تروندهايم، النرويج،-المرفق دال

Previous PageTable of ContentsNext Page


المرفق دال

البيان الافتتاحي لممثل المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

المندوبون والمراقبون الكرام، أصحاب المعالي والسعادة، سيداتي سادتي،


يسعدني أن أرحب بكم، نيابة عن السيد جاك ضيوف، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة إلى هذه الدورة الثانية للجنة الفرعية المختصة بتربية الأحياء المائية التابعة للجنة مصايد الأسماك.

وبداية، أود أن أغتنم هذه الفرصة لأعرب عن عظيم امتنان المنظمة لحكومة النرويج لاستضافتها هذا الاجتماع ولما قدمته من دعم سخيّ، وكذلك لدعمها المادي الذي يسَّر مشاركة الكثير من البلدان النامية. فالشكر لكم نيابة عنه.

إن تربية الأحياء المائية، وهي أسرع قطاع لإنتاج الأغذية في العالم نموا، هي قطاع بالغ التنوع، يضم طائفة واسعة من الأنواع والنظم والعمليات والممارسات. وجُلّ هذا الإنتاج مصدره الأشكال الأكثر تكثيفا من تربية الأحياء المائية في بلدان العالم النامي، التي توفر سبل المعيشة للمجتمعات المحلية الفقيرة.

وممارسات تربية الأحياء المائية الموجهة للصادرات تدّر النقد الأجنبي، وتولّد العائدات وفرص العمل فى البلدان النامية والمتقدمة معا. وفي نقطة الالتقاء بين المصايد الطبيعية وتربية الأحياء المائية، تقوم مصايد التربية التي توّفر فرصا هامة للسكان الذين تنقصهم الموارد، في حين توفر التربية المرتكزة على المصايد الطبيعية، والتي تمثل الوجه الأكثر حداثة لهذا القطاع، الفرص لزيادة الإنتاج المستدام من الكثير من الأنواع الهامة ذات القيمة العالية.

وخلال العقود الثلاثة الأخيرة، توسعت تربية الأحياء المائية وتنوعت وتكثّفت وحققت إنجازات تقنية هامة، كما من المنتظر لها، في ظل ركود المصايد الطبيعية، أن تسد الفجوة المتزايدة بين العرض الذي تقيده الاعتبارات الايكولوجية، والطلب البشري المتصاعد دائما. وهناك اعتراف واسع بإمكانيات تربية الأحياء المائية في زيادة الأمن الغذائي المحلي، تخفيف وطأة الفقر، تحسين سبل المعيشة في الريف وتوليد النقد الأجنبي، كما هناك اعتراف بالأخطار المحتملة التي تنطوي عليها التنمية الجامحة. ولعل إنشاء هذه اللجنة الفرعية هو أهم اعتراف بهذه القضية.


سيداتي سادتي،

يظل الجوع وسوء التغذية من بين المشاكل الأكثر خطرا التي يواجهها فقراء العالم، بما يمثل خرقا للحق الإنساني الأساسي في غذاء كاف، في عالم يتمتع بالموارد والمعارف لوضع نهاية لهذه المثالب. وهناك 840 مليون شخص يبيتون على جوع عادة، كما أن من بين 11 مليونا من الأطفال دون الخامسة الذين يموتون كل سنة هناك نحو 6 ملايين يموتون جرّاء سوء التغذية والأمراض المرتبطة بالجوع.

وقادة العالم الذين صاغوا إعلان روما في مؤتمر القمة العالمي للأغذية عام 1996، تعهدوا بخفض عدد الجياع في العالم إلى النصف بحلول عام 2015. واجتمعوا مرة ثانية عام 2002 في مؤتمر القمة العالمي للأغذية: خمس سنوات بعد الانعقاد لتجديد الالتزامات العالمية ولاستعراض التقدم الذي اعتبروه غير كاف.

والتحدي من ثم هو تعجيل وتيرة إنتاج المزيد من الأغذية وتحسين فرص الأشد فقرا والأفراد والمجموعات الأشد حرمانا في الحصول عليها بصورة مقبولة اجتماعيا ومستدامة من الوجهة البيئية.

ولتربية الأحياء المائية دور هام تقوم به. وهناك منافع هائلة مرتبطة باستهلاك الأسماك. فالأسماك تحظى بإقبال كبير لقيمتها التغذوية، كما أنها مصدر ممتاز للبروتين الحيواني العالي الجودة. والأسماك الدهنية على وجه الخصوص، غنية للغاية بالأحماض الدهنية المشبعة Omega 3، والفيتامينات والأملاح القابلة للذوبان في الدهون والماء.

لئن كانت معرفتنا في الوقت الحاضر تشير إلى أن نصيب الفرد من استهلاك الأسماك على الصعيد العالمي سيزيد، في الأرجح، على مرور الزمن، من نحو 16 كلغم في اليوم إلى نحو 20 كلغم في عام 2030، ففي اعتقادنا أيضا أن الأوضاع الإقليمية ستتفاوت تفاوتا شديدا. ففي جنوب آسيا وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي والصين، قد تتحقق زيادات كبيرة. وفي أقاليم أخرى، لربما شهد نصيب الفرد من الاستهلاك ركودا، بل وانخفاضا، نظرا للزيادة السريعة في عدد السكان، والنمو البطئ لنصيب الفرد من الدخل، والزيادة غير الكافية في الإنتاج وقصور التجارة وتدهور البيئة وغيرها. وفي عصر العولمة وتحرير التجارة، فإن حركة انتقال السلع والخدمات ورأس المال والأفكار والتقانة تصاعدت بصورة كبيرة. بيد أنه، في ذات الوقت، فإن الأخطار الناشئة من نقل الأنواع المائية وانتشار الأمراض في تصاعد،مضيفة بذلك إلى أخطار حدوث تدهور البيئة والتلوث.

إن دور القطاع الخاص دور أساسي. والاستثمار عادة تجذبه البيئة السياسية والمؤسسية المستقرة والموثوق بها، بما في ذلك نظم قانونية متينة تدعم التنافس العادل. وحيثما أخفقت التنمية الريفية في تهيئة بيئة السياسات وتطوير المهارات لاستغلال الفرص العالمية، فإن تربية الأحياء المائية، مثلها مثل القطاعات الفرعية الأخرى قد تتراجع أو تتوقف عن النمو.

وبالتالي فإن الإمكانيات التي تتيحها تربية الأحياء المائية لا بد من تنميتها الكاملة في ظل بيئة مواتية ضمن إطار واسع من السياسات الإنمائية القطرية الزراعية والريفية والساحلية، مما يعزز من التعاون الإقليمي والدولي.

وهذا المنتدى يوفر فرصة فريدة لحوار سياسات متواصل بناء وواضح على المستوى العالمي، تدعمه معلومات علمية وفنية وافية ويستوعب حقائق الواقع الاجتماعي والاقتصادي المختلفة. وتقع على عاتقه مسؤولية تحديد القضايا الكبرى والتحاور بشأنها وإصدار توصيات واقعية ذات توجه عملي للجنة مصايد الأسماك في المنظمة.

وكانت الدورة الأولى للجنة الفرعية المختصة بتربية الأحياء المائية التي عقدت في بيجينغ، الصين خلال أبريل/نيسان من العام الماضي، قد طرحت عددا من التوصيات بشأن مزيد من تنمية وإدارة تربية الأحياء المائية على أسس مستدامة، وحددت بعض مجالات العمل العريضة ذات الأولوية. ونجتمع هنا اليوم لنناقش بصراحة ونتداول بروح ناقدة واتخاذ القرار بشأن مجالات عمل محددة، التي نعتقد أن أوانها قد آن وأنها هامة لتنمية الأحياء المائية على الصعيد العالمي.

ومعظم القضايا التي تعني تربية الأحياء المائية هي ذات طابع عالمي وواسعة النطاق، ولكن الأولويات التي أسندت إليها قد تتفاوت ما بين إقليم وإقليم وما بين البلدان. وبعض هذه القضايا قد يكون حساسا بعض الشئ ويتطلب تأملا متأنيا ومناقشات حصيفة. وبعضها الآخر قد يحتاج إلى أسانيد علمية إضافية ينبني عليها اتخاذ القرار. وهي قد ترتبط بأفضل التقانات والممارسات، سياسات التنمية، جودة وسلامة المنتوجات، لوائح الاستيراد، الأمراض الوبائية أو إدخال العوامل الممرضة أو الأنواع الغازية. ومهما تكن الأولويات القطرية، فإن الهدف النهائي للجنة الفرعية هو ضمان أن تنجز تنمية هذا القطاع الهام على نحو مستدام ورشيد ومتكافئ، تكون حصيلته منتوجات مغذية وزهيدة الأسعار ومقبولة ومأمونة كطعام وميسورة لجميع قطاعات المجتمع.


سيداتي سادتي،

على الرغم من أن معظم ممارسات تربية الأحياء المائية في كافة أجزاء العالم قد طُبقت على نحو أسفر عن منافع اجتماعية واقتصادية وتغذوية هامة، وبأقل قدر من التكاليف البيئية التي يتعذر تغيير مسارها، فإن القطاع ظل أيضا محور اهتمام متواصل من عامة الجمهور وموضع المناقشات المتعلقة بالتأثيرات البيئية والاجتماعية السلبية في بعض نواحي هذا النشاط. ولا يمكننا أن نتغافل عن هذه المشكلة لأننا نعلم تماما أنها مشكلة حقيقية. كما أننا نعلم أن معظم هذه المشكلات تنبع من أطر تنظيمية ضعيفة وتنمية سريعة بأكثر مما يجب ترتبط بالإمكانيات التجارية الكبيرة لبعض الأنواع ذات القيمة العالية. وبالتالي ينبغي أن يكون التركيز على تحسين فهم التأثيرات والأسباب الحقيقية، ولتحديد سبل العلاج والاتفاق على عمل جماعي وتدابير رشيدة لتحسين القطاع.

وتحقيقا لهذه الغاية، فإن مدونة السلوك بشأن الصيد الرشيد الصادرة عن المنظمة، والتي أقرتها الدورة الخامسة والعشرون لمؤتمر المنظمة عام 1995، أكدت الفرص العديدة والتحديات التي ينبغي مواجهتها. وعمل اللجنة الفرعية يهتدي بالمدونة ويرمي إلى تيسير تنفيذ الأحكام ذات الصلة منها.

ولا يخالجني شك أن حصيلة اجتماعكم ستساهم في إرساء إطار سليم للتنمية والإدارة الرشيدين لتربية الأحياء المائية. والشكر لكم على حسن إصغائكم متمنيا لكم التوفيق في اجتماعكم.


Previous Page Top of Page Next Page