الصفحة السابقةبيان المحتوياتالصفحة التالية

نحو الوفاء بإلتزمات مؤتمر القمة العالمي للأغذية

العمل من أجل محاربة الجوع

"الثورة البيضاء" في الهند

حقق النمو السريع والمستمر في قطاع الألبان بالهند قفزة كبيرة في مجال تخفيف حدة الفقر وتحسين التغذية حتى أصبح يطلق عليه "الثورة البيضاء". فقد ارتفع إنتاج الألبان في الهند من أقل من 30 مليون طن في عام 1980 إلى نحو 87 مليون طن فى عام2003 (أنظر الرسم البيانى).

وتعتبر الهند الآن من أكبر منتجي الألبان في العالم. فبرغم النمو السكاني السريع، زادت حصة الفرد اليومية من أقل من 50 سعرا حراريا في عام 1980 إلى80 سعرا حراريا في عام 2000. وتمثل زيادة الألبان تحسنا" مهما" في التغذية، خاصة في بلد يعتبر الكثيرمن السكان فيه من النباتيين ويعتمدون على منتجات الألبان في الحصول على معظم ما يحتاجون إليه من البروتين الحيواني. وساعد إنتاج الألبان على زيادة دخول ما بين 80 و100 مليون أسرة والغالبية الساحقة من هذه الأسر من المزارعين الهامشيين وصغار المزارعين الذين تقل حيازاتهم في الغالب عن تلبية المطالب المعيشية لأسرهم، ومن العمال غير المالكين للأراضي الذين يعتمدون على أراضي الرعي المشتركة وعلى الغابات للحصول على الأعلاف. ويتم إنتاج أكثر من 70 في المائة من اللبن في الهند بواسطة الأسر التي تمتلك رأسا أو اكثر من حيوانات الألبان. ويوفر إنتاج الألبان نحو ربع دخل الأسر الريفية في المتوسط ولكنه أهم من ذلك بكثير بالنسبة للفقراء والنساء ممن يقومون بأكثر من 90 في المائة من الأنشطة المتصلة برعاية حيوانات الألبان وإدارتها. ويمثل إنتاج الألبان في الأسر غير المالكة للأراضي اكثر من نصف دخل الأسرة مقارنة بأقل من 20 في المائة بالنسبة لكبار المزارعين. وقد تمثل العنصر الرئيسي بالنسبة لصغار منتجي الألبان والثورة البيضاء في الهند في نمو شبكة واسعة من تعاونيات الألبان. فقد بدا النهج التعاوني بنجاح كمبادرة محلية في مدينة أناند بولاية كوجارات منذ أكثر من نصف قرن. ومنذ عام 1970، تكررت هذه المبادرة في جميع أنحاء الهند عن طريق برنامج من ثلاث مراحل يعرف باسم "عملية الفيضان" وذلك بدعم من الحكومة الهندية واتحاد الألبان في أناند ومنظمة الأغذية والزراعة والبنك الدولي. ومع حلول عام 2002، كان أكثر من 11,2مليون أسرة يشاركون في 101000 جمعية تعاونية قروية للألبان (أنظر الرسم البياني).

وقد زادت أهمية منتجات الألبان في الوجبة الغذائية الهندية مع زيادة إنتاج الألبان والدخول. ففي الفترة ما بين عام 1970 وعام2000زادت نسبة الإنفاق الغذائي الكلى على الألبان ومنتجات الألبان في المناطق الريفية من 10 في المائة إلى 15 في المائة. ومع أن "عملية الفيضان " قد وصلت إلى نهايتها، فمن المتوقع أن يزداد إنتاج الألبان في الهند ثلاثة أضعاف بحلول عام 2020. ومع وجود السياسات الحكومية التي تسهل القروض الريفية وتوفر خدمات الدعم الأساسية لتشجيع الأسر الريفية الفقيرة على إنتاج الألبان، سوف تواصل الثورة البيضاء القيام بدور كبير في خفض الفقر والجوع في الهند.

