الصفحة السابقةبيان المحتوياتالصفحة المقبلة

الفصل الثالث

 

الاتجاهات الرئيسية في الأسواق الزراعية العالمية

والتوقعات متوسطة الأجل

 

كلمات أعضاء مجموعات المناقشة

 

(4) NICOS ALEXANDRATOS : لقد شهدت السنوات الخمس والعشرين الماضية تغيرات جوهرية فيما يتعلق بتوافر الأغذية للاستهلاك البشري في البلدان النامية. فقد حدث تحسن حاد قي الاستهلاك في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا فيما بين منتصف السبعينات ومنتصف الثمانينات، بعد الازدهار النفطي وما صاحبه من نمو في استيراد الغذاء. كذلك حدث تقدم جوهري في هذه الفترة في شرق آسيا. ومازلت منطقة جنوب آسيا في مركزمتوسط رغم ما تحققه من تقدم. أما منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فقد تخلفت عن الركب- رغم أنها حقت شيئا" من التقدم في الفترة الأخيرة.

 

ومنذ 25 سنة، كان عدد من يعانون من نقص التغذية المزمن نحو مليار نسمة على مستوى العالم، منهم نحو37 في المائة من سكان البلدان النامية. وقد انخفضت هذه النسبة منذ ذلك الحين إلى نحو 19 في المائة، وان كان العدد المطلق لمن يعانون من نقص التغذية قد انخفض، كما ذكر السيد De Haen ، بمعدل بطيء جدا، وأصبح يتجاوز الآن 800 مليون نسمة. والأعداد المطلقة لمن يعانون من نقص التغذية في تزايد في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولكنها مستقرة نسبيا" في جنوب آسيا، حيث تتناقص أعدادهم ببط شديد. ورغم ان نسبة السكان الذين يعانون من نقص التغذية قد انخفضت بمعدل سريع في شرق آسيا، بما في ذلك الصين، فإن أعدادهم 

المطلقة مازالت مرتفعة بسبب النمو السكاني. وفي الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، تنخفض نسبة وأعداد من يعانون من نقص التغذية بمعدل سريع. أما في أمريكا اللاتينية، التي يعد معدل نقص التغذية فيها منخفضا" نسبيا"، فقد تعرضت لمتاعب في الثمانينات ولكنها حققت تقدما" قويا" في التسعينات.

 

وقد تأتى التحسن في نصيب الفرد من استهلاك الأغذية في البلدان النامية من مصدرين، هما: الإنتاج المحلي والتجارة. ومن بين مجموع البلدان النامية، أصبحت كل من الصين والهند تتمتعان بالاكتفاء الذاتي، وحافظتا على حالة الاكتفاء الذاتي، بل إنهما لم تدخلا السوق العالمية، في كثير من الأحيان، كبلدان مستوردة رئيسية للغذاء. ومع ذلك، فلقد كانت تجارة الأغذية شديدة الأهمية بالنسبة لعدد آخر من البلدان لكي تتمكن من تحقيق ما حققته من زيارة في نصيب الفرد من الاستهلاك والتخفيف من حالة نقص التغذية، ولاسيما في معظم منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.

 

ولقد كانت البلدان النامية مستوردة صافية للحبوب على مدى السنوات الخمس والثلاثين الأخيرة. فلقد شهدت هذه الفترة نموا" مفاجئا" وسريعا" جدا" في الواردات الغذائية، وخصوصا" فيما بين أوائل السبعينات وأوائل الثمانينات، عندما أدى ارتفاع أسعار النفط الى إيجاد سوق للحبوب تنمو بسرعة شديدة. إلا أنه بعد أن تضاءل تاثير الانتعاش النفطي، ظل عدد البلدان النامية يتزايد كمستوردة صافية، وإن كان ذلك بمعدل أقل بكثير مما سبق. ومع خروج الاتحاد السوفيتي السابق وبلدان شرق أوروبا من سوق الواردات، أصيبت تجارة الحبوب العالمية بالركود تقريبا". وكان جزء من هذا الركود في صادرات البلدان الصناعية من الحبوب انعكاسا" للنمو في تجارة اللحوم؛ فقد تحولت الولايات المتحدة من مستوردة صافية للحوم إلى مصدرة صافية لها، ونفس الشيء حدث للاتحاد الأوروبي، واستراليا، ونيوريلندا، والبرازيلوالأرجنتين. ومن ناحية أخرى، تنمو واردات اللحوم بسرعة شديدة في المكسيك، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية كوريا، ومصر وهونج كوفي، الصين.

