الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة المقبلة

 

حكاية الطفل مومبا

أوردت "حالة انعدام الأمن الغذائي في العالم لعام 2000" فكرة عن النظام الغذائي للطفل مومبا ذي السبع سنوات الذي يعيش مع أسرته في وادي لوابولا بزامبيا. ومنذ ذلك الوقت تحسنت حالة الأمن الغذائي والتغذية على مستوى الأسرة في تلك المنطقة تحسنا كبيرا بفضل مشروع تنفذه منظمة الأغذية والزراعة. ففي يناير/ كانون الثانى 1997، بدأت منظمة الأغذية والزراعة وحكومة زامبيا في تنفيذ مشروع متكامل مدته خمس سنوات لتحسين الأمن الغذائي والتغذية على مستوى الأسرة في وادي لوابولا. وينفذ هذا المشروع بتمويل من صندوق البقاء على قيد الحياة في بلجيكا. وعلى الرغم من الجهود التي بذلت لتنمية الزرا عة والبنية الأساسية والخدمات المجتمعية، ظلت ولاية لوابولا من أشد مناطق زامبيا فقرا. فالكثير من الأسر كان يعاني انعدام الأمن الغذائي المزمن، كما كانت نسبة كبيرة من السكان معرضة لنقص التغذية. وقد كان لذلك تأثيرات شديدة على صحة الأطفال. ففي عام 1997، كان 59 في المائة من الأطفال دون الخامسة يعانون توقف النمو و 3 في المائة يعانون الهزال و 29 في المائة نقص الوزن.

كما تنتشرأمراض نقص المغذيات الدقيقة وخاصة نقص فيتامين ألف وفقر الدم الناتج عن نقص الحديد، حيث كان 50 في المائة من الأطفال دون الخامسة يعانون نقصا متوسطا إلى طفيف من الريتونول المصلى و 76 في المائة يعانون فقر الدم.

وترتفع معدلات سوء التغذية في موسم الأمطار نتيجة لنقص الإمدادات من بعض الأغذية الأساسية، مثل الكسافا والذرة في ذلك الوقت، وارتفاع الإصابة بالملاريا والإسهال. ونظرا لاستغراق الأمهات بشدة في الأعمال الزراعية، فإنهن لا يجدن الوقت اللازم لرعاية أطفالهن وتغذيتهم بصورة ملائمة.

ولا تملك غالبية الأسر الفقيرة أراض زراعية كافية أو معدات للصيد، ناهيك عن الدخل النقدي والافتقار إلى الخدمات الإرشادية والزراعية والصحية. ولم يكن لدى أسر كثيرة منخفضة الدخل القدرة على إرسال أطفالها إلى المدارس.

زيادة غلات المحاصيل الغذائية الأساسية حصلت أسرة مومبا، في إطار هذا المشروع، على شتلات خالية من الأمراض لنوع من الكسافا ينضج خلال ثمانية عشر شهرا بدلا من ستة وثلاثين شهرا تتطلبها الأصناف المحلية. كما حصلت هذه الأسرة على بذور أصناف من الفول السوداني ينتج غلات أعلى من الأصناف التقليدية. وخلال الموسم الأخير، زاد إنتاج المحصولين وتمكنت الأسرة من الاحتفاظ بكمية كافية من مواد الغرس والبذور الجيدة للموسم التالي. وأصبح المحصول الآن يكفي الإستهلاك المنزلي طوال العام مع توافر فوائض صغيرة للبيع في السوق المحلية. وقد مكنت العائدات والدي مومبا من شراء بعض السلع الأخرى وسداد الرسوم المدرسية والمصاريف الطبية التي لم تكن في مقدورهما في السابق.

مصدرجديد لفيتامين (أ)

ويشارك والدا مومبا في مجموعة للجهود الذاتية قامت بشراء شتلات عالية الغلة من نخيل زيت التنيرا المقاوم للبرد مستوردة من كوستاريكا واستزرعت في المشاتل المحلية بواسطة وزارة الزراعة. وقد بدأت العناقيد الأولى من الثمار في النمو على الأشجار التي غرست على جانبي الأراضي الغدقة، حيث تتوافر المياه طوال العام بما يكفي لنمو الأشجار وطرح الثمار. وتنتظر النساء العضوات في مجموعة الجهود الذاتية بشغف بدأ تصنيع الثمار من الأشجار الجديدة التي تحتوي على زيوت تقرب من ضعف ما تقدمه الأنواع المحلية.

