الصفحة السابقة بيان المحتويات الصفحة التالية


سادسا - استشراف المستقبل


   109

إذا ما حظيت هذه المقترحات بدعم من أعضاء المنظمة خلال المؤتمر العام في نوفمبر/تشرين الثاني 2005، فإن المدير العام يكون ملتزما تماما بتنفيذها بسرعة، علما بأن سرعة التنفيذ إنما تعتمد كثيرا على مدى توافر الأموال.

   110

وتهدف المقترحات إلى تعزيز قدرات المنظمة في تحقيق توقعات الآباء المؤسسين، في ظل بيئة عالمية تختلف كثيرا عن تلك التي كانت سائدة عام 1945. وسوف تدعم الإصلاحات مقدرة المنظمة على الاستمرار في الاضطلاع بدور أساسي وبالغ الأهمية لتحقيق عالم أفضل. ومن المأمول أن تساعد هذه الإصلاحات في التأكد من تزويد المنظمة بالموارد اللازمة للاضطلاع بالمسؤوليات المنوطة بها والوفاء بالتزاماتها لدولها الأعضاء. لكن وتيرة التغيير في البيئة العالمية سريعة ويصعب التنبوء بها. وسوف تتأثر هذه العملية بعمليات أخرى واسعة لإصلاح الأمم المتحدة، كما سوف تتأثر بالنتائج التي توصل إليها التقييم الخارجي المستقل للمنظمة الذي طالب به مجلس المنظمة. والمدير العام واثق من أنّ تنفيذ المقترحات الحالية سوف يؤدى إلى خلق سياق مشجّع أكثر لكلتا العمليتين وسيزيد من قدرة المنظمة على تنفيذ الاستراتيجيات وبلوغ الأهداف التي حددها الأعضاء للمنظمة أو التي سوف يتم تحديدها في المستقبل.

   111

وكل هذه الإصلاحات تنفذ في عالم يتزايد فيه الاعتماد المتبادل، حيث أن رفاه الأمم ورفاه شعوبها في المستقبل أمران مترابطان لا فكاك بينهما. فالخيارات التي يطبقها المستهلكون في طوكيو، وباريس، ونيويورك تؤثر في نهاية المطاف على سبل معيشة مزارعي الشاي في مرتفعات سرى لانكا ومزارعي الخضر في كينيا ومنتجي البن في نيكاراغوا. وانتشار ظاهرة الفقر والجوع في البلدان النامية يجعل ملايين من السكان شديدي التعرض للصدمات سواء منها الطبيعية أو التي من صنع الإنسان، ويكوّن مرتعا خصبا لبروز التقلبات السياسية والنزاعات واختلال الأسواق الدولية واضطرار أعداد غفيرة من السكان للبحث عن حياة أفضل في خارج حدود بلدانهم. وما من شيء أوضح من أن تكون هناك مصلحة مشتركة، وليس مجرد التزام أخلاقي، لجميع الأمم في العالم، لكي تضع حدا للفقر المدقع الذي لا يزال يؤثر في العديد من إخواننا من البشر طوال مسيرة حياتهم.

   112

وفي واقع الأمر، وبسبب هذا الاعتماد المتبادل، فإن التأثير النهائي لعمل المنظمة سوف يتحدد على نحو كبير، بما يحدث خارج نطاق المنظمة في ظل البيئة الإنمائية الواسعة، خصوصا في مجالات المعونة والتجارة. والوتيرة التي يمكن بها استئصال الجوع في العالم سوف تتأثر بالمدى الذي تتوجه به الموارد المحلية والدعم الدولي على السواء، وبصورة متزايدة، صوب التصدي للأسباب الجذرية للمشكلة بما يتكافأ مع حجمها. ومن المأمول أنه، عندما تتحدد الأزمات الوشيكة، يصبح بالامكان التصدي لها من خلال الاستجابة في الوقت المناسب بدلا من انتظار صور الأطفال على الشاشات التليفزيونية، وهم على شفير المجاعة، عندما تبث في جميع أنحاء العالم لتكون حافزا لمساعدة إنسانية واسعة النطاق تقدم بتكاليف لوجستية باهظة. وإذا ما اتبع نفس المنهج الوقائي في مكافحة الآفات والأمراض النباتية والحيوانية العابرة للحدود، فإن هذا من شأنه أيضا ضمان الوقاية من التلف والضياع ومن إلحاق خسائر ضخمة ودمار شديد بمصادر رزق ومعيشة الفقراء.

   113

وإذا ما تواكب مثل هذا التغيير في توجيه الموارد صوب الأسباب الجذرية للأوضاع الهشة مع تغييرات أيضا في العلاقات التجارية بغية توفير ظروف أكثر تكافؤا، فإن التقدم نحو بلوغ رؤية الآباء المؤسسين للمنظمة سوف يتحقق بوتيرة لا سابق لها. والحاجة إلى هذا الأمر تكمن في تعقيب هيئة أفريقيا "بأن لوائح التجارة تطبق بصورة مضطربة"، كما تكمن في توصيتها التي تقضي بأن "الإصلاحات في أسلوب عمل منظمة التجارة العالمية، وفي تصرف بلدانها المتقدمة الأعضاء، تعتبر أمورا حاسمة أيضا إذا ما أريد توسيع امكانات الوصول إلى الأسواق". والتحركات الملموسة صوب افتتاح الأسواق، ليس أمام المواد الخام فحسب بل وأيضا أمام السلع المصنعة ذات المنشأ الزراعي، سوف تكون لها تأثيرات عميقة على سبل معيشة السكان، خصوصا أولئك الذين يعيشون في البلدان الأشد حرمانا، وهي بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض، وأقل البلدان نموا، والبلدان النامية غير الساحلية، والدول النامية الجزرية الصغيرة، والتي سوف تركز عليها المنظمة، بصورة متزايدة، برامجها المتعلقة بالأهداف الإنمائية للألفية. وهو أمر حيوي لتلافي بروز وضع تتراجع فيه الأهداف الإنمائية للألفية إلى الوراء، كما حذرت الهيئة، وحيث "يواجه الرباط المتين بين الأغنياء والفقراء، في عصرنا، مخاطر التحول إلى خداع شديد، لا سابق له، من جانب الأغنياء للفقراء".

   114

ولا يمكن أن تكون هناك رسالة أهم لمؤسسة عالمية من تلك الرسالة التي تضمن كفاية الإمدادات الغذائية العالمية لكافة سكان العالم، حاضرا ومستقبلا. وقد أكد الأعضاء من جديد، في مدينة كيبيك، عام 1995، أثناء الاحتفال بالذكرى السنوية الخمسين لتأسيس المنظمة، دعمهم السياسي للمنظمة في الاضطلاع بمهمتها للمساعدة في بناء عالم يستطيع فيه جميع السكان أن يعيشوا بكرامة وعلى يقين من أمنهم الغذائي. وأطلق مؤتمر القمة العالمي عام 2005 عملية اتفقت فيها جميع الأمم على أن هناك مصلحة مشتركة في رؤية نهاية للفقر والجوع، وأنه يجب توريث الموارد الطبيعية غير التالفة للأجيال المقبلة. وهناك إحساس جديد بالتصميم على المشاركة في برامج عملية واسعة النطاق للحد من الفقر. والمنظمة، وهي تعكف على تنفيذ الإصلاحات المقترحة، سوف تنوه إلى قوة التزاماتها بالعمل، ضمن اختصاصاتها وصلاحياتها، وبالمشاركة مع سائر المؤسسات ضمن منظومة الأمم المتحدة وخارجها التي تشاطرها نفس الأهداف، وستؤدي دورها الذي يليق بمكانتها في إطار هذا الجهد العالمي المتجدد.


الصفحة السابقة أعلى الصفحة الصفحة التالية