 

والآن نفترض أن تحرير التجارة سيؤدي إلى رواج الطلب على الغذاء في السوق العالمية. فهل يتمتع العالم بالقدرة الإنتاجية التي تمكنه من الاستجابة إلى ذلك؟ هذا هو السؤال الذي كثيرا" ما تثيره البلدان المستوردة للغذاء بكميات كبيرة مثل اليابان أو بلدان شمال أفريقيا. فلقد تباطأ الإنتاج العالمي من الحبوب في السنوات الأخيرة وانحسر نصيب الفرد من الكميات المتاحة. وينظر بعض المراقبين إلى ذلك بانزعاج، ومع ذلك فإن انخفاض كميات الحبوب المتاحة للتصدير كان يرجع أساسا" لانهيار الإنتاج في بلدان الاتحاد السوفيتي السابق وشرق أوروبا. وفي السنوات الأخيرة، عاد الإنتاج إلى الانتعاش وبدا نصيب الفرر من الاستهلاك يرتفع من جديد. ويبدو أن هناك إمكانيات لتحقيق انتاج في البلدان المصدرة الرئيسية، مثل أمريكا الشمالية، وغرب أوروبا، واستراليا والأرجنتين، بما يكفي لتلبية مقادير إضافية معقولة من الطلب في الأسواق العالمية.

 

وختامآ، أقول إن هناك إمكانيات لتحقيق انتاج كاف. ولقد أصيب النمو في التجارة بالركود في الفترة الأخيرة نظرا" لضعف الطلب الفعال. وبالنسبة للبلدان النامية التي تواجه مشكلة انعدام الأمن الغذائي، فمازال السبب هو الفقر، وهنا يأتي دور التنمية الزراعية على المستوى المحلي. ومن بين الموضوعات المقرر مناقشتها في هذه الندوة ما اذا كانت التغيرات في بيئة السياسات التجارية سوف تساعد أو تعطل التنمية الزراعية الداخلية، وتساعد على زيادة دخول الفقراء وبذلك تعزز قدرتهم على شراء الغذاء او استهلاك ما ينتجونه أنفسهم من الغذاء.

 

(5) Loek Boonekamp لقد شعرت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في السنوات الأخيرة، بشيء من التفاؤل إزاء توقعات السوق في المدى المتوسط بالنسبة للسلع الزراعية، وكذلك ازاء الأسواق العالمية من حيث حجم التجارة والأسعار. ولقد أشرنا كثيرا" إلى امكانية حدوث تباطؤ في انخفاض الأسعار الحقيقة لعدد من السلع الزراعية في المدى المتوسط، استنادا" إلى ثلاثة عناصر رئيسية هي: (1) نمو الطلب في عدد من الاقتصاديات الناشئة والاتجاه المتزايد نحو الأطعمة القائمة على البروتين، (2) وجود تحرك بطيء وتدريجي جدا" من جانب البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نحو تقليل الممارسات الحكومية التي تؤدي الى تشويه التجارة، (3) والتوقع بأن تؤدي اتفاقية جولة اوروغواي إلى تقليل التشوهات في الأسواق.