 دعم الحق في المكاسب الغذائية

بعد اكثر من عام من العمل، من المتوقع أن ينتهي فريق عمل حكومي دولي من وضع مجموعة مبادئ توجيهية طوعية بشأن تطبيق مبدأ الحق في الغذاء الكافى في وقت يسمع بتقديم هذه المبادئ إلى دورة لجنة الأمن الغذائي العالمي التابعة للمنظمة في سبتمبر/ أيلول 2004. وسوف تستخدم المبادئ التوجيهية كأداة عملية في الجهود القطرية لتطبيق الحق في الغذاء وفى الوقت نفسه، اتجهت بلدان كثيرة نحو اتخاذ تدابير خاصة لتحويل الحق في الغذاء من بيان مبادئ إلى حق قابل للتطبيق. وتعد جنوب أفريقيا من أكثر البلدان تقدما" في هذا المجال. فالحق في الغذاء يكفله دستور ما بعد الفصل العنصري الذي اعتمد في عام 1996، والذي يفرض التزاما" على الدولة بضمان حصول كل فرد على الغذاء الكافى فى جميع الأوقإت. وقد اتخذت حكومة جنوب أفريقيا مزيدا من الخطوات نحو توضيح هذا الالتزام وتحقيقه عن طريق صياغة تشريع شامل بشأن القضايا الغذائية، على شكل مشروع قانون للأمن الغذائى القطري. وقد طورت كل من الهند وأوغندا أيضا" في الفترة الأخيرة الحق في الغذاء من مجرد مبدأ توجيهي إلى حق "له ما يبرره " من الناحية القانونية.

وفي الهند، نجحت المنظمات غير الحكومية في عرض انتهاكات الحق فى الغذاء امام المحاكم. فقد ادعى الاتحاد الشعبي من أجل الحقوق المدنية، على سبيل المثال، أن النظام العام لتوزيع الأغذية لا يعمل في بعض الأحياء وأنه لم تبذل أي محاولات للوقاية من الوفيات المتعلقة بالجوع. ومع أن المحكمة العليا لم تتوصل بعد إلى حكم نهائى بشأن هذه القضية، فقد أصدرت أوامر مبدئية" توجه الحكومة لتقديم وجبات الغداء في جميع المدارس الابتدائية، وتوفير 35 كيلوغراما من الحبوب شهريا" لخمسة عشر مليون أسرة معدمة، ومضاعقة التمويل لأكبر برنامج للعمل الريفي فى الهند. وقد تكون العمليات القضائية بطيئة ومكلفة. وفي بعض البلدان، تستخدم آليات شبه قضائية للمطالبة بالحق في الغذاء. ففي البرازيل، على سبيل المثال، يستطيع المدعي العام إقامة دعاوى مدنية ضد أي شخص أو كيان، بما في ذلك الأجهزة الحكومية "من أجل حماية الميراث العام والميراث الاجتماعي، وحماية البيئة، وحماية المصالح الجماعية الأخرى المنتشرة". ومنذ أن دعا دستور عام1988 بتوسيع نطاق هذه "الدعاوى المدنية العامة"، استخدم المدعي العام هذه الدعاوى بشكل متزايد فى الدفاع عن حقوق من قبيل الحق في الغذاء الذي يمكن استنتاجه من الحق الدستوري في "التعليم والصحة والعمل والترفيه والأمن والرعاية الاجتماعية وحماية الأمومة والطفولة". والواقع انه تبين من استقصاء للمواقف فيما بين المدعين العموميين أنهم يعتقدون أن باستطاعة الادعاء العام أن يسهم بقدر أكبر من أي مؤسسة أخرى أو قطاع آخر في توسيع وتعزيز مثل هذه "الحقوق الفردية والجما عية" (أنظر الرسم البياني).

إنجازات فرقة العمل المعنية بالجوع

 تعهد كل من الأهداف الإنمائية للألفية التابعة للأمم المتحدة وإعلان روما الذي وافق عليه رؤساء دول وحكومات خلال مؤتمر القمة العالمي للأغذية بخفض عدد الجوعى إلى النصف بحلول عام 2015. وقد أنشأ مشروع الالفية التابع للأمم المتحدة فرقة عمل معنية بالجوع لتشجيع العمل المباشر نحو تحقيق هذا الهدف. وتضم فرقة العمل خبراء في التغذية والزراعة والاستدامة البيئية والبحوث وبناء القدرات والأعمال والاتصالات جاءوا من طائفة واسعة من المؤسسات العامة والخاصة. وأجرت فرقة العمل بحثا" لكي تحدد بصورة أكثر دقة من هم السكان الجائعون وأين يوجدون. ووضعت مجموعة من الخرائط تبين "مناطق الجوع الساخنة" فى العالم واستخدمت هذه الخرائط فى المساعدة على تحديد النماذج العامة للجوع. وبناء على المعلومات المتاحة، انتهت فرقة العمل إلى أن نحو نصف سكان العالم الجائعين هم من مجتمعات صغار المزارعين، وأن 20 في المائة هم من السكان الريفيين غير المالكين للأراضي، ونحو 10 في المائة يعيشون في مجتمعات تعتمد في سبل معيشتها على الرعي أو الصيد أو الموارد الحرجية. وتعيش النسبة الباقية وهي 20 في المائة في المدن (أنظر الرسم البياني).

 وداخل هذه المجتمعات، يؤثر الجوع بصورة متفاوتة على الجماعات الأكثر تعرضا بما في ذلك الأطفال دون سن الخامسة، والنساء في سن الحملة وأمهات الأطفال، والمرضى والعجزة وطالبت فرفة العمل بوضع برامج عاجلة وممولة تمويلا كافيا" لتحسين صحة النساء أثناء الحمل وخدمات التغذية وتوفير الأغذية للمحتاجين. وهى تؤكد أيضا" الحاجة إلى تجديد وزيادة الدعم لصغار المزارعين، مع إيلاء اهتمام خاص لتحسين خصوبة التربة، وإدارة المياه وتوفير البذور المحسنة، والاستعادة الكاملة لخدمات الإرشاد الزراعي وتجديدها. وتركزجميع التوصيات الصادرة عن فرقة العمل المعنية بالجوع على الاستثمار لصالح الفقراء والبنية التحتية والخدمات التي يحتاجون إليها للهروب من دائرة الفقر المدقع والجوع. وفي أعقاب الإجراءات المبكرة التي تمت في عدد من البلدان في أفريقيا، تعتزم فرقة العمل وضع بطاقة سعرية للاستثمارات المطلوبة ومطالبة الأمم المتحدة وبلدانها الأعضاء بإتاحة الأموال اللازمة.

دورنظم الأغذية والمجتمعات في التكيف مع الأزمات الطويلة

تأثر أكثر من 45 مليون شخص بأخطر الأزمات الإنسانية التى بلغ عددها 21 أزمة في عام 2003، وقد استمر معظم هذه الأزمات لسنوات كثيرة وغالبا" ما نتجت عن الصراع المسلح، وزادت من تفاقمها حالات الجفاف والفيضانات وآثار وباء الإيدز (أنظر الخريطة).

وتتسبب الأزمات الممتدة في عرقلة إنتاج الأغذية وزعزعة الأمن الغذائي نظرا لأنها تدفع السكان إلى ترك ديارهم عندما تصيب بضرباتها الأسس التي تقوم عليها معيشتهم وتضعف النسيج الاجتماعى للأسر والمجتمعات والبل ان. غير انه كثيرا" ما يبدي المزارعون والمجتمعات مرونة ملحوظة في مواجهة مثل هذه الكوارث. فمع اقتراب أنغولا من نهاية ثلاثة عقود تقريبا" من الحرب الأهلية، على سبيل المثال، أفاد استعراض عام لخيارات الانتعاش الزراعي والتنمية بأن المؤسسات القروية التقليدية في مناطق كثيرة ظلت متماسكة بدرجة كبيرة مما يبين أن هناك قدرة مستمرة على إدارة تخصيص الأراضي ونظم الرعي الصغيرة وفي إحدى المناطق التي مزقتها الحرب في سري لانكا، أظهرت دراسة حالة أن المزارعين فى إحدى قرى التاميل قد أجبروا على ترك زراعة الأرز التقليدية في الأراضي المنخفضة. غير أنهم نجحوا في كسب أموال كبيرة من زراعة المحاصيل التي تروى بمياه الأمطار في التلال القريبة والقيام بأعمال مقابل اجر. ووردت أدلة مماثلة على كل من الدمار وسرعة التكيف في تقارير من بلدان أخرى اجتاحتها الحرب والكوارث الطبيعية ومرض الإيدز وفيروسه. وفي السنوات الأخيرة ازداد الاعتراف بأن الاستجابات للأزمات المزمنة والممتدة يجب أن تتجاوز التعبئة المتكررة للدعم قى حالات الطوارئ عندما تتدهور الأوضاع الإنسانية. وتصبح جهود الاغاثة والتأهيل أكبر فعالية إذا اعتمدت على المرونة بدلا" من الاعتماد بصورة حصرية على توفير المستلزمات الخارجية والتكنولوجيا ودور المؤسسات.

سرعة التكيف والإغاثة والتأهيل

حددت الدراسات عدة عناصر لسرعة تكيف النظم الزراعية والمجتمعات. ففد حققت برامج الإغاثة والتأهيل في حالات الطوارئ نجاحا" ملحوظا" عن طريق الاعتماد على الأسس التالية:

تعزيز التنوع: غالبا" ما تتمكن المجتمعات التي تقوم بزراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل وتربية الحيوانات الزراعية والمشاركة في أنشطة أخرى منتجة للأغذية ومدرة للدخل من التكيف والبقاء عندما يضطرب الانتاج الغذائي والمؤسسات الاجتماعية. ففي غرب السودان المعرض للجفاف، على سبيل المثال، كانت المجتمعات عادة ما تخصص معظم أراضيها للمحاصيل ولم تترك سور مساحة صغيرة منها لرعي الحيوانات والآن تحقق القطعان من الأغذية والدخل ما يساعدها على تجاوزتلك السنوات التي تكررفيها دمار المحاصيل بسبب الجفاف. ولتحسين قدرتها على مواجهة الأزمات المتكررة والمستمرة اعتمد مشروع على هذا التنوع عن طريق تشجيع تحويل الموارد من زراعة المحاصيل إلى الرعى. وفي نهاية المشروع، زادت نسبة الأراضي المخصصة للرعي من أقل من 30 في المائة إلى أكثر من 80 في المائة (أنظر الرسم البياني ). وقد صاحب التحول في استخدام الأراضي طائفة واسعة من الأنشطة الأخرى، من بينها تأهيل المراعي، وتحسين فرص الوصول إلى الائتمانات والخدمات البيطرية المحسنة، وكلها ساعد على زيادة التنوع وزيادة المرونة وتحسين الأمن الغذائي.

 دعم المؤسسات المحلية: أثناء الأزمات الممتدة غالبا" ما تنهار المؤسسات الحكومية ومؤسسات السوق، تاركة المجتمعات لكي تواجه مصيرها بنفسها. وغالبا" ما يتوقف نجاحها فى القيام بذلك على قوة ومهونة شبكات الدعم التقليدية والمجتمعات المحلية. وكان هناك اعتراف بأن أسواق البذور المحلية تعد من المؤسسات التي تضفي مزيدا" من المرونة أثناء الأزمات وفي مرحلة التأهيل بعد ذلك. ووجدت الوكالات المعنية بالإغاثة فى حالات الطوارئ أن تقديم بطاقات يمكن استخدامها في الشراء من أسواق البذور المحلية يعد أكثر فاعلية من توزيع البذور المشتراة من أسواق تجارية. فأسواق البذور تتيح للمزارعين الوصول إلى مجال أوسع لاختيار المحاصيل والسلالات الملائمة للظروف المحلية. ففي أسواق البذور التي نظمتها خدمات الإغاثة الكاثوليكية فى خمسة بلدان بشرق أفريقيا، على سبيل المثال، تمكن المزارعون من استبدال بطاقاتهم بسبعة محاصيل مختلفة في المتوسط ونحو عشر سلالات من كل محصول. وفضلا عن هذا، نظرا لأن أموال المشروع لا تنقق على البذور، فإن ما بين 65 إلى 80 في المائة من الأموال يظل داخل المجتمع. وتذهب معظم هذه الأموال إلى النساء. ويعد نصف بائعي البذور في الأسواق في كينيا والسودان وأوغندا وأكثر من 80 في المائة منهم في جمهورية تنزانيا المتحدة من ا لنساء.

 التمكين من التكيف والاعتماد على المعارف المحلية: غالبا" ما توفر المؤسسات التقليدية والمعارف أساسا" لسرعة التكيف- غير أن ظروف الأزمات قد تؤدي ايضا" إلى تحديات غير مسبوقة تتطلب ردودا" مبتكرة وكوسيلة لتعزيز المعارف المحلية والاعتماد على قدرة المزارعين على التكيف وإعادة التنظيم، نجح عدد من المشاريع فى توظيف "مدارس تدريب المزارعين ". فهناك مشروع في زمبابوي، على سبيل المثال، استخدم الفصول المشاركة التي يديرها مزارعون محليون لتعليم أرامل ضحاياالإيدز كيفية إنتاج القطن العضوي. وكان القطن يعتبر عادة "محصول الرجل "، ولم يكن في استطاعة كثيرمن النساء تحمل تكاليف المستلزمات المطلوبة لزراعة القطن التقليدي. أما زراعة القطن العضوي فقد قللت من تكاليف المستلزمات ومن متطلبات الأيدي العاملة بدرجة كبيرة ومع أن متوسط محاصيل القطن العضوي قل كثيرا عن محاصيل مزارعي القطن التقليدي، فإن توفير 48 دولارا" أمريكيا" فى المتوسط عن كل هكتار تنفق على مبيدات الافات أتاح للنساء تحقيق أرباح أعلى بدرجة كبيرة (أنظر الرسم البياني). وتعد عناصر المرونة بمثابة كتل بناء مهمة فى جهود إعادة بناء الاقتصاد الريقي في سيراليون، الذي تحطم بسبب حرب أهلية استمرت أكثر من عقد من الزمان، وبلوغ هدف الأمة وهو القضاء على الفقربحلول عام 2007. وعندما انخفض توافر الحبوب بدرجة كبيرة أثناء الحرب، على سبيل المثال، عاد المزارعون إلى المحاصيل التي تتطلب مستلزمات أقل ولم يعتمدوا على الوصيل إلى الأسواق البعيدة وزاد إنتاج الكسافا والدرنيات الأخرى زيادة سريعة (أنظر الرسم البياني). فقد كان هناك تأكيد على صيانة هذا التنوع وتشجيع إنتاج الكسافا باعتبارهما معناصر التقدم الحالي وسرعة التكيف فى المستقبل. واعتمدت جهود إعادة البناء أيضا" على المعارف المحلية واستعانت بأفرقة عمل قروية تقليدية للمساعدة على تحديد سلالات البذور المحلية المرغوبة وإكثارها وتوزيعها. ويجري توسيع مدارس تدريب المزارعين لتصل إلى كل أسرة ريفية في البلد كوسيلة لتشجيع الابتكار وتعزيز المؤسسات التشاركية المجتمعية. وهناك مجموعة متزايدة من الخبرات تؤكد أهمية تعزيز مرونة المجتمعات ونظم الأغذية قبل أن تنشأ الأزمات وإدخال عامل المرونة في الاستجابات للأزمات الممتدة اعتمادا" على مايلي: فهم دينامي لفرص المجتمعات المحلية وقد راتها. النهج التشاركي إزاء تحديد أولويات المجتمعات المحلية ؛ استراتيجيات وسياسات تتصدى لشواغل المجتمعات المحلية فيما يتعلق بالأمن الغذائي على المدى الطويل. آليات لضمان أن تضع تقديرات الأمن الغذائي ورصد البرامج وتقييم الأثر فى اعتبارها مرونة النظم الغذائية والمجتمعات المحلية.

تعليم السكان الريفيين والأمن الغذائي

تعيش الغالبية الساحقة من سكان العالم الذين يعانون نقصا مزمنا" فى الأغذية والبالغ عددهم 852 مليونا" في المناطق الريفية بالبلدان النامية. كما يعيش فى هذه المناطق معظم البالغين الأميين وعددهم 860 مليونا (غالبيتهم من النساء) و130مليونا" من الأطفال (معظمهم فتيات) الذين لا يذهبون إلى المدارس. وليس من قبيل المصادفة أن عوامل الجوع والأمية والافتقار إلى التعليم المدرسي تؤثر على كثير من نفس المناطق والسكان. كما أن هذه الحقيقة لا تدل فقط على أن الجوع والافتقار إلى التعليم وجهان للفقر الشديد. فالجوع وسوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي كلها أمور تعمل على إضعاف القدرات الإدراكية وخفض معدل الانتظام في المدارس. وعلى الجانب الآخر، فإن الأمية والافتقار إلى التعليم يقللان من القدرة على الكسب ويسهمان بطريق مباشر فى الجوع والفقر.

ومعدلات الانتظام في المدارس ومعرفة القراءة والكتابة منخقضة بشكل خاص بين النساء والفتيات في المناطق الريفية (أنظر الرسم البياني). ففي 50 بلدا" من البلدان النامية التى تتوافر بيانات بشأنها، بلغ متوسط الانتظام بالمدارس الابتدائية بالنسبة للفتيات الريفيات 58 فى المائة فقط مقارنة بنسبة 63 في المائة للأولاد الريفيين وأكثر من 75 فى المائة لأطفال الحضر. ومن ثم، فإن نحو ثلثي الأميين في بلدان العالم النامي هم من النساء كما أن الفجوة بين الجنسين تعد أكبر بكثير فى المناطق الريفية. ويؤدي الجوع وسوء التغذية إلى إعاقة الأطفال عن الذهاب إلى المدرسة وإضعاف قدرتهم على التحصيل. وتبين دراسة أجريت على الريف فى باكستان أن حدوث تحسن طفيف نسبيا" فى التغذية من شأنه أن يزيد من احتمال بدء التعليم المدرسي بنسبة 4 فى المائة للأولاد و 19 في المائة للفتيات. وقد ارتبط انخفاض الوزن عند الولادة وسوء التغذية الناتج عن نقص البروتين والأنيميا الناتجة عن نقص الحديد ونفص اليود بحالات نقص الإدراك التي تحد من قدرة الأطفال على التعلم. فنقص اليود، على سبيل المثال، يؤثر على ما يقدربنحو 1.6 مليار شخص على نطاق العالم وقد ارتبط بانخفاض بلغ في المتوسط 13.5 نقطة في معامل الذكاء لدى السكان. ويتسبب الافتقار إلى التعليم فى خفض الإنتاجية والقدرة على الكسب وزيادة إمكانية التأثر بالجوع والفقر الشديدين. وتظهر البحوث أن المزارع الذي حصل على أربع سنوات من التعليم الأساسي يكون أكثرإنتاجا" بنسبة تبلغ في المتوسط 8.7 فى المائة عن المزارع الذي لم يحصل على أي قدر من التعليم. وعندما تتوافر المستلزمات التكميلية مثل الأسمدة أو البذور الجديدة أو الآلات الراعية، فإن الإنتاجية ترتفع إلى 13 فى المائة.

