراثى=1)، فإن المتوسط للصفة سوف يستمر كما هو حتى ولو توقف برنامج التربية. إلا أنه لا توجد صفة إنتاجية هامة يتم السيطرة عليها كاملا من خلال التباين الوراثى التجميعى (جدول رقم 6). إذا توقف برنامج الإنتخاب الوراثى، سوف يتم فقد معظم المكاسب، ذلك نتيجة فقد معظم هذه المكاسب الناتجة عن التباين الوراثى السيادى، وكل المكاسب الناتجة عن التباين الوراثى التفوقى، وكذا بعض المكاسب الناتجة عن التفاعل بين التركيب الوراثى والنظام البيئى ذلك فى حين أن بعض المكاسب التى تعود للتباين الوراثى التجميعى فإنها سوف تبقى، حتى وإن كان من الصعب التنبؤ بقدرها.

إذا أمكن لبرنامج الإنتخاب الوراثى تحسين العشيرة بشكل كبير قبل إيقاف البرنامج، فإن المتوسط قد يثبت على مستوى أعلى من المتوسط الأصلى بشكل يمكن تمييزه إلا أنه إذا كان المكسب قليلا، كما هو الحال غالبا، فإن المتوسط النهائى قد يزيد هامشيا عن المتوسط الأصلى، وأن هذا الفرق ربما تحجبه التأثيرات البيئية السنوية.

عوامل يجب مراعاتها قبل تنفيذ برامج الإنتخاب الوراثى

قبل الب دأ فى تنفيذ برنامج الإنتخاب الوراثى، يجب على المزارع أن يتساءل عما إذا كان برنامج الإنتخاب الوراثى المقترح مناسب أو ضرورى؟ والاجابة على هذا السؤال سوف تعتمد على الحالات الفردية لدرجة أن الإجابة قد تختلف بين جوار المزارعين.

كما أن إتخاذ القرار بتنفيذ أو عدم تنفيذ برنامج إنتخاب وراثى لابد وأن يتسم المستوى الفردى، حيث لا يجب مطلقا أن يتعدى ذلك إلى مستوى الاقليم. عادة هناك ميل لمرشدى الإستزراع السمكى فى التجريب وفى تبنى جميع مزارعى منطقتهم للجديد من التقنيات. ويعد هذا الميل منطقيا على المستوى العقلانى لمعرفة المرشد أنه إذا ما تبنى مزارعى أقليمة للتقنيات الحديثة، فسوف تكون النتيجة هى زيادة إنتاجية الأسماك وبالتالى يصبح المزارعون أكتر ثراءا وسوف يكون هناك المزيد من الغذاء.

وتبنى برامج الإنتخاب الوراثى، شأنها. فى ذلك شأن أية أمور تقنية، لا بد وأن يتم على أساس كل حالة. وفى غالب الأمر، فإن تبنى برنامج الإنتخاب الوراثى لابد وأن يقتصر على المزارعين ممن يمكنهم المحافظة على عمليات التسجيل المطلوبة، والذين يتميزون بمهارة الإدارة، والذين يمكنهم تبنى تقنيات حديثة والاستمرار فى ذلك، والذين يرغبون فى تضمن برامج إدارتهم خططا طويلة المدى. وأخيرا، فإن هؤلاء المزارعون لا بد وأن يكون لديهم الإستعداد لبذل الوقت والمال الذى يتطلبه تنفيذ برنامج الإنتخاب.

هناك من المزارعين الذين لا يجب ممارستهم أو حتى تشجيعهم على تنفيذ برامج الإنتخاب. من هؤلاء من يمتلكون المزارع الصغيرة أو ممن ينتجون من الأسماك ما تحتاجة عائلة أو عدة عائلات أو حتى ما يكفى قرية صغيرة. كما أن المزارعين الذين ليس لديهم خبرة المحافظة على سجلات منتظمة، أو ممن لا يملكون العدد الكافى من الأحواض التى تمكنهم من تخصيصها لبرنامج التربية أو الذين لا يستطيعون أو لا يرغبون فى إنفاق المال الذى يحتاجه برنامج التربية لا يجب أن يحاولوا أو حتى يشجعوا على ممارسة هذا النشاط.

يتم تصميم برنامج الإنتخاب الوراثى مستهدفا تحسين الإنتاجية عبر الاجيال (يعنى بالجيل إستبدال الأمهات بنسلها). ولهذا تصمم هذه البرامج لزيادة معدلات النمو والإنتاج تدريجيا عبر سنوات عديدة. إن لم يستطع المزارع إدماج التخطيط طويل المدى (1- 10 أعوام) فى خطته الإنتاجية، فإنه فى الغالب سوف يتخلى عن برنامج التربية خلال شهور مما يثبط عزيمة مزارعين آخرين من حتى البدأ ببرنامج إنتخاب وراثى نتيجة إخبارهم بعدم فاعلية برامج الإنتخاب الوراثى.