 

وتعد أسعار السوق في الوقت الحاضر بالنسبة لكثير من السلع الزراعية في مستوياتها الدنيا قياسا" على اتجاهها التاريخي. ولكن ذلك قد يكون من قبيل رد الفعل او التكيف من جانب العرض مع الأسعار التي بلغت مستوى قياسيا" من الارتفاع في بعض الأوقات. ولعدد من الأسباب، لا أعتقد ان الأسعار الحالية التي بلغت مستوى قياسيا" من الانخفاض بالنسبة لعدد من السلع تبطل تقديراتنا السابقة بشأن تباطؤ الانخفاض في الأسعار الحقيقية. ومن بين الأسباب التي تدعوني الى ذلك حدوث انتعاش في عدد من البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهو الانتعاش الذي استندت اليه توقعاتنا بحدوث مزيد من الازدهار في الأسواق في المدى المتوسظ. بيد أن التوقعات الخاصة بالنمو الاقتصادي في جمهورية كوريا وبعض البلدان الآسيوية الأخرى التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية تتجاوز بكثير ما كان يمكن ان يتنبأ به أي شخص حتى قبل ستة أشهر. ثانيا"، يحدونا الأمل في أن زيادة الاتجاه نحو السياسات القائمة على آليات السوق، في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على الأقل، لن يتغير. ولو تحقق هذان الشرطان، فسوف تنتعش الأسعار العالمية من مستوياتها الحالية المنخفضة وسوف تزداد التعاملات التجارية. ومع ذلك، فإنني أعتقد أن التوقعات الخاصة بالأسعار في المدى المتوسط سوف تنحسر، فحتى إذا عاد النمو الاقتصادي إلى معدلاته التاريخية، فإن البلدان التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية سيكون مجموع الدخول التي ستحققها بحلول عام 2005 أقل بكثير مما كان أن الممكن أن تحققه لو ان الأزمة الاقتصارية لم تحدث.

 

 وهناك قضيتان أن المرجح أن يكون لهما تأثيركبير على أسواق السلع في المدى المتوسط. الأولي هي تزايد الشعور العام بالقلق إزاء كيفية انتاج الأغذية، ومدى سلامتها، وماذا يمكن أن تكون عليه الآثار الجانبية من الناحيتين الاجتماعية والبيئية. فذلك يمكن أن تكون له آثار مهمة على الأسواق وعلى التجارة. ومن الواضح ان هناك أصواتا" تدعو إلى التشدد في القواعد. وفي رأينا أن هذه الدعوات ينبغي دراستها بكل عناية، وأن القضايا التي تتناولها ينبغي، الى اقصى درجة ممكنة، أن يحسمها المستهلكون الذين يجب تمكينهم من الإعراب عن أفضلياتهم. وحيثما يكون من اللازم وضع القواعد والنظم التي تحكم ذلك، لابد ان تتسم هذه القواعد والنظم بالشفافية وأن تكون قائمة على معايير مقبولة دوليا".

 

ويتأثر تقدير التوقعات متوسطة الأجل بعدد من المتغيرات التي لا يمكن السيطرة عليه، مثل الظروف الجوية والكوارث الطبيعية. ولكن هناك عاملا" يمكننا ان نؤثر فيه كثيرا، وهو التدخل في الأسواق لدوافع سياسية. فإذا استمر الاتجاه البطيء جدا من جانب البلدان الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية نحو التدابير الأقل تشويها للأسواق، واذا قي ي هذا الاتجاه، فسوف يكون لدينا من المبررات ما يجعلنا نتوقع تحسن أداء الأسواق في المدى المتوسط. أما اذا غير هذا الاتجاه وجهته، فسوف نكون امام خطر العودة إلى الكساد الذي عانت منه الأسواق في الثمانينات.

 

(6)  Eugenio Diaz-BonillA أود ان اشير إلى أربع نقاط. النقطة الأولى تتصل بالعلاقة بين تجارة المنتجات الزراعية والأمن الغذائي: فرغم دور التجارة في المساعدة على تحقيق الأمن الغذائي، بقي الأمن الغذائي من القضايا المحلية المهمة. ومن مؤشرات القدرة على تمويل الواردات الغذائية أن يشار إلى قيمتها الحالية كنسبة مئوية من إجمالي الصادرات السلعية. وهذا المؤشر في هبوط بمرور الوقت. فقد تضاءلت قيمة واردات البلدان النامية من الأغذية نظرا" لتزايد تعاملاتها التجارية عموما". إذ أن بعض البلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء تقوم أيضا" بتصدير الخدمات مثل السياحة، واذا أضيفت ايرادات هذه الصادرات أيضا" فإن قيمة الواردات الغذائية ستبدو أقل من ذلك. وبذلك تكون التجارة الدولية قد ساعدت بكل تأكيد، ومع ذلك بقيت قضية الأمن الغذائي من القضايا المحلية المرتبطة بمسائل أخرى مثل هيكل حيازة الأرضي، ومرافق البنية الأساسية، والسياسات الداخلية عموما"، والمؤسسات والعمليات المحلية. ووهناك مؤشرآخر هو نسبة الواردات الغذائية إلى مجموع أنتاج الأغذية (وليس إلى مجموع الاستهلاك، لأن بعض البلدان تعد مستوردة صافية للأغذية). وبالنسبة للبلدان الأقل نموا، كانت هذه النسبة 4 في المائة تقريبا" في الستينات، ثم قفزت إلأى نحو 8 في المائة في الثمانينات، وإن كانت الآن في تناقص. وهكذا، لا توجد قرائن على أن التوسع في العولمة قد يؤدي إلى زعزعة الإنتاج المحلي في هذه البلدان. وبالنسبة لبلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، وهي المجموعة التي تحتفظ المنظمة ببيانات خاصة بها، تترواح النسبة بين 6 و 10 في المائة، ولم يحدث أن تجاوزت 10 في المائة رغم العولمة. والنقطة الثالثة التي أود الإشارة إليها هي أن اتفاقية الزراعة لا تمثل قيدا" على السياسات الجيدة التي تطبقها البلدان النامية في مجالات مكافحة الفقر، والمحافظة على البيئة، والأمن الغذائي، والمعونة الغذائية، وما إلى ذلك. فهذه الاتفاقية لا تمثل قيودا" إلا على بعض السياسات الرديئة التي تتضمن أساسا" تحويلا" للأموال. وقد أشار بروفيسور إلى التشوهات التي ترتبط اساسا" بتحويل الأموال من المستهلكين الى المنتجين، وهم عادة من المنتجين الأغنياء. وتمثل سياسات حماية المنتجات الغذائية في البلدان النامية، أو في أي بلد، نوعا من أنواع ضريبة الاستهلاك على الأغذية، وهذه الضريبة يتحمل الفقراء الجانب الأكبر منها، عند النظر إليها كنسبة مئوية من الدخل. وفي الأساس، تفرض الضرائب على المستهلكين الفقراء لمصلحة المنجين الأغنياء. واذا كنا نحرص حقيقة على الفقراء، يجب أن نوجه اهتمامنا إليهم ونزودهم بالأشياء التي يحتاجونها، مثل تمكينهم حيازة الأرض، وتزويدهم بالتسهيلات الائتمانية، واقامة مرافق البنية الأساسية، ومشروعات الري، وما إلى ذلك. واتفاقية الزراعة تمثل قيدا" على السياسات التي تنطوي على نقل الأموال بشكل لا يساعد على خلق الثروة.

 

وأخيرا، فقد كثرت المناقشات العامة فيما يتعلق بمنظمة التجارة العالمية. ونحن نعلم أن الكثيرين سوف يشتكون من تحرير التجارة في اجتماع سياتل، ومع ذلك فإن الإطار القانوني لمنظمة التجارة العالمية هو جزء لا يتجزأ من الإطار القانوني لكل بلد. فالحكومات هي التي تتخذ القرارات وتنفذها. ولا علم لي بأي وثيقة من وثائق منظمة التجارة العالمية تقول إن أجهزة بيروقراطية دولية مستترة هي التي قررت ذلك، فالبلدان هي التي تقرر على الدوام. وعلى من يتحدث عن غياب الديمقراطية أن يبدأ ببلده. ومنظمة التجارة العالمية في حاجة الى تقوية وليست في حاجة إلى اضعاف، وكل من يحاول استبعاد الزراعة من ولاية منظمة التجارة العالمية أو يحاول اضعافها إنما يعمل ضد مصلحة البلدان الفقيرة النامية.  

 

(7) Keiji Ohga : سوف أقتصرفي تعقيبي على الهيكل طويل الأجل للعرض

والطلب في تجارة الأغذية على المستوي العالمي. فقبل الثمانينات، كان هذا الهيكل يتأثركثير" بالحرب الباردة. وحرصت البلدان في جميع أنحاء العالم على حماية ودعم الزراعة لكي تضمن تأييد شعوبها، وخصوصا" المزارعين، وحماية نظامها الاقتصادي والاجتماعي سواء كان اشتراكيا" او رأسماليا". وأقامت البلدان المتقدمة، وعلى رأسها الولايات المتحدة، العديد من معاهد البحوث وساعدت البلدان النامية على زيارة انتاجيتها. وبعد الحرب الباردة، اختفى هذه الحماس، وأصبحت البلدان المتقدمة تطالب بحرية التجارة او حرية الأسواق. بل إن البنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية، مثل بنك التنمية الآسيوي، بدأ اهتمامها بالزراعة يتراجع. وتشهد كثير من المنظمات، بما في ذلك منظمة الأغذية والزراعة، تخفيضا" لميزانياتها وعدد العاملين فيها. وبناء عليه، لا يجب علينا أن نقتصرعلى استقراء الماضي بل يجب علينا أن ننظر في التأثيرطويل الأجل المترتب على التراجع عن الاستثمار في الزراعة (مثل الري) وفي البحوث الزراعية.

 

وثمة نقطة أخرى تتصل بمفاوضات منظمة التجارة العالمية، وهي الافتراض بأن المنافسة في السوق العالمية ستؤدي على الدوام إلى الفوز. فهي تؤدي أيضا إلى خسارة. فالذين يتمتعون بمزايا تمكنهم !ن الصمود في المنافسة سوف يفوزون، ولكن الأفراد أو الصناعات التي لا تتمتع بالمزايا التي تمكنها من الصمود في المنافسة سوف تخسر، وخصوصا" في المرحلة الانتقالية. ومعظم البلدان النامية مستوردة للأغذية، ولذلك فإن الميزة التنافسية التي تتمتع بها في هذا المجال ضئيلة. وفي البلدان الفائزة، سيكون كبار المزارعين هم الذين يفوزون. أما صغار المزارعين والفلاحين فسوف يخسرون، ويضطرون إلى ترك الزراعة والنزوح الى المدن ليعيشوا في المناطق العشوائية. وتقول إحدى النظريات ان المستوى العام للرفاهية سوف يرتفع 4 ومع   ذلك فإن هذا المستوى العام يجمع بين الخاسرين والفائزين، فالفقراء يخسرون بينما يفوز الأغنياء. وهذا هو قانون المنافسة الذي يتسم بالقسوة، ولابد من وجود شكل من اشكال التعويض، سواء في داخل البلد أو فيما بين البلدان.

 

مناقشة

 

أسئلة موجهة إبى بروفيسور Ogha : طلب كثيرمن المتحدثين من بروفيسو Ogha  أن يوضح ما يعنيه بالفائزين والخاسرين في نظام التجارة الحرة، وضرورة التعويض على المستوى القطري والمستوى الدولي، ودور المنافسة في الزراعة.

 

