الكلمة الافتتاحية للسيد/ عبد السلام ولد أحمد، المدير العام المساعد للفاو والممثل الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا

في الدورة الرابعة والثلاثين للمؤتمر الإقليمي للشرق الأدنى

أصحاب المعالي،

السيدات والسادة ممثلي بلدان منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا،

السيدات والسادة ممثلي الدول المراقبة، والمنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية،

حضرات السيدات والسادة،

بإسمي وبالنيابة عن السيد/ جوزيه غراتزيانو داسيلفا، المدير العام للفاو، يسعدني ويشرفني أن أرحب بكم في اجتماع كبار المسؤولين للمؤتمر الإقليمي الرابع والثلاثين لمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.

اسمحوا لي أولاً أن أتوجه بالشكر لجمهورية لبنان ولسعادة الوزير السيد/ غازي زعيطر، وزير الزراعة، والسيد المهندس/ لويس لحود، مدير وزارة الزراعة، للدعم الذي قدمته لبنان من أجل تنظيم المؤتمر الإقليمي.

أصحاب المعالي،

السيدات والسادة،

يشكل  اجتماع كبار المسؤولين الفرصة لنراجع سوياً التقدم الذي تحقق في إطار التعاون بين المنظمة والدول الأعضاء في الإقليم، ولتحديث الأولويات للسنوات القادمة في ظل التحديات الطارئة والفرص المتاحة في المنطقة.

وللأسف، فإن وضع الأمن الغذائي للمنطقة مستمرفي التدهور، وللعام الرابع على التوالي نتيجة الصراعات والعنف والنزاعات الممتدة.

حيث يشير التقرير الاقليمي لمنظمة الفاو لعام 2017 حول الأمن الغذائي والتغذية، أن عدد الذين يعانون من نقص التغذية بالمنطقة وصل إلى 40,2 مليون شخص، بزيادة 11 مليون بالمقارنة مع الفترة 2012-2014.

وإن النزاع يفاقم نزوح السكان في المنطقة.  فما يقارب 60 بالمائة من إجمالي النازحين في العالم قادمون من خمسة بلدان فقط في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا.

والنازحون هم من أكثر الفئات ضعفاً، حيث يواجهون مستويات مرتفعة من انعدام الأمن ونقص التغذية.

وتتفاقم الانعكاسات السلبية للنزاعات على الأمن الغذائي بسبب الجفاف والتغيرات المناخية في المنطقة، وبسبب تقلص القدرة على الاستجابة في ظل تصاعدِ نُدرةِ المياه، والنمو السكاني المستمر.

وفيما يخص مستويات التغذية، وفي الوقت الذي تحسنت فيه معدلات تقزم الأطفال في أنحاء المنطقة، يتعرض هذا التقدم لخطر الانتكاس في البلدان المتأثرة بالنزاعات.

وأخيراً، تستمر المنطقة في تسجيل معدلات أداء سيئة فيما يتعلق بزيادة وزن الأطفال. وعلى الرغم من أنها ظاهرة واسعة الانتشار في العالم، فإن نسبة الأطفال دون الخامسة من العمر الذين يعانون من زيادة الوزن في المنطقة تتخطى ، وبفارق كبير، ما تسجله بقية البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

ولذلك يبدو أن هناك عوامل تغذوية محددة تؤثر في حالة التغذية في الإقليم بما يتطلب دراسة متأنية واهتماما خاصا من طرف صانعي القرار بسياسات الأمن الغذائي.

أصحاب المعالي،

السيدات والسادة،

اعتمد المؤتمر الإقليمي لمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا في 2014 ثلاث مبادرات إقليمية للتصدي للتحديات المترابطة التي تواجهها المنطقة: المبادرة الإقليمية لبناء القدرة على التكيّف من أجل تحقيق الأمن الغذائي والتغذية، والمبادرة الإقليمية المتعلقة بنُدرة المياه والتحدي الخاص بتغير المناخ، والمبادرة الإقليمية الخاصة بالزراعة الأسرية ضيقة النطاق من أجل تحقيق نمو اقتصادي شامل.

ومنذ تأسيسها، شكلت المبادرة الإقليمية إطارا لتوجيه عمل المنظمة بالمنطقة ومرجعاً لأطر البرامج القُطرية، كما أنها تشكل آلية لتنفيذ الأهداف الاستراتيجية للمنظمة.

ويمكت تلخيص الدعم للدول الأعضاء من خلال أربعة محاور رئيسية: (1) التعبئة ونشر الوعي، (2) السياسات وبناء القدرات، (3) تبادل المعرفة والخبرات بين البلدان في المنطقة، (4) دعم المشروعات والبرامج المحددة لكل بلد.

وسوف تتسنى لنا الفرصة يوم الغد للنظر في الإنجازات والتقدم الذي تحقق في ظل المبادرات الإقليمية.، وكذلك التحديات التي تواجهها.

أسمحوا لي أن أسلط الضوء على بعض التطورات الأساسية الجديرة بانتباهكم.

أولاً،

استمرت الفاو في تقديم خدماتها ومساعداتها في كل البلدان التي تعاني من النزاعات. وعملت فرق العمل ليس على دعم العمليات الطارئة  من خلال التدخلات العاجلة فحسب، بل ظلت تدعم أيضاً سبل العيش المستدامة وبناء القدرات والإدارة المستدامة للموارد الطبيعية.

وتكتسب خطة الفاو الخاصة بدعم الصمود بالمنطقة اهتماما متصاعدا، مما أدى إلى زيادة الموارد واجتذاب شراكات متعددة.

وخلال العامين السابقين، نفذت المبادرة عدداً من برامج بناء القدرة على التكيّف في كل من العراق وسوريا ولبنان والأردن والسودان واليمن وليبيا وفلسطين.

وتم تحقيق تقدم ملموس فيما يخص دعم خطة التغذية بالمنطقة. حيث استضافت سلطنة عُمان في ديسمبر 2017 أول حلقة عمل إقليمية عن التغذية في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، بمشاركة جميع منظمات الأمم المتحدة المعنية  (اليونيسيف وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة العالمية)، ولجنة الأمن الغذائي العالمي، وحركة تعزيز التغذية "صن"، والخبراء من جميع البلدان الأعضاء بالمنطقة.

واتفق المشاركون على وضع التغذية في صدارة الأولويات الأساسية لمنظومة الأمم المتحدة في المنطقة، وعلى تعزيز العمل المشترك من أجل صياغة استراتيجيات وبرامج شاملة للتغذية، بما في ذلك الدفع بدور الزراعة.

ثانيا،

لقد أصبحت مبادرة نُدرة المياه مرجعاً هاماً بالمنطقة.

حيث تحظى المبادرة باعتماد جامعة الدول العربية، وترفع الفاو  تقاريرها بانتظام لمجلس وزراء المياه بالجامعة.

ومن بين أهم التطورات التي تحققت إطلاق برنامج لمدة أربع سنوات لتنفيذ خطة عام 2030 بشأن كفاءة المياه واستدامة المياه في بلدان الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، بدعم كريم من المملكة السويدية.

سوف يدعم هذا البرنامج بتكلفة 10 مليون دولار تأسيس وحدات حسابية للمياه والتخطيط الاستراتيجي للموارد المائية من خلال اعتماد نهج الترابط الذي يراعي الصلة القوية بين المياه والطاقة والأمن الغذائي في السياق الإقليمي.

 

ثالثا،

تركز المبادرة الإقليمية للزراعة الأسرية ضيقة النطاق على دعم وتعزيز منظمات المنتجين الزراعيين والتعاونيات الزراعية ومساعدة سلاسل القيمة الزراعية وتقليص المُهدر والفاقد من الغذاء. كما تقوم المبادرة أيضا بتطوير عمل البرامج الإقليمية المعنيّ بالحماية الاجتماعية لتحسين السياسات المتعلقة بصغار المزارعين، وتنفذ المبادرة برامج نموذجية عدة لمعالجة بطالة الشباب والهجرة.

كما أن إعلان الأمم المتحدة عَقد الزراعة الأسرية العام الماضي يعزز فرص تعزيز الشراكات مع منظمات الأمم المتحدة ذات الصلة، وكافة الشركاء وذوي الصلة بالموضوع في الإقليم.

أصحاب المعالي،

السيدات والسادة،

ظل تعزيز قدرات وتواجد المكاتب الإقليمية واللامركزية بالمنطقة في تطور مستمر.

حيث تم تجديد الاتفاق الخاص بالمكتب شبه الإقليمي لبلدان مجلس التعاون الخليجي، ونود في هذا الصدد الإعراب عن الشكر للإمارات العربية المتحدة لدعمها السخي.

كما أن الاتفاق الخاص بالمكتب شبه الإقليمي لبلدان المشرق العربي قيد التنفيذ، بدعم من الحكومة اللبنانية، التي نتقدم لها بجزيل الشكر.

وتم تسجيل مستوى قياسي من حيث تعبئة الموارد وصل إلى 294 مليون دولار خلال عامي 2016-2017، وهي زيادة بنسبة 85% عن الفترة المالية التي سبقتها.

أصحاب المعالي،

السيدات والسادة،

إن الشراكة في قلب عمل الفاو الاستراتيجي، وهو موضوع الهدف الاستراتيجي المستدام السابع عشر.

وفي هذا الإطار توسع المكتب الإقليمي للفاو في تعزيز شراكاته مع المؤسسات والهيئات الإقليمية والدولية بالمنطقة، من بينها جامعة الدول العربية، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الاسكوا)، وبرنامج الغذاء العالمي، والمركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة (ايكاردا)، ومؤسسة جوائز خليفة لحماية وتطوير سلاسل القيمة لنخيل التمر، والمركز الدولي للدراسات الزراعية العليا في البحر الأبيض المتوسط (سيهام)، والمركز الدولي للزراعة الملحية (إيكبا).

أصحاب المعالي،

السيدات والسادة،

تتناول الأجندة لمؤتمركم الإقليمي مواضيع استراتيجية للمنطقة: ايكولوجيا الزراعة وتغير المناخ، وتحول الزراعة ودوره في النمو الاقتصادي، والعمالة والهجرة، وأمراض وآفات الحيوانات والأسماك العابرة للحدود، وهي كذلك مواضيع أساسية في جدول أعمال منظمة الفاو عالميا،

كما يشمل هذا المؤتمر أربعة أحداث جانبية تم الاتفاق على مواضيعها على الدول الأعضاء

 

إنها أجندة مزدحمة، ونحن نتظلع لنقاشاتكم وإرشاداتكم وتوصياتكم.

استفادت الخطة من التوصيات المنبثقة من المداولات التي جرت خلال مؤتمر الفاو الإقليمي السابق للشرق الأدنى، وأحيطت تماماً بالخطة العالمية للفاو.

فالأوراق الموضوعية كانت موضوع المشاورات الفنية الإقليمية التي شارك فيها الخبراء من داخل المنطقة ومن خارجها.

كما تم التشاور مع المجتمع المدني بشأن الأوراق الرئيسية قيد النقاش.

ونحن إذ نتطلع لمداولاتكم وإرشاداتكم.

وأشكر لكم حسن الإنصات.