NAPC) التابع لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي بمساعدة مشروع منظمة الأغذية والزراعة GCP/SYR/006/ITA الممول من قبل الحكومة الإيطالية في دمشق خلال الفترة 6-7 كانون الأول 2003 . وقد ركزت المناقشات على الحاجة إلى المشاركة في التجارب وتطوير الإمكانات المؤسسية في مجال السياسات الغذائية والزراعية على المستوى القطري وتحديد النقاط المشتركة ومجالات التكامل مع مساعي التعاون الإقليمي والدولي . وتعرض هذه الوثيقة نتائج المناقشات التي تمت في ورشة العمل والأوراق المعدة من أجلها . وتشمل تلك الأوراق الواقع الحالي وقضايا وآفاق السياسات الغذائية والزراعية في منطقة الشرق الأدنى واستعراضاً لأدبيات وتجارب المتطلبات المؤسسية والمنهجيات المتبعة في مجال تحليل السياسات بما فيها تطوير الإمكانات . وأخيراً تم التعرض بالتفصيل إلى المركز الوطني للسياسات الزراعية كمثال حي للبناء المؤسسي وتطوير الإمكانات . ونأمل أن تتم متابعة القضايا التي تم طرحها والتوصيات التي تم التوصل إليها ضمن إطار شبكة السياسات الزراعية لمنطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا (NENARNAP) التي تم إنشاؤها مؤخراً . ">

الصفحة السابقة بيان المحتويات الصفحة التالية


5. أوراق العمل المقدمة

 

1 - سياسات الغذاء والزراعة في منطقة الشرق الأدنى : الواقع – القضايا – الآفاق  
إعدادضياء عبده2

1-

مقدمة

2-

الزراعة في الشرق الأدنى

3-

تحديات التنمية الزراعية في الإقليم

4-

القضايا الأساسية للسياسات الزراعية في إقليم الشرق الأدنى

5-

أهم القضايا المتوقعة والناشئة للتنمية الزراعية في الإقليم

6-

ملاحظات ختامية

 

المراجع

 

الملحقات الإحصائية

1- مقدمة

لقد أحرزت بلدان الشرق الأدنى3 تقدماً كبيرا في إصلاح سياساتها الزراعية والتجارية . وبالإضافة إلى ذلك ، فإن الإصلاح المؤسسي والتنموي لدعم التطور الزراعي والريفي يكتسب أهمية في كل بلدان الإقليم تقريباً. ولكن هناك بعض التحديات التي يجب التصدي لها. وتسعى هذه الورقة إلى تحقيق هدفين أساسيين . فهي تعمد إلى إلقاء الضوء على دور القطاع الزراعي في اقتصاديات الإقليم، خصائصه الأساسية وتحديات التطور الزراعي في الإقليم واستكشاف تعقيدات النظام والحاجات الضاغطة للإصلاح المؤسسي و بناء القدرات.

تحتوي الورقة على ستة أجزاء. بعد هذه المقدمة، يلقي الجزء الثاني الضوء باختصار على دور القطاع الزراعي في الاقتصاديات الوطنية والإقليمية في الشرق الأدنى ويصف الخصائص البارزة للزراعة في الإقليم. وتُناقش العقبات والتحديات الرئيسة في الجزء الثالث. وفي الجزء الرابع، يناقش البحث قضايا السياسات الزراعية الأساسية في الإقليم متضمنة : إدارة الموارد الطبيعية - الفقر الريفي ومسائل الأمن الغذائي - سياسات تحرير السوق والتجارة والإصلاح المؤسسي . وأخيراً وفي الجزء الخامس يتم تبيان التوقعات والقضايا الناشئة من أجل التطورات الزراعية المستقبلية في الإقليم. بينما يكرَّس الجزء السادس للملاحظات الختامية.

2- الزراعة في الشرق الأدنى

2-1 الأهمية

تلعب الزراعة دوراً هاماً في اقتصاديات معظم دول الشرق الأدنى . ففي عام 2001 شكلت الزراعة أكثر من 13% من الناتج المحلي الإجمالي في الشرق الأدنى بالمقارنة مع أقل من 5% في المعدل العالمي وأقل من 2% في الولايات المتحدة الأمريكية . ولكن تختلف هذه الأهمية كثيراً من دولة لأخرى . في 2001 تراوحت نسبة المساهمة المئوية بين أقل من 1% في البحرين والكويت وقطر إلى أكثر من 30% في أوزباكستان – كيرجستان – السودان - جيبوتي - الصومال (الملحق 1).

وتشكل الزراعة أيضاً عاملاً هاماً للتوظيف في الكثير من بلدان الإقليم . ففي 2001 تراوحت النسبة المئوية للعمل الزراعي إلى مجمل قوة العمل بين 1 و 10% في دول الخليج، لبنان، مالطة، ليبيا، العراق وقبرص بالمقارنة مع 30-40% في مصر والمغرب وطاجكستان وتركمنستان وموريتانيا والصومال والسودان. وكان متوسط الإقليم حوالي 37% في 2001 مع أن هذا المعدل أظهر هبوطاً مستمراً من 64% في السبعينات إلى 56% في الثمانينات و45% في التسعينات (الملحق 2).

وتسهم الصادرات الزراعية بشكل بارز في إجمالي صادرات السلع في بعض بلدان الإقليم ففي قبرص مثلاً تمثل الصادرات الزراعية 41% من إجمالي الصادرات في 2001 الصومال 47% - سوريا 29% - أوزبكستان 29% . لكن العكس صحيح بالنسبة لبعض البلدان الأخرى مثل البحرين والعراق والكويت وليبيا والسعودية حيث تمثل الصادرات الزراعية أقل من 1% من إجمالي صادرات السلع في 2001 . وخلال العقود الأربعة الماضية، تراجعت مساهمات الصادرات الزراعية إلى الصادرات العامة للإقليم ككل من 16% في 1970 إلى 4% فقط في 2001 . وبشكل عام كانت قيمة كل الصادرات الزراعية للشرق الأدنى والتي قدرت بحوالي 14.4 مليار دولار أمريكي في 2001 ، تنمو ببطء شديد حيث كانت 12 مليار دولار أمريكي في 1990. وقد هبطت الحصة النسبية للشرق الأدنى في صادرات العالم الزراعية من 7% في 1971-1980 إلى 3% في 1991-2000. (الملحق 3).

2-2 الخصائص البارزة

إن منطقة الشرق الأدنى كبيرة وفيها شروط مناخية متنوعة وتتميز بمعدلات متدنية ومتذبذبة من الأمطار وفيها درجة عالية من الجفاف. في الماضي جلبت الأنهار ترب طمي عميقة ودعمت قيام الكثير من المجتمعات والحضارات المرتبطة بالري . ولكن الأرض ذات الإنتاج المرتفع عرضة للجفاف إذا أسيئت إدارتها مؤدية إلى الخراب النهائي مثل التصحر. المناطق المناخية الزراعية هي : شبه رطبة 4،4% وشبه جافة 11% (زراعة الأرض الجافة) وجافة 71% وجافة جداً 62% (معدل أمطار أقل من 240 مم سنوياً).

تمثل كامل مساحة الأرض في منطقة الشرق الأدنى أكثر من 15% من إجمالي مساحة العالم. وتمثل الأرض الزراعية 8-10% فقط من إجمالي المساحة ويبقى إنتاجها معتمداً على الري في معظم الأجزاء . ولكن 32% فقط من الأرض الزراعية تروى وتسهم في أكثر من 50% من الإنتاج الزراعي الكلي . وقد قاد نمو السكان وحقوق الميراث الدينية والتقليدية إلى تفتيت الأرض إلى ملكيات صغيرة للأراضي. في 2001 وصل إجمالي الأرض الصالحة للزراعة إلى 155 مليون هكتار ، ويعتمد مايقارب 37% منها على الري. (الملحق 4).

تستغل الزراعة قرابة 90% من الموارد المائية المتاحة ، وهذه الأخيرة تمثل أكثر من 60% من إجمالي موارد المياه الكامنة في الإقليم . تخضع أنظمة الري في الإقليم لقيود بيئية كبيرة وكل البلدان تعاني مشاكل في الملوحة وتجميع المياه . ومشكلة أخرى هامة هي الاستغلال غير المرشد للمياه الجوفية في العديد من بلدان الإقليم . مع العلم أن المياه عديمة التكلفة عملياً في معظم البلدان، فإن استدامة أنظمة الري تلقى اهتماماً كبيراً. تشكّل المياه السطحية المستغلة في الري 90% من إجمالي مياه الري المستخدمة ، وتأتي الـ 10% الأخرى من مصادر المياه الجوفية . وهي بذلك تحتل أهمية خاصة في معظم البلدان، بما في ذلك المياه غير المتجددة.

وبينما قد لا يكون النمو الزائد في الإنتاج الزراعي من المناطق المروية عالياً كما كان في الماضي ، ستتطلب هذه المناطق موارد للحفاظ على المستوى الحالي من الإنتاج . ولتطوير الري أكثر يجب الاعتماد على تقنيات وطرق ذات تكلفة منخفضة وممكنة تتلاءم مع الظروف المحلية. الأمثلة تتضمن حصاد المياه ، استخدام مضخات رفع رخيصة واستغلال الطبقات الصخرية السطحية التي تتطلب وسائل بسيطة لاستخراج المياه . وعلى طرق الري الجديدة أن تركز على تطور المهارات والحوافز لتبني معدات وممارسات توفير المياه وتشجيع الإدارة التشاركية لمصادر المياه.

تشمل النظم الزراعة السائدة في الإقليم : الزراعة المروية والهضاب الممزوجة والبعلية الممزوجة والجافة والرعوية والزراعة المدنية الساحلية المتفرقة والحرفية . كما أن العديد من بلدان الإقليم استبدلت النظام البدوي التقليدي الرعوي بالزراعة الآلية الحديثة.

مازال قطاع الثروة الحيوانية التقليدي يلعب دوراً هاماً في بعض البلدان (مثل السودان والصومال وموريتانيا) بينما ظلت دول أخرى مثل دول الخليج تدعم البدو الرحل والمنتجين المقيمين ذوي الدخل المحدود بواسطة الإعانات المالية الحكومية. وقد بدأت بعض البلدان ببرامج تحسين الأراضي عن طريق تنظيم استخدام الأراضي والتعاونيات. ظلت أهمية الغذاء المنتَج من المزرعة تقل باضطراد بالنسبة للأسر الريفية الفقيرة في الإقليم . لأن المزارعين الصغار يعتمدون بشكل كبير على مبيعات عملهم كمصدر أساسي لدخل الأسرة: حتى العائلات التي تملك بين 1-2 هكتار تحصل تقريباً على ثلث دخلها من بيع خدماتها كعمل مأجور . وتزداد أهمية فرص التوظيف والدخل من العمل خارج المزرعة بالنسبة لتطور الريف ورفاهيته.

يصبح استنزاف الموارد الطبيعية أمراً خطيراً في المناطق ذات المطر الخفيف والتي تمثل أكثر من 70% من مجمل الأراضي في الإقليم . وبالنسبة للسكان البدو، فإن دخلهم يعتمد بشكل مباشر على كم ونوعية الأراضي الرعوية . ففي السنوات العادية تبقى الحيوانات في الأراضي ثمانية شهور ومن ثم تُغذّى منزلياً في الشهور الأربعة الباقية. ومع ظروف الجفاف الزائدة المؤدية إلى نقص مياه الشرب وعلف الماشية في أجزاء كبيرة من الأراضي تتم تغذية المواشي معظم العام . لذلك فقد هاجر عدد كبير من المزارعين ومربي الماشية من قراهم للبحث عن الماء والكلأ . يعتمد هذا النظام على التحرك الانتهازي التقليدي الذي يوازن بين توفر الغذاء والماء مع تجنب المناطق الرطبة. تتطلب هذه الظاهرة اهتماماً مباشراً لمنع نزوح السكان والمزيد من الاستنزاف البيئي.

ينتشر نظام ماشية الرحل في كل الإقليم امتداداً من الأراضي الجافة وذات المطر القليل في الشرق الأوسط وشبه الجزيرة العربية إلى المناطق كثيرة المطر (فوق 1200 مم) في جنوب غرب وجنوب السودان . يمارس هذا النظام بدرجة أساسية في الإقليم الإيكولوجي الجاف والذي يتميز بندرة المطر الداعم لإنتاج المحاصيل حيث تقل نسبة هطول المطر عن 300 مم. ويمكن للرعاة ممارسة تربية الماشية وإنتاج المحاصيل معاً. هؤلاء الرعاة هم بدو بدرجة أو بأخرى لديهم أنماط راسخة من رعي الهجرة على مساحة واسعة.

الرعي البدوي هو استجابة استراتيجية للتقلبات الفصلية للموارد النادرة . وتعرف البداوة في الإقليم تقليدياً بتربية الجمال والخراف، وهذه الأخيرة هي الأكثر هيمنة في الأوقات الحالية بسبب وجود أسواق أوسع لها . في بعض البلدان مثل السعودية سمح نقل الماء بالجرارات باستغلال المناطق التي لولا ذلك لما كانت متوفرة لتربية الماشية . ولكن أدى الضغط المستمر أو تركيز الماشية في مناطق الرعي إلى استنزاف لا يعوّض وإلى التصحر . لذلك يجب حماية هذا النظام البيئي الهش كنظام اجتماعي-بيئي.

في إقليم الشرق الأدنى منطقة ساحلية هائلة والعديد من الأنهار الصالحة لصيد السمك . وقد أصبحت منطقة الشرق الأدنى مصدّراً أساسياً في قطاع الثروة السمكية، ولكن حصتها من التجارة العالمية هامشية إذ لم يتجاوز 135 مليون دولار أمريكي في 1999.

يصل إجمالي مساحة الغابات في بلدان الشرق الأدنى إلى 5.8% من إجمالي الأراضي. بالإضافة إلى الغابات ، ففي بعض بلدان الإقليم (خاصة الجزائر، المغرب، الصومال، السودان واليمن) هناك مساحات معتبرة من الأراضي الحراجية الأخرى" . وتمثل هذه الأخيرة مصادر هامة لإنتاج الخشب و منتجات الغابات الأخرى وتلعب دوراً هاماً في استقرار الأرض والتحكم بتجمعات الأمطار والتحكم بالتصحر. الخشب المستخدم كوقود والفحم هي المنتجات الرئيسية بالإضافة إلى الأوراق الغضة التي تستخدم كعلف للحيوانات الداجنة . إنتاج الخشب الصناعي محدود جداً: إذ أن ثلثي المطلوب يغطى بالاستيراد.

تدعم الغابات غير الخشبية في الأراضي الجافة ومناطق الشرق الأدنى الأخرى قوت ملايين البشر. تقليدياً ، تعتبر فواكه الغابات، الأوراق، البذور والمكسرات، الفطور، العسل والحيوانات كلها موارد هامة للغذاء والإضافات الغذائية في إقليم الشرق الأدنى . ولكن تختلف منتجات الغابة كثيراً حسب التوفر المحلي والأفضليات وهي تتراوح من المنتجات المستخدمة للاستهلاك المحلي إلى منتجات يتجر بها في الأسواق الدولية والتي مثلت سلعاً أساسية لوقت طويل. ولكن في الشرق الأدنى تُستخدَم غالبية المنتجات كمورد رزق ولدعم المشاريع الصغيرة المعتمدة على العمل المنزلي التي تزود سكان الريف، خاصة النساء بالدخل والعمل . بالرغم من أهميتها للاقتصاديات المحلية وللناس ، ما تزال منتجات الغابة في الشرق الأدنى مهملة جداً في عمليات اتخاذ القرار المتعلقة بإدارة الموارد الطبيعية.

وتدل مراجعة خصائص ونزعات النظم الزراعية الرئيسية في الشرق الأدنى بوضوح على الاعتماد المتبادل الكبير بين الناس، الماء والموارد المعتمدة على الأرض. هناك أيضاً علاقات هامة بين أنظمة الزراعة المختلفة خاصة بين الماشية وأنظمة المحاصيل . وقد كان الاستثمار في قطاعات التنمية الريفية والزراعية بمعزل عن الري متواضعاً جداً. المجموعتان اللتان استثنيتا من معظم مبادرات التطور هي :

آ- المزارعون الأفقر الذين يعيشون في المناطق الجافة .

ب- الرعاة الذين يحتلون دوراً فريداً في الاقتصاد الريفي والمحافظة بعيدة الأمد على بيئة مستقرة في المناطق الجافة .

وفي ضوء هذا الاعتماد المتبادل لأنظمة إدارة الموارد فإن إهمال النظام الزراعي قد يشكل أثراً رئيسياً على الناس المعتمدين على الأنظمة الأخرى.

3- تحديات التنمية الزراعية في الإقليم

تواجه منطقة الشرق الأدنى تحديات كثيرة ومعوقات تحول دون التوصل إلى تنمية زراعية مستدامة ، يناقش الجزء التالي هذه المعوقات.

3-1 معوقات الموارد الطبيعية

3-1-1 الموارد الأرضية: الحجم والنوعية

المشكلة الرئيسية التي تعوق الإنتاج الزراعي المستدام في الكثير من بلدان الإقليم هي الأرض الزراعية وندرة المياه . بالإضافة إلى ذلك يواجه الإقليم مشكلة خطيرة وهي استنزاف الموارد الطبيعية بسبب تعرية التربة – التصحر – والملوحة . في الواقع فإن إدارة الموارد الطبيعية وسيلة ثابتة وفعالة وهي الآن إحدى المسائل الحاسمة لإنتاج الغذاء في الإقليم . وقد كانت الأرض عرضة لدرجات مختلفة من الاستنزاف.

يعتقد أن التعرية الريحية تؤثر على 35% من إجمالي الأراضي بالإقليم ، بينما تؤثر التعرية المائية على 17%. العديد من المنحدرات حجرية تعرضت للتعرية بفعل المياه والرياح . وأدت هذه السياسات إلى التصحر النهائي في الكثير من المناطق . وفي الري الكثيف كما في مصر والعراق برز التملح كمشكلة رئيسية . وفي تلك الحالات حيث المصدر الرئيسي لاستنزاف الأرض هو الري المفرط، فإن السياسات التي تصحح تشوه الأسعار في الماضي ، أي الري المجاني أو المدعوم ، ستساعد بتخفيض كل من مشاكل استخدام المياه المفرط وتأثيره السلبي على استنزاف التربة . ومن المهم أيضاً أن يركز جهد الإنتاج الزراعي بشكل رئيسي على تلك المناطق التي تقدم أكبر الإمكانيات لزيادة إنتاجية الأرض بشكل مستدام بيئياً. نوعية الأرض سيئة نتيجة لاستنزاف التربة وقلة خصوبتها والاستخدام الزائد والتعرية الريحية والتعرية المائية.

وقد تأثر الرعاة الفقراء ، الذين يعتمد قوتهم على الأرض والموارد المائية العامة ، عكسياً بانتهاك المجتمعات الحضرية والريفية، وبسياسات حكومية سابقة شجعت إنتاج الحبوب للعلف والإفراط في رعي الماشية واتباع وسائل غير مناسبة في تهيئة الأرض . علاوة على ذلك فقد جعلت السياسات القاسية في استعمال المراعي والمنظمات الاجتماعية الفقيرة من المستحيل تطوير برامج فعالة لإدارة الممتلكات العامة التي تشجع المستفيدين على استخدام وصيانة الأراضي بطريقة أفضل.

3-1-2 الموارد المائية- الندرة والنوعية والإدارة

الموارد المائية في الإقليم محدودة وتختلف من سنة إلى أخرى، بمعدل يمثل أقل من 2.2% من إجمالي موارد المياه في العالم. تصبح هذه الحصة حوالي 1.2% فقط عند اعتبار موارد المياه المتجددة داخلياً ، حيث أن الباقي يتدفق من خارج الإقليم . معدل تكثف البخار إلى مطر 3.5% فقط من إجمالي الماء العذب في العالم (110,000 كم3) الذي يسقط خلال الدورة المائية كل عام . موارد المياه متوفرة لقرابة 9.8% من سكان العالم الذين يسكنون على 13.8% من إجمالي مساحة العالم . يظهر (الملحق 4) موارد المياه المتوفرة واستخداماتها في بلدان الإقليم.

تشكل ندرة المياه التحدي الأكثر رعباً للزراعة في كل بلدان الإقليم تقريباً . تستجر عشرة بلدان أكثر من المياه المتوفرة داخلياً . هناك مشاكل من الاستغلال الزائد: البلدان ذات ندرة المياه المزمنة – مصر – إيران – عمان – لبنان – الصومال والبلدان تحت خط المياه – ليبيا - اليمن - الإمارات العربية المتحدة - العربية السعودية - قطر – الأردن – البحرين - الكويت - الجزائر - موريتانيا – المغرب . وتتضمن المشاكل الموجودة ندرة المياه أو الري المفرط بسبب التسعير قضايا السياسات ، التملح وحقوق الملكية غير الواضحة . ومن ضمن الثلاثين دولة ، تمتلك عشرة منها توفر سنوي من المياه المتجددة والمتوفرة لكل شخص أقل من معدل العالم بحوالي 5000م3 وأقل من 1500م3 في عشرة بلدان أخرى.

ومن المتوقع للاستخدام المفرط الحالي واستنزاف الموارد المائية ونمو التنافس من مستخدمي الماء للأغراض غير الزراعية أن يؤثر على تكلفة وتوفر الماء للإنتاج الغذائي. ويشير البنك الدولي أنه مع حلول عام 2025 ستصبح المياه المتجددة سنوياً في كل بلدان الإقليم تقريباً أقل من 700م3 لكل شخص . وبالرغم من المنظور الواقعي لمزيد من الفعالية في استخدام الماء في الإقليم فإن التوفر المحدود للماء سيكون غير كافٍ لاحتياجات النمو السكاني.

3-1-3 السكان – العمل في الزراعة

يقدر عدد السكان الإجمالي في الإقليم بحوالي 652 مليون (حوالي 9% من سكان العالم). وقد تميز الإقليم دائماً بمعدلات النمو السكاني المرتفعة التي كانت نسبتها في الثمانينات 3.1% . وبالرغم من أن هذه النسبة هبطت إلى 2.3% في التسعينات ، الآن قوة العمل لا تزال تنمو بأكثر من 3% سنوياً نتيجة للنمو السكاني السابق. هبطت نسبة الخصوبة في الإقليم إلى 4.9 من 6.6 في السبعينات ولكنها بقيت حوالي 7.0 في بلدان مثل الصومال واليمن.

ويمثل سكان الريف البالغين قرابة 328 مليوناً ، حوالي 50% من سكان الإقليم الكلي . هناك اختلافات واضحة من بلد إلى آخر في حصة سكان الريف . فبينما تمثل أقل من الخمس في جيبوتي ولبنان، تتجاوز الحصة الثلثين من إجمالي السكان في الصومال والسودان. (الملحق 2).

وخلال الفترة 2000-2030 يتوقع أن يتضاعف عدد السكان في الإقليم من عدده الحالي البالغ 652 مليوناً . ويشكل هذا ضغطاً جدياً وتأثيراً سلبياً كبيراً في المناطق ذات التربة الهشة والأراضي المنحدرة وسيكون ذو أهمية للموارد المائية في كل مكان . ومن المرجح للمناطق المحيطة بالمراكز الأساسية للسكان بشكل خاص أن تعاني من أشكال مختلفة من الاستنزاف البيئي وعوز المياه.

وكان التسارع الحضري هو النزعة الأكثر أهمية خلال الثلاثين سنة الماضية . ومن المرجح لهذه النزعة أن تستمر مسببة احتياجات متزايدة وسريعة للماء والغذاء – خاصة من الحبوب ومنتجات المواشي . ومن المرجح في المناطق الريفية أن يستمر نمو حصة الدخل المكتسبة من الفعاليات غير الزراعية ، وهذا شيء يجب أخذه في الحسبان عند مراجعة الخيارات الاستراتيجية للاستثمارات المحتملة.

3-2 تحديات السياسات الزراعية

3-2-1 التحيز الصناعي / الحضري

في منطقة الشرق الأدنى كان لكل من سياسات التطور والاستثمارات في البضائع العامة انحيازاً قوياً ، لعقود عدة، لمصلحة التطور الحضري والتطور الصناعي . والكثير من المؤسسات العامة في الماضي القريب كانت مركزية جداً وقد مالت لتفضيل الغذاء الرخيص لسكان المدن والمواد الزراعية الخام الرخيصة من أجل التصنيع. وفضلت استثمارات البنى التحتية أيضاً في مراكز السكان الرئيسية خاصة في توفير المياه، الخدمات الأساسية وروابط الاتصالات . وخدم تطور أنظمة الطرق الأمن القومي الأهداف الحضرية بدلاً من التطور الريفي . وبالفعل كان بناؤها أحياناً في صراع مع الاحتياجات الزراعية . وكذلك فإن قدراً كبيراً من الأراضي العالية النوعية ضُيّعت بجانب المدن نتيجة لقوانين التخطيط الضعيف ونقص التفكير المستقبلي . وتصبح الصراعات حول معدلات استخراج المياه مشكلة أساسية في مراكز السكان وحولها ويتوقع لهذه الصراعات أن تتكاثف في المستقبل.

3-2-2 أنظمة التخطيط المركزية المنغلقة

لقد أعاقت النسبة المرتفعة من مركزية أنظمة التخطيط والفرض الصارم لطرق الإنتاج الإبداع وتنوع الإنتاج في كثير من المناطق – خاصة في مشاريع الري العظمى . ونادراً ما كان يتركز البحث على مشاكل المنتجين التطبيقية في المناطق المعرضة للخطر أو حول الاستخدام الأمثل للماء . وكان البحث في مجال السوق للمنتجين الصغار في حده الأدنى. وكانت أنظمة التوسع مرتفعة جداً في التصميم والتسليم تاركة مجالاً صغيراً للمبادرات والمشاركات التي يقوم بها المزارع.

وقد ترك أسلوب التخطيط المركزي الذي تبنته بلدان عدة في فترة ما بعد الاستقلال تركة من الموارد غير المخصصة واستخدام غير كفؤ لعوامل الإنتاج الموجودة وعقبات أمام استثمار القطاع الزراعي وكلها ساهمت في ضعف إنتاج وأداء الاقتصاد الريفي.

الآن هناك معرفة متزايدة بأن مشاكل التطور الزراعي وندرة الغذاء التي تواجه بلداناً كثيرة في بلدان الشرق الأدني ليست بسبب العوامل التقنية فقط (فالتقنية موجودة مسبقاً "على الرف")، بقدر ما هي عوامل السياسة متضمنة في المستويات المنخفضة لإشراك سكان الريف في عملية صنع القرار الزراعي. ويظهر الوضع الحالي، في كثير من البلدان ذات الدخل الغذائي المنخفض عدم توازن جذري في عمليات صنع القرار الزراعي والتي كثيراً ماتؤدي إلى إعطاء ثقل زائد للأولويات والاحتياجات الموضوعة وفق مصالح مجموعات من الزبائن الحضر مثل موظفي الحكومة من أصحاب الرواتب والعمل المنظم بدلاً من إعطاء أولويات لاحتياجات منتجي الغذاء الريفيين خاصة المزارعين أصحاب الدخل الضعيف الذين ينتجون الكم الأكبر من الغذاء المستهلك محلياً. وبما أنه أصبح من الواضح جداً الآن إذا أعطي هؤلاء الأسلوب الصحيح وحوافز الأسعار فإنه يمكن إنتاج ما يكفي من الغذاء ويمكن التغلب على الأزمة بسهولة.

إن سبب وعلاج عدم التوازن هذا هو تنظيمي لدرجة كبيرة . وأحد أسباب عدم سماع مشاكل منتجي الغذاء الريفيين في الكثير من البلدان ذات الدخل الغذائي المنخفض في دوائر صنع القرار هو أن التنظيم سيئ ونتيجة لذلك لهم صوت ضعيف في تشكيل السياسات الريفية والزراعية للحكومة.

3-2-3 الإصلاح والتحرير الاقتصادي

حتى أوائل التسعينيات، كان وجود الحكومة في القطاع الزراعي كبيرا في العديد من بلدان الإقليم ، من خلال إجراءات لدعم الأسعار، الدعم لأغذية المستهلك، الحصص النسبية في المناطق والإنتاج وعوائق تجارية بهدف دعم الاكتفاء الغذائي الذاتي . فبينما كان أغلب المزارعون يتلقون دعماً للمدخلات الزراعية (على شكل القروض والبذور والسماد والوقود)، كانوا يجبرون على بيع منتجاتهم للمؤسسات الحكومية المحتكرة بأسعار ثابتة والتي كانت – اعتمادا على البلد- إما أدنى أو أعلى من أسعار السوق.

ومثل أي مكان آخر في العالم فإن نظام الدعم والتحكم بالسوق أخل بكفاءة توزيع الموارد وأدى إلى جمود ونقص كفاءة الاقتصاد الزراعي . وفي أعقاب برامج التحرر تم إلغاء الدعومات الزراعية أو أصبحت عقلانية في الكثير من بلدان الإقليم . نتيجة لذلك ، فإن القطاع الزراعي يتكيف ببطء مع البيئة الجديدة المتجهة إلى نظام السوق والعولمة . وهذا أدى إلى تركيز جديد على خدمات الدعم الزراعي وخاصة تلك التي يقدمها القطاع الخاص مع الدور الهام للحكومة كمسهل ومنظم لبيئة فعالة . وسيكون دور الحكومة المجتمع المدني (متضمنا المنظمات غير الحكومية) ، والجهات المانحة حاسماً في مساعدة فقراء الريف للإفادة من هذا التغيير . وبالرغم من معرفة الحاجة إلى الإصلاح هناك الكثير من التحديات التي تواجهها الكثير من بلدان الإقليم فيما يتعلق بتتالي وسرعة الإصلاح وإكمال الإصلاح للخدمات ، وأدوات السياسة المالية وخلق بيئة فعالة للقطاع الخاص ليتمكن من المساهمة والازدهار.

مؤخراً ، فضلت سياسات التحرر التجاري المنتجين الكبار في الإقليم . واجه صغار المنتجين الكثير من المصاعب للتنافس وذلك بسبب ضعف الميزات النسبية في كثير من الأحيان . ويعزى ذلك إلى التطور البسيط للصناعات الزراعية على مستوى صغير في كل البلدان تقريباً. وكان أي نمو للمشاريع الصغيرة يتم دائماً عن طريق الأفراد أو الجهود العائلية وليس عن طريق التعاونيات أو منظمات المنتجين . كان لغياب القروض المتوفرة للمنتجين الصغار ونقص المعلومات المتوفرة عن الأسواق العالمية دوراً معوقاً لأي تطور هام على هذا المستوى.

ولكن الكثير من المزارع العائلية قد نوعت إنتاجها عن طريق تطوير نشاطات خارج المزرعة مثل السياحة والاهتمام بالخدمات الأخرى غالباً عبر العلاقات العائلية . ويتوقع لهذه النزعة أن تستمر في الثلاثين سنة القادمة وستنمو أهمية الدخل من خارج المزارع باستمرار، خاصة عند الأسر الفقيرة.

3-2-4 الاستثمار في الزراعة

استجابة لبرامج التكييف الهيكلي والسياسات المالية، تبنت حكومات الإقليم معايير توازن بين ميزانيات الحكومة وخفض الإنفاق العام . في العديد من البلدان أدى هذا إلى تخفيض الاستثمار في الزراعة والمناطق الريفية . وبالرغم من التقدم في استهلاك الغذاء لكل شخص في إقليم الشرق الأدنى، استمرت الفجوة الغذائية بالتوسع خلال العقود الثلاثة الأخيرة . وهذا أسهم بشكل خاص بالانحدار في تدفق رأس المال الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر . وبين أواخر الخمسينات وحتى الثمانينات وظفت معظم البلدان أموالها بكثرة في تطور الري خاصة البنى التحتية مثل السدود ونقل المياه وخطط التوزيع وشبكات الري . زادت المساحة المروية بمعدل 1% سنوياً خلال أول الستينات واصلة إلى معدل سنوي أعلى قدره 2.3% سنوياً من 1972 إلى 1975 ثم تباطأت خلال العقود التالية . وقد أثرت الأزمات المالية عكسياً ، في النصف الثاني من التسعينات على التدفقات المالية الخاصة وشكل استمرار استعادتها عائقاً أمام الإنتاج والنمو التجاري.

في كل العالم لم يكن تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر متجاوباً بالشكل الكافي مع الطلب المتزايد على الغذاء بسبب المخاطر المتعلقة بالشبكات التنظيمية والقانونية بالإضافة إلى تنفيذ العقود وآليات فض النزاعات . ازدادت حصة الاستثمار الأجنبي المباشر في التدفق الخاص الصافي من 58% في 1997 إلى 69% في 2000 أي ازدادت الحصة بحوالي 5000 مليون دولار بين عامي 1997 و 2000 . تضاعف تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلدان ذات الدخل المنخفض أربع مرات بين 1991 و 2000 لكنه بقي أقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي. وهبطت حصة البلدان ذات الدخل المنخفض في كل تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدول النامية إلى 7% (13% في 1991) . وكان للدول الفقيرة صعوبة خاصة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر بسبب حجم السوق غير الكافي والبنى التحتية الفقيرة وعدم الاستقرار السياسي والفساد والسياسات التحكمية . وقد شكلت الدول العشر النامية الأكثر تلقياً للاستثمار الأجنبي المباشر (ليس بينها أي دولة من إقليم الشرق الأدنى) 74% من تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر إلى البلدان النامية في 2000 مشكلة 3.8% بذلك من الناتج المحلي الإجمالي.

بينت أدلة جديدة أن للنمو الزراعي أثر أساسي أكبر على تخفيض الفقر مما لنمو القطاع الصناعي . وأظهرت النتائج في إفريقيا وأميركا اللاتينية أن لاستثمار القطاع العام في الزراعة أثر أكبر من القطاعات الأخرى (Mellor ، 2000). وقد وُجد أن مرونة المحصول بالعلاقة مع الإنفاق العام كانت 0.29 وهو رقم عالٍ عند اعتبار الحجم الكبير من الزراعة العائد إلى الإنفاق الحكومي (Datt و Ravallion ، 1998) . وبذلك يخفض إنفاق الحكومة الفقر عن طريق تأثيرها في محاصيل المزارع. تظهر هذه البيانات أن الضغوط لتخفيض القطاع العام عند تطبيقها لها تأثير غير متكافئ على النمو الزراعي . ويجب ملاحظة أن مفهوم الاستثمار لزيادة السعة الإنتاجية للزراعة يستلزم ليس فقط الموجودات الفيزيائية ، ولكن نشر العلم والتكنولوجيا ، والتركيز على رأس المال البشري وبناء رأس المال الاجتماعي . يصبح خلق مناخ مشجع للاستثمار لزيادة مستويات الإنتاج وإدراك التغيرات التركيبية الضرورية تحدياً أساسياً للمنهج . تحتاج كل المناهج والبيئات المؤسسية أن تكون ناقلة للاستثمار عن طريق الوكلاء الخاصين ، وبشكل خاص المزارعين.

3-2-5 الاستقرار الاجتماعي / السياسي وحالات الطوارىء

إن العديد من بلدان الإقليم حالياً (أو كانت مؤخراً) خاضعة لعدم استقرار سياسي قاسٍ، يشمل ذلك أفغانستان – الجزائر – العراق – فلسطين – الصومال - طاجكستان - السودان . وهذا يمثل تهديداً جدياً لجهود التنمية التي تبذلها حكومات الإقليم بالإضافة إلى الدعم المقدم من شركاء التنمية . وهي تخلق أيضاً مناخاً من عدم الاستقرار في كل الإقليم وهذا يمنع الاستثمار الأجنبي.

يمكن لهذا الموقف أن يكون له تشعبات كثيرة في التطور الاقتصادي والأمن الغذائي في الإقليم خاصة للبلدان ذات الدخل الغذائي المنخفض والمجموعات سريعة التأثر . وقد تكفل هذه التطورات المعونة التقنية في تصميم السياسات المناسبة والبيئة الداعمة لتسهيل تطبيق ورصد خفض الفقر القومي وبرامج الأمن الغذائي الأسري . يحتاج الانتقال من حالة الطوارىء إلى الإصلاح والتطور إلى اهتمام خاص في إقليم الشرق الأدنى . وتحظى مشكلة المساعدات الغذائية ومضامينها داخل المنظمات الدولية والتأثير على الأمن الغذائي في الإقليم بأهمية خاصة . أكثر من 80% من مساعدات الغذاء إلى الإقليم كانت تذهب إلى البلدان ذات الدخل الغذائي المنخفض، ولكن هبط حجمها في السنوات الأخيرة.

3-3 التحديات المؤسسية

بالإضافة إلى القيود على السياسة والموارد المذكورة أعلاه ، تعمل الزراعة في إقليم الشرق الأدنى تحت قيود مؤسسية عديدة. فمعظم المؤسسات في الشرق الأدنى تطورت كجزء من التركيب المخطط مركزياً للخدمة كنظام لتزويد البضائع والخدمات الأساسية المطلوبة تحت التركيب الفيزيائي والاجتماعي الاقتصادي للإقليم . وقد أكدت المؤسسات التقليدية في معظم بلدان الإقليم على الحاجة لحماية أرزاق وازدهار المجتمعات الصغيرة المنتشرة والتي تعيش على أراضٍ هامشية ممارسة الزراعة ضمن شروط مناخية صعبة للغاية . نتيجة لتلك الظروف فإن النقص الغذائي ينتشر في الإقليم . لذلك فإن زيادة واستقرار الإنتاج الغذائي والدخل وحماية الأمن الغذائي وتخفيف الفقر الريفي كانت في عمق المؤسسات الريفية والزراعية التقليدية في الشرق الأدنى.

وقد أكدت المؤسسات التقليدية على دور الدولة كمنتج للمنتجات الزراعية الخام والمصنعة وكمزود للدخول والخدمات بشكل أساسي عبر الخدمات المكثفة والتدخلات التي ينفذها وكلاء شبه حكوميين . في كل بلدان الإقليم أكدت المؤسسات التقليدية بشدة على الاكتفاء الذاتي في الغذاء وبدائل الاستيراد مع إهمال كامل تقريباً لاعتبارات الكفاءة هادفين إلى فعاليات قصيرة الأمد مركزة على أسعار الغذاء والتوظيف وتنمية العملات الأجنبية المتبادلة والادخارات المطلوبة لتمويل السلع المستوردة ودفعت إلى الاستثمار في قطاعات الاقتصاد الأخرى.

في الشرق الأدنى ، مع وجود غنى في التقاليد الثقافية المحلية والدينية بين القبائل ومجموعات القبائل والقرابة في الإقليم ، تبقى الصيغ الجديدة للروابط بين سكان الأرياف التي تساعدهم على التفاعل مع المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية غير متطورة نسبياً . إن عدد مجموعات المواطنين والمؤسسات غير الرسمية في بلدان الإقليم إما محدودة جداً أو تتمتع بقدرة محدودة . نتيجة لذلك ، فإن سكان الريف الفقراء غير قادرين على الحصول على حقوقهم لديهم نفوذ قليل للتفاوض مع مجموعات الصفوة الأكثر قوة؛ ولديهم صوت ضعيف في السياسات المحلية.

سكان الريف الفقراء مقيدون باستثمارات منخفضة غير متناسبة في تقنيات الإنتاج الزراعية البعلية بالعلاقة مع عدد الأسر التي تعتمد عليها . وتنعكس هذه القيود في الفقر والجفاف وتنوع المحاصيل والتطبيقات المحدودة لتقنيات حفظ المياه والاستثمارات القليلة في البحث والاهتمام النادر بتقنيات متطورة لتحسين الأرض . مثل ذلك سلالات الحيوانات المتطورة أو التقنية بإنتاجها إما هي غير متوفرة في المناطق الفقيرة أو أنه لا يمكن للفقراء الوصول إليها بسبب التكلفة العالية.

إمكانية وصول سكان الريف الفقراء في إقليم الشرق الأدنى إلى البنى التحتية الفيزيائية مثل الطرق والماء الآمن والنظيف وشبكات المعلومات والاتصالات هي إمكانية ضعيفة وهناك نقص في البنى الاجتماعية التحتية مثل المدارس والعيادات ومراكز التدريب . وقد قللت التخفيضات في الإنفاق العام الذي تلا برامج التكيف الهيكلي استثمارات الدولة في المناطق الريفية . ومع الوصول المحدود للخدمات لتطوير رأس المال البشري ، يصبح سكان الريف الفقراء غير قادرين على العمل في الأنشطة الاقتصادية المربحة . نتيجة لذلك وخاصة في المناطق البعيدة مثل الجبال في مناطق المغرب وتركيا واليمن غالباً ما يكون سكان الريف الفقراء معزولين اقتصادياً وفيزيائياً وذهنياً واجتماعياً عن بقية الأمة.

تستمر مؤسسات القطاع العام بالهيمنة الكبيرة على الخدمات المالية خاصة فيما يتعلق بتمويل الأنشطة الزراعية والاقتصادية الأخرى المعتمدة على الريف . في الماضي استخدمت الحكومات المؤسسات المالية الحكومية في المناطق الريفية لتنفيذ التنمية الوطنية وبرامج التخطيط ولتوزيع المساعدات وتقديم مدخلات للقروض . ونزعت هذه السياسات إلى تفضيل المزارعين الكبار والمقاولين من ذوي القوى المالية والفيزيائية مستثنيين بذلك سكان الريف الفقراء . وكان للأسر الريفية ذات الدخل المنخفض بدائل قليلة لموارد التمويل ، وكانت مؤسسات التمويل غير الرسمية ومجموعات الإقراض نادرة جداً في الإقليم.

إن نقص التمويل الريفي الكافي، خاصة للزراعة، وبشكل خاص للمزارعين الصغار مشترك في كل الدول الأعضاء ولكن ليس بالتساوي . يحتاج سوق التمويل الريفي أن ينظَّم ويوسَّع عن طريق تشجيع إقامة مؤسسات مالية جديدة ويجب الإفادة من وسائل حديثة . علاوة على ذلك، يجب تصميم واستخدام برامج خاصة لتمويل الأعمال الريفية والمزارعين الصغار. وهناك حاجة أيضاً للتأكيد على تنمية قدرات المحترفين في المؤسسات المالية بشكل عام وأولئك الذين يعملون في المناطق الريفية بشكل خاص . بعض البلدان مثل معظم دول CIS بحاجة إلى تأسيس ملكية أرض مناسبة لتمكن المزارعين من الإفادة من قروض البنك النظامية.



2 - رئيس فرع مساعدة السياسات – المكتب الإقليمي لمنظمة الأغذية الزراعة – القاهرة – مصر.

3 . منطقة الشرق الأدنى، كما هي معرفة هنا، تتضمن 30 دولة: أفغانستان، الجزائر، البحرين، قبرص، جيبوتي، مصر، الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الأردن، كازاخستان، جمهورية كيرجستان – الكويت – لبنان – ليبيا – مالطة – موريتانيا – المغرب - عمان الباكستان – قطر – السعودية – الصومال – السودان – سورية – طاجكستان – تونس – تركيا – تركمانستان - الإمارات العربية المتحدة - اليمن.



الصفحة السابقة أعلى الصفحة الصفحة التالية