تحسين التعليم لتغفية العقول والأجسام

تحسين التعليم واحد من أنجع الطرق لخفض الجوع وسوء التغذية. فمعدلات سوء التغذية تنخفض مع زيادة معرفة القراءة والكتابة، خاصة لدى الإناث. كما أن ارتفاع معدلات معرفةالقراءة والكتابة فيما بين النساء الريفيات يرتبط أيضا" بزيادة معدلات لتحاق الفتيات بالمدارس الابتدائية وانخفاض معدلات سوء التغذية (أنظر الرسم البيا ني). ويعد التعليم أيضا" خط الجبهة الأمامي ضد مرض الإيدز وفي فيروسه. فقد تبين من دراسة أخيرة أجريت فى أوغندا أن السكان الذين أتموا الدراسة الابتدائية يقل احتمال تعرضهم للأصـابة بفيروس الإيدز بمقدار النصف- وأولئك الذين حصلوا على التعليم الثانوي يقل احتمال تعرضهم إلى 5 في المائة- مقارنة بأولئك الذين تلقوا قدرا" يسيرا" من التعليم أولم يتلقوا أي تعليم على الإطلاق. وكثيرا" ما يتردد اسم ولاية كيرالا الهندية كمثال بارز على الحلقة الحميدة للفوائد التي تتحقق من الاستثمارات في التعليم والتغذية. فبعد الاستقلال بوقت قصير، أولت الحكومات المتعاقبة على كيرالا أولوية عليا للتعليم. ووجه اهتمام خاص إلى القتيات والنساء فى المناطق الريفية. وقد حقق الاستثمار فوائده فمع ان كيرالا ليست واحدة من أغنى الولايات في الهند، إلا أنها تحتل المرتبة الأولى فى تعليم الإناث والالتحاق بالمدارس بفارق كبير. وتفخر كيرالا أيضا" بأن لديها أقل معدل لسوء التغذية بين الأطفال كما أن معدل الوفيات بين الرضع يبلغ خمس المعدل بالنسبة للبلد ككل (أنظر الرسم البياني).

وقد اعترف عدد من البلدان بأهمية التعليم بالنسبة للسكان الريفيين واعتمدت سياسات لجعله أكثر يسرا" وأكثر صلاحية. ففي كولومبيا على سبيل المثال، اتبع نصف المدارس الريفية تقريبا" نموذج المدرسة الجديدة"، وهو نموذج يركز على التعليم التشاركي باستخدام منهج دراسي يجمع بين المضمون الوطني الأساسي والنماذج المحلية المرتبطة بثقافة السكان الريفيين واحتياجا تهم. وتشارك المجتمعات المحلية والآباء بنشاط في هذه المدارس. كما أن معدلات التسرب أقل بكثير ودرجات الصف الثالث في اللغة الأسبانية والرياضيات أعلى بنسبة كبيرة منها في المدارس التقليدية. وتعهدت ولاية ماديا براديش الهندية ببناء مدرسة ابتدائية خلال تسعين يوما" لأى مجتمع ريفي يوفر المكان ويستأجر مدرسا مؤهلا. واليوم، يلتحق جميع الأطفال في سن الدراسة الابتدائية بالمدارس في هذه الولاية. وقدحققت البرامج الموجهة بشكل مباشر إلى معالجة نقص التعليم وسوء التغذية في نفس الوقت مكاسب ملحوظة في عدة بلدان. ففي برنامج الغذاء من أجل التعليم في بنغلاديش، تحصل الأسر على الغذاء إذ أرسلت أطفالها إلى المدرسة بدلا" من إرسالهم للعمل. وبعد ثماني لسنوات تبين من تقييم أجراهالمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية أنه قد تحققت مكاسب قي كل من التعليم والتغذية. فقد ارتفع معدل المواظبة في المدارس الابتدائية، خاصة بين الفتيات. وانخفضت معدلات الغياب والتسرب من المدرسة. وارتفع استهلاك السعرات الحرارية والبروتين بين الأسر المشاركة بدرجة كبيرة. ويفدم برنامج التعليم والتغذية في المكسيك (PROGRESA) تحويلات نقدية الأكثر من 2.6 مليون فقير وأسرة ريفية طالما يرسلون أطفالهم إلى المدرسة. وترتقع المزايا بالنسبة للأطفال الأكبر سنا وبالنسبة للفتيات، الذين تزداد احتمالات تسيبهم قبل التعليم الثانوي. ويقدم البرنامج أيضا" مكملات غذائية للرضع وصغار الأطفال في الأسر المشاركة. وبعد السنوات الثلاث الأولى من تطبيق هذا البرنامج، ارتفع معدل الالتحاق بالنسبة للسنة الانتقالية الحرجة من التعليم الابتدائي إلى التعليم الثانى بنسبة 20 فى المائة للفتيات و10 فى المائة للأولاد. ويتضح من محاكاة الأثر على فترة أطول أن الأطفال سوف يكملون في المتوسط فصولا أكثر بنسبة 5.6 في المائة في المدارس وأن عددا" أكبر منهم بنسبة 19 في المائة سوف يحضرون بعض الفصول الثانوية (أنظر الرسم البيانى).

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية