المدير العام شو دونيو

الحدث الخاص بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي

للدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

24/09/2020

النقاط الرئيسية في كلمة
المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة
الحدث الخاص بأخلاقيات الذكاء الاصطناعي

 

 

المقدّمة

  • تتطلب النظم الغذائية العالمية حلولاً مبتكرة لمواجهة التحديات العالمية على غرار ضمان الأمن الغذائي والتغذية للجميع والمساهمة في النمو الشامل وإدارة الموارد الطبيعية على نحو مستدام.
  • من شأن الرقمنة أن تؤدي دورًا أكثر فأكثر أهمية في مواجهة هذه التحديات والمساعدة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفي طليعتها الهدفان 1 و2 أي استئصال الفقر والقضاء التام على الجوع.
  • بحلول سنة 2050، سوف يتعين على الزراعة توفير قدر أكبر من الأغذية بنسبة 50 في المائة لإطعام عدد متنامٍ من السكان الأكثر فأكثر يسرًا، ويجدر بنا بلوغ هذا الهدف بصورة مستدامة.
  • قد يكون للحد التكنولوجي الجديد المتمثل في الذكاء الاصطناعي أثر إيجابي هائل، مما يجعل الزراعة أكثر إنتاجية واستدامة.
  • من جهة أخرى، من شأن الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي أن تؤدي أيضًا إلى تحديات ومخاطر على الصعد الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية.
  • تعمل المنظمة من أجل التوصل إلى حلول قائمة على الابتكار وهي ملتزمة بهذه الحلول من خلال التكنولوجيات الرقمية والبيانات الضخمة والذكاء الاصطناعي.
  • إننا نسعى إلى المساعدة على الاستفادة من قوتها التحويلية لجعل النظم الغذائية أكثر فعالية واستدامة وشمولية.

الذكاء الاصطناعي في الزراعة: المزايا

  • يمكن للزراعة أن تستفيد إلى حد كبير من الذكاء الاصطناعي عبر المناطق والمزارع كافة.
  • تؤدي زراعة الأغذية ونقلها وتجهيزها وتسويقها إلى نشوء سلاسل قيمة معقدة وباستطاعة الذكاء الاصطناعي أن يساعد على جعل هذه العمليات أكثر كفاءة واستدامة.
  •  من الأمثلة على استخدام المنظمة للذكاء الاصطناعي الذي يعود بالنفع على أصحاب المصلحة تطبيق "نورو". وقد استخدام تطبيق "نورو" على سبيل المثال التعلّم الآلي والذكاء الاصطناعي للمساعدة في معالجة مشكلة دودة الحشد الخريفية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى التي كانت تهدد بالقضاء على المحاصيل وعلى سبل عيش المزارعين.
  • أما نظام منظمة الأغذية والزراعة لمراقبة الأرض فيساعد البلدان على قياس استخدام الغابات والأراضي ورصده ورفع التقارير عنه. وهو يستخدم الحوسبة السحابية المتطورة والذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للكشف عن التغيرات الصغيرة النطاق في الغابات على غرار تلك الناجمة عن جمع الأخشاب بصورة غير قانونية أو غير مستدامة.
  • تستند أساليب الزراعة الدقيقة المطبقة في المزارع في مختلف البلدان المتقدمة والاقتصادات الناشئة على الذكاء الاصطناعي. ويقوم هذا على آلات ذكية على غرار الطائرات المسيّرة وأجهزة الاستشعار والإنسان الآلي والجرارات الذاتية الدفع. وتكمّل هذه الآلات بيانات وبرامجيات قادرة على "التفكير" تمامًا كما المُزارع وعلى "التعلّم" كما المُزارع وعلى "حلّ" المشاكل تمامًا كالمُزارع.
  • هذا مختلف للغاية عما نعرفه: يُنتج المزارعون الأغذية بواسطة المعارف التي اكتسبوها من خلال خبرتهم مدعومة بالأدلّة العلمية بفضل الإرشاد. ويؤدي المزارعون أيضًا دورًا أساسيًا لتوفير البيانات والمعلومات الزراعية وتبادلها واستخدامها.
  • باستطاعة الذكاء الاصطناعي أن يساعد أيضًا المزارعين على إدارة المحاصيل والثروة الحيوانية والكشف عن الآفات والأمراض وتحقيق الاستخدام الأمثل للعمالة والأسمدة ومبيدات الآفات والعلف والمياه.
  • يمكن لكل هذا أن يؤثر بشكل مذهل على الإنتاجية وتحسين إدارة الموارد الطبيعية كالتربة والمياه والحد من التلوث والتأثيرات على البيئة وتعزيز سلامة الأغذية.
  • في الوقت نفسه، سوف يكون للذكاء الاصطناعي أثر عميق في المراحل الأولى من سلسلة القيمة الغذائية: سوف تتأثر بدورها عمليات النقل وتجهيز الأغذية وتسويقها وتجارتها بفعل أتمتة النظم.
  • في الزراعة وعبر مختلف القطاعات، تعتمد التجارة أكثر فأكثر على الخوارزميات الحاسوبية للتعلم من البيانات الاقتصادية وتحديد الفرص المتاحة.
  • ويجدر بنا فهم هذه التأثيرات ومحاولة تعظيم مزاياها والحد في الوقت عينه من المخاطر التي قد تنطوي عليها.

الذكاء الاصطناعي في الزراعة: التحديات

  • ينطوي الذكاء الاصطناعي في الزراعة على تحديات ومخاطر رغم فوائده الكبرى المحتملة بالنسبة إلى المزارعين والمستهلكين.
  • يجدر بنا أولاً الحرص على أنّ يتم تصميم أدوات الذكاء الاصطناعي وتطويرها واستخدامها بما يحترم مبادئ حقوق الإنسان العالمية. ويتعلق الأمر بربط التكنولوجيا بالبيانات والمعلومات وقضايا الخصوصية وطريقة نشر المعلومات. لذا فمن الضروري ترجمة المسؤوليات المتعلقة بحقوق الإنسان على شكل توجيهات للتصميم التقني من جانب القطاعين العام والخاص.1
  •  في الزراعة، يجب أن يسترشد تطوير تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي أيضًا بمبادئ الرفق بالحيوان والاعتبارات البيئية وسلامة الأغذية. وينبغي مراعاة هذا كله عند تصميم آليات وبرامجيات "ذكية" قادرة على "التفكير" تمامًا كما العقل البشري. وتحقيقًا لذلك، لا بد من وجود دستور من الأخلاقيات للاسترشاد به في تطوير هذه التكنولوجيا. ومن الضروري أيضًا إدراج هذا الدستور ضمن تصميم أدوات الذكاء الاصطناعي وتطويرها.
  • ثمة تحديات أخرى، وإن كانت غير أخلاقية بطبيعتها، فهي تتصل بالأثر الاقتصادي والاجتماعي في الأجل الطويل. ويتمثل أحد تلك التحديات في تأثير الذكاء الاصطناعي على العمالة الزراعية. مما لا شك فيه أنّ التكنولوجيا سوف تفضي إلى تراجع الطلب على العمالة على اعتبار أنه بإمكان الآلات "الذكية" الاضطلاع بوظائف كثيرة في المزرعة. وقد يعني هذا تدني الأجور وما يسمى "البطالة التكنولوجية" مع ما يرافق ذلك من مخاوف إزاء عدم المساواة والتغيير الاجتماعي السلبي.
  • يعدّ الجرار مثالاً على هذا النوع من التكنولوجيا التي أحدثت ثورة في الزراعة. ففي الولايات المتحدة الأمريكية، انتشر استخدام الجرار بين 1910 و1960 عوضًا عن الأحصنة والعمال. وفي عام 1910، كان هناك أقلّ من 12 مليون عاملاً في المزارع. ومع حلول سنة 1960، انخفض هذا العدد إلى 6 ملايين. ويعكس هذا التراجع الهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية في البلاد خلال الفترة نفسها. وقد يفضي الذكاء الاصطناعي أيضًا إلى تحديات اجتماعية كبرى خاصة وأنه، خلافًا لحالة الجرارات، قد تتقلص الفرص المتاحة للعمال من أجل المحافظة على وظائفهم من خلال صقل مهاراتهم.2
  • ثمة قضايا أخرى تتعلق بعدم المساواة وبطريقة توزيع الأرباح الناشئة عن التكنولوجيا. ومن شأن الذكاء الاصطناعي، إذا ما حلّ محلّ العمالة، أن يخفض الأجور الزراعية وأن يزيد أرباح مالكي الأراضي. وفي ظلّ محدودية الأراضي المتاحة، قد تكون هذه الأرباح كبيرة ما يؤدي إلى عدم المساواة. وسيعود قسم كبير من الأرباح للمبتكرين أي القيّمين على تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي. وتبعًا لحجم تأثيرات التكنولوجيا على عدم المساواة، يجب أن نكون مهيئين لمناقشة الأنظمة على غرار سياسات عدم الاحتكار وأطر حقوق الملكية الفكرية القادرة على تعزيز الاستدامة والنمو الشامل في الزراعة.

جهود المنظمة لمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية المتصلة بالتكنولوجيات الرقمية

  • إننا نعمل في المنظمة، إلى جانب تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي، على إنشاء المنصة الدولية للأغذية والزراعة الرقمية وهي منتدى شامل متعدد أصحاب المصلحة لتحديد ومناقشة المزايا والمخاطر المحتملة التي قد تنجم عن الرقمنة في قطاعات الأغذية والزراعة.
  • سوف يسعى هذا المنتدى إلى سدّ ثغرة هامة بين المنتديات المتعددة الأطراف المعنية بالاقتصاد الرقمي وتلك المعنية بالأغذية والزراعة. وهي ستدخل الزراعة في المناقشات العالمية حول الرقمنة. وهناك منتدى هام بالنسبة إلى الذكاء الاصطناعي هو مؤتمر القمة العالمي عن الذكاء الاصطناعي من أجل الخير الذي ينظمه الاتحاد الدولي للاتصالات.
  • سوف تسعى هذه المنصة إلى خلق روابط بين أصحاب المصلحة كافة ودعم صانعي السياسات من خلال إصدار توصيات مثلاً من خلال خطوط توجيهية وأفضل الممارسات التي يمكن أن تعالج التحديات الفنية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية التي تواجهها الزراعة في سياق التكنولوجيات الرقمية.


1  تقرير المقرر الخاص عن تعزيز حقوق حرية الرأي والتعبير وحمايتها. الدورة الثالثة والسبعون للجمعية العامة للأمم المتحدة، 2018، البند 74(ب) من جدول الأعمال المؤقت: تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها: مسائل حقوق الإنسان، بما في ذلك النُهج البديلة لتحسين التمتع الفعلي بحقوق الإنسان والحريات الأساسية (متاحة على الرابط https://www.undocs.org/ar/A/73/348).

2  بيانات من Manuelli, R.E. & Seshadri, A. 2014. Frictionless Technology Diffusion: The Case of Tractors. American Economic Review, 104(4): 1368-1391.