المدير العام شو دونيو

الاجتماع الثاني للجنة التوجيهية لتنفيذ مبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية" الملاحظات الافتتاحية

للدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

26/04/2024

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

الزميلات والزملاء الأعزاء،

طاب يومكم من روما.

يسرّني أن أكون معكم بمناسبة انعقاد الاجتماع الثاني للجنة التوجيهية التي تشرف على تنفيذ مبادرة المنظمة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية".

وكما قلتُ من قبل، هذه المنصة هي آلية توجّه التغيير وتقرّ بأهمية العلامات التجارية الوطنية للمنتجات.

ونحن نبدأ بمنتج واحد، ولكنني دائمًا ما أقول "واحد زائد ما لا نهاية". فإذا أمكنكم فعل المزيد، فهذا أمر رائع، ولكن ينبغي أن تبدأوا بمنتج واحد على الأقل، لأنها الطريقة الوحيدة لتغيير قواعد اللعبة والأعمال.

ويسرّني أن أرى ما أحرز من تقدّم حتى الآن.

ففي كل مرة أتحدّث إلى أحد البلدان المشاركة، أدركُ أن وزارات الزراعة ليست الوحيدة التي استوعبت المفهوم، ولكن السياسيين قد فهموا الآن أيضًا الآلية التي تسمح لنا بدعمهم لتغيير نموذج أعمالهم ومساعدتهم في تحويل نظمهم الزراعية والغذائية.

واليوم، بات هناك أكثر من 60 بلدًا مهتمًا بالعمل معًا من أجل تطوير سلاسل قيمة غذائية أكثر استدامة للمنتجات الزراعية الخاصة.

وأودّ أن أشكركم شخصيًا على دعمكم في المساعدة على تحديد وتعزيز وحشد الموارد اللازمة لإطلاق المبادرة وتنفيذها على المستوى القطري.

وقد بدأت بعض البلدان الكبيرة باستخدام نموذج الأعمال الخاص بنا بدءًا من مستوى الأقاليم أو المقاطعات. وبالتالي، هذه هي حقًا منهجية وفلسفة تغيير الأعمال التجارية الضرورية لتحويل النظم الزراعية والغذائية.

واليوم، سنقيّم التقدّم المحرز، ونناقش الأولويات للمضي قدمًا، وسنحدّد خارطة طريق واضحة توجّهنا لتحقيق الأهداف التي ننشدها.

الزميلات والزملاء الأعزاء،

اسمحوا لي للحظة أن أستعرض بدايات مبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية".

لقد وُضعت هذه المبادرة لمعالجة القضايا العالمية التي تؤثر على النظم الزراعية والغذائية.

وينصب محور تركيزها على تحسين إنتاج المنتجات الزراعية الأساسية وحصادها وتخزينها وتوزيعها واستهلاكها لتحسين الأمن الغذائي والتغذية في العالم.

وتتمثل إحدى الخصائص الأهم لمبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية" في أنها مصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات المحدّدة لكل بلد - لكنها ليست نهجًا واحدًا يناسب الجميع.

وينعكس هذا الأمر في المجموعة الواسعة من المنتجات الزراعية الخاصة التي تمّ تحديدها. كما أن المبادرة أوجدت إمكانية تبادل السلع الزراعية على المستوى الدولي.

وهذه هي أيضًا طبيعة النظم الزراعية والغذائية. فلكلّ بلدٍ وإقليم منافع ومساوئ طبيعية خاصة به، إلى جانب منتجات مختلفة. ولهذا السبب، يمكننا أن نستخدم الموارد الطبيعية بكفاءة أكبر للحصول على منتجات رفيعة الجودة، ومن ثم نضمن تصديرها إلى مستهلكين آخرين في أنحاء أخرى من العالم، من خلال التجارة الدولية المفتوحة والسلسة.

وهذه طريقة أيضًا تسمح ببناء آلية لتحديد كيفية خفض الآثار السلبية لتغير المناخ على المستوى العالمي لأن بعض البلدان، على سبيل المثال، تواجه ندرة المياه، وما زال بإمكانها إنتاج بطيخ عالي الجودة. وإذا صدّرتم البطيخ، فهذا يعني أنكم تصدّرون 85 في المائة على الأقل من المياه.

لذا، يجب أن ننظر في تحويل النظم الزراعية والغذائية مع مراعاة الآثار المترتبة على البيئة أيضًا. ولهذا السبب، فهي منطلق خاص لكيفية دمج النهج الاجتماعي والاقتصادي والمتوازن بيئيًا.

وهذه الآثار واسعة النطاق، كما أنه من المهم أن نستفيد من إمكانات المحاصيل غير المستخدمة على نحوٍ كافٍ والتي ليست معروفة جدًا على الصعيدين الدولي أو الوطني، ولكنها تشكّل منتجات خاصة محلية بشكل أكبر، إضافةً إلى المنتجات الحرجية والثروة الحيوانية لتحسين سبل عيش الناس وتوفير الدخل وتعزيز التغذية على نطاق واسع.

وفي حين تشرف هذه اللجنة التوجيهية على التقدّم الإجمالي المحرز في تنفيذ مبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية"، فإن المكاتب الإقليمية للمنظمة هي المسؤولة عن هذه المهمة.

ويشارك اليوم بعض الممثلين الإقليميين للمنظمة أيضًا لأن هذه المبادرة هامة جدًا على المستوى الإقليمي، حيث أنتم أكثر اتصالًا بالميدان، وبصورة أكثر تحديدًا باحتياجات البلدان. ونحن نعوّل عليكم لتوجيه عملية التنفيذ على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية؛

وبمشاركة كاملة على نطاق المنظمة، جنبًا إلى جنب مع المجموعات التنظيمية الإقليمية وفرق العمل الوطنية.

فهذه الهياكل تضمن أن تحظى المشاريع المنفذة بالدعم اللازم، وأن يتم تقاسم الممارسات الجيدة وتكرارها عبر مختلف البلدان.

الزميلات والزملاء الأعزاء،

لا بدّ لنا من مواصلة توسيع نطاق جهودنا.

واسمحوا لي أن أتشارك معكم الأولويات الأربع التي أعتبرها مهمة فيما نمضي قدمًا:

أوّلًا، يجب أن نسلّط الضوء بشكل أكبر على أهمية المبادرة وتأثيرها؛ ليس فقط لدى الأوساط الفنية، إنما أيضًا لدى الأوساط السياسية والمالية.

فالنتائج باتت واضحة، ونحن بحاجة إلى التواصل بشأن تعاوننا الناجح مع البلدان وداخلها.

وقد قُمتُ مؤخرًا بزيارة الكاميرون والمغرب حيث رأيتُ هذه المرة ما يحققه هذان البلدان من نجاح في الترويج لمبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية"، لإنهما حرصا على أن يفهم الأشخاص من خارج القطاع الزراعي هذا المفهوم.

ففي المغرب، رئيس الحكومة ووزير الزراعة خبيران في الزراعة، ولكن الأشخاص من خارج القطاع الزراعي على دراية جيدة أيضًا بالأمور. فهما يعرفان ما هو المنتج الخاص لكل جهة وإقليم، ومن ثم يمكنهما تقاسم الأغذية والمنتجات الرفيعة الجودة معها. وأمّا على الصعيد الدولي، فهما يريدان الترويج لمنتج واحد أو لمنتجين في الأسواق الدولية.

ثانيًا، لا بدّ لنا من مواصلة حشد الموارد.

فالموارد موجودة، ولكن عليكم الترويج لها بأنفسكم، ثم لدى مستثمرين ومانحين محتملين، لجعلها أكثر وضوحًا وتأثيرًا.

كما ينبغي لنا الحرص على أن يكون بإمكان كل البلدان التي تقدّمت بطلبات للانضمام إلى المبادرة، المشاركة فيها.

ففي المنظمة، لدينا صندوق صغير أولي لمساعدتكم في الانطلاق.

ثالثًا، لا بدّ من تعزيز تنفيذ مبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية" على نطاق واسع.

ونحن بحاجة أيضًا إلى إقامة شراكات مع القطاعين العام والخاص، ومع الحكومات المحلية الراغبة في الترويج للمنتجات المحلية من المستوى الشعبي إلى المستوى القطري.

وفي كل بلد حول العالم، يرغب القادة المحليون أيضًا في الترويج لمنتجاتهم المحلية على مستوى المقاطعات، وبعد ذلك على المستوى المحلي.

ونحن نركّز بشكل أكبر على المستوى الوطني، ونطلب من شركائنا القطريين تشجيع مستويات المقاطعات أو المناطق  أو الأقاليم.

ولدى بعض البلدان مستوياتٍ أكثر تحديدًا. وأنا دائمًا ما آخذ مثال الولايات المتحدة في وادي نابا. فلو لم نروِّج لمنتجي النبيذ في وادي نابا، لما تعرّف إليه أحدٌ. فهي بلاد كبيرة ومنطقة صغيرة.

ولذا، فحتى في البلدان الكبيرة، ما زلتم تركّزون على بعض المناطق الخاصة، وليس فقط على الاسم الإداري، أو اسم المنطقة أو المقاطعة. وفي أوروبا، تُسمّى المؤشرات الجغرافية. وأمّا في الصين، فنسميها أيضًا المناطق والمنتجات الجغرافية.

فدعونا نبني على العمل الذي يجري إنجازه في البلدان النموذجية المحددة الـ 16. كما أشجّع الأمانة على تقاسم أفضل الممارسات.

وفي وقت سابق من هذا العام، طلبتُ من المكاتب القطرية كتلك الموجودة في تايلند وسري لانكا ونيبال، تقاسم تجاربها، حتى حول كيفية الترويج للأفضليات الأربع.

وفي المكتب القطري في الكاميرون، رأيتُ كيف تم جمع كل المزايا ودمجها مع بعضها.

وإذا رأيتم بعض الأمثلة على ذلك، فيمكنكم البناء عليها وتعديلها من خلال شبكة المنظمة أوّلًا. وإلاّ، لا يمكنكم إقناع وزرائكم في بلدكم المضيف.

لذا، دعونا نتشارك، من خلال شبكة المنظمة، كيفية الترويج لمبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية" وعرضها.

رابعًا، لا بدّ من تقوية أوجه التآزر بين المبادرات الرئيسية القائمة للمنظمة، مثل مبادرة العمل يدًا بيد، ومبادرة 000 1 قرية رقمية، ومبادرة المدن الخضراء.

فبفضل مبادرة المدن الخضراء، بات المزيد من السياسيين يدركون الآن فائدة تحويل عمليات التصنيع والتوسّع الحضري والتحديث الزراعي الخاصة بهم.

وقد أجريتُ نقاشًا مكثفًا للغاية مع كلٍ من رئيس حكومة المغرب ورئيس وزراء الكاميرون. وتفاجأتُ لأن فهمهما لذلك يفوق كل توقعاتي.

وينبغي لكم، داخل المنظمة، وخاصة المكاتب القطرية، دمج كل هذه المبادرات. فأنا لا أريد إطلاق مبادرة جديدة. ولهذا السبب، دعوتُ السيد Laurent Thomas بوصفه ممثلي الخاص إلى أن يناقش معكم كيفية بناء جميع المبادرات في مبادرة واحدة - أي ما يُسمّى "الكّل في واحد".

ففي الصين، ثمة قول مأثور: "حين ترى المطر يهطل من السماء، ترى خيوطًا عديدة، ولكن حينما يصل إلى الأرض، فهو مجرد قطرة واحدة صغيرة فقط".

وإن هذه الأفكار تنبثق من نهج "الكلّ في واحد": جميع المبادرات، مبادرة العمل يدًا بيد، ومبادرة 000 1 قرية رقمية، ومبادرة المدن الخضراء، ومبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية"، وغيرها.

وبالنسبة إلى التحوّل الأزرق، فإذا طوّرنا تربية الأحياء المائية، ينبغي أن يحدث كل شيء في مدينة واحدة أو قرية واحدة أو بلدة واحدة أو مقاطعة واحدة أو بلد واحد. فهذا هو المقصود بـنهج "الكلّ في واحد".

وينبغي أن تناقشوا أيضًا هذا الموضوع مع بعض المكاتب القطرية المحتمل أن تكون مستعدة لتولي زمام قيادة "الكلّ في واحد". إذ تقمون بمزج ثلاث أو خمس مبادرات مع بعضها وتحطّون في قرية الأفضليات الأربع، ثمّ في مقاطعة الأفضليات الأربع، وبعدها على جزيرة في إندونيسيا، "جزيرة الأفضليات الأربع".

ومن التفكير الاستراتيجي إلى العمل في الميدان، سيقول الشركاء عندها إن الإطار الاستراتيجي للمنظمة يشكّل مبادرةً مرنة - وهذا ليس مجرد كلام!

 

وطيلة السنوات الثماني تقريبًا التي عملت خلالها في الحكومة المحلية في الصين، حظيتُ بدعم وزراء مختلفين، ولكنهم كانوا يأخذون في الاعتبار مجالهم الضيق أو مبادرتهم الصغيرة فقط. ولكن حينما كانت المبادرة تصل إلى مستوى الحكومة المحلية، كنا نحاول دائمًا تنفيذها بعمليات توليف وتكامل مختلفة بالاستناد إلى الدعم المختلف المقدّم من مختلف الوزراء.

فهذه المبادرات مبادرات يكمّل بعضها البعض، وينبغي تنفيذها بسلاسة على المستوى القطري أو مستوى المقاطعات؛ حتى في وادٍ محدد واحد، مثل وادي نابا الذي يشمل عدة مقاطعات.

لنفترض أن لدينا وادي الأفضليات الأربع في وادي نابا. فهذا يعني أوّلاً إنتاج النبيذ، ثم تطوير تربية الأحياء المائية، وأخيرًا الترويج لمفهوم "وادٍ واحد، منتج واحد". سأضرب لكم مثلًا لتفهموا قصدي.

هذا ليس بالكلام النظري؛ بل عليكم التفكير بطريقة مختلفة. لقد قلنا إنها مبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية"، ويجب على المبادرة أن تكون مثلًا يُحتذى به وأن تقدّم شركاء جدد محتملين.

فدعونا نواصل العمل معًا بطريقة فعالة وكفؤة ومتسقة، دعمًا لتحوّل النظم الزراعية والغذائية لتحقيق الأفضليات الأربع.

وكما قلتُ سابقًا، تشكّل مبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية" رافعةً لتوجيه قرى الأفضليات الأربع، ومقاطعة الأفضليات الأربع، وجزيرة الأفضليات الأربع، وجبال الأفضليات الأربع. وهذا يتوقف على السلع الأساسية، وليس فقط على سلع المحاصيل: فربما توجد على أحد الجبال ثلاث سلع: الأولى هي المحاصيل، والثانية هي الثروة الحيوانية، والثالثة هي تربية الأحياء المائية.

وسنحتفل العام المقبل بالذكرى السنوية الثمانين لتأسيس المنظمة التي ستصبح الوكالة المتخصصة الأولى التي تحتفل بعامها الثمانين. وما زالت أمامنا سنة وستة أشهر – أي 18 شهرًا من الآن!

وقد ناقشت مع نائب المدير العام، السيدة Beth Bechdol، تنظيم معرض العام المقبل للبذور والشتلات، وطلبتُ منها الاتصال بالاتحاد الدولي للبذور وغيره من الشركاء المعنيين.

ثم علينا أن نشجّع الأعضاء الـ 194 كافةً على توفير منتج خاص واحد على الأقل. بغض النظر عمّا إذا كنت بلدًا متقدّما أو ناميًا. ومن الناحية المثالية، يمكنكم، إن كان بلدكم كبيرًا، توفير عشرة منتجات.

ثم يمكن للمنظمة أن تصبح مركزًا حقيقيًا للأغذية والزراعة للمنتجات الجديدة. وهذا سيولّد قوة جذب حقيقية، ليس فقط للأعضاء، بل أيضًا للشعب الإيطالي والمستهلكين والشركاء الدوليين. وهذا موقعٌ صدارة للأغذية، وخاصة لمبادرة "بلد واحد، منتج واحد ذو أولوية".

وهذا سيمثل احتفالًا عظيمًا.

وأرجو منكم الاضطلاع بدور قيادي. وبإمكانكم التشاور مع شُعب أخرى مثل شعبة الغابات. فقد يكون لبعض البلدان منتجٌ خاص مستمد من الغابات، ولبعض البلدان منتج من قطاع الثروة الحيوانية، ومن قطاع الأسماك بالنسبة إلى بلدان أخرى.

وأعرف أنه من الأسهل إدارة المحاصيل، ولكن الأمر لا يقتصر على منتجات المحاصيل.

وعندها ستحصلون على شراكة الأعضاء وتوليهم زمام المبادرة، وهذه هي القوة الدافعة الحقيقية لقيادة المبادرة على أرض الواقع. وإلاّ، فكل ما نفعله هو الحديث فيما بيننا دون أي دافع تسويق.

ولطالما استخدمت دافع التسويق كقوة دافعة لقيادة التغيير على أرض الواقع، وتغيير نموذج الأعمال في المنظمة.

وبعدها، سيكون هذا أحد الأنشطة الرئيسية في عام 2025. وآمل أن تعطوني، قبل حلول هذا الصيف، مذكرة مفاهيمية بشأن كيفية تنظيم الحدث.

فدعونا نفتح عقولنا لنكون أكثر جدوى في ما نفعله!

وشكرًا على حسن إصغائكم.