جواب : فيما يتعلق ب "المنافسة" في الزراعة، هناك قضيتان. ففي المفاوضات التجارية، تكمن المشكلة في تسوية أرض الملعب، ومع ذلك فحتى إذا كانت أرض الملعب مستوية، فإن المنافسة ذاتها تؤدي إلى المكسب والخسارة. وبهذا المعنى ينبغي ان تكون المنافسة على مائدة المفاوضات. اما قضية التعويض، فينبغي التعامل معها على المستوى المحلي والمستوى الدولي. وهي تتضمن، عموما، على المستوى المحلي عملية سياسية للتفاوض بين المجموعات صاحبة المصلحة. وعادة، يكون التعويض عن طريق اعتمادات ترصد في الميزانية لتعويض المتضررين على شكل إعانات وما إلى ذلك، ورغم وجود بعض برامج التعويض في صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسسات، فإن هذه البرامج شديدة الضعف ومن اللازم تصحيح هذه الأوضاع ليس من خلال المفاوضات التي ستجري في إطار منظمة التجارة العالمية فحسب بل كذلك من خلال وضع خطة تعويض دولية. وعندما جرت المفاوضات بشأن النظام المعمم للأفضليات، كان المقصود منه في الأصل هو توفير معاملة خاصة للبلدان النامية- اي شكل من أشكال التعويض. سؤال موجه إلى السيد :  أعرب السيد Boonekamp  عن ثقته في أن الطلب سيبدأ في التزايد مرة أخرى وأن الأسعار الزراعية سوف تتحسن. وخلص بروفيسور Ogha الى أن الصعوبات المرتبطة بجانب العرض (الإنتاج/ التكنولوجيا) قد تسفر عن زيادة أكثر حدة في الأسعار. وهذا يثير نوعا" من القضايا التي نميل إلى اغفالها في مناقشاتنا؛ أي: ماذا يحدث عندما ترتفع الأسعار؟ الجواب على ذلك هو أن كثيرا" من الخسائر يمكن أن تحدث. كذلك، ماذا تفعل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فيما يتعلق بقضية البحوث؟ فالبحوث الزراعية الممولة من الاعتمادات العامة في تناقص في كل مكان. فهل لدى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أو أي جهة أخرى، ما يمكن أن تقدمه في هذا المجال؟

 

جواب: هناك طرق مختلفة للنظر إلى قضية الأسعار. والطريقة التي نتفق عليها هي أن حدوث انخفاض في الأسعار في وقت معين يعد علامة على رد فعل من جانب السوق، بدرجة ما على الأقل، على حدوث زيادة في العرض، وهكذا فبعد فترة للتكيف أو توفيق الأوضاع سوف تبتعد الموارد الزائدة عن بعض مجالات الإنتاج وسوف تنتعش الأسواق. وبهذا المعنى، يعد انخفاض الأسعار علامة على أن السوق تؤدي دورها بشكل أفضل. وبهذا عادت الأسعار الى الارتفاع في المستقبل، فلا شك في أن ذلك سيكون أمرا" سيئا بالنسبة للمستهلكين ولكنه قد لا يكون سيئا" بنفس القدر للمنتجين، ولاسيما إذا نحن انتقلنا الى أوضاع تقوم على مزيد من التوسع على المستوى العالمي في تخصيص الموارد بما يتفق مع توجهات السوق، لأن حدوث زيادة في الأسعار سيغري على تخصيص موارد إضافية للإنتاج. وفيما يتعلق بموقف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من البحوث الزراعية، فنحن لسنا جامعة أو معهد للبحوث. ومع ذلك فإن البحوث التطبيقية التي نجريها هي من قبيل البحوث الممولة من الاعتمادات العامة ومن الواضح ان المجالات التي نتناولها تتصل بالسياسات الزراعية وتأثيرها على الأسواق والتجارة. أسئلة موجهة إلى بروفيسور Parikh :  أثيرعدد من الأسئلة فيما يتعلق بتأثيرتحرير التجارة على الأسعار الزراعية، وخصوصا" فيما يتصل بالعلاقة بين الإعانات الزراعية، والتجديدات التكنولوجية ونقل التكنولوجيا، واستجابة العرض والأسعار. وسئل السيدParikh بصفة خاصة عما اذا كان يوافق على أن ارتفاع الأسعار نتيجة لوقف الدعم سوف يؤدي إلى تحفيز الإنتاج مما سيؤدي، بدوره، الى انخفاض الأسعار.

 

جواب: الصحيح هو أنك إذا رفعت أسعار الأغذية فإن الفقراء سوف يعانون، ولكن ارتفاع أسعار الأغذية يؤدي أيضا" الى تحفيز الإنتاج. فهل ستنخفض اسعار الأغذية حينئذ، وبذلك يستفيد المستهلكون الفقراء؟ لقد أجرينا بعض دراسات المحاكاة من هذا النوع، ولكن حتى بعد مرور عشر سنوات كانت أسعار الأغذية خلالها مرتفعة، بقي المستهلكون في كثير البلدان النامية على حالهم بل وازدادت أوضاعهم سوءا". ورغم أن استجابة العرض بالنسبة لمحصول معين قد تكون عالية جدا" فإن هذه الاستجابة في القطاع الزراعي ككل تكون محدودة نوعا" ما. فمن الممكن أن تنتج مزيدا" من القمح بتحويل الأراضي من زراعة الذرة إلى زراعة القمح، ولكنك لا تستطيع أن تتوسع في زراعة القمح والذرة وجميع المحاصيل الأخرى في نفس الوقت بنفس المعدل. وهكذا، فنظرا لأن الاستجابة الكلية من جانب لعرض شبه معدومة، فإن الناتج المحلي الإجمالي للزراعة يرتفع ولكن المستهلكين تستمر معاناتهم حتى بعد عشر سنوات من ارتفاع الأسعار.

سؤل موجه إلى السيد  Boonekamp : إن المنظورمتوسط الأجل الذي يقوم على خمس سنوات لا يكفي لتقييم أثر السياسات. فهناك عوامل كثيرة تؤثر في المدي الطويل على الإمكانيات الإنتاجية العالمية، مثل تغير المناخ، ونقص المياه، والاهتمامات البيئية في البلدان المختلفة. فهل لديك ما يمكن أن تقوله في هذا الشأن؟

 

جواب : انني لا أوافق على ان التقييم متوسط الأجل لا يعد مفيدا في تحليل السياسات. فرغم أن من المؤكد أن هناك سياسات أو تغيرات سياسية تستغرق وقتا طويلا" قبل ان تنضج أو قبل أن يترتب عليها تأثير، فمن المؤكد أن هناك سياسات تؤثر تأثيرا مباشرا" على العرض الزراعي الذي يحقق بدورة تأثيرات تكاد تكون فورية. ونحن نعتقد أن نموذج التوقعات متوسطة الأجل الذي يستند إلى فترة أساس معينة يعد مفيدا جدا" في تحليل الآثار التي يمكن أن تحدث خلال أربع، أو خمس او ست سنوات من تغيير السياسات الزراعية وفي تحليل تأثيرها المباشر على القطاع الزراعي.

 

أسئلة موجهة إلى السيد Diaz-Bonilla- : إلى اي مدى تعتقد أن تحرير التجارة يصل تأثيره بالتدريج إلى المستهلكين؟ أم أن الوسطاء هم الذين سيمتصون هذه المكاسب بكل بساطة؟ ان اتفاقية الزراعة قد لا تمثل قيدا" على السياسات الزراعية الجيدة، ولكن هل هي تؤدي إلى تقييد السياسات التي تؤدي إلى تشويه التجارة؟

 

جواب: أوافق على أنك الاقتصاد والقطاع الزراعي يمكن تحريرهما بالكامل، ولكن الأسعار قد لا تنخفض بالنسبة للمستهلكين نظرا" للهياكل الاحتكارية التي تقوم عليها السوق. وعندئذ لا تكون القضية قضية تجارة بل قضية سياسات داخلية، وكيف يمكن فرض سياسة المنافسة على السوق المحلية.

 

وفي الحقيقة فإن اتفاقية الزراعة تسمح بالسياسات التي تؤدي إلى تشويه التجارة. وأنظر إلى "الصندوق الأزرق " وبعض اشكال مقياس الدعم الإجمالي التي احتفظت البلدان المتقدة بها لنفسها. ولذلك، فمن المهم استكمال عملية إصلاح القطاع الزراعي في نطاق منظمة التجارة العالمية.

 

(1) السيد ، المدير العام المساعد، مصلحة الشئون الاقتصادية والاجتماعية، منظمة الأغذية والزراعة.

(2) سعا دة (تنزا نيا).

(3) مستشار منظمة التجارة العالمية.

(4) رئيس وحدة الدراسات المنظورية العالمية سابقا"، منظمة الأغذية والزراعة.

(5) رئيس قمسم التجارة والأسواق، إدارة الأغذية والزراعة ومصايد الأسماك، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

(6) المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية

(7) أستاذ، مدرسة الدراسات العليا في العلوم الزراعية وعلوم الحياة، جامعة طوكيو.

 

 

الصفحة السابقةأعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة