الصفحة السابقةبيان المحتوياتالصفحة التالية

تخصيص الموارد والتأثيرات التراكمية لبرامج تخفيض الطاقة

119 - ستحدث تأثيرات كبيرة من شأنها إزاحة العاملين في المصايد. وهذه التأثيرات التخصيصية تعتمد على كيفية تنفيذ البرنامج. فإذا كان البرنامج قد وضع لمجرد زيادة الكفاءة فإن المنتجين غير الأكفاء سيخرجون من النشاط. وأما إذا كانت هناك أهداف أخرى مثل حماية الصيد الحرفي أو الإبقاء عليه أو تعظيم فرص العمل فإن أكفأ المنتجين سيكون عليهم أن يخفضوا مستويات إنتاجهم.

120 - وسيكون التخصيص الأولي واختيار المالكين للمورد البحري ملكية ضمنية هما العاملان اللذان يحددان "الرابحين" و "الخاسرين". وتعريف الخاسرين والرابحين لا يعني العاملين في المصايد بصفة مباشرة فقط بل إن الأفراد الذين يقدمون السلع والخدمات للصيادين أو يحصلون على سلع وخدمات منهم سيتأثرون أيضاً بتغير حجم أسطول الصيد وموقعه بسبب برنامج تخفيض الطاقة.

121 - وعلى ذلك فإن عملية التنفيذ يجب أن:

  • تضع أهدافاً وغايات أمام مديري المصايد،
  • تحدد بوضوح مجموعات أصحاب المصالح التي ستزاح من النشاط بسبب برنامج تخفيض الطاقة،
  • تخطو خطوات للتعرف على استراتيجيات تخفيف الآثار ولتنفيذ تلك الاستراتيجيات.

التأثيرات التوزيعية

122 - ستنتج عن برامج تخفيض الطاقة تأثيرات توزيعية.

123 - فالأفراد ستكون حالتهم قد ساءت بالفعل لأن مديري مصايد الأسماك سمحوا بظهور طاقة مفرطة. وإذا أمكن استعادة الصيادين الذين سيخرجون من القطاع واستيعاب استثمارهم الرأسمالي في صناعة أخرى في الاقتصاد المحلي فإن حالتهم ستكون أحسن وكذلك حالة الأمة بأكملها. لأن معنى ذلك توافر مزيد من السلع والخدمات للمستهلكين النهائيين وتقليل الضرر البيئي الذي تُحدثه صناعة الصيد. وهذا هو ما يوصف بأنه الحل الأمثل بحسب Pareto: أي أن هناك شخصاً واحداً على الأقل ستتحسن حالته ولن تسوء حالة أي شخص بسبب التغير في برنامج الإدارة.

124 - فإذا لم تكن هناك فرص عمل بديلة للصياد بحيث يحصل منها على الأقل على ما كان يحصل عليه من الصيد (أي إذا كانت نفقة فرصة الصيادين هي صفر) وإذا لم يكن هناك استعمال آخر لقارب الصيد الذي يملكه أو الذي يستعمله (أي إذا كان رأس ماله غير قابل للتعديل) فإن الأشخاص الخارجين من القطاع لن يستطيعوا أن يساهموا في الاقتصاد المحلي على نفس المستوى السابق.

125 - ومن ناحية أخرى فإذا كان من يحصلون على منافع برنامج تخفيض الطاقة يستطيعون أن يعوضوا أو يتجاوزوا أعباء من غادروا القطاع فيعتبر ذلك حلاً من الدرجة الثانية. ففي مثل هذا الوضع تكون الأمة بأكملها في حالة أحسن رغم أن هناك من ساءت حالتهم بصفة فردية. وهنا تصبح القضية قضية إعادة توزيع الدخل من الذين حصلوا على المنافع إلى الذين تحملوا الأعباء. وربما يكون ذلك بواسطة آليات السوق أو المدفوعات التحويلية.

126 - ولا يمكن تحقيق الحلول المثالية بحسب Pareto إلا إذا كانت هناك منافسة كاملة ولم تكن هناك وفورات خارجية تكنولوجية ولم يكن هناك هبوط في الأسواق بسبب الشك. ومن غير المحتمل - حتى في نُظم إدارة السوق ومواءمتها - ظهور حلول Pareto بالمعنى الحقيقي. ومعنى ذلك أنه سيكون هناك من يطلق عليهم صفة "الرابحين" و"الخاسرين".

127 - وفي التصور من الدرجة الثانية تكون الاستراتيجية البديلة المعتمدة قادرة على استيفاء شرط واحد على الأقل من شروط Pareto النمطية المطلوبة في الكفاءة. وأما بقية شروط الكفاءة فهي لن تتحقق ولكنها لا تمنع حدوث تحسن في تخصيص رأس المال والعمل والمخزون السمكي داخل الأمة بأكملها.

128 - وتناولت المناقشة أيضاً مفهوم "الإنصاف التام"10 وبعبارة بسيطة جداً يكون المقصود من الإنصاف التام هو حالة التوزيع التي فيها تفضل كل فئة من المشاركين حصتها على الحصة التي تحصل عليها مجموعة أخرى. أي ليس هناك مجموعة مشاركة تحسد مجموعة أخرى وبالتالي فإن ذلك يعني عدالة التوزيع. وهناك طريقة أخرى لوصف مفهوم الإنصاف التام هو أن يقول أحدهم "سأقطع الكعكة والاختيار الأول لك" وهي قاعدة قد تستخدم لتقسيم كعكة بين شخصين.

129 - ومن المهم ألا يغيب عن البال:

  • أن هناك أشخاصاً تكون حالتهم قد ساءت لأن المديرين سمحوا بظهور طاقة مفرطة في احدى مصايد الأسماك
  • أن برامج تخفيض الطاقة ستكون لها آثار توزيعية.

130 - والقضية هي حل مشكلة الطاقة المفرطة على أن يكون الحل مؤدياً إلى استدامة المصايد، ومن الأفضل كذلك أن يؤدي إلى تقليل الخسائر الإضافية إلى أدنى حد.

استخدام تحليل الكفاءة الاقتصادية للمقارنة بين برامج تخفيض الطاقة

131 - يمكن تقييم التأثيرات الاقتصادية لمختلف برامج تخفيض الطاقة باستخدام التحليل البيولوجي الاقتصادي الكمي والكيفي أو الاثنين معاً.

132 - فيمكن عمل نماذج لمصايد الأسماك تماثل ديناميكية المخزونات السمكية، وديناميكية أساطيل الصيد، وتكاليف تشغيل السفن، وتحليل الأسواق. وإذا لم تكن البيانات التجريبية متوافرة يمكن اللجوء إلى آراء الخبراء أو إلى هيكل نظري لوضع بارامترات النموذج الذي يحدد الاتجاهات المتوقعة للتغير في مصايد الأسماك بسبب اعتماد برنامج لتخفيض الطاقة. وأما إذا كانت البيانات التجريبية متوافرة فيمكن أيضاً التعرف على مدى ضخامة اتجاه التغير.

133 - وهذه النماذج هي تبسيط لما يحدث في العالم الحقيقي أي أنها لن تتنبأ تنبؤاً كاملاً بتغير سلوك الصيادين، ولكنها توفر إشارة عن تأثيرات مختلف برامج تخفيض الطاقة وتقدم إرشاداً للمديرين وواضعي القرارات. كما أن هذه النماذج يمكن أن توضع بصورة أعقد مع تقديرات أفضل إذا أمكن جمع البيانات التجريبية وتحليلها.

برامج كفؤة اقتصادياً لتخفيض الطاقة

134 - تميل الحلول الكفؤة اقتصادياً إلى تعظيم المنافع الاجتماعية الصافية التي تشمل قيماً غير تجارية من جانب أصحاب المصلحة أو المعنيين بالمصايد موضع البحث. ولكن قد يكون من الضروري إدخال اعتبارات ثانوية إضافية في برنامج بعينه من برامج تخفيض الطاقة حتى ولو كانت هذه الاعتبارات ستؤدي إلى تقليل المنافع الصافية التي يمكن أن يحققها حل كفؤ اقتصادياً.

135 - فمثلاً إذا كانت هناك نواحي قلق بشأن الحفاظ على مستوى أدنى من العمالة فإن المديرين ربما يقررون الإبقاء على طاقة الصيد فوق المستوى الاقتصادي الأمثل. وقد لا يكون هذا هو أفضل حل للحفاظ على العناصر الرأسمالية والمخزون السمكي ولكنه يستطيع أن يلبي الاحتياجات التي ترى الإدارة إنها احتياجات مهمة عند وضع تنظيم لإدارة القطاع.

التعقيدات وتبادل التنازلات

136- قد يكون من الضروري أيضاً النظر إلى دور مصايد الأسماك في علاقته بكل من الاقتصاد المحلي والاقتصاد الوطني.

137 - فإذا كان هذا القطاع عنصراً رئيسياً في الاقتصاد الوطني فإن الآثار قد تظهر على مستوى البلد بأكمله. والنتيجة هي أن التغيرات التي قد تكون مفيدة لمجموعة ما من أصحاب المصالح ربما لها تكون لها آثار سلبية كبيرة على مجموعات أخرى وعلى الاقتصاد بصفة عامة. ويتطلب ذلك أن يكون أي تحليل لتأثيرات البرنامج، بل والبرنامج نفسه، قد راعى اعتبارات الاقتصاد الوطني بأكمله. وفي هذا الوضع إذا استطاع الاقتصاد أن يستوعب العمالة التي أزيحت من القطاع وأن يستوعب الاستثمار الرأسمالي كذلك استيعاباً سريعاً نسبياً فإن برامج الحفز على المواءمة11 السليمة في إدارة الطاقة يمكن أن تولّد منافع صافية كبيرة للاقتصاد الوطني وأن تحسَن بصفة عامة من مدى توافر السلع والخدمات للمستهلك النهائي. وعلى العكس من ذلك إذا كان البرنامج يقوم على مفهوم الحفز على التوقف12 ، أي الحفاظ على الحالة الحاضرة في إدارة المصايد، فإنه قد يؤدي في نهاية الأمر إلى خسارة كبيرة في المنافع الصافية للمستهلك النهائي.

138 - وقد تكون آثار برامج تخفيض الطاقة أكبر بكثير على المجتمعات المحلية منها على الاقتصاد الوطني، خصوصاً إذا كانت صناعة الصيد عنصراً صغيراً من مجموع الاقتصاد الوطني. يُضاف إلى ذلك أنه إذا كانت مصايد الأسماك جزءاً من الاقتصاد الوطني فإن تأثيرات برنامج الحفز على التوقف ربما تقلل تكاليف استبعاد الطاقة المفرطة في الأجل القصير ولا تؤدي إلى تأثيرات كبيرة على المستهلكين النهائيين. وبالمثل فإن التحسن في المنافع الصافية من أي برنامج للحفز على المواءمة قد لا تظهر عند المستهلكين النهائيين، خصوصاً إذا كانت هناك نواحي عدم كفاءة أخرى في السوق في عمليات التجهيز وقطاع تجارة الجملة.

139 - وأما تأثيرات برامج تخفيض الطاقة على المخزونات السمكية وعلى البيئة فهذه تتوقف على مدى اتساع قطاع مصايد الأسماك وعلى مستوى الطاقة المفرطة الموجودة.

140 - وعند تقسيم فئات التأثيرات التي نظرت فيها المشاورة (الجدول 14) تكون هناك قضايا تُعتبر جزءاً من قرارات إدارة مصايد الأسماك ومن تصميم أي استراتيجية تنظيمية، أي كيف سيؤثر البرنامج على ما يلي:

الجدول 14: الاهتمامات ببعض الآثار الجانبية في برامج الحفز على التوقف

141 - وسيختلف مدى هذه التأثيرات، كما في أي وضع من أوضاع إدارة مصايد الأسماك، بحسب تصميم كل برنامج. كما أن التأثيرات ستعتمد على ما إذا كانت الطاقة المفرطة موجودة في أساطيل تعمل في مصايد تجارية واسعة أو متوسطة النطاق أو صغيرة النطاق، أو ما إذا كان المشاركون في الصيد هم من صيادي الكفاف أو من الصيادين الحرفيين.

142 - وأخيراً فإن التغيرات في الاقتصاد الكلي في بلد ما يمكن أن تؤثر في مسمكة ما وتسبب آثاراً مختلفة على الطاقة المفرطة وعلى برامج تخفيض الطاقة13. ومن الأمثلة على ذلك:

143 وهذه التغيرات في الاقتصاد الكلي يمكن أن تؤدي إلى زيادات أو إلى تخفيضات في الطاقة الزائدة والطاقة المفرطة. وينبغي أن يكون المديرون واعين بالتفرقة بين هذين النوعين من الارتفاع في الطاقة حتى لا ينفذوا برامج تخفيض الطاقة في مصايد قادرة على تصحيح نفسها بنفسها في نهاية الأمر، أو يتجاهلوا الآثار التي قد تكون مدمرة عندما تزيد الطاقة المفرطة دون أن يمكن وقفها في إحدى المصايد.

أفكار ختامية

145 - ليس هناك برنامج تخفيض طاقة وحيد يمكن تطبيقه على جميع أنواع المصايد. ومع ذلك فبصرف النظر عن تصميم البرنامج فإنه لا بد أن يحقق بعض المنافع، بما في ذلك زيادة احتمال استدامة المورد، وتكون النتيجة هي زيادة احتمال قيام صناعة سليمة ومستدامة في قطاع مصايد الأسماك.

146 -وبهذه الطريقة يستطيع أي برنامج حسن التصميم لتخفيض الطاقة أن يزيد القيمة الاقتصادية للمصايد وأن يساعد على التغلّب على ما قد ينشأ عنه من كارثة اقتصادية واجتماعية قد تكون أشد قسوة من البرنامج نفسه.

144 -اختتمت مشاورة الخبراء هذه المناقشة بأن لاحظت أن تنفيذ برنامج لتخفيض الطاقة يكون أعقد إذا كانت المصايد أعقد وأن نطاق المصايد يجب أن يوضع موضع الاعتبار. وعلى ذلك فأن أي برنامج لتخفيض الطاقة يجب أن يكون نوعياً بحسب الحالة أو بحسب الوضع القائم.

10 جاء وصف هذا المفهوم لأول مرة عند Baumolفي كتابه "Superfairness" (1986), The MIT Press, Cambridge, Massachusetts.

11 كانت برامج الحفز على المواءمة التي نظرت فيها المشاورة تشمل ما يلي على سبيل المثال لا على سبيل الحصر: الحصص الفردية القابلة للتحويل - الاشتراك في الإدارة - استرداد التكاليف - الحل التعاوني - حقوق الاستخدام الإقليمية - وحصص الجهود الفردية وضوابط الجهود الفردية التي دُرست أيضاً بموجب آليات الحفز على التوقف).

12 كانت برامج الحفز على التوقف التي نظرت فيها المشاورة تشمل ما يلي على سبيل المثال لا على سبيل الحصر: تحديد الدخول إلى المسامك؛ برامج شراء التراخيص؛ فرض قيود على معدات الصيد والسفن؛ المصيد الأقصى المسموح به، حدود الصيد لكل سفينة؛ حصص الجهود الفردية (ضوابط الجهود الفرديةالتي دُرست أيضاً بموجب آليات الحفز على المواءمة).

13 لم تتناول المناقشة أثناء مشاورة الخبراء موضوع تأثير زيادة واردات الأوربيان الرخيص نسبياً إلى الولايات المتحدة مما أدى إلى انخفاض كبير في طاقة مسامك الأوربيان في خليج المكسيك. ويقال إن ذلك أدى إلى تخفيض كبير في الطاقة الزائدة في هذه المسامك، ولكنه لم يغير بالضرورة في الطاقة المفرطة الموجودة فيها.


الصفحة السابقةأعلى الصفحةالصفحة التالية