المدير العام شو دونيو

الاجتمـاع المشــترك بين لجنتي البرنامج والمالية الملاحظات الختامية

للدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

24/05/2024

شكرًا لرئيسي لجنة المالية ولجنة البرنامج.

صباح الخير لجميع الأعضاء والزملاء، وللرئيس المستقل للمجلس.

السيد الرئيس المستقل للمجلس الذي يحضر هذا الاجتماع المشترك بصفة مراقب خاص.

أنا أعلم أنكم أديتم دوركم برضا تام وبصورة مميزة وبناءة.

ويسعدني على الدوام أن ألقي الملاحظات الختامية حتى وإن كنت في رحلة عمل أثناء اجتماعكم. فقد قمت بزيارة إلى سلوفينيا من أجل دعم رئيس سلوفينيا في استضافة المنتدى الدولي بشأن العمل في مجال التربية المستدامة للنحل وتلقيح الأزهار، لما فيه صالح الإنسان والازدهار والسلام.

وقد اكتست سلوفينيا أهمية تاريخية خلال السنتين الأخيرتين لأنها الآن عضو غير دائم في مجلس الأمن.

وهي تقدّر بشدة هذه الفرصة للاستفادة من النحل كدبلوماسية حقيقية. وأتوجه بالتهنئة إلى سلوفينيا لأني زرتها بعد 100 يوم ورأيت إنجازها. وكنت قد شاركت في تصميم ذاك المنتدى مع رئيس سلوفينيا. وقاموا حاليًا بتغيير شعاره أخذًا باقتراحي؛ فبات لديهم شعار جديد.

إنّ هذا البلد يجيّش العواطف. ويمكنكم الشعور بالمحبة عند زيارته، إذ إنّ اسم البلد باللغة الإنكليزية تتوسطه كلمة حب باللغة الإنكليزية "S-love-nia".

واقتراحاتي تلقى آذانًا صاغية لديهم، وسيكون من دواعي سروري أن أعمل معكم سواء أكنتم بلدًا صغيرًا أم كبيرًا، غنيًا أم فقيرًا.

وقد قلتها لهم علانية: "سلوفينيا ليست بالبلد الصغير ولا الفقير"، وهذا يؤهلكم لإنجاز المزيد من العمل مع المنظمة ومع البلدان الأخرى إذا كنتم ترغبون في ذلك. وإذا كنتم جادين في سعيكم، فسأكون أكثر جدية في مساعدتكم.

وبعد انتهاء زيارتي في سلوفينيا، عدت إلى هنا بعد رحلة دامت ست ساعات بالسيارة من أجل القيام بزيارة رسمية لسان مارينو. ولا أدري إن كان أحدكم قد زار سان مارينو من قبل. ولا سيما الأشخاص في أوروبا، قد تكون سان مارينو بلدًا صغيرًا للغاية أو بعيدًا للغاية بالنسبة إليكم. وتبلغ مدة الرحلة من روما إلى سان مارينو بالسيارة خمس ساعات إضافية.

وقد قمت بهذه الرحلة لكي أختصر الوقت. إذ لو كنت قد سافرت من سلوفينيا إلى روما ومن ثم إلى سان مارينو، لبلغت مدة الرحلة ثلاثة أيام على الأقل. ولكني أمضيت في طريق العودة 21 ساعة فقط. وهذه إدارة فعالة للوقت.

لكن بالطبع لا بدّ أن يكون الشخص يتمتع بصحة جيدة. فلنكن صريحين. فأنا أعلم أنّ زملائي كانوا يعانون في الرحلة. فالسيد Godfrey يمكنه أن ينام في السيارة أو الشاحنة المغلقة. أمّا أنا فلم أستطع ذلك. لأني أنام كل ليلة في سريري. وأنا معتاد على ذلك منذ أن كنت أترعرع في الريف. ولم نكن ننام على الأرض أو في السيارة، لأننا لم نكن نملك سيارة في ذلك الوقت، ولم نملك حتى شاحنة أو دراجة هوائية.

والسيد Godfrey نشأ في مزرعة، لذا كانت لديهم شاحنة، ويمكنه النوم في سيارة، وقد أصبح فيما بعد سفيرًا يستطيع النوم في السيارة أو الشاحنة المغلقة. لكني لم أعتد على ذلك.

