دليل الأسرة التغذوي
نحن بحاجة لأن نأكل جيدا كي نحافظ على حياة صحية ونشيطة، ويعرف معظم الناس أن الإنسان بحاجة إلى إستهلاك الغذاء لتأمين قدرته على مزاولة عمله ونشاطاته ومع ذلك فلا يمتلك الجميع فكرة واضحة عن ماذا يعني أن نأكل جيداً، وكيف نحقق ذلك بموارد محدودة. إن مشكلة الحصول على غذاء جيد عندما تكون الموارد محدودة لهي مشكلة ذات أهمية خاصة للعديد من الناس في البلدان النامية. يشكل الفقر سببا رئيسياً لمشكلات سوء التغذية الموجودة في البلدان النامية. غير أن حالات سوء التغذية تسود أيضاً حيث لا يكون الناس فقراء، وحيث يمكن لهم الحصول على الغذاء بشكل كاف، مما يشير بجلاء إلى حقيقة أن هنالك نوعين رئيسيين متناقضين من أنواع سوء التغذية. النوع الأول ينتج عن استهلاك مقادير غير كافية من الأغذية الآمنة وذات النوعية الجيدة. والنوع الثاني يرجع سببه إلى تناول الطعام بكميات زائدة أو غير متوازنة. والإثنان يمكن تلافيهما باتباع نظام غذائي مناسب أو صحي ومتوازن. إن تأمين التغذية الجيدة يحتم حصول الأسر على موارد كافية لتنتج و/أو تشتري ما يكفي من الطعام. ويحتم كذلك أن تعي هذه الأسر ماهية تشكيلة الأطعمة التي توفر نظاما غذائيا صحيا، وأن تمتلك المهارات والدوافع لاتخاذ قرارات سليمة بشأن العناية بالأسرة وطرق التغذية. وسواء كانت مصادرالطعام ضئيلة أو وفيرة، فمن الأساسي أن يعرف الناس الطريقة الأفضل لاستخدام مواردهم لكي يحصلوا على تشكيلة من الأغذية الآمنة والجيدة النوعية. ويلعب التثقيف التغذوي دورا حيويا في تحسين التغذية. وهذا أمر هام جداً، خاصة في البلدان النامية، حيث لم تعد المعرفة التقليدية وحدها كافية في الغالب للتعامل مع التحديات الجدية للمتغيرات الإقتصادية والإجتماعية السريعة والعميقة. وعليه فالعديد من الحكومات والمؤسسات غير الحكومية تبذل جهودا كبرى لتحسين تغذية الشعوب، وإحدى الطرق لتحقيق ذلك هو التثقيف التغذوي. ولكن من أجل أن يكون التثقيف التغذوي أكثر فاعلية، يجب أن يرتكز إلى أحدث الإكتشافات في العلوم التغذوية. ومن الضروري أيضا القيام بذلك بطريقة تنجح في حث الناس على تبني أنظمة غذائية وأساليب حياة صحية. وتحتاج البرامج التثقيفية لأن تأخذ في عين الاعتبار التطورات الحاصلة في فهمنا للتغذية والتغيرات السلوكية، كما تحتاج مناهج البرامج إلى التحديث تبعا لذلك. إن دليل الأسرة التغذوي هو كتاب يساعد في هذه العملية التربوية. إنه يوفر ملخصا محدثا للمعلومات الغذائية الملائمة، ويعطي العديد من الاقتراحات حول كيفية تقاسم هذه المعلومات عند العمل مع مجموعات من الناس. والهدف الكلي لدليل الأسرة التغذوي هو مساعدة المختصين في مجال الصحة في البلدان النامية على توفير تثقيف تغذوي أكثر فاعلية، وذلك بتحفيز الناس على تبني عادات غذائية صحية وبإعطاء الأسرة ما تحتاجه من معلومات لإعداد وجبات مغذية وآمنة، ولتغذية كل فرد من أفرادها جيداً. إن هذا الدليل مصمم بشكل أساسي للمتخصصين الذين يريدون تحسين طعام وغذاء الأسر. وقد يكون مفيداً أيضاً للأفراد أو أعضاء مجموعة مجتمعية من الذين يريدون زيادة معرفتهم بالطعام المغذي للأسرة. وفيما تعكس رسوم الإيضاح وأمثلة الطعام في هذا الدليل، بشكل رئيسي، الأوضاع في بلدان الشرق الأدنى، إلا أن المعلومات الأساسية التي يتضمنها تناسب جميع المناطق. نأمل أن تستفيد أنت، أيها القارئ، من هذا الكتاب، وأن تجده مفيداً كدليل تقني يساعدك في تصميم الجديد أو تحسين ما هو قائم من مناهج ومواد تثقيفية تغذوية. ونأمل أيضاً أن يكون مصدرا لتحفيزك على أن تصبح أكثر اهتماماً بالتثقيف التغذوي. إن آراءكم مهمة لنا. لذلك فنحن ندعوا مستخدمي هذا الدليل لأن يرسلوا لنا ملاحظاتهم بشأن محتوياته، وأن يشاركونا بتجاربهم في كيفية استخدامه، وأن يقدموا اقتراحات لتحسين طباعته المستقبلية. ومنظمة الأغذية والزراعة على استعداد للتعاون مع الحكومات والمؤسسات التي تريد تحسين نشاطاتها الثقافية التغذوية. وعلى سبيل المثال باستطاعة المنظمة أن تساعد، حيث تدعو الحاجة، في تكييف دليل الأسرة التغذوي هذا مع احتياجات مناطق و/أو مجتمعات محلية معينة.