كما أن المزارعين الذين لا يمكنهم الحفاظ على سجلات سليمة، إما لعدم قدرتهم على القراءة والكتابة، أو لعجزهم عن أخذ القياسات اللازمة للأسماك لا يمكن إعتبارهم مرشحون مناسبون ليصبحوا مربين يمكنهم تنفيذ برامج إنتخاب وراثى. وبوجه عام، مثل هؤلاء المزارعين لن يمكنهم تنفيذ برنامج إنتخاب ناجح. وعلى الجانب الآخر، ان كان المزارعين ممن يعتمد عليهم وممن يعملون بجد والذين يتقبلون تبنى التقنيات الحديثة، فإنه يمكنهم بدأ برنامج الإنتخاب الوراثى إذا كان لدى مرشدى الإستزراع السمكى الإستعداد للعمل لصيقا معهم وتحمل مسئولية إنشاء السجلات وفى تنفيذ معظم العمل الذى يحتاجه برنامج التربية.

وأخيرا فإن مزارعى الأسماك فقيرى الإدارة لا يجب أبدا أن يحاولوا تنفيذ برامج إنتخاب. وكذا المزارعون الذين نادرا ما يراقبون أحواضهم، ومن يقومون بتسميد أحواضهم أو تغذية أسماكهم فقط عندما يذكرهم مسئولى الإرشاد، وكذا من لا يبذل سوى أقل الجهد من أجل زيادة حصادهم. هؤلاء جميعا لا يجب أن يحاولوا تنفيذ برامج الإنتخاب الوراثى. فمن البديهى أن من يعجز من المزارعين عن إدارة حوض أسماكه لن يستطيع إدارة برنامج إنتخاب وراثى.

إن الهدف الرئيسى لمعظم برامج الإنتخاب المستخدمة تركز على تحسين الصفات الكمية كتلك التى تسهدف تحسين معدلات النمو وبالتالى تزيد من الإنتاج.

هناك سبيلان رئيسيان لزيادة المحصول. أولها إستخدام برنامج تربية لإنتاج أسماك محسنة للإستزراع وثانيها تطوير تقنيات الإستزراع. وبوجه عام، فإن تكلفة برامج التربية عادة ما تكون عالية مقارنة بتطوير تقنيات الإدارة.

وعليه، فإنه لو أمكن بسهولة تحقيق زيادة فى معدل النمو وكذا المحصول من خلال التغيير فى تقنيات الإدارة أو تبنى ما هو حديث منها، فإن ذلك المنهج يصبح الخيار الأمثل للمزارع للبدأ به والذى يمكن أن يشمل الإستخدام الأمثل للأسمدة أو الجير، تخزين الأسماك بكثافاتها المناسبة، إستخدام إصباعيات أكبر حجما فى أحواض الإستزراع وكذا التغذية بعلائق الأسماك المجهزة.

إن السبب الرئيسى فى البدأ بإستخدام تقنيات إستزراع متطورة كخيار أول يكمن فى إنخفاض تكلفتها ذلك علاوة على فورية النتائج لهذا الأسلوب. يمكن غالبا مضاعفة الإنتاج أو حتى تجاوز ذلك من خلال التسميد السليم للأحواض او عن طريق التغذية الأمثل للأسماك. ذلك علاوة على أن زيادة التسميد عن طريق برامج التسميد أو التغذية يمكن التأكد منها والاحساس بها خلال موسم الإستزراع ذاته ومع اول حصاد. أما بالنسبة لزيادة المحصول من خلال التحسين الوراثى، فإنها تتسم بالتدرج وتستمر على مدى سنوات ولهذا السبب وحده، فإن الخيار المنطقى لتحسين الإنتاجية لابد وأن يبدأ بتحسين مهارات وكفاءة الإدارة وتطويرتقنيات الإستزراع.

ذلك بالإضافة إلى أنك لا تريد تغيير أسلوب الإستزراع وبيئته بعد بدأ برنامج الإنتخاب الوراثى. عندما تنتخب لصفة كمية معينة، فإننا ننتخبها كما تظهر وتعبر عن نفسها تحت ظروف بيئية محددة فى بيئة الإستزراع. ولا شك أن الأمر سوف يختلف فى بيئة أخرى. فمثلا الأسماك عالية الآداء فى ظل معدلات التخزين العالية فى أحواض مسمدة ليس بالضرورة أن تحافظ على هذا المستوى من الآداء اذا ما تم إستزراعها بمعدلات منخفضة فى نظام يعتمد على العلائق الصناعية المتخصصة. وعندما ننتخب أسماكا نتميز بمعدل عالى من النمو تحت ظروف إستزراع محددة، فإننا فى الحقيقة ننتخب الأسماك التى تمتلك من الجينات ما تمكنها من الآداء الأفضل تحت هذه الظروف. ولهذا، فإنه إذا ما تغيرت ظروف التربية، فإننا قد نكتشف إستبعادنا لجينات كان بإمكانها تمكين الكائن من الآداء المتميز فى ظل البرامج الجديدة للإدارة.

ولهذا فإن من الأهمية بمكان إقرار ما إذا كان برنامج الإدارة الجارى اتباعه لإنتاج الأسماك فى مزرعة معينة هو نفسه الذى سوف يستخدم مستقبلا. ذلك مع العلم بأن التغيرات البسيطة قد لا تكون بهذه الأهمية مثل تغيير معدلات التخزين فى أحواض الإستزراع من 2000 إلى 2500 إصباعية للهكتار أو زيادة متوسط حجم الإصباعيات المخزنة من 10 جرام إلى 15 جرام. ذلك فى حين أن هناك تغييرات أكبر من ذلك والتى منها مثلا التغيير فى مصدر الغذاء من السماد إلى الأغذية المحببة عالية الجودة إذا كان من المخطط تنفيذ مثل هذه التغييرات الكبيرة، فإن برنامج الإنتخاب الوراثى لابد وأن يؤجل.

إن تقنيات الإستزراع فى إقليم ما ليس بالضرورة توحيدها قبل بدأ برامج الإنتخاب. ربما يفضل بعض المزارعين إستخدام الأسمدة دون الأغذية المحببة خاصة عند توفر السماد وإنخفاض تكلفته. ذلك فى حين يفضل مزارعون آخرون إستخدام الأغذية المصنعة أملا فى تعظيم الإنتاجية. ويمكن تصميم برامج الإنتخاب لكلتا المجموعتين من المزارعين طالما كانت لديهم الرغبة لتخصيص الوقت والمال لتنفيذ البرنامج وكذا إذا كان لديهم الإستعداد لتخصيص المساحة الكافية من الأحواض للبرنامج.

وإذا تساءلنا متى يجب البدأ ببرنامج الإنتخاب الوراثى؟ فإن إجابة السؤال تتلخص فى أنه يجب البدء بتنفيذ البرنامج فقط عندما يقرر المزارع توفير ما يحتاجه البرنامج من وقته وماله بالقدر الكافى آملا فى النجاح. أما من لا يرغب من المزارعين فى توفير الدعم اللازم سواء كان ذلك جهدا بشريا أو مالا أو من يتوقع منهم أن يهجر البرنامج بعد إنطفاء جذوة الحماس الأولى، فإن هؤلاء لا يجب اقحامهم فى أى برنامج تحسين وراثى.

ومن المزارعين من يعلن عن شغفهم ورغبتهم فى تنفيذ برنامج تحسين وراثى بعد تغلبهم على مشاكلهم الأخرى. هؤلاء لن ينفذوا إطلاقا أى برنامج من هذا النوع ذلك لاستحالة إنتهائهم من مشاكلهم فما من مشكلة يتم التغلب عليها إلا وتظهر عقبة أخرى فى طريق الإنتاج.

ولا يجب البدء ببرنامج الإنتخاب الوراثى قبل أن يكون المزارع راغبا فى بذل ما يحتاجه البرنامج من وقت ومال نابعا من قناعته من عائد هذا البرنامج متمثلا فى زيادة إنتاجية الغذاء وكذا ربحيتة. ومن اعتقاده أيضا بأن هذا العائد هو من الأهداف بعيدة المدى. وأخيرا، لابد أن يلم المزارع بأن برامج الإنتخاب الوراثى مفتوحة نهاياتها بما يعنى وجود إحتمال دائم لمزيد من التحسين.

وقبل أن يبدأ المزارع فى مباشرة برنامج الإنتخاب الوراثى، فإنه يلزم قيامه بإجراء تقييم للوقوف على أهمية هذا البرنامج. كما يجب أن يكون بإستطاعة المزارع تقدير هدفه كميا، كما يجب أن يكون ملما بكيفية قياس الصفات الظاهرية. ثم أخيرا، فإن على المزارع أن يقرر أى من برامج التربية سوف يستخدمه وكذا كيفية تقييم نتائج البرنامج، كما يجب عليه أن يضع فى خطته إجراء تقييم سنوى للبرنامج وكذا إعادة التقييم. يمكن للمزارع منفردا القيام بكل هذه الأمور وقد يحتاج إلى معاونة مسئول الإر شاد.

تتمثل الخطوة الأولى فى تحديد مدى الحاجة لبرنامج التربية. هناك غالبا من يحاول إقناع المز ارعين بحاجتهم إلى التغيير بينما لا توجد حاجة حقيقية لذلك. إن بائعا ما ربما استهواه هيئة لسمكة ما رآها فى أقليم آخر ويظنها فكرة رائعة إذا ما قام المزارع بإنتخاب هذه الصفة. إذا كانت هذه الهيئة مطلوبة من المستهلك وتأكد ذلك بدراسة للسوق، فإن المزارع يمكنه التفكير أو التخطيط للتنفيذ برنامج إنتخاب وراثى لصالح هذه الصفة. أما إن لم تكن هذه الصفة تعنى المستهلك المحلى شيئا وإذا لم يكن هناك مطلب لهذه الهيئة الجديدة، فإنه لا يجب البدأ اطلاقا بأى برنامج يتعلق بهذه الصفة. إن برامج التربية الطائشة ما هى سوى ضياع للمال والجهد وربما تؤدى إلى نتائج عكسية فى الإنتاج. وعلى المزارع دائما أن يضع فى اعتباره ما يريده المستهلك وقدرته الشرائية عند البدأ ب بر نامج الإنتخاب الوراثى. وهناك جزء آخر فى التقييم وهو تحديد أية صفة يجب أن يتناولها الإنتخاب. يجب على المزارع أن يعد قائمة برغباته شاملة كل الصفات التى يرغب فى تحسينها. وبمجرد انتهاؤه من القائمة، فإنه يخفض العدد تدريجيا إلى عدد من الصفات تجعل من العمل معها أمرا منطقيا وذلك فيما يخص إستزراع وتسويق الأسماك. هناك صفات تمثل قاسما مشتركا فى جميع برامج الإنتخاب تقريبا و أهمها وزن الجسم. كما أن هناك صفات أخرى يبدأ المزارع بتحسينها وهى ما تجعل من عملية الإستزراع عملية أكثر يسرا وأمانا منها تلك التى تتعلق بمقاومة الامراض أو تزيد من إمكانية الحصاد.

هناك من الصفات ما لا يمكن إعتبارها مطلوبة على الاطلاق ويجب إستبعادها فورا من قائمة رغبات المزارع. فمثلا قد تطلب وحدة تصنيع الأسماك من المزارع تحسين معدل تصافى أسماكه او خفض المحتوى الدهنى فى أحشاء أسماكه، ذلك لما لهذه الصفات من تأثير فى ربحية وحدات التصنيع. وما لم يكن أصحاب هذه المصانع على إستعداد لتعويض ما سوف تتكلفه تحسين هذه الصفات، فإن المزارع لا يجب تضمين هذه الصفات فى برنامجه الإنتخابى.

كما يجب على المزارع أيضا إستبعاد بعض الصفات التى يمكن تحسينها بسهولة من خلال تقنيات الإدارة. فلن يبدو الأمر منطقيا إستخدام برامج التحسين الوراثى لزيادة الخصوبة فى الأسماك، حيث يظل تطوير إدارة المفرخ هو الخيار الأسهل والأقل تكلفة لتحقيق نفس الهدف. ويدعم عدم منطقية إستخدام الإنتخاب لتحسين هذه الصفة كون معظم الأسماك كائنات عالية الخصوبة بطبيعتها. ويصبح معه تحسين الخصوبة من 4000 بيضة إلى 4500 بيضة لكل كيلوجرام من وزن الأنثى ليس بهذه الدرجة من الأهمية كما أنه ليس ضروريا. وما على المزارع إذا ما أراد الحصول على كمية أكبر من البيض سوى إستخدام عدد أكبر من الأمهات أو تفريخ الإناث الأكبر حجما. ومن المعروف أن إستخدام التحسين الوراثى لزيادة بيض الأسماك هى ممارسة مرتفعة التكلفة ذلك علاوة على أن زيادة عدد البيض لن يتحقق قبل مرور جيل لتحقيقها. وعلى الجانب الآخر، فإن تحسين إنتاج البيض عن طريق تطوير تقنيات التفريخ تعد بالمقارنة عملية فورية التحقيق إضافة إلى إنخفاض تكلفتها.

وعلى المزارع أن يحاول فقط تحسين الصفات الرئيسية التى تزيد من ربحيته إما من خلال أسماك ذات معدل أعلى للنمو أو أنها تتميز بكفاءة أعلى فى النمو أو ت تصف بإرتفاع حيويتها أو حتى أسماك يعرض المستهلكون المزيد لشرائها.

إن مديرى المفرخات ممن يعملون فى مراكز إنتاج الإصباعيات ربما يتجهون نحو إنتخاب الصفات التى تساعد فى دعم هذه الصناعة أو تعين على فتح آفاق جديدة للإستزراع. فمثلا، إنتاج أسماك تزيد فيها صفة تحمل الملوحة سوف تمكن المزارعين من إستزراع آلاف الهكتارات من أحواض المياه الشروب (المويلح) brackish . كما أن إنتخاب الأسماك للتفريخ المبكر قد تساعد المزارع إما على إنتاج الأحجام التسويقية من أسماكه خلال موسم واحد بدلا من موسمين، أو تمكنه من إنتاج أسماك بأحجام أكبر إذا ما ارتبط ذلك بقيمة تسويقية متميزة.

وثانى الأمور فى التقييم يتلخص فى أهمية تحديد ما إذا كان المزارع ينتج هذه الإصباعيات المحسنة لتحقيق الأكتفاء الذاتى لنفسه، أو أنه سوف يقوم بتوزيع إنتاجه من هذه الإصباعيات على المزارع بمنطقته. وسوف يتوقف على هذا التحديد حجم المشروع وكذا مستوى الاستثمار المطلوب تدبيره لتنفيذ المشروع. فإذا كان الإنتاج للذات، فإن ما يحتاجه الأمر فى هذه الحالة هو تخصيص جزء من المزرعة لتنفيذ المشروع. اما إذا كان الإنتاج للمزارع فى المنطقة، فقد يحتاج الأمر إستخدام معظم إن لم يكن كامل المزرعة لإنتاج الإصباعيات المحسنة ورائيا.

إن أحد الأهداف الرئيسية فى خفض قائمة رغبات المزارع إلى عدد قليل من الصفات هو أن الكفاءة فى تحسين صفة ما لها علاقة عكسية مع عدد الصفات التى يشملها التحسين الوراثى. وعلى ذلك، فإذا كانت هناك صفة أو صفتان لهما أهميتهما الفائقة نسبة لباقى الصفات، فإن قائمة رغبات المزارع يجب أن تقتصر فقط على هذه الصفة أو الصفتان مرتفعة الأهمية. إن تضمن البرنامج لصفات غير جوهرية سوف تبطئ من معدل التحسين للصفات ذات الأهمية. ولهذا السبب، فإن معظم برامج الإنتخاب الوراثى يجب أن تركز فقط على صفة واحدة أو صفتين. قد تتضمن بعض البرامج صفة ثالثة. والقليل من البرامج تلك التى تتعامل فى ما هو أكثر من ذلك فيما عدا تلك التى يتم تنفيذها بواسطة متخصصى الوراثة فى محطات البحوث.

وبمجرد قيام المزارع بتخفيض قائمة رغباته إلى صفة واحدة أو صفتان يرغب فى تحسينها، فإن عليه أن يقرر كيفية تعريف الصفات وأسلوب قياسها. ولهذا فإن على المزارع أن يسقط من قائمته الصفات التى يصعب تحديدها بدقة أو تلك التى يصعب قياسها. فما من مزارع لا يرغب فى تحسين مقاومة أسماكه للأمراض، وهنا ربما نتساءل بما تعنيه مقاومة الأسماك للأمراض. أهى تعنى أسماكا لا تمرض؟ أم تعنى أسماكا لا تموت؟ وكما هو واضح فما أكبر الفرق بين التعريفين. وإذا أخذنا بالتعريف الأول والذى يعنى به الأسماك التى لا تمرض فإن هذا سوف يقودنا إلى تساؤلات أدق حول ما إذا كان المقصود هو أسماك لا تظهر الأعراض الإكلينيكية رغم إصابتها بالمرض أو هى الأسماك التى لم تصاب على الاطلاق. وثمة تساؤلات أخرى تطرح، فإذا كانت الأسماك مرباة فى حوض ما، فكيف يتسنى للفرد أن يجزم أى من الأسماك تعرضت للاصابة وأى منها لم يصاب؟. حتى معيار عدم الموت فهو يفتقد الدقة الكافية نظرا لتأثير العديد من العوامل فى الإدارة الصحية للأسماك . وكما نعلم، يمكن أن تموت الأسماك نتيجة مصادر غير معدية أثناء تفشى المرض أو أنها تموت على مدار الموسم الإنتاجى. ولأن هذه الصفة من تلك التى يصعب قياسها، فإنه ربما يجب على معظم المزارعين تجنبها فى برامج الإنتخاب. وعلاوة على ذلك، إذا كانت صفة المقاومة لمرض محدد هى من تلك التى تورث، فإن هذه الصفة سوف تتحسن بمرور الوقت من خلال ما يعرف "بإنتخاب الاستئناس ". إن الاستئناس هو تلك الممارسة التى بواسطتها تقوم إدارة المزرعة بإنتخاب أو إستبعاد جينات كنتيجة طبيعية للإستزراع. وعلى هذا، فإن صفة المقاومة للأمراض يجب رفعها من معظم قوائم رغبات المزارعين. وننوه هنا إلى أن هناك من الانجازات التى تحققت فى صفة المقاومة للأمراض من خلال الإنتخاب، إلا أن هذه البرامج تتسم بالتعقيد ويجب قصرها على العلماء فى مراكز البحوث.