واسمحوا لي أن أهنئكم مجددًا على مناقشاتكم المثمرة التي انعقدت هذا الأسبوع. وقد أثارت لجنة البرنامج دهشتي. فقد أنجزتم عملكم بصورة مبكرة. كيف فعلتم ذلك؟  ومن دون نقاش مطوّل؟

لا بدّ لنا أن نأخذ منكم التوجيهات على الصعيد المهني والفردي. وأنا أقول على الدوام إنّ هاتين اللجنتين تتمتعان بمواصفات مهنية وفردية. ولا شكّ أنّ كل فرد يتأثر ببيئته وببلده وبخبراته. هذا أمر طبيعي. فلا أحد ينشأ في الفراغ.

وأنا أحترم الاختلافات دائمًا، لكن يجب أن تكون مهنية وبناءة.

وبهذه المناسبة، أودّ أن أثني على رئيسة اللجنة. فقد قمتِ بعمل جيد جدًا خلال العامين الماضيين. ولم يكن ذلك سهلًا. إذ واجهتي في البداية التحديات المصاحبة للحرب في أوكرانيا والآن تواجهين ما يحصل في بلدك وبلدان أخرى في المنطقة. أي أنّ الصعوبات زادت حتى من الناحية السياسية. وأنا مدرك تمامًا لموقفك، لكني قلت لك أمرًا على العلن وأكرره: "لقد قطعتِ شوطًا طويلًا للغاية". وأودّ أن أثني على ما تتمتعين به من مهنية وإيجابية وروح بنّاءة.

لكن ينبغي لك أن تثني أيضًا على الأعضاء الآخرين الذين يقدمون لك الدعم. فهذه هي منظمة الأغذية والزراعة. وهذا ما نصبوا إليه.

وأنا أحترم دائمًا الآراء المتباينة لأنّ تباين الآراء بين الأعضاء يتيح فرصة للنقاش بصورة بنّاءة ومهنية. وعندها يمكنكم الاتفاق على أمر ما مع اختلاف حول بعض النقاط.

وهذه هي الميزة الدولية بحق. وهذه هي تعددية الأطراف بعينها. وهذه هي الشمولية الفعلية.

وأنتم لديكم مواقفكم الخاصة أيضًا لكنكم لستم صانعي القرار. وهذا سبب وجود لجنتين. فقد قلت في البداية: نريد اقتراحاتكم الشخصية واستشاراتكم المهنية فحسب.

لكن إذا أردتم تناول مواضيع تتجاوز حدود البلدان، هناك أعضاء سيساعدونكم في العودة إلى بلدانكم. وعندها يمكنكم العمل على تلك المواضيع.

وقد تابعت جميع النقاشات التي خضتم فيها. وأعرب بعض الزملاء عن قلقهم. لكني قلت لهم: "لا بأس، دعوهم يكملون".

فهذا دوركم. وعلى الأقل أنتم تدركون أنّ هذه الأفكار لا تأتي من رأيين فقط، بل من ثلاثة وخمسة وستة آراء. ولا بأس في ذلك لأنه يمكّننا من تكوين فهم أكبر في اجتماع الجهاز الرئاسي المقبل المعني بصنع القرارات.

ورئيس المجلس المستقل حاضر هنا أيضًا. وهو المراقب لاجتماعاتنا. ويعنيه أن يعرف قائل ما يقال. وأتمنى أن يقدم استنتاجات متوازنة في المجلس المقبل استنادًا إلى نقاشاتكم.

والمجلس هو المهم. ولا يعني ذلك أنكم غير مهمين. فأنتم من أرسى أساسه. ولكم أعظم التقدير على عملكم.

وقد سُررت للردود الإيجابية الواردة على مجموعة من المسائل المعروضة عليكم وستوفر توصياتكم مدخلات مهمة لمناقشات المجلس في الشهر المقبل.

بما فيها تلك المتعلقة بالدعم الذي تقدمه المنظمة للأعضاء من أجل مساعدتهم على تنفيذ خطة عام 2030 في خضم الأزمات العالمية المتداخلة، على نحو ما ورد في تقرير تنفيذ البرامج للفترة 2022-2023.

وكذلك تلك المتعلقة بالعمل الجاري لتعزيز شبكة المكاتب القطرية من أجل زيادة وتحسين الدعم المقدم للأعضاء على المستوى القطري.

وقد خضت في مناقشة مهنية وبنّاءة ومثمرة مع رئيسي سان مارينو، ومع جهات أخرى أيضًا. وإني في غاية الإعجاب بالمهنية والدبلوماسية الحقيقية التي تتمتع بها سان مارينو. وقد أدركت الآن كيف يمكنهم المضي قدمًا هناك، في وسط إيطاليا. حتى أنهم قاموا بصنع علم المنظمة، احترامًا لها.

فبعض البلدان تستخدم علم الأمم المتحدة فقط. وهم غير مخطئين في ذلك، لكن هذا ليس ملائمًا. أن يزوركم المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة ولا تعرضوا علم المنظمة بعد أربع سنوات، وليس أربعة أشهر.

فأنتم دبلوماسيون. وأنا أقول إني لست شخصًا دبلوماسيًا، لكني أهتم بهذا الأمر بالنيابة عن المنظمة. وليس لشخصي أنا. ومع ذلك، ما زال الكثير من الأعضاء في أوروبا وفي بلدان أخرى لا يعرضون علم المنظمة. ما هو السبب الذي يمنعكم من عرض علم المنظمة؟

فنحن وكالة متخصصة مستقلة تابعة للأمم المتحدة. ولدينا دستورنا الخاص ونصوصنا الأساسية الخاصة بنا. هل ستوافقون على أن نعدّل النصوص الأساسية إذا قررنا ذلك؟

سيسعدني أن نقوم بتنقيح النصوص الأساسية بعد عشر سنوات، من الغلاف إلى الغلاف. وربما بإمكان زملائي في مكتب الشؤون القانونية أن يعرضوا عليكم تعديلًا شاملًا للنصوص الأساسية، لأنها وُضعت في عام 2017. وكان قد بدأ العمل عليها في عام 2015. فإذا قررتم العام المقبل إجراء تعديل شامل للنصوص الأساسية، سأكون مسرورًا بذلك بعد 10 سنوات من اعتمادها، وإذا توصلتم إلى توافق بشأنها.

وفي حال لم تتوصلوا إلى توافق، يمكنكم التصويت أيضًا. كل شيء ممكن، وهذا أمر ممكن بالنسبة إلي.

وقد قلتها على العلن، هنا، في الجلسة الختامية. هل هناك من يودّ أن يغير عبارة صغيرة أو جملة واحدة؟ إذا أردنا أن نغيرها سيتعين علينا أن نعود إلى النصوص الأساسية، لأنّ العالم كان مختلفًا تمامًا قبل 10 سنوات من الآن. فحين بدأنا بوضع النصوص الأساسية لم تكن خطة عام 2030 قد صدرت بعد. لأنها صدرت بعد عام 2015. 

والآن، بعد مرور 10 سنوات، باتت لدينا استراتيجية عمل جديدة، ونموذج عمل جديد، وهيكل جديد، وسياسة شفافية جديدة، لذا يجب أن ينعكس كل شيء في النصوص الأساسية للمنظمة.

أتمنى أن تأخذوا الموضوع في الاعتبار، بصورة جديّة وشاملة ومهنية.

وأتوجه بالحديث إلى السيدة Donata Rugarabamu (المستشارة القانونية)، كوني متأهبة، لأني سوف أوصي في اجتماع المجلس المقبل، بعد سنة واحدة في المؤتمر الوزاري لعام 2025، بتنقيح النصوص الأساسية. إذ يخالجني شعور بأنّ الكثير من الأعضاء في لجنة الشؤون الدستورية والقانونية، ولجنة البرنامج، ولجنة المالية، يرغبون في تعديل النصوص الأساسية، وهذا أمر جيد. ولم أقل ذلك مسبقًا لأني أكنّ لكم الاحترام، لكنّ الوقت قد حان الآن، لأننا سنحتفل العام المقبل بالذكرى الثمانين لتأسيس المنظمة، ونحن بحاجة إلى نصوص أساسية جديدة من أجل المستقبل، على الأقل من أجل السنوات العشر القادمة.

وأعتذر منكِ Donata، إذ يؤسفني القول إنك ستعملين ليلًا ونهارًا مرة أخرى، فقد وصلتني جميع توصيات اللجان الثلاث، ونحن بحاجة إلى طريقة شاملة ومهنية تعكس التقدم المحرز والسيناريو الجديد والتطورات الجديدة في الوضع العالمي، هكذا تتطور المنظمة.

وفي ضوء الوضع الاقتصادي العالمي الصعب للغاية، لاحظتم أيضًا الجهود الجبّارة التي نبذلها وواصلتم أداءكم القوي لحشد المساهمات الطوعية من أجل تنفيذ ولاية المنظمة.

وإنّ هذه الزيادة المطّردة في التمويل هي دليل على الثقة المستمرة والراسخة في المنظمة.

ولا يزال من الضروري إشراك القطاع الخاص والعمل معه من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة والأفضليات الأربع، ولا تزال المجموعة الاستشارية غير الرسمية للقطاع الخاص التابعة للمنظمة تشكل منصة مهمة لتعزيز الشراكات المجدية.

وقد انعقد مجلس الرؤساء التنفيذيين في مطلع هذا الشهر في مدينة سانتياغو. وتداولنا لمدة طويلة بشأن هذا الموضوع. ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من رؤساء وكالات الأمم المتحدة غير راغبين في اتخاذ خطوة إضافية نحو توطيد التعاون مع القطاع الخاص. ويمكنني القول إننا في المنظمة لسنا في طليعة المنظمات التي تتعاون مع هذا القطاع، ولسنا أقلّها تعاونًا أيضًا، لكننا في مرحلة وسيطة، ومع ذلك، ينبغي لنا أن نعزز التعاون. ويمكننا أن نتعلم من المنظمات الأخرى عن كيفية توطيد التعاون مع القطاع الخاص.

لأنّ الكثير من أعضاء المنظمة الحاضرين هنا، ومن أعضاء المجلس، يطلبون المساعدة حول كيفية تعزيز سبل التعاون. لكن قبل كل شيء، أسألكم أيها الأعضاء، هل أنتم جاهزون؟ كونوا صريحين، فأنا لدي خبرة في هذا المجال تتراوح بين 30 و40 عامًا، وبالطبع العمل الحكومي الوطني يختلف عن عمل المنظمات الدولية. لكن لدينا على الأقل الكثير من الوسائل والأدوات التي تتيح لنا العمل مع القطاع الخاص.

وقد قلت وكررت، عندما زرت أستراليا في عام 1999، تعلمت شيئًا واحدًا: هو كيفية تعزيز المحاصيل الصغيرة مثل زراعة الطماطم المستخدمة في الصناعة، لأنّ في أستراليا، لا يُنتج الطماطم سوى ستة مزارعين فقط، ستة مزارعين كبار. وليس لديهم برنامج وطني بشأن الابتكار في البحوث، فكيف نجحوا في ذلك إذن؟ الجواب هو عن طريق المشاورات مع الصناعة والقطاع الخاص.

وخصصت الحكومة مليون (1) دولار أسترالي، وقدّم القطاع الخاص مليون (1) دولار أسترالي إضافي أيضًا. وبدأ الأمر على شكل صندوق تمويل صغير من أجل دعم البحث والابتكار.

وشيئًا فشيئًا، استفاد القطاع الخاص من الابتكارات، فنمت لديه الرغبة في زيادة التمويل.

وقالوا: "حسنًا، سنزيد التمويل كل ثلاث سنوات، لكي يكون متوافقًا مع الوضع الراهن". أي في حال لم تكن بحوثكم رائدة، فسوف نخفض التمويل، وكذلك ستفعل الحكومة. كما أنّ ذلك سيكون بمثابة دافع للبحوث والصناعة والحكومة، فهذه الجهات الثلاث ينبغي لها أن تعمل معًا لتحسين الكفاءة والإنتاجية وبالطبع لتحقيق غذاء أفضل وتغذية أفضل وبيئة أفضل.

وقد قلت للتو إنّ العمل مع القطاع الخاص ليس كالعمل مع الحكومات. فهو يستند إلى جوانب ومواضيع مختلفة، فيمكننا إجراء ترتيبات مختلفة. وإذا توصلنا إلى اتفاق، واتخذ المجلس قرارًا بشأنه، ينبغي علينا أن نواصل العمل. فقد اعتمدنا استراتيجية منظمة الأغذية والزراعة لإشراك القطاع الخاص قبل ثلاث سنوات فقط. والآن، ينبغي أن نعمل لكي نواكب التغيير ونقوده.

وإلا فمهما كان البلد غنيًا ومتطورًا، فإنه سيبقى يتراجع في مجال الاستثمار في الابتكار الزراعي والتكنولوجيا الزراعية والمناطق الريفية. فلا بدّ لنا أن نعزز مشاركة القطاع الخاص ودعمه، ليس فقط في مجالي البحث والابتكار، بل في مجالات أخرى أيضًا.

ويسعدني كذلك أنكم أدركتم الفرص المهمة التي يتيحها لنا توسيع نطاق التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي.

وما زلت أشدد على التعاون الثلاثي.

والسيد Hans Hoogeveen خير من يعلم بذلك. فعندما كان سفيرًا هنا - وفي ألمانيا أيضًا، كان يعرف كيف يعمل مع الصين ويدعم أفريقيا. وهذا تعاون ثلاثي حقيقي، من خلال المنظمة بالطبع. وليس فقط بين بلدان الجنوب، بل إنّ الأعضاء في النصف الجنوبي من العالم باتوا الآن على استعداد للتحلي بالملكية وإبرام الشراكات مع الأعضاء في بلدان الجنوب. وأنا أشجع جميع الأعضاء من بلدان الشمال أن يحذوا حذوهم، من خلال هذا الترتيب الثلاثي، لأنّ لديكم مزايا مقارنة، حالكم حال الأعضاء من بلدان الجنوب العالمي أيضًا.

وينبغي أيضًا على "منظمة الأغذية والزراعة الواحدة" أن تستخدم على الدوام آليات تمكّنها من العمل معًا من أجل دعم البلدان الضعيفة، والأعضاء، ونحو 90 بلدًا عضوًا ضعيفًا: من الدول الجزرية الصغيرة النامية، والبلدان الأقل نموًا، والبلدان النامية غير الساحليّة.

وهذه البلدان لديها إمكانات هائلة يمكن الاستفادة منها وينبغي أن نجمع الجهات المانحة على دعمها بصورة أفضل في تحويل نظمها الزراعية والغذائية.

وقد ناقشتم هذا الأسبوع أيضًا خارطة الطريق العالمية التي وضعتها المنظمة بشأن تحقيق الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة من دون تجاوز عتبة 1.5 درجات مئوية، مدركين لأهمية العمل معًا على تحقيق جدول أعمال الأمن الغذائي والتغذية، إلى جانب الطاقة والمياه، بموازاة تعزيز الإجراءات المتعلقة بالمناخ.

وقد سرّني أن أرى استجابة الأعضاء لمجموعة من عمليات التقييم التي تتناول مواضيع مهمة مثل المياه والفاقد والمهدر من الأغذية والقسائم النقدية والتي جرى تقديمها هذا الأسبوع.

وتدعمنا الرؤى الثاقبة والتوصيات المنبثقة عن عمليات التقييم هذه في تنفيذ ولاية المنظمة بشكل أفضل.

وإنّ الفاقد والمهدر من الأغذية يمثل تحديًا ملحًا. وعلى نحو ما رأيتم في التقييم، فإنّ المنظمة ترغب في زيادة قدرتها التقنية والإحصائية من أجل تحسين المشورة السياساتية والتقنية التي تقدمها للبلدان وتحسين قياس الفاقد والمهدر من الأغذية، ولا سيما المهدر منها. إذ إنّ المهدر من الأغذية له فائدة هامشية أكبر بكثير، استنادًا إلى المبادئ والقوانين الاقتصادية، ومن أجل تحقيق تلك الفائدة، سنحتاج إلى موارد إضافية وإلى دعم الأعضاء.

ونحن بحاجة ماسة إلى من يبادر بذلك من خلال اتخاذ إجراء صغير واحد، كما فعلت أنا في العام الماضي، حين قمت بتحدي زملائي في الخدمات اللوجستية وزميلي رئيس الخبراء الاقتصاديين أيضًا، وليس بتشجيعهم.

وحيث إننا نحتفل كل عام باليوم الدولي للتوعية بالفاقد والمهدر من الأغذية، فلنترجم أقوالنا إلى أفعال بدءًا من مقرنا الرئيسي.

فبعد مضي عام وثمانية أشهر بالضبط، بتنا نلحظ فارقًا كبيرًا في مقصف المنظمة. وربما لم تكن لدينا الإحصاءات نفسها عن الفاقد والمهدر من الأغذية في منازلنا. لكن مقارنة مع الوضع قبل أربع سنوات، نرى أنّ جميع موظفي المنظمة وأصدقاءها كانوا قادة للتغيير.

وأتوجه بالشكر إلى الأعضاء على دعمهم المتواصل لعمل المنظمة في مجال المياه. ويشجعنا التقدم الكبير المحرز في تنفيذ توصيات التقييم الذي أجري لمساهمات المنظمة في تحقيق الهدف 6 من أهداف التنمية المستدامة ولعمل المنظمة في مجال المياه. 

وقد رأينا أداءً جيدًا للغاية من جانب أعضاء لجنة المالية/ لجنة البرنامج هنا، وكذلك من أعضاء المنظمة في العامين الماضيين، ومن الفنيين في السنوات الأخيرة. وبصفتنا منظمة دولية، نحن بحاجة إلى التزام مهني وسياسي. ويعود الفضل في ذلك أيضًا إلى الدعم المقدم من الأعضاء ومن الرئيسين المشاركين لمؤتمر الأمم المتحدة للمياه.

فقد بلغت مسألة المياه هذه المرحلة بفضل عمل المقرّ الرئيسي للأمم المتحدة عليها طوال 28 عامًا.

وأتوجه بالشكر إلى الرئيس المشارك من مملكة هولندا والرئيس المشارك من طاجيكستان أيضًا. فقد قاموا بعمل جيد للغاية بمشاركة الأمين العام للأمم المتحدة.

وأعتقد أني وزملائي قد تمكنّا من اغتنام هذه الفرصة.

فقد اغتنمنا هذه الفرصة ووضعنا استراتيجية وخارطة طريق وأطلقنا حوار روما بشأن المياه وغيره من مبادرات. وقد حققنا هذا الإنجاز بفضل سنوات عديدة من الدعم الفني.

والأمر يشبه غلي المياه. فحين تصل درجة الحرارة إلى 90 أو 95 درجة مئوية، نكون بحاجة إلى 5 درجات مئوية أخرى من الطاقة والمدخلات لكي نحقق الغليان عند 100 درجة مئوية. وهذا هو التقدم الذي نعمل على إنجازه معًا.

وإني أثمّن للغاية العمل الذي أنجزته لجنة البرنامج ولجنة المالية خلال السنتين الماضيتين، بالتعاون مع المجلس والأعضاء. ولا أقصد أعضاء لجنتي المالية والبرنامج هنا فحسب، بل جميع أعضاء المنظمة وزملائي كافة. 

وقد احتفلنا هذا الأسبوع أيضًا باليوم العالمي للنحل، واليوم الدولي للشاي، واليوم العالمي للتنوع البيولوجي. فدعوني أذكّركم بأنّ لدينا الكثير من الأيام التي نحتفل بها. وإذا استغليناها بصورة مناسبة ستحقق أثرًا عظيمًا سواء أكان كبيرًا أم صغيرًا. وقد لفتت هذه الأيام انتباهنا إلى الدور الرئيسي الذي يؤديه النحل والملقحات، وكذلك الشاي والبنّ.

وكما ترون، لقد شرعنا في إضافة البنّ إلى عمل المنظمة بفضل سفير البرازيل وأشخاص آخرين. وهذه فرصة لكم. لأننا أردنا أن نزيد العمل، وفي نفس الوقت أنا أكنّ الاحترام لجميع الثقافات. فأنا لا أشرب الشاي فقط، بل أشرب القهوة أيضًا. وربما لا تعلمون أنني أشرب القهوة منذ أربعين عامًا. وهذا ما يجعلني شخصًا لست كغيري من الأشخاص الآسيويين أو الصينيين التقليديين.

إذ ينبغي أن ينفتح الإنسان على الأغذية والثقافات الأخرى وأن يستمتع بها. وأن يتمتع بعقلية دولية وشاملة بصورة أكبر. وهذا ما سِرت عليه منذ أربعين عامًا من حياتي.

وأنا أحبّ مذاق الشاي وأحب مذاق القهوة أيضًا. وقد أحببت مذاق البيرة في هولندا، وشربت الكثير منها هناك. كما أني أحب النبيذ وخمر ماوتاي، دون شك. وأشرب أحيانًا الفودكا أو البولز. وقد كان لديهم مشروب البولز في هولندا.

ولا زلت أحتفظ بزجاجة منها منذ يوم تخرجي. وهي مخزوني الاحتياطي الخاص. وكنت قد اشتريت النوع الأغلى سعرًا. وكان ثمنها 100 غيلدر هولندي. وهو مبلغ كبير للغاية لأني كنت مجرد طالب آنذاك. المهم أني ما زلت أحتفظ بها في منزلي في بيجين. وأعتقد أنّ هناك أيضًا مشروب الجن وبعض المشروبات من أمريكا اللاتينية المصنوعة من قصب السكر، ومشروبات من بيرو.

وأعتقد أنّ هذا هو التنوع البيولوجي في الحياة. فهو مهم للغاية بالنسبة إلى وزراء الزراعة أو القطاع الخاص. لكنّ القوة الدافعة وراءه هي التنوع الغذائي. 

وقد زرت سلوفينيا خلال هذا الأسبوع لحضور أول منتدى دولي على الإطلاق بشأن العمل في مجال تربية النحل المستدامة وتلقيح الأزهار، وكان عنوانه "النحل لما فيه خير الإنسان وكوكب الأرض والسلام".

وقد سلّط المنتدى الضوء على ضرورة أن يعمل الإنسان - أي مربو النحل - يدًا بيد مع الطبيعة - أي الملقّحات - سعيًا إلى تحقيق التزامنا الجماعي بحماية الدور الحيوي الذي يؤديه النحل في نظمنا الزراعية والغذائية وفي التنمية الريفية.

وللمرة الأولى على الإطلاق، رأيت خلية نحل في حرم وزارة الخارجية، ولو كانت وزيرة الزراعة والأغذية هي التي افتتحت تلك الخلية لما فاجأني ذلك، لكنها كانت وزيرة الخارجية ونائب رئيس الوزراء - وكانت سعيدة جدًا بقص الشريط معي وبوجود خلية نحل في حرم الوزارة.

وهذا استثمار صغير، ولا أعلم إذا كان هناك من يقوم بذلك من الأعضاء الآخرين أو الجامعات أو وزراء الزراعة والشؤون الريفية في الصين؛ لدينا حرم كبير في بيجين، لكن لم تكن لدينا خلية نحل على الإطلاق. وأنا أعلم أنّ هناك حرم وزاري كبير في وزارة الزراعة في البرازيل، لكن لم تكن لديهم خلية نحل أيضًا.

إذن، حوّلوا أقوالكم إلى أفعال.

ومع أنّ سلوفينيا ليست بالبلد الكبير. بل هي أصغر من مدينة واحدة في البرازيل، إلّا أنهم يمسكون بزمام المبادرة، تخيلوا ذلك. وقد قلت للتو ما أقوله على الدوام: إذا أردتم أن تنجزوا عملًا ما، فإنّ التغيير يبدأ بإجراء صغير. لكنه سيترك أثرًا كبيرًا.

والبارحة كنت في سان مارينو، ولن أكرر على مسامعكم أنها بلد صغير، لأنّ زميلي أعدّ لي النقاط الرئيسية في خطابي لكني حذفت منها كلمة "صغير" حيثما وردت. وأكرر كلامي: "سان مارينو ليست بلدًا صغيرًا". فهناك جزر أصغر حجمًا. فمن حيث عدد السكان، سان مارينو ليست بلدًا صغيرًا؛ إذ يبلغ عدد سكانها 000 36 شخص ومساحتها 61 كيلومترًا مربعًا - أي أنها ليست صغيرة.

لكنّ الأهم من ذلك، أظنّ أنّ لديها علاقات دبلوماسية رسمية مع 156 بلدًا في العالم وهي الجمهورية الأولى في العالم، قبل إيطاليا بفترة طويلة. وتلك هي قوة الإقناع بعينها. وبالنظر إلى القوة الصارمة، فهذا البلد لا يتمتع بها، لكن إذا نظرتم إلى قوة إقناعه عبر الحدود وفي أرجاء القارة، تجدون أنّ سان مارينو بلد من أكبر الأمم.

وهم هناك جادّون بشأن مبادرة المدن الخضراء. ولديهم خطة عمل بشأن تنفيذ خطة الحراجة في المناطق الحضرية، وليس تنفيذ المبادرة فحسب. وقاموا بدمج النظم الزراعية والغذائية مع السياحة والبيئة والحراجة، بل ومع احتياجات المسؤولين الحكوميين أيضًا.

وأنشأوا خزان مياه تحت الأرض سعته 870 لترًا مكعبًا. وأقول على سبيل الدعابة، لو حاصرهم الإيطاليون فإنهم قادرون على البقاء على قيد الحياة أشهرًا عدة من دون أن تنفذ لديهم المياه. ولو أنهم لم يخبروني بذلك لما عرفت، لأنّ كل شيء تحت الأرض.

وهم مهتمون للغاية بأمر الأمن المائي، والأمن الغذائي، والبيئة، كما أنّ اقتصادهم أخذ بالنمو بثبات بعد الجائحة ليس لأنهم بلد "صغير"، بل لأنّ لديهم قدر كبير من التنوع. وقبل عودتي إلى روما، رأيت في طريقي واحدة من أفضل مواد تغليف الأغذية في أوروبا، بل ربما في العالم. وهي مادة حديثة للغاية وصديقة للبيئة لأنها قابلة لإعادة التدوير بالكامل. وقد كنت قلقًا بشأن الحبر المطبوع - أي كيفية إعادة تدوير الأحبار. وهي لا تسبب أي تلوث على الإطلاق! وقد أروني عدة خزانات كبيرة تستخدم في إعادة التدوير. 

وبالرغم من أنه بلد "صغير"، إلّا أنّ لديه أفضل التكنولوجيات. وهو من ينتج مواد التغليف المستخدمة لتعبئة منتجات M&Ms. لكنّ أشهر العلامات التجارية في إيطاليا هي "نوتيلا". وأنا لست شخصًا يحب الوجبات الخفيفة، فأنا لا أتناولها، لكنهم يقولون إنها واحدة من أفضل العلامات التجارية. ولا أقول ذلك من أجل الترويج للشركة؛ بل لكي أخبركم أنّ مواد التغليف تأتي من سان مارينو.

وقد أثنيت على سان مارينو، حكومة وشعبًا، لاهتمامهم الراسخ بالقضايا البيئية والزراعية.

لذلك سرّني أن أرى إعادة تأكيدكم على ضرورة أن تواصل المنظمة تركيزها على تعميم التنوع البيولوجي في مختلف القطاعات الزراعية، والحاجة إلى تخصيص موارد مالية كافية لتنفيذ خطة العمل.

وأكرر ما قلت، نحن بحاجة إلى مساعدتكم!

فقد عُرضت علينا هذا الأسبوع أيضًا معلومات محدّثة عن تنفيذ استراتيجية المنظمة للعلوم والابتكار، بما يشمل خطة عملها، وأوجه تآزرها مع الاستراتيجيات المواضيعية الأخرى، لا سيما استراتيجية المنظمة الخاصة بتغير المناخ.

ونظرًا إلى أنّ بوابة العلم والتكنولوجيا والابتكار تؤدي دورًا حاسمًا في النهوض بالابتكار العلمي والتكنولوجي، فقد سررت بمعرفة الدعم الذي تقدمونه لهذا الأداة المهمة، المتسقة مع استراتيجية العلوم والابتكار، وأتفق مع دعوتكم إلى إبرام شراكات أقوى تتيح لنا إحراز تقدم ملحوظ لما فيه صالح الجميع. 

حضرات الزميلات والزملاء الكرام،

فلنواصل العمل معًا من خلال روح التعاون والتضامن التي تجمعنا.

فلنتفق مع الاختلاف حول بعض النقاط ولنحقق إنجازًا معًا. فأنا لدي طموح محدود، والباقي يعتمد على إرادتكم. وإذا كنتم جادين في سعيكم، سأكون أكثر جدية في مساعدتكم. لكن إذا كنتم خلاف ذلك، فسوف أنتظر وأرى.

وقد قلت إني شخص صبور للغاية. وقبل سنوات عديدة، خضت في نقاش مع أصدقاء أمريكيين من وزارة الزراعة الأمريكية. وقلت لهم، لا بأس إذا لم نتفق، فلديّ ما يكفي من رحابة الصدر، لأني أنحدر من بلد بدأت حضارته قبل 000 5 سنة. وكنت ما زلت شابًا في ذاك الوقت. لكني لم أعد شابًا الآن لكن ما زالت لدي رحابة الصدر.

دعونا نواصل التركيز على ولاية المنظمة، ولنواصل معًا تقديم أفضل خدمة ممكنة للمزارعين والمستهلكين في العالم الذين يعتمدون على خبرتنا الفنية وتوجيهاتنا، لا سيما الاستشارات في مجال السياسات، وجمع البيانات وتحليلها، وتشاطر المعلومات، والمنصات وإقامة شبكات العلاقات.

باستطاعتنا أن نجعل المنظمة أقوى وقادرة على إحداث وقع أكبر وتحقيق المزيد من النتائج، من خلال دعمكم أنتم.

وشكرًا جزيلًا على حسن إصغائكم.