وقد تعلمت المجموعة بالفعل الكثيرعن التقنيات المحسنة لتصنيع ثمار النخيل بعد جمعها مباشرة. فعلاوة على أن هذه التقنيات أقل صعوبة في العمل وأقل استهلاكا للوقت، فإنها تمنع التخمر الذي يعطي للزيت مذاقا قويا غير مرغوب في لوابولا. وفي نهاية العملية، يضاف الملح المذاب في المياه الأمر الذي يحسن من المذاق ويطيل من العمر التخزيني للزيت. ويجري تجريد الزيت من الرطوبة قبيل تخزينه نظرا لأن أي رطوبة تترك فيه تؤدي إلى تلفه بسرعة. والتخزين في عبوات نظيفة وفي أماكن باردة مظلمة، يجعل الزيت دائما شديد الحمرة ومصدرا ممتازا لفيتامين ألف فضلا عن احتفاظه برائحة ومذاق أفضل من ذلك الذي كان ينتج باستخدام طرق التصنيع التقليدية.

إمدادات من الخضرطوال العام

وبدأ والد مومبا وغيره من المزارعين يزرعون الخضر في الموسم الجاف على رقع قريبة من الأراضي الغدقة. ويعمل هؤلاء كمجموعة. وقد تم تدريبهم على استخدام المضخات العاملة بالأقدام للري بمياه من الآبار الضحلة أو بصورة مباشرة من البحيرة القريبة. وهم يزرعون الآن مجموعة من الخضر كانت لا تتوافر في السابق إلا خلال موسم الأمطار، بما في ذلك نباتات الأمارانات وأوراق الكوسه والباميه والباذنجان الأفريقى فضلا عن بعض الخضر الأجنبية مثل اللفت والكرنب والطماطم والبصل. وتتوافر الآن الخضر الطازجة طوال العام وأصبحت تثري النظام الغذائي للأسرة بالمغذيات الدقيقة فضلا عن كونها مصدرا جيدا للدخل.

طرق افضل لخفض وتخزين الاغذية

أدت البيانات العملية والمناقشات مع المرشد الزراعي إلى اكساب الأسر مهارات جديدة في مجال حفظ وتخزين محاصيلها. وقد قامت مجموعة الجهود الذاتية، التي تنتمي إليها والدة مومبا، بإقامة صومعة تخزين محسنة. وأصبحت البذور المخزنة من الذرة والفول السوداني والفاصوليا تحظى بحماية أفضل من القوارض والحشرات والعفن وغير ذلك من الآفات. ولم تعد الأسرة تحتاج إلى بيع جميع منتجاتها فورا بعد الحصاد (عندما تكون الأسعار في أدنى مستوياتها) خوفا من الخسائر، ناهيك عن الاحتفاظ بأغذية كافية لتلبية احتياجاتها خلال موسم "الجوع ". كما تعلمت والدة مومبا الطرق المحسنة لتجفيف الخضر والفاكهة، مثل المانجو، التي تتوافر بكميات كبيرة خلال موسم الأمطار ويمكن أن تتلف بدون هذه العملية. ويساعد مجفف شمسي بسيط، أقيم بمواد متوافرة محليا، في تجفيف الفاكهة بوتيرة أسرع ومن ثم الإحتفاظ بقدر أكبر من فيتامين ألف.

 

التوعية الغذائية وأثرها

وشاركت أم مومبا ووالده في بيانات عملية عن الطهي ودورات في التوعية التغذوية نظمها المرشدون الزراعيون ومرشدو الصحة المجتمعية. ولقد تعلما مدى أهمية أن يتناول الطفل مجموعة كبيرة من الأغذية من المحاصيل المزروعة والنباتات التي تم تجميعها من البرارى بما يضمن له النمو العقلي والجسمي. كما تعلما أهمية إدراج الأسماك واللحوم في وجبات الأسرة وخاصة للأطفال الذين يحتاجون إلى قدر أكبر من البروتين والطاقة والحديد والفيتامينات لتحقيق النمو. وأصبحا يفهمان الآن أن الخضر المحلية ليست طعاما للفقير فحسب بل إنها مصدرا جيدا ورخيصا للمغذيات الأساسية. فعندما يتم طهي الخضر بزيت النخيل أو بفول السوداني الغني بالزيت، فإنها تضيف قيمة تغذوية وتنوع من النظام الغذائي وتساعد في المحافظة على حالة من التغذية الجيدة والصحة السليمة للأطفال والبالغين.

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة