NAPC) التابع لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بمساعدة مشروع منظمة الأغذية والزراعة GCP/SYR/006/ITA الممول من قبل الحكومة الإيطالية في دمشق خلال الفترة 6-7 كانون الأول 2003 . وقد ركزت المناقشات على الحاجة إلى المشاركة في التجارب وتطوير الإمكانات المؤسسية في مجال السياسات الغذائية والزراعية على المستوى القطري وتحديد النقاط المشتركة ومجالات التكامل مع مساعي التعاون الإقليمي والدولي . وتعرض هذه الوثيقة نتائج المناقشات التي تمت في ورشة العمل والأوراق المعدة من أجلها . وتشمل تلك الأوراق الواقع الحالي وقضايا وآفاق السياسات الغذائية والزراعية في منطقة الشرق الأدنى واستعراضاً لأدبيات وتجارب المتطلبات المؤسسية والمنهجيات المتبعة في مجال تحليل السياسات بما فيها تطوير الإمكانات . وأخيراً تم التعرض بالتفصيل إلى المركز الوطني للسياسات الزراعية كمثال حي للبناء المؤسسي وتطوير الإمكانات . ونأمل أن تتم متابعة القضايا التي تم طرحها والتوصيات التي تم التوصل إليها ضمن إطار شبكة السياسات الزراعية لمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا (NENARNAP) التي تم إنشاؤها مؤخراً . ">

الصفحة السابقة بيان المحتويات الصفحة التالية


5- أهم القضايا المتوقعة والناشئة للتنمية الزراعية في الإقليم

5-1 الوصول إلى التقنيات الجديدة وقواعد المعلومات

يتم تسهيل العلم بالتقنيات الجديدة والوصول إليها عبر وجود عدد كبير من العمال المغتربين في الدول المتقدمة مثل تواجد العمال الأتراك وعمال شمال أفريقيا في أوروبا . هذا الوجود سوف يؤدي إلى ترويج التطوير والتطبيق للتقنيات التي تحسّن الإنتاجية وتقلل من المخاطر وتزيد من الاستخدامات وهي المستدامة بيئياً . وبالنسبة للمحاصيل التي تستلزم مناطق تحتاج إلى الري في أي مكان صالح اقتصادياً ومستدام، وتحسين إدارة موارد المياه ، تربية واستخدام الأصناف عالية ومستدامة الإنتاج ، إضافة إلى الاستخدام الأمثل للأسمدة . أما بالنسبة للمواشي فتستلزم التكامل مع إنتاج المحاصيل ، والاستخدام الأفضل للمروج الطبيعية، ومحاصيل العلف والإنتاج ، إدارة تربية متطورة ومقاييس للصحة الحيوانية . ومع ذلك ، ما يزال هناك حاجة للانتباه وذلك من خلال المزيد من التدريب والبرامج المطولة في هذه الحقول وعبر تعزيز وتوسيع تسهيلات تخزين الطعام في مرحلة ما بعد الحصاد إضافة إلى خدمات التوثيق .

هناك آفاق كبيرة لتكنولوجيا الأحياء في أن تؤثر وتفيد في مجالات الزراعة والتحريج والمسامك. إذ تعرض التقنيات الحديثة لتكنولوجيا الأحياء إمكانية تحريك أي جينات مستنسخة من أي كائن حي إلى أي كائن حي آخر ومنح دقة وسرعة أكبر في تحقيق النتائج بالمقارنة مع التقنيات التقليدية . فبالالتقاء مع التقنيات التقليدية ، تتعهد تكنولوجيا الأحياء الحديثة بإنتاجية متزايدة ومستدامة ، ومعالجة فعالة لتنويع المنتجات المطورة واستخدامها، وتكييف جودة المنتج حسب المتطلبات الوظيفية، وتقليل الاعتماد على المواد الكيماوية الزراعية وغيرها من المدخلات الخارجية . كما يمكنها أن تروج لحوار أفضل واستخدام الموارد الوراثية وإدارة بيئية لطيفة للموارد الطبيعية . وعلى أي حال، فإن عدد المنتجات القابلة للتسويق وتأثيرها على مستوى المزرعة، ما يزال محدوداً على ما يبدو، ولكنه قد يزداد في العقد القادم .

كما أن تكنولوجيا الأحياء تطرح تحديات معينة . وهي محددة بشكل كبير بكيفية ومكان وزمان إيجاد التطبيق . وعموماً ، فإن الأبحاث التي أنجزت بسرعة ، قد مولت بتحكم من استثمارات القطاع الخاص واستخدام حقوق الملكية الفكرية في الدول الصناعية ينظر إليها كبرهان على أن تكنولوجيا الأحياء سوف تقود إلى التنافسية والمزايا التفصيلية في العديد من الحقول بما فيها الزراعة والأغذية .

تكنولوجيا الأحياء إذاً ، مع إمكانياتها الواسعة وتحدياتها ، هي أكثر أهمية لتطوير الزراعة . وعلى أي حال ، فإن تطبيق أدوات تكنولوجيا الأحياء في عملية التطوير يتطلب شروطاً مسبقة يصعب تواجدها في معظم دول الشرق الأدنى . ولذلك فإن الهم الأكبر لدول الإقليم هو تطوير المزيد من القدرات والمهارات في هذا الحقل.

أصبحت المعرفة والمعلومات بشكل متزايد العامل الأساسي للإنتاج والتبادل ، وهذا لديه دلالات هامة بالنسبة للدول النامية . فالابتكارات متعددة جداً وجذرية حتى أنها تؤثر بعمق في التنافس والمنظمات الاجتماعية والمؤسسات والمواد وحتى الحياة بحد ذاتها. فالتغيرات السريعة في التقانة اليوم تعتبر تطورات مفاجئة في المعلوماتية والاتصالات، والتي يدعمها التقدم في أدوات البحث العلمي وتقنين المعرفة.

وقد تضاعفت تكلفة الأداء بالنسبة للوحدة في معالجة المعلومات الإلكترونية وذلك كل سنتين لثلاث سنوات منذ بداية ثورة الكمبيوتر ( Dahlman2002) . ففي حياة العلوم، تسمح القدرة المتزايدة على قياس وتحليل وتشكيل عمليات العيش بفتح احتمالات جديدة للزراعة . فالنتيجة الأكثر فورية لهذه التطورات هي زيادة سرعة الإنتاج وتطوير المنتج . وهذا بدوره يقود إلى ثورة في مزاولات العمل . ويعتبر الوقت والسرعة الآن أساسيان للنجاح التنافسي وتزويد المزايا للمنتجين مع الوصول الأفضل إلى الأسواق والمرونة الأكبر . وإضافة إلى ذلك، فقد أدى التدني السريع والمستمر لتكاليف نقل المعلومات والسلع بسبب التقدم في علم الاتصالات واستخدام المعلوماتية ، أدى إلى انعدام أهمية متزايدة للحدود الجغرافية وحتى للوقت، موحداً الاقتصاد القومي في عالم اقتصادي سريع الحركة ذي اتكالية عالية .

إن قدرة الشرق الأدنى على امتصاص التقنيات الجديدة هي الآن أكبر مما كانت عليه سابقاً وذلك بسبب الارتفاع المستمر في المستويات التعليمية بالمقارنة مع أفريقيا ، وبالنسبة للجيل الأكثر شباباً وأكثر تكيفاً فإن لدى الإقليم مستوى أعلى في التعليم بالمقارنة مع أفريقيا . وهذا أمر حقيقي واضح، بقدر ما تتوافر وحدة واسعة من المهارات في الزراعة . وتعتبر العديد من دول الإقليم أكثر اندماجاً من ذي قبل في العلوم المتقدمة وأنظمة التعليم الهندسي للدول الأكثر ديناميكية في التكنولوجيا . أضف إلى ذلك ، فهناك تطورات مستمرة في الإنتاج والتصميم والتي اكتسبت عبر خبرة مطولة في العمل مع ولصالح أسواق التصدير والخبرات متعددة الجنسيات .

إن التحسينات في الاتصالات والمعلوماتية تقوم بعولمة سوق العمل وتسمح للعمال من الدول النامية بتصدير مدخلات الخدمات لعمليات الإنتاج في أسواق الدول المتقدمة . ففي السودان أتاح استخدام جهاز الاستشعار عن بعد للقمر الصناعي بعد الجفاف في العام 1984 الفرصة للحكومة لتقيم المساحة وحالة المحاصيل .

5-2 الإدارة واللامركزية

تقوم حكومات دول الشرق الأدنى بالإصلاح المؤسسي وتختبر التغيرات في التوجيه وذلك عبر تعزيز اللامركزية من خلال تقوية اللامركزية، والخصخصة والتقليل من سيطرة الدولة. إن دور الحكومة يتجه نحو التقليل من التدخل المباشر وأن يكون ذي طبيعة أكثر تحفيزية يمكنها أن تركز على المقاييس التوصيلية والأعمال التسهيلية مثل الخدمات الاجتماعية - الاقتصادية، والبنية التحتية وتطوير الموارد البشرية، وهو مطلوب لتحفيز وإرشاد النشاطات الاقتصادية الذاتية (التلقائية) نحو الاتجاه الصحيح . وتتبع دول الإقليم هذا المنهج على درجات وسرعات وتسلسل مختلفين . إذ يتوقع من القطاع الخاص المدعوم من المنظمات غير الحكومية أن يلعب دوراً كبيراً في عملية التطور هذه.

تسعى العديد من الدول في الشرق الأدنى إلى تقديم نطاق واسع من السلع الاجتماعية وغيرها من السلع العامة وذلك لتشجيع كلاً من التطور الاقتصادي والاجتماعي . فقد حقق الإقليم تقدماً بارزاً خلال العقدين الماضيين في تقديم التعليم والعناية الطبية والمياه والبنية التحتية العامة . ومن ناحية ثانية، يوجد مقابل مؤشرات التقدم هذه دليل معاناة من ضعف الخدمات العامة تماماً في وقت يرهق فيه العدد المتزايد من السكان الموارد العامة المحدودة والخدمات الموجودة ، وحتى أنهم يهددون بعكس المكاسب السابقة .

تتطلب الخدمات العامة الجيدة توجيهاً عاماً جيداً ، وخصوصاً محاسبة أقوى . والمحاسبة العامة هي المعضلة الأساسية التي تواجه إقليم الشرق الأدنى . والعلاج الأقوى للمحاسبة الضعيفة هو إعطاء المواطنين صوتاً أقوى يمكن أن يساعد على ضمان أن يعطي المسئولون الحكوميون اهتماماً لجودة وتغطية الخدمات الحكومية وأن تستجيب وكالات الخدمات إلى متطلبات المواطنين.

يمكن للدول أن تزيد من صوت المواطن بطريقتين. تكمن الأولى في تجنيد المواطنين في هيئات المراقبة وحتى في هيئات الإدارة التي تقدم خدمات عامة، حيث أنهم في موقف أفضل للحكم على الجودة والفعالية . يمكن للحكومات أن تتحرك باتجاهات مختلفة باستخدام مسوح التغذية الراجعة للسماح للمستخدمين بتقييم هيئات وذلك عن طريق تعزيز الشفافية والتركيز على العميل لمبادرات حكومتهم الإلكترونية ، وعبر السماح لمقدمي خدمات مختلفين على التنافس ، وعبر جعل مزيد من الخدمات لامركزية بالنسبة للهيئات المحلية أو الحكومات، وعبر تصميم سياسات تشاركية تقدم للمواطنين الفرصة للمشاركة في توجيه الخدمات العامة .

أما الطريقة الثانية فتكمن في توسيع المشاركة العامة في الحكومة بشكل عام ، وبشكل مباشر عبر الانتخابات التنافسية وبشكل غير مباشر عبر عدد واسع من الاستشارات والمناظرات العامة. وتمارس مثل هذه المشاركة الضغط على صانعي السياسة، سواء في الحقل التنفيذي أو التشريعي وذلك للانتباه لقضايا الخدمة العامة ولتبني سياسيات تطور الجودة والتغطية إضافة إلى تعزيز أنظمة المحاسبة الإدارية . على منظمات المجتمع المدني أن تكون في مقدمة أية جهود وذلك لتقوية صوت المواطن وتمكينه . وتعد هذه خطوة أولى مهمة لجعل صانعي السياسة أكثر مسؤولية عن تقديم الخدمات .

وعموماً ، تعد زيادة هذه المشاركة إحدى تحديات التوجيه الكبيرة التي تواجه هذا الإقليم وأي منطقة تمتلك تركة من الشفافية المحدودة والقيود على الإعلام والنقاش العام . إلا أن التصدي لهذا التحدي هو الخيار الوحيد أمام حكومات الشرق الأدنى لمتابعة تعزيز منجزات الماضي في تقديم الخدمات العامة ، وفي مجابهة العجز المتنامي وذلك عبر تأمين الخدمات العامة المناسبة للجيل القادم .

5-3 سياسات تشجيع التصدير

إن القرب من أسواق التصدير الأساسية يقدم فرصاً جيدة للزراعة في الإقليم . فتتمتع معظم دول الإقليم خاصة الشرق أوسطية منها بعلاقات اقتصادية قوية مع أوروبا . فقد انتهت مفاوضات اتفاقية الشراكة الأوروبية – الشرق أوسطية مع كل من الجزائر والمغرب وتونس والأردن ولبنان وقبرص ومالطا وتركيا والسلطة الفلسطينية.

إن العامل الجوهري لهذه الاتفاقية هو خلق مناطق تجارة حرة ثنائية بين كل من دول الشرق الأدنى والإتحاد الأوروبي مع مطلع العام 2010 . وتعفى السلع الزراعية من التزام التجارة الحرة هذا إلا أنها تخضع إلى قواعد تجارة تفضيلية وهذا يعني تطبيق تخفيض التعرفة على سلع محددة، وتنحصر على كميات معينة وأوقات محددة من العام في حالات متعددة.

تعتبر أوروبا بالنسبة لإقليم الشرق الأدنى الشريك التجاري الأساسي فيما يتعلق بالاستيراد كما التصدير . ولذلك ، فإن الوصول إلى أسواق الإتحاد الأوروبي يشكل أهمية جوهرية لدول الشرق الأدنى . إذ يذهب حوالي 70% من إجمالي صادرات دول الشرق الأدنى الزراعية إلى الاتحاد الأوروبي وتصل حوالي 30% من إجمالي الواردات الزراعية من الإتحاد الأوروبي . وهذه الأرقام تشير إلى أن الاتحاد الأوروبي هو الشريك الأهم لدول الشرق الأدنى فيما يتعلق بصادراتها أكثر منه أهمية فيما يتعلق بوارداتها.

إن تشكيل الصادرات الزراعية إلى الإتحاد الأوروبي يختلف بشكل واسع من دولة لأخرى. فالسمك مهم فقط بالنسبة للجزائر والمغرب وتونس . ويشكل زيت الزيتون أكثر من 55% من صادرات تونس الزراعية للإتحاد الأوروبي ولا يعد مهماً بالنسبة لدول أخرى . أما النبيذ فلديه حصة مهمة في الجزائر ولبنان فقط أما القطن فيشكل أكثر من 80% من صادرات مصر إلا أنه لا يشكل أي أهمية بالنسبة لدول أخرى من الشرق الأدنى . وتعتبر الخضار والفواكه منتجات تصدير مهمة للتجارة مع الإتحاد الأوروبي وذلك بالنسبة لكافة دول الشرق الأدنى ماعدا سورية ولبنان . يتوقع أن يزداد إنتاج الفواكه والخضار والتجارة مع الإتحاد الأوروبي في المستقبل إذ أن الندرة المتزايدة للمياه قد تقود العديد من الدول للتحول إلى إنتاج الفواكه والخضار والتي تحقق عوائد مرتفعة نسبية لاستخدام المياه.

5-4 الأمن الغذائي الحضري

رغم وجود انعدام أمن غذائي بشكل واسع في المناطق الريفية في العديد من دول الإقليم ، إلا أنه يبدو أن الأمن الغذائي الحضري في ارتفاع ويتوقع أن تزداد أهميته في المستقبل . فقد نمت المدن في الشرق الأدنى وهي مستمرة في النمو. ففي العام 2000 سكن حوالي 2 مليار نسمة في المدن حول العالم، وبحلول العام 2030 سيكون هذا الرقم قد ازداد عن ضعفه . وبسبب التنفيذ الحديث لبرامج الإصلاح الاقتصادي بما فيها الخصخصة وإجراءات التخفيف من مصاريف الحكومة التي تؤثر على كسب قدرة العمالة. وفي ذات الوقت ، تتوسع المدن وكذلك احتياجات الغذاء للعائلات المدنية. تصل معدلات الفقر في العديد من المدن إلى 30% وهي في ازدياد ، وبالتالي سيواجه المزيد والمزيد من الناس الصعوبات في الحصول على الغذاء الذي يحتاجونه . إن حماية ورعاية الأمن الغذائي للسكان المدنيين أصبح هماً متزايداً لحكومات الإقليم.

5-5 سلامة الأغذية

أبدى كل من المستهلكين والحكومات اهتماماً متزايداً بسلامة الأغذية . فقد شهدت السنوات القليلة الماضية أزمة مرض جنون البقر في المواشي البريطانية، والديوكسين في المواد الغذائية المنتجة في بلجيكا . وقد سبب ذلك الكثير من التعطيل على التجارة الدولية. ففي أكتوبر من العام 2003، منعت إسبانيا استيراد الحمضيات الطازجة من الأرجنتين والبرازيل. فقد أعلنت وزارة الزراعة أن هناك شكوكاً بأن الفواكه في هذه الدول قد أظهرت مدى تأثير عالي للكائنات الحية الدخيلة بما فيها تلك التي تسبب آكلة الحمضيات.

أما في إقليم الشرق الأدنى، فتعرضت دول محدودة للحظر الذي فرضته الدول المتقدمة على صادراتها من الأغذية . فقد حظر الفستق الإيراني من الدخول إلى الأسواق الأمريكية واليابانية بسبب النسبة العالية من الأفلاتوكسين فيه . وقد تعرض الفستق المصري أيضاً للحظر بسبب النسبة العالية من الأفلاتوكسين فيه ، كما تعرضت البطاطا في مصر أيضاً لذات الحظر بسبب العفونة البنية عليها. وفي كلا الحالتين كانت الخسائر الاقتصادية كبيرة.

تعتبر أنظمة مراقبة الغذاء في أغلب دول الشرق الأدنى بعيدة عن المثالية . فالعديد من هذه الدول لا تمتلك بعد تشريعاً شاملاً و ذاتي التضمن يمكن أن يستجيب لمتطلبات اليوم في هذا الحقل . وقد بدأت بعض الدول مع المساعدة التقنية من منظمة الأغذية والزراعة بتحديث تشريعات الغذاء وذلك بوضع مسودة وتشكيل قانون أساسي للغذاء ، ومجموعة أنظمة للغذاء مبنية على أعمال مفوضية منظمة الأغذية والزراعة ومنظمة الصحة العالمية لقوانين الأغذية. فقد قامت الإمارات والأردن حديثاً بتحديث وتعزيز البنية التحتية لمراقبة الغذاء وقدمت النظام القائم على المخاطرة في أنظمة مراقبة الغذاء على كل من شحنات الأغذية المحلية والمستوردة . وتقوم مصر الآن بمراجعة وتحديث معايير الغذاء لديها بما ينسجم مع قوانين الأغذية.

ويتم الآن تحديث تشريعات مراقبة الغذاء بما يتماشى مع اتفاقيات منظمة الصحة العالمية . إذ تتنوع خدمات التفتيش على الغذاء بشكل واسع من بلد لآخر . ففي معظم البلاد ، تعتبر تسهيلات خدمات التحليل صالحة فقط فيما يخص التحليل الروتيني البسيط ونتيجة لذلك ، فإن خدمات مراقبة الغذاء ضئيلة جداً على الأقل في جوانب معينة . مع تواجد تشريع شامل للغذاء وتفتيش ملائم وخدمات تحليل ، يعتمد نجاح خدمات مراقبة الغذاء في تقديم حماية مناسبة وفعالة للمستهلك كما لخدمات الاستيراد والتصدير على الإدارة الجيدة عموماً ، والقدرة على الإشراف وبرمجة وتوجيه نشاطات مراقبة الغذاء.

وفقاً لذلك ، فإن دول الإقليم بحاجة لتعزيز قدراتها الوطنية سعياً لتحديث البنية التحتية لمراقبة الأغذية خاصة التسهيلات المخبرية لمواجهة التهديدات المنبثقة عن المخاطر والتلوث الكيميائي ، والميكروبي أو ذات الأصول الطبيعية، وبحاجة إلى وضع تشريعات تستجيب لمتطلبات المدونات واتفاقيات منظمة الصحة العالمية المتعلقة ب SPS و TBT بما فيها جودة وسلامة الغذاء، تقديم خدمات تفتيش وأخيراً الإدارة والتطبيق . وعلى أي حال، فإن الاستجابة لهذه الاتفاقيات قد لا يكون بالسهل للعديد من دول الإقليم لأن هذا يتطلب موارد بشرية وتقنية ومالية.

5-6 الزراعة العضوية

ظهرت حركة الزراعة العضوية وتطورت بسرعة وبشكل تلقائي تقريباً خلال العقود الماضية من القرن المنصرم ، وذلك كرد فعل لحقيقة أنه ولأول مرة في التاريخ ، دمر الجنس البشري قدرة الأرض على الحمل بشكل خطير . وتتقدم هذه الحركة بقوة خاصة في أوروبا . ففي الفترة ما بين العشرينات والثمانينات ، كانت الحركة مقصورة على مجموعة صغيرة من المزارعين ولكنها توسعت بشكل ملحوظ في العقود الماضية كنتيجة لزيادة الوعي الشعبي.

في المقام الأول ، كانت الزراعة العضوية قطاعاً من الزراعة تطور إلى حد كبير باستقلال عن التأثير الحكومي . وخلال السنوات القليلة الماضية، ازداد اهتمام العامة في مزاولة الزراعة العضوية ومنتجاتها بشكل مستمر كرد على زيادة المشاكل البيئية والصحية (BSE) المرتبطة بأنظمة الزراعة التقليدية . وسيبقى الحافز الأساسي للناس في المجتمع الغربي على استهلاك المنتجات العضوية هو التأثير البيئي المفترض للزراعة العضوية مقابل التأثير السلبي المعروف للزراعة التقليدية.

قامت العديد من الدول في إقليم الشرق الأدنى بتحرير اقتصادها تحت تأثير ضغط العولمة . وقد أدى ذلك إلى انخفاض في الموازنة العامة ودفع بالحكومات إلى إعادة هيكلة اقتصادها حتى تلك الدول التي تمتلك عائدات نفط خام مرتفعة . لقد تأثر القطاع الزراعي بهذه الحركة بشكل كبير ومنذ ذلك الحين، تسعى السياسات المتعلقة في الشرق الأدنى إلى زيادة الإيراد من التصدير . على الهيئات والمؤسسات العامة أن تخطط لاستراتيجيات تطوير مدفوعة نحو التصدير وتشجع القطاع الخاص على لعب دور أكبر في القطاع الزراعي . وقد أعطى هذا التوجه في بعض دول الإقليم (تونس ومصر) حافزاً لإدخال وتطوير الزراعة العضوية . وعلى أية حال ، فإن بعض المختصين في الإقليم لا يشعرون بأن الزراعة العضوية قادرة على الاستجابة لمخاوف الأمن الغذائي . ويدل هذا السلوك على تحفظهم وقد يحد من تحركهم للتغيرات في السياسة لدعم الزراعة العضوية.

رغم أن هناك إمكانية كبير في الإقليم للزراعة العضوية (إذ أن ظروف المناخ الزراعي متنوعة وغالباً ما تستجيب لنمو العديد من المحاصيل، ومازالت الزراعة تقليدية تستخدم وذات مدخلات خارجية ضئيلة ومن السهل تحويلها للاستجابة إلى المتطلبات العضوية وهناك مقاييس محفزة إضافة إلى أن تدريبات البحوث وبنيات التوسع غالباً ما توضع في الموضع الصحيح بالنسبة للزراعة التقليدية ومن ثم يمكن استخدامها للزراعة العضوية) فالعمل هنا يواجه العديد من العوائق . وهذه تتضمن ، نقص إطار العمل التنظيمي ، والبنية التحتية واللوجستيات غير المناسبة، العوز في معرفة كيفية الإنتاج، نقص المعرفة بمتطلبات وتطورات السوق ، ونقص الوعي بالزراعة العضوية عامةً (كحولي 2003).

5-7 برامج شبكة الأمان وحماية المزارعين

تصبو برامج شبكات الأمان الزراعية إلى تزويد المنتجين بالأدوات للتقليل من تأثير مخاطر الإنتاج والسوق على دخل المزارع فقد صممت برامج شبكات الأمان لضمان استمرار قابلية عمل المزارع للتطبيق وذلك عبر التقليل من التقلب في دخل المزارع .

يواجه المنتجون اليوم اقتصادا زراعياً مختلفاً بشكل جذري عن ذلك الذي تواجد في السنوات القليلة الماضية . وإضافة إلى ذلك ، فإن التغييرات التي تطرأ على الزراعة مستمرة في التصعيد محدثة فرصاً وتحديات جديدة . إحدى هذه التحديات الرئيسية هي بيئة تتطلب معرفة وأدوات إدارة مخاطر متقدمة وحديثة .

هناك العديد من أدوات إدارة المخاطر التي يمكن توفرها للمزارعين للتخفي من خطر الانخفاض الذي لا يمكن التنبؤ به في دخل المزارع. وقد طورت الدول المتقدمة بما فيها أمريكا وكندا وأعضاء الاتحاد الأوروبي عبر سنوات حزمة من برامج إدارة المخاطر الشاملة لمساعدة المنتجين في إدارة مخاطرهم بشكل فعال . وعلى أي حال، لا يمكن النظر في استراتيجيات إدارة المخاطر هذه بشكل منعزل . على سبيل المثال ، هناك استراتيجيات خاصة بديلة لإدارة المخاطر يمكن للمنتج أن ينفذها (مثل تقديم العقود والخيارات) ، وهي غير متوفرة للمزارعين في إقليم الشرق الأدنى والتي تحد من التقلب في دخل المزارع إضافة إلى أو نيابته عن برامج شبكات الأمان الممولة من قبل العامة .

إن المحللين و صناع القرارات المتعلقة بسياسة الزراعة في بعض دول الشرق الأدنى ، بما فيها مصر وتركيا وتونس والمغرب قد بدءوا بمناقشة أدوات إدارة المخاطر التي تديرها الحكومة والبرامج المتوفرة حالياً أمام المزارعين في الدول النامية . تهدف هذه البرامج إلى التقليل من تأثير الانخفاض غير المتوقع في الدخل الناجم عن تقلب سعر المحصول ، وارتفاع كلفة المدخلات والخسائر المادية في إنتاج السلع . قد تتضمن حزمة شبكة السلامة : حساب تثبيت الدخل الصافي التأمين على المحصول - برنامج تأمين على عائدات السوق - برامج إدارة مخاطر بتوجيه ذاتي برنامج أونتاريو لكوارث دخل المزارع - برامج بحث وتطوير - وتعويض أضرار الأحياء البرية .

5-8 تأملات حول تحليل السياسات الزراعية فيما بعد مؤتمر كانكون

يعود عدم وجود اتفاقية في كانكون بشكل كبير إلى الخلاف حول الدعم العالي للزراعة والإعانات في الدول الغنية إضافة إلى ما يسمى بقضايا "سنغافورة" (الاستثمار، سياسة التنافس، الشفافية في تدابير الحكومة وتسهيلات التجارة). ذلك أن انهيار المحادثات في كانكون سوف يؤخر إتمام جولة محادثات التجارة الحالية ويضيف مخاوف على السياسات. ومع تأخير المحادثات، ما تزال الدعامات الثلاثة للتجارة الزراعية (الوصول إلى السوق، تنافس التصدير والدعم المحلي) تمثل وتفرض عوائق خطيرة على التجارة . وعلى أي حال، بينما يتوقع أن يتم التفاوض على تخفيض معدلات التعرفة - يتحرك تحليل إجراءات إزالة التعرفة نحو المقدمة . وتزداد أهمية حقوق الملكية الفكرية ووضع العلامات كحقول تحتاج إلى مزيد من البحث . فقد برزت قضايا أخرى تحتاج إلى حل، تتضمن هذه مقاييس الصحة والصحة النباتية استخدام وضع العلامات كعائق تقني للتجارة، الإشارة الإجبارية إلى بلد المنشأ والمفاوضات حول الحفاظ على وضع العلامات الإجباري لأهداف شرعية محددة مثل إيصال معلومات أساسية متعلقة بالصحة والأمن والجودة. تحتاج الأبحاث القادمة إلى تضمن مزيداً من تحرير التجارة على المنتجات المصنعة.

تستخدم الآن أدوات سليمة ومجربة لتحليل السياسات الاقتصادية في مجال المعالجات التجارية تحليل السياسات الاقتصادية التجريبي السليم في معالجة التجارة وحل النزاعات التجارية ، ولكن يبدو أن هناك حاجة لمزيد من العمل في إقليم الشرق الأدنى فيما يتعلق بتقدير الأدوات الجديدة لتحليل تطبيقات معالجات التجارة . أما بالنسبة لمفاوضات التجارة فهناك حاجة لتعزيز تحليل السياسات الاقتصادية وذلك لتقديم مفهوم عام للتكلفة والفوائد لأسواق أكثر انفتاحاً ووضع مشاريع لنتائج خيارات واقتراحات معينة، إضافة إلى تقديم تحليل تاريخي فعلي.

فعلى سبيل المثال يجب أن تكون دول الشرق الأدنى المعنية في مفاوضات التجارة جاهزة لتقييم وتبادل المعلومات حول الاقتراحات المقدمة بما فيها تضمينا الزيادة الثانية "للصندوق الأخضر" لضمان أقل حد من تشويه التجارة في حين يؤمن تغطية ملائمة لمقاييس تستجيب لأهداف اجتماعية هامة مثل الحوار حول المناظر الطبيعية، حماية البيئة - تعزيز إنعاش الحيوانات - الحيوية المستدامة للمناطق القروية وتخفيف الفقر، وتحقيق الأمن الغذائي للدول النامية . وإضافة إلى ذلك هناك حاجة لتحليل كامل على مضامين تخفيض التعرفة المقترح والذي يصل إلى 5-0% على عدد من خطوط التعرفة غير المحددة حيث أن هذا التخفيض على التعرفة يتضمن تهديداً كبيراً لصغار المزارعين والتي ستودي بهم إلى خسارة عملهم . وقد يتفاقم الفقر في المناطق الريفية وترتفع الهجرة إلى المدينة. إن تطبيق الدول النامية للصيغة السويسرية والفئة الثالثة للتعرفة تحتاجان إلى تقييم على مستوى الدولة مقابل تطبيق مختلف لنماذج التعرفة (صيغة التخفيض الطولي والقيمة غير المحددة حسب القيمة ، والقيم المحددة )2 دولار أمريكي للكيلو)، والقيم المختلطة (30% أو 2 دولار أمريكي للكيلو، أيما أعلى) ، والقيم المركبة (30% +2 دولار أمريكي للكيلو) والقيم التقنية والقيم المقيدة والقيم المطبقة) . يحتاج ادعاء تأثير الإجراءات المقترحة أن ينفذ بشكل فردي أو جماعي من قبل وكالات تحليل السياسات المعنية في الشرق الأدنى . وهذا يشكل تحد لمحللي السياسات في الإقليم الذين عليهم أن يزودوا صانعي القرار بالتقييمات المطلوبة على الخيارات المقترحة.

5-9 التعاون الإقليمي والبرامج الإقليمية للأمن الغذائي

يبدو أن هناك حاجة متزايدة للأولويات الإقليمية والتعاون بغرض تنسيق ودعم الجهود الوطنية لتحقيق أهداف الأمن الغذائي لتنمية زراعية مستدامة . فهناك حاجة ماسة في الشرق الأدنى للبرامج الإقليمية التي تهدف إلى وضع أساس لتسهيلات التجارة إضافة إلى تكملة الجهود الوطنية . وقد تم الاعتراف بالتعاون الإقليمي وتعزيز التجارة الزراعية داخل الإقليم على أنها من أولويات الدول ويتوقع أن تحظى بمزيد من الأهمية في المستقبل القريب.

وعموماً ، فإن النزعة الإقليمية قد أصبحت من أكبر القوى التي تشكل اقتصاد العالم اليوم . ففي عام 1996، نفذت حوالي 53% من التجارة العالمية ضمن تجمعات تجارة إقليمية . ويعتبر الإتحاد الأوروبي أقوى هذه التجمعات تتبعه إقليم شمال أمريكا ، NAFTA . وقد شكلت اتفاقيات تجارة إقليمية أخرى في العالم النامي وأهمها اتفاقية آسيان في آسيا والميركورس في أمريكا اللاتينية.

وقد أثرت العديد من العوامل الهامة بالاهتمام باتفاقية التكامل الإقليمي في إقليم الشرق الأدنى بشكل كبير . أولاً : كانت العديد من دول الإقليم تتبع إصلاحاً اقتصادياً لتخفيف الدور الاقتصادي للقطاع العام، وقد تحولت من استبدال التصدير إلى استراتيجيات تصنيع مؤدية إلى التصدير . ونتيجة لذلك كان هناك فرصة أعظم أمام الإقليم لتوسيع التجارة الداخلية ولاستغلال الفرص الاستثمارية في التكامل والاقتصاديات الكبيرة . وعلاوة على ذلك ، فإن تطبيق حزمة تحرير التجارة المتفق عليها في جولة الأورغواي ، تستمر في مواجهة إقليم الشرق الأدنى بوصول أقل نفعاً إلى أسواق شركائهم التجاريين الأهم في الإتحاد الأوروبي . وجاءت المبادرة الأوروبية بإتمام جيل جديد من اتفاقيات الشراكة مع دول جنوب المتوسط كجواب على هذا التحدي . وتستلزم اتفاقيات الشراكة هذه خلق منطقة تجارة حرة إقليمية مع الإتحاد الأوروبي بحلول العام 2010.

يتوقع أن تعزز الاتفاقيات التجارة والتنمية وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى منطقة جنوب المتوسط . وعلى أي حال ، يقع خطر مثل هذه الاتفاقيات في خلق نماذج للتجارة الثنائية التي تعوق (تحويل التجارة) العلاقات الاقتصادية الإقليمية بين العرب . فإذا لم تتواجد اتفاقيات تجارة حرة بين الدول العربية في جنوب المتوسط ، أي إذا لم يتوصلوا إلى إنشاء منطقة تجارة حرة واحدة ، فسيكون الإتحاد الأوروبي هو المهيمن المشترك . يمكن للمستثمرين الأجانب أن يختاروا الاستثمار في الإتحاد الأوروبي كونه "المركز" ، وذلك بسبب المنفذ الذي يقدمه إلى كافة الدول العربية ، إذا ما أبقت الأخيرة على عوائق على التجارة داخل الإقليم . لذلك ، فإن التخفيض من تأثير ما يسمى "المركز والشعاع الواصل" يمكن أن يكون سبباً رئيسياً لخلق منطقة تجارة حرة بين الدول العربية كافة.

يمكن أن ينظر إلى اتفاقية تجارة إقليمية واسعة وشاملة على أنها رد أكثر قابلية للتطبيق لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وذلك عبر "تأثير سوق كبيرة " واستغلال الفرص التي تطرحها برامج الخصخصة التي تتبعها الدول العربية بشكل منفرد.

هذه التغييرات ، التي تبعت اتفاقية الأورغواي للزراعة ، يتوقع أن يكون لها تأثيرات واضحة على كل من حجم واتجاه التجارة داخل الإقليم . أولاً : سيصدر التأثير الأساسي على التجارة داخل الإقليم من عمليات فرض التعرفة ، إذ أن حماية إزالة التعرفة في معظم دول الإقليم تمارس التمييز ضد المنتجات الزراعية التي يمكن أن تزود بشكل تنافسي من دول أخرى في الإقليم . وبالتالي فإن فرض التعرفة على أساس الدولة الأكثر رعاية يضمن الآثار الإيجابية على التجارة فيما بين الإقليم . وسوف تتجاوز فوائد فرض التعرفة حد التقدم في حجم التجارة الداخلية إذا أنها قد تخدم لتحسين استقرارها كذلك . وثانياً : يجب أن يشجع تخفيض التعرفة على الاستيراد تبادل للسلع واسع على امتداد الإقليم وذلك على أساس الدولة الأكثر رعاية ، رغم انه قد ينجم عنه آثاراً سلبية على التبادل فيما بين التجمعات الاقتصادية المتواجدة في الإقليم( اتحاد المغرب العربي، مجلس التعاون الخليجي، منظمة التعاون الاقتصادي، ومجلس الوحدة الاقتصادية العربية) وذلك بسبب تآكل هوامش الامتيازات فيما بين هذه التجمعات . ويمكن لاتفاقيات التكامل الإقليمية في الشرق الأدنى أن تستغل هذه الهوة الكبيرة الحالية بين التعرفات المطبقة والمقيدة في العديد من دول الشرق الأدنى .

أما اتفاقيات منظمة التجارة العالمية الأخرى مثل اتفاقية ( الصحة والصحة النباتية، العوائق الفنية للتجارة، وحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالتجارة) فتقدم فرصة كبيرة لدول الشرق الأدنى لتنسيق معاييرها وأنظمتها والتي يجب أن تقدم بيئة توصل إلى ترويج التجارة فيما بين الإقليم . وفعلاً فإن المؤثر الأبرز لجولة الأورغواي سينجم عن قواعدها في التدبير والتقدم العام في ضبط السياسة .

يبدو أن المشهد الواسع يوحي بأن اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ستخلق تطورات محدودة ولكنها إيجابية في التجارة الزراعية الإقليمية . إن ضخامة الفوائد المتزايدة يعتمد إلى حد كبير على الطريقة التي يُطبّق فيها كل بلد التزاماته اتجاه جولة الأورغواي وعلى مستوى التعاون والتنسيق بين المجموعات الإقليمية الموجودة .

5-10 تحديث الاستراتيجيات القومية للتنمية الزراعية المستدامة

في دعم لكل السياسة المذكورة أعلاه وللاهتمامات المؤسسية ، اعتبر المجتمع الدولي تخفيض الفقر والجوع كهدف أساسي لسياسة التنمية في الألفية الجديدة . إن الالتزامات بتحقيق أهداف التنمية للألفية تشكل هيكلاً من النشاطات والأفعال التطويرية والمعايير لقياس عملية التنمية . إن البلدان في طريقها الآن لصياغة استراتيجيات وسياسات من أجل إنجاز الالتزامات التي تنص عليها أهداف التنمية للألفية.

إن الحد من الجوع والقلق بشأن الغذاء هو جزء أساسي من جدول أعمال التطور العالمي، كما أُعلن في اتفاقية روما في قمة الغذاء العالمي . في عام 1996 وجرى التأكيد عليها مرة أخرى من قبل المشاركين في قمة الغذاء العالمي : بعد خمس سنوات (WFS:fyl) . إن إعلان الألفية يعكس هدف القمة في جعل الحد من الجوع والفقر الشديد هدفاً تنموياً طاغياً للألفية .

تحتاج العديد من البلدان في الإقليم إلى جعل تطبيق وإصلاح السياسات من أولويات استراتيجيتها الوطنية آخذين بعين الاعتبار التطورات المحلية والإقليمية والعالمية ، بالإضافة إلى التزامات الحكومات في المجتمع الدولي.

بدأ العديد من البلدان في الإقليم بتطبيق إصلاحات في سياساتها، وبرامج تعديل هيكلية في بداية الثمانينات . وقد قامت بلدان في الإقليم مثل مصر وتركيا ولبنان وإيران والمغرب وباكستان وسورية والسودان بتخفيض الإعانة الظاهرة للغذاء . وسياسة الإصلاح هذه تؤثر في كل من توفر الغذاء والحصول عليه بطرق مختلقة . فتكاليف التغيير الجذري المتضمن في برامج التعديل الهيكلية والذي يعتبر أساسياً لزيادة إنتاج الغذاء يمكن أن تهدد الرفاه القصير الأمد للفقراء. وعلى أي حال ، فإن التقييم الأولى للإصلاحات الزراعية في مصر والمغرب وتونس في النصف الثاني من الثمانينات يشير إلى أن هذه الإصلاحات قد ساعدت على زيادة إجمالي الناتج الزراعي ليصل إلى مستويات قياسية في أوائل التسعينات.

ولكن فقد لا تكون هذه النتيجة هي ذاتها في كافة الدول التي تتبنى الإصلاح . فقد يكون لارتفاع أسعار الزراعة آثاراً محدودة على الإنتاج الزراعي في الأمد القصير والمتوسط إذ أن المزارعين غير قادرين على زيادة إنتاجهم بسرعة ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى الافتقار إلى الخيارات التقنية وإلى التشديد الذي يواجهونه في الحصول على مدخلات حديثة . وإضافة إلى ذلك قد يكون لارتفاع أسعار المدخلات آثاراً سلبية على الإنتاج. ورغم ذلك، فإن إصلاحات سياسة الاقتصاد الكلي مع مصاعبها الملازمة قصيرة الأمد، قد تؤدي على المدى الطويل إلى نظام اجتماعي اقتصادي صحي إذا ما طبقت بشكل صحيح. إن التخفيف من المحددات غير السعرية مثل البنية التحتية الريفية المحدودة ، والائتمان غير المناسب والافتقار للوصول إلى الأسواق، هي أيضاً أساسية لإحداث زيادات هامة على الإنتاج.

يبدو أن هناك حاجة ماسة لمراجعة إطار العمل الوطني الاستراتيجي للتنمية الزراعية المستدامة لتغطية الاهتمامات والقضايا المذكورة أعلاه على الأقل . على حكومات الإقليم أن تكون مهيأة بالقدرات التقنية والمؤسسية الملائمة للتعامل مع هذه القضايا ضمن استراتيجية شاملة لأمن غذائي مستدام وتنمية زراعية . وتحاول منظمة الأغذية والزراعة أن تدعم الجهود الوطنية في هذا الخصوص.

6- ملاحظات ختامية

رغم أن دول إقليم الشرق الأدنى قد حققت تقدماً في إصلاح اقتصادها وخلق بيئة أكثر صلاحاً للنمو الاقتصادي والاجتماعي ، إلا أنها ما تزال تواجه عدة تحديات لتحقيق أهداف في التنمية الزراعية والريفية المستدامة . فمن خلال الوصف والتحليل السابقين، يمكن أن نستخلص أن العديد من دول الشرق الأدنى ما تزال تواجه الحاجة إلى قدرة مؤسسية وتقنية مناسبة للاستجابة إلى متطلبات صياغة وتحليل وتكييف ومراقبة سياسات التنمية الزراعية والريفية ضمن سياق البيئة الدولية والمحلية المتغيرة . وعلى أي حال ، تختلف هذه الاحتياجات من دولة لأخرى تبعاً لظروفها الخاصة وتاريخها الحديث .

فعلى الرغم من ندرة الموارد الأرضية والمائية ، والتحديات المؤسسية والسياسة المتواجدة ، إلا أن العديد من دول الإقليم لديها عدد من السقوف التفضيلية التي تحتاج إلى معالجة بشكل أفضل في تأسيس التنافسية وتحسين الجهود لمكافحة انعدام الأمن الغذائي والفقر . وهذا يتطلب قدرات مؤسسية وتقنية مناسبة لوضع الأولويات ضمن خيارات سياسة مفصلة وواضحة كجزء من إطار العمل الاستراتيجي للتنمية الزراعية المستدامة والأمن الغذائي على المستوى الوطني والعائلي.

يواجه محللو السياسة في الإقليم تحديات تتعلق بتحديث معارفهم وقدراتهم وذلك لتقديم تحاليل معقولة في الوقت المناسب حول القضايا المذكورة أعلاه . وفي مثل هذه التحليلات ، يجب الأخذ بعين الاعتبار النماذج الحديثة والمعرفة المعاصرة في إطار المتغيرات الاجتماعية الاقتصادية والسياسية على المستوى الوطني والإقليمي والدولي . وعلى الحكومات أن تبذل المزيد من الجهود لتحديث استراتيجياتها الوطنية وتنسيقها مع الجهود والبرامج الإقليمية المعنية بالأمن الغذائي ، يوجد في الإقليم العديد من القضايا السياسية والمؤسسية التي يجب أخذها بعين الاعتبار ، تشمل هذه القضايا استخدام وإدارة الموارد البشرية - الاستدامة وقضايا البيئة - تحرير التجارة - المزايا التفضيلية وتنافسية الزراعة - الاستثمار في الزراعة - تغيير دور الدولة - تحسين منظمات القرويين - تحسين البناء التنظيمي لتحليل السياسات - مؤسسات السوق والتسويق - حقوق الملكية - تحسين الموجهات المؤيده للفقراء للخدمات المالية المقدمة للريف - وضع أولويات لتنفيذ وإتمام السياسات الإصلاحية - الحصول على تقنيات وقواعد معلومات جديدة - الإدارة واللامركزية - تأسيس أطرعمل استراتيجية بما فيها استراتيجيات منفتحة لتشجيع التصدير والترويج للتجارة الزراعية فيما بين دول الإقليم وتقديم تسهيلات للتجارة، سلامة الأغذية - الزراعة العضوية - برامج شبكات الأمن الزراعية وانعكاسات ما بعد اتفاقية كانكون على التنمية الزراعية عموماً وعلى تحليل سياسة الزراعة خصوصاً.

تعمل منظمة الأغذية والزراعة وغيرها من الشركاء في التنمية عن كثب مع دول الإقليم على تحديد الاحتياجات وتطوير القدرات التقنية والمؤسسية للحكومات وغيرها من الشركاء في حقل تحليل السياسات الزراعية .

إن مقارنة تجربة كل دولة في الإقليم والدروس المستقاة منها سوف تساعد كل دولة للاستفادة من خبرة الأخرى وتأسيس صلات داخل الإقليم فيما بين المؤسسات التي ستقدم خدمات مشابه إلى حكوماتها وبلادها الخاصة وتحسين إمكانية المجتمع الدولي المانح على مساعدتها عند الطلب للاستجابة إلى المتطلبات الناشئة عن التكيف والتقدم.

المراجع

1. Dahlman Carl (2002): Technology, development, and the role of the World Bank, Working paper for Human Capital Development and Operation Policy
2. Datt, Gaurav and Martin Ravallion. 1998. “Why Have Some Indian States Done Better than Others at Reducing Rural Poverty?” Economica 65: 17-38.
3. David Gibbon, John Dixon and Aidan Gulliver edits (2001): Farming Systems and Poverty: improving farmers' livelihoods in a changing world: Malcolm Hall ISBN 92-5-104627-1
4. El Ghonemy, M. Riad, 1993, Land, Food and Rural Development in North Africa. London. IT and West view Press.
5. FAO. 2002. Regional Workshop on Irrigation Advisory and Training Services in the Near East(PFD). Regional Office for the Near East. Cairo, Egypt.
6. FAO. 2002. The State of Food and Agriculture- Agriculture and Global Public Goods- Ten Year after the Earth Summit. Rome, Italy.
7. IFAD 2002. IFAD Strategy for Rural Poverty Reduction in Near East and North Africa
8. Intergovernmental Panel on Climate Change. 2001. Special report on the regional impacts of climate change: an assessment of vulnerability. Geneva. Summaries
9. KAHOULI, H. (2003) “ Organic farming in NENA Region: challenges and opportunities”
10. CUREMISII2, Cairo, Egypt. Mellor, J (2000): Faster More Equitable Growth: The Relation Between Growth in Agriculture and Poverty Reduction, CAER II Discussion Paper No. 70. Harvard Institute for International Development
11. N. Chbouki. 1992 Spatio-temporal characteristics of drought as inferred from tree-ring data in Morocco. University of Arizona. (Ph.D. thesis); and C.W. Stockton. 1988. Current research progress toward understanding drought. In Drought, water management and food production, Proceedings, International conference, Agadir, Morocco, 21-24 November 1985.
12. NERC 26 (2002): سياسات تحرير التجارة، والتجارة داخل الاقليم وفرص التنمية الزراعية المستدامة المؤتمر الإقليمي السادس والعشرون للشرق الأدن- طهران، جمهورية إيران الإسلامية، 9-13 مارس/آذار 2002
13. NERC 26 (2002): التكنولوجيا الحيوية للزراعة والغابات ومصايد لأسماك فى إقليم الشرق الأدنى, المؤتمر الإقليمي السادس والعشرون للشرق الأدن- طهران، جمهورية إيران الإسلامية، 9-13 مارس/آذار 2002
14. RNEP (2003) “National Strategies and Regional Programmes for Food Security within the Context of Economic Integration in the Near East” a paper presented at the High-Level Technical Workshop “Regional Programmes for Food Security in the Near East: Towards Sustainable Food Security and Poverty Alleviation” Jeddah, 8-9 October 2003.



الصفحة السابقة أعلى الصفحة الصفحة التالية