هناك صفات أخرى يجب تخفيضها وهى تلك التى يرغب المزارع فى تحسينها ولكنها صعبة القياس بسبب أمور تتعلق بطبيعة إستزراع الأسماك. ذلك كأن يرغب المزارعون ممن يستخدمون العلائق المحببة فى تحسين معامل تحويل الغذاء عند تغذية أسماكهم بما يعنى زيادة أرباحهم. ويظل السؤال عن كيفية قياس معامل تحويل الغذاء لفرادى الأسماك. يمكن تحقيق ذلك نظريا إذا ما تمت تربية هذه الأسماك منفردة فى الهابات أو الخزانات وهو ما يعنى إستحالة تنفيذه من الناحية العملية لإرتفاع التكلفة. يمكن للمزارع اتباع إنتخاب العائلة لتحسين هذه الصفة، إذا أمكن تربية عشرات العانلات فى الهابات. وبوجه عام، فإن مثل هذا البرنامج سوف يكون مرتفع التكلفة ذلك علاوة على أن تحسين معامل تحويل الغذاء ليس بدرجة أهمية تحسين معدل النمو وإذا كان تحسين معامل تحويل الغذاء ما تزال مطلوبة، فإن برنامج الإنتخاب الوراثى لتحسينها لا بد أن يترك لخبراء الوراثة فى محطات البحوث.

وحتى الصفات التى يتضمنها برنامج الإنتخاب الوراثى وتحظى برغبة جميع المزارعين فى تحسينها، فإن هذه الصفات يجب أن يتوفر لها التعريف الدقيق مع إمكانية قياسها. إن كل مزارع يرغب فى تحسين معدل النمو. ولكن كيف يتم تعريف هذه الصفة ثم كيف تقاس؟. وفى جميع الأحوال فإن لهذا الأمر أهميته حتى نستطيع تقدير مدى الإستجابة لبرنامج الإنتخاب. عادة ما يعرف معدل النمو بالوزن أو بالطول عند عمر معين، ولهذا فإن السؤال الأول الذى يحتاج إلى إجابة هو ما إذا كان النمو يقصد به الوزن أم الطول.

إنه لمن السهل قياس مئات الأسماك ولأقرب ملليمتر وبأقل إجهاد ممكن على الأسماك. إلا أن الطول يشمل طول الرأس وكذا طول الذيل. ولهذا فإن الأسماك ذات الطول المفرط للذيل قد يتم إنتخابها قبل الأسماك الأثقل وزنا على الرغم من أن الوزن هو وحدة البيع والشراء للأسماك حيث تتحدد قيمة الأسماك تبعا لوزنها بالكيلوجرام وليس بالسنتيمتر. هذا وان كان من الصعب وزن مئات الأسماك لأقرب عشر الجرام ما لم يكن لدى المزارع إمكانيات إستخدام الميزان الألكترونى، فإن عملية الوزن هذه تصبح عملية شاقة ومملة جدا وعادة ما تكون مجهدة. علاوة على ذلك، فإن الوزن المسجل لكل سمكة يشمل حتى المياه التى تتواجد فى فمها، البراز، والطعام فى جهازها الهضمي وكذا وزن الرأس والأحشاء وهذه العوامل جميعها تعرض القياسات للخطأ.

وعلى الرغم من أن الأفضل هو قياس النمو متمثلا فى الوزن، ولأن هناك إرتباط كبير بين الطول والوزن بما يعنى أن زيادة أحدها ينتج عنه زيادة الاخر. ولهذا، فإن تقدير النمو عن طريق قياس الطول لهو مؤشر تقريبى جيد لتقدير النمو وزنا. وإذا ما أراد المزارع التخلص من الأخطاء التى قد تنتج عن إستخدام الطول لتقدير معامل النمو، فإنه يمكن الاحتكام للطول القياسى بدلا من الطول الكلى، والذى سوف يلغى تأثير طول الذيل على الإنتخاب .

وفى حالة ما إذا قام أكثر من فرد بعملية القياس، فإنه لا بد من الاتفاق المسبق على أسلوب موحد للقياس حتى تكون آلية جميع القياسات واحدة، وإلا فإن قيمة الصفة الظاهرية المعبرة عن طول السمكة سوف تكون عرضة للخطأ البشرى. وإذا قام فرد واحد بعملية القياس فكل ما يتطلبه الأمر هو توحيد أسلوب القياس.

إذا أمكن تحسين الوزن عن طريق الإنتخاب للطول يقال أن هناك إنتخاب غير مباشر للوزن. ويحدث ذلك نتيجة وجود ارتباط إيجابى للصفتين وراثيا وعليه، فإن تحسين إحدى الصفات هو تحسين للصفة الأخرى فى نفس الوقت ولهذا السبب، فإن الإنتخاب الذى يستهدف تحسين معدل النمو غالبا ما سوف يؤدى بالتبعية إلى تحسين صفات أخرى ومنها الحيوية، مقاومة الأمراض، وكفاءة تحويل الغذاء عادة ما يلجأ المربون إلى استكشاف الارتباط الوراثى حتى يمكن إستخدام الإنتخاب غير المباشر فى تحسين صفات يصعب قياسها أو أخرى يحتاج تحسينها إلى تكلفة عالية وذلك من خلال الإنتخاب لصفات أسهل قياسا. فعلى سبيل المثال أمكن تحسين وزن التراوت القوس قزحى عند الحصاد من خلال الإنتخاب غير المباشر لوزن الإصباعيات، وكذلك تم تنفيذ برامج الإنتخاب الوراثى لتحسين مقاومة الأمراض من خلال إنتخاب غير مباشر للاستجابة للمجهدات أو لقوة غشاء الخلية.

هناك سؤال آخر يتطلب الاجابة عليه قبل إمكانية تحسين معدل النمو ويتعلق بالعمر الذى يتم التقييم عنده، ذلك لأن معدل نمو الأسماك ليس ثابتا. إذا كان النمو ثابتا، فإنه فى هذه الحالة يصبح عنصر العمر الذى تؤخذ القياسات عنده غير ذى أهمية. ولأنه فى الغالب يتم تداول الأسماك بشكل مكثف عند نقلها أو حصادها، فإنه من المنطقى أخذ القياسات المطلوبة فى هذه الحالات مثل نقل الإصباعيات من أحواض الإصباعيات إلى أحواض الإنتاج وكذا عند حصادها للتسويق. ويعرف ذلك بالقياس عند عمر محدد. وبعد عدة أجيال من الإنتخاب، قد تعرف بالعمر الذى يلزم بالوصول بالأسماك إلى حجمها التسويقى. وإذا ما أمكن قياس وإنتخاب الأسماك على مدى عمرين بدلا من عمر واحد، فإن معدل النمو سوف يتم تحسينه بصورة أسرع.

إن القدرة على تعريف الهدف وقياس الصفة المظهرية بدقة يعتبر عنصرا أساسيا. وإن لم يكن بمقدور المزارع تحقيقه، فلا يجب عليه بدأ برنامج التحسين الوراثى. وإذا ما استخدم المربى فى برنامجه الإنتخابى أهدافا لم تعرف بدقة وقام بقياسات غير دقيقة للصفات الظاهرية، فإن برنامج التربية ربما ينتج عنه خفض معدل النمو كما يمكن أن تتسبب فى منع أى تحسين مستقبلى نتيجة إستبعاد أليلات ذات قيمة كبيرة.

فمثلا كانت أسماك الكارب الهندى بطيئة النمو هى حصاد برنامج إنتخاب استهدف تحسين معدل نموها ذلك بسبب أن صفة معدل النمو لم يتم تعريفها بدقة كما تم أيضا قياسها بأسلوب خاط ئ . تم إستزراع هذه الأسماك فيما يسمى بنظام الدفعات المتعددة والذى فيه يتم حصاد الحوض بالشباك مرات عديدة على مدى عدة أعوام بهدف حصاد الاحجام التسويقية بصفة مستمرة. ويتم فى هذا النظام أيضا تخزين الإصباعيات فى الأحواض للاحلال بدلا من الأسماك التى يتم حصادها ضمانا لتحقيق حصاد مستمر للأسماك. بعد عدة سنوات من الإنتاج المتواصل، تم تصفية الأحواض حيث أن الأسماك الكبيرة التى تكرر هروبها من الشباك كان لها تأثير سلبى على الإنتاج.

وعند تصفية أحواض الكارب هذه، قام المزارعون ومسئولى المفرخات بالإحتفاظ بالأسماك الكبيرة إعتمادا على تعريفهم لمعدل النمو بأنه الوزن عند تصفية الحوض، وفى هذا النظام لم تؤخذ القياسات سوى عند تصفية الحوض الذى تمت إدارته باتباع أسلوب إنتاج متعدد الدفعات. ذلك بالإضافة، أنهم إحتفظوا بهذه الأسماك لأنها سوف تنتج كميات أكبر من البيض مقارنة بالأمهات الأصغر.

ولسوء الحظ، فإن تعريفهم لصفة معدل النمو والأسلوب الذى تمت به قياس الصفة (الحجم عند تصفية الحوض) كانت نتيجته أن تسبب البرنامج الإنتخابى فى خفض معدل النمو، ذلك لأن الأسماك المنتخبة حينئذ كانت أكبرها عمرا وأقلها فى معدل النمو. تواجدت هذه الأسماك الكبيرة عند تصفية الحوض بسبب خبرتها فى تفادى الشباك والهروب منها. ولم يكن خفض معدل النمو هو النتيجة الوحيدة لهذا البرنامج الذى أفرز أيضا أسماكا ماهرة فى الهروب.

وبعد تحديد المزارع لأهدافه وتضمين خطته كيفية قياسه للصفة، فإن عليه أن يقرر نوعية برنامج الإنتخاب الوراثى الذى سوف يستخدمه لتحقيق هدفه. هناك نوعان رئيسيان لبرامج الإنتخاب الوراثى هما الإنتخاب الفردى والذى يسمى أيضا بالإنتخاب الإجمالى وثانيها هو إنتخاب العائلة فى الإننخاب الفردى لا تعطى أهمية لعلاقات العائلة وتتم المقارنات بين الأفراد. يتم ترتيب الأفراد تبعا لمستواها، ويتم إختيار أفضلها لتكون آباء للجيل القادم. أما بالنسبة لإنتخاب العائلة، فإن العلاقات العانلية لها أهميتها القصوى وفيها يتم إما مقارنة متوسط العائلات وترتب حيث تنتخب العائلة بأكملها أو تستبعد بأكملها، أو أنه يمكن كذلك ترتيب الأفراد داخل كل عائلة حيث يتم تنفيذ الإنتخاب مستقلا داخل كل عائلة. إن أكثر برامج التربية كفاءة يتحدد بالصفات الظاهرية وكيف تقاس، وكذا بيولوجية الأسماك وطبيعة توريث الصفات. سوف يتم مناقشة الإنتخاب الفردى وإنتخاب العائلة بتفصيل أكبر لاحقا فى هذا الباب.

يحتاج المزارع أن يحدد الخطة التى ينوى إتباعها لتحقيق هدفه والتى تشمل عدد الأسماك التى يقوم بتفريخها، عدد الأسماك التى يتم تربيتها لكل عائلة، عدد الأحواض التى يتم إستخدامها ومعدلات تخزينها وبرنامج الإدارة المستخدم فى إستزراع الأسماك.

وجدير بالذكر أن برامج الإنتخاب الوراثى هى برامج مرتفعة التكلفة. ولهذا، فمن الأهمية أن نتمكن من تقييم تأثير الإنتخاب. وأفضل الطرق لتحقيق ذلك هو مقارنة متوسط الصفات على مدار الوقت. ولكى يتم ذلك بكفاءة، فإن متوسط العشائر المنتخبة لابد وأن تقارن بمتوسط عشائر المقارنة التى لم تنتخب. يرجع السبب فى هذه المقارنة إلى أن المتوسط يحدده التركيب الوراثى للعشيرة (وهو ما نحاول تحسينه من خلال الإنتخاب) والمحيط البيئى. سوف يتم لاحقا فى هذا الباب مناقشة تقنيات إنشاء عشائرالمقارنة وكيفية إستخدامها فى تقييم الإستجابة للإنتخاب.

أخيرا، يجب على المزارع مراجعة برنامجه للتحسين الوراثى على الأقل مرة فى العام حيث يجب عليه أن يقيم تقدم البرنامج وما إذا كانت هناك سبل لتطويره . وعلى العكس من ذلك، ربما يقرر المزارع إنهاء البرنامج إذا أشارت النتائج إلى عدم فعاليته أو أن النتائج لا تستحق الجهد الذى تبذل فيه. عادة ما يرغب المزارعون فى إنهاء برنامج تحسين وراثى وبدأ برنامج آخر إذا ما أصيبوا بالاحباط والحيرة، وإن كان لا ينصح بمثل هذه التوجهات. إذا قام المزارع بتغيير برامجه كل عام أو كل عامين فإن كل ما يفعله المزارع هو إنفاق أمواله دون طائل. وعلى الجانب الاخر، إن لم يكن البرنامج فعالا، فإن من سوء التقدير التمسك به وإنفاق الأموال دونما ضرورة.

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية