المدير العام شو دونيو

الملاحظات الافتتاحية في حفل إطلاق تقرير التوقعات الزراعية المشترك بين منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومنظمة الأغذية والزراعة للفترة 2024-2033 (حدث افتراضي)

للدكتور شو دونيو، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة

02/07/2024

أصحاب المعالي والسعادة،

حضرات السيدات والسادة،

الزميلات والزملاء الأعزاء،

في هذا الإصدار العشرين من التقرير، وصلت منظمة الأغذية والزراعة (المنظمة) ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إلى محطة بارزة تعتبر شهادة مهمة على تعاوننا الوثيق خلال السنوات العشرين الماضية.

فقبل عقدين من الزمن، أدركنا الفوائد المتأتية من إعداد توقعات زراعية سنوية مشتركة تستفيد من خبراتنا الجماعية، بما في ذلك مواردنا البشرية والفنية.

وهو ما سمح لنا بالتحرك نحو نموذج محاكاة يركّز على أسواق السلع الزراعية الرئيسية وقادر على إنتاج توقعات أساسية سنوية، إضافة إلى تحليلات مستقبلية في الوقت المناسب للأسواق الناشئة والمسائل الخاصة بالسياسات.

وتشمل الأمثلة الرئيسية أزمتي أسعار الأغذية العالميتين في الفترتين 2007-2008 و2010-2012، وجائحة كوفيد-19 مؤخرًا، فضلًا عن التوترات الجيوسياسية المتصاعدة.

وأودّ أن أشيد بجميع شركائنا على رؤيتهم الاستراتيجية من أجل دعم هذا المشروع المشترك على مدى السنوات العشرين الماضية، والذي نتوقع أن يتطور بشكل أكبر في المستقبل.

وأود أن أسلّط الضوء على بعض الرسائل الرئيسية المستمدة من نتائج عام 2024:

لقد دفعت الاقتصادات الناشئة بشكل متزايد التطورات في الأسواق الزراعية العالمية على مدى السنوات العشرين الماضية، ومن المتوقع أن تستمر الأوضاع على حالها على مدى العقد المقبل.

ومن المتوقع أن يزيد متناول السعرات الحرارية بنسبة سبعة في المائة في البلدان المتوسطة الدخل، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى زيادة استهلاك الأغذية الأساسية ومنتجات الثروة الحيوانية والدهون.

وسوف ينمو متناول السعرات الحرارية في البلدان المنخفضة الدخل بنسبة أربعة في المائة، وهي نسبة بطيئة للغاية من أجل تحقيق مقصد الهدف 2 من أهداف التنمية المستدامة المتمثل في القضاء التام على الجوع بحلول عام 2030.

ومن المتوقع أن تنخفض كثافة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن الزراعة على مستوى العالم، حيث سيتأتّى النمو عن تحسينات في الإنتاجية، وليس عن توسيع مساحة الأراضي المزروعة وقطعان الماشية - رغم استمرار ارتفاع الانبعاثات المباشرة من الزراعة بنسبة خمسة في المائة.

وستبقى الأسواق الدولية للسلع الزراعية الجيدة الأداء هامة للأمن الغذائي العالمي، إذ يجري فيها الاتجار بنسبة 20 في المائة من السعرات الحرارية؛ كما يمكن أن تستفيد سُبل العيش الريفية من المشاركة في الأسواق وسلاسل القيمة الزراعية والغذائية العالمية. 

ومن المتوقع حدوث انخفاض طفيف في أسعار السلع الزراعية الرئيسية المرجعية الدولية الحقيقية على مدى السنوات العشر المقبلة، ولكنّ هذا قد لا يظهر بالضرورة في أسعار البيع بالتجزئة للأغذية المحلية.

الزميلات والزملاء الأعزاء،

يؤكّد تقرير التوقعات على الحاجة إلى تنفيذ استراتيجيات لسدّ الفجوات في الإنتاجية في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ​من أجل زيادة الإنتاج المحلي وتعزيز دخل المزارعين.

وما فتئت المنظمة تدعم وتشجّع التقدم التكنولوجي والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية اللذين يؤديان دورًا محوريًا في دفع نمو الإنتاجية الزراعية، خاصة في البلدان المتوسطة الدخل.

وقد أعادت هذه الابتكارات تشكيل أنماط التجارة الدولية وستستمر في التأثير على المشهد الزراعي العالمي على مدى العقد المقبل.

ويقتضي تحسين الأمن الغذائي أن يعطي واضعو السياسات الأولوية لتعزيز الإنتاجية، والحد من الفاقد والمهدر من الأغذية، وضمان وجود نظام تجاري متعدد الأطراف عادل وشفاف وقابل للتنبؤ وغير تمييزي ويأخذ بعين الاعتبار أهداف الأمن الغذائي وسُبل عيش صغار المزارعين الذين تبلغ نسبتهم 85 في المائة من مزارعي العالم.

ويجري تقرير التوقعات لهذا العام تقييمًا للأثر المحتمل لخفض الفاقد والمهدر من الأغذية بمقدار النصف بحلول عام 2030.

فمن شأن خفض الفاقد والمهدر من الأغذية إلى النصف أن يقلّل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على نطاق العالم بنسبة أربعة في المائة، وأن يقلّل من عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية بمقدار 153 مليون شخص بحلول عام 2030.

كما أن الحاجة إلى تحويل النظم الزراعية والغذائية العالمية لكي تصبح أكثر كفاءة وشمولًا وقدرة على الصمود واستدامة أصبحت أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى.

وأزمة المناخ، والندرة المتزايدة للموارد، والتقلبات الاقتصادية، تهدّد جميعها توافر الأغذية وإمكانية الحصول عليها والقدرة على تحمل كلفتها، على حساب الأمن الغذائي والأنماط الغذائية الصحية وسُبل العيش الريفية.

ويمكننا، من خلال الاستفادة من الابتكار والتكنولوجيات الرقمية، تحسين استخدام الموارد وتقليل المهدر وتحسين وصول المزارعين إلى الأسواق.

ولا بد لهذا التحول أن يكون ملكًا للبلدان وأن يتم تنفيذه بالتعاون مع جميع الشركاء المعنيين.

والأمر يتعلق بتحويل طريقتنا في الزرع والتجهيز والتجارة والتوزيع والتمويل والاستثمار وتناول الطعام - بل إنه يتعلق بإنتاج كميّة أكبر بقدر أقلّ من الموارد.

ويتعلّق الأمر، في نهاية المطاف، بضمان تحقيق الأفضليات الأربع، أي إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل، من دون ترك أي أحد خلف الركب.

ويتعيّن علينا أن نوحّد جهودنا وأن نضمن الكفاءة والفعالية والاتساق في أعمالنا عبر القطاعات كافة.

فوحده من خلال العمل الوثيق معًا يمكننا بناء مستقبل أفضل للجميع، خالٍ من الفقر والجوع وسوء التغذية - من أجل عالم أفضل.

وشكرًا على تعاونكم. وسنواصل العمل بقدر أكبر وبشكل أفضل، سويةً.