الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة المقبلة

 

الفصل الخامس

القضايا الحرجة في المفاوضات المقبلة لمنظمة التجارة العالمية

فيما يتعلق بالزراعة من منظور البلدان النامية، وفي ضوء

خطة العمل الصادرة عن مؤتمر القمة العالمي للأغذية

 

ملاحظات رئيس لجنة تجارة المنتجات الزراعية، بمنظمة التجارة العالمية(19)  

كان من المعروف جيدا منذ لحظة التوقيع على اتفاقية مراكش أن المفاوضين سيجتمعون مرة أخرى خلال خمس سنوات ليحاولوا مواصلة عملية الإصلاح في الزراعة. وفي سنغافورة، بدأ الوزراء عملية غيررسمية خاصة نطلق عليها "عملية تحليل وتبادل المعلومات " لكي نتبين كيف يتم التعامل مع القضايا المختلفة المتصلة بالاتفاقية، بما يتفق مع عملية التنفيذ. وقد ثبت أن هذه العملية كانت فعالة جدا"، كما كانت جادة جدا" ومهمة جدا" من حيث توعية المفاوضين بمجريات الأمور. والآن أمامنا قائمة محددة من القضايا وصورة على قدر لا بأس به من الوضوح فيما يتعلق باهتمامات الأطراف في المفاوضات، وأهدافهم وطموحاتهم. ولقد كانت مشاركة البلدان النامية في العملية ودعمها لها ملموسة جدا"، وهكذا فإن السيناريو الذي يقتصر على التفاوض بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لن يتكرر. وسوف يكون القرار في اكثر من يدين اثنتين فقط، فسوف تتخذه مجموعات مثل مجموعة كايرينز  (Cairns group)( ، أو مصالح مثل المصالح التي تمثلها البلدان التي تعد مستوردة مافية للغذاء، أو الأطراف التي لديها هموم حقيقية فيما يتعلق بالأمن الغذائي.

 

ويرى البعض، أن الوقت لم يحن بعد لمواجهة جولة جديدة من المفاوضات، سيما وأن الظروف قد تغيرت كثيرا في السنتين الماضيتين. فقد خلقت الأزمات المالية والاقتصادية خلال السنوات القليلة الماضية جوا" مختلفا" تماما"، وخصوصا" في بعض البلدان النامية التي تعرضت للتأثير الكامل لهذه الأزمات. ولقد عانت أمريكا اللاتينية في السنة الماضية من الكساد، مما دفع كثيرا" من الأطراف إلى اعادة النظر في النماذج التي تتوخاها لكي تتبين ما إذا كان من الضروري إبطاء جميع عمليات الانفتاح الاقتصادي.

 

ولقد تجاوبت البلدان التي تمر بمستويات مختلفة من التنمية مع ظروف الأزمة بطرق مختلفة. وعلى سبيل المثال، فإن الولايات المتحدة شهدت انخفاضا" في صادراتها الزراعية بنحو30في المائة بسبب الأزمة في جنوب آسيا، واستطاعت التجاوب معها بتقديم دعم كبير للقطاع الزراعي، وبلغت قيمة المساعدات نحو 6 أو 7 مليارات دولار. وفي نفس الوقت، توفر الولايات المتحدة حماية لهذا القطاع، كما أنها بدأت حملة محمومة لإيجاد منافذ جديدة أو أسواق جديدة لمنتجاتها. وهكذا، فإن هذا الربط بين الحاجة إلى حماية القطاع الزراعي والحاجة إلى خلق او فتح أسواق جديدة يعطي فكرة عن كيف سيتعامل بلد في قوة الولايات المتحدة مع المفاوضات. أضف إلى ذلك أن العجز التجاري الذي تواجهه الولايات المتحدة في تزايد، ولذلك فليس من الصعب أن نتبين مدى حاجة المفاوضين الأمريكيين إلى الصلابة الشديدة في اقتحام قضية النفاذ إلى الأسواق.

 

والعضو الرئيسي الثاني بين الأعضاء المتقدمة هو الاتحاد الأوروبي، الذي تمثل فيه الزراعة العمود الفقري لسياسته وتستهلك ما يقرب من نصف ميزانيته. وتوضح التعديلات التي أدخلت على جدول أعمال عام 2000 أين يقف الاتحاد الأوروبي.

 

وسوف ترافقه في هذا الموقف جميع البلدان التي تتخذ موقف الحماية الشديدة ازاء هذه المسالة، مثل اليابان، وجمهورية كوريا، والنرويج وسويسرا.

 

وبالنسبة لموردي المنتجات الزراعية في كثير من البلدان النامية، تتمثل الملكية في النفاذ الى الأسواق، والوصول إلى المستهلك، في الوقت الذي يجب عليهم فيه أن يتنافسوا مع وزارات الخزانة في البلدان المتقدمة وليس مع المنافسين الطبيعيين لهم وهم المزارعون. وأنا هنا أدرك مدي الصعوبة الشديدة التي تواجه المفاوضين، لأنه لكي يمكن المحافظة على شيء من النظام الاجتماعي وشيء من الاستقرار من حيث الدعم السياسي، يتعين على هذه البلدان- الأوروبية والنامية منها على السواء- أن تجد منهجا" جديدا". فكثير من البلدان النامية لا تستطيع فتح أسواقها لأنها ستواجه صعوبات شديدة فيما يتعلق بالاستقرار الاجتماعي والريفي. ومخاوف هذه البلدان من الشركات الأوروبية العملاقة مخاوف حقيقية، وينبغي أن تؤخذ في الاعتبار عند التعامل مع النداءات التي تطالب بفتح الأسواق. ففي الهند، على سبيل المثال، يلعب القطاع الزراعي دورا" جوهريا" في الاقتصاد وفي تحقيق الاستقرار الاجتماعي. وبمجرد فتح الأسواق وقدوم المنافسة الخارجية لتحدي الإنتاج المحلي، يمكن أن يحدث تمزق كبير في المجتمع وفي الحياة الريفية- وهذا ما شاهدته بنفسي. ونفس الشيء ينطبق على البلدان الأخرى التي يعد فيها استقرار الأوضاع في الريف والاستقرار الاجتماعي أمرا" حيويا". والأوروبيون يدعون الى ضرورة المحافظة على المناطق الريفية، ولذلك فهم يتحدثون عن الأدوار المتعددة التي تقوم بها الزراعة في استقرار المناطق الريفية. والبلدان النامية تفهم ما يطالب به الأوروبيون بالنسبة للقطاع الريفي، ولكن لا ينبغي عليها أن تتعامل مع هذه المسألة بنفس طريقة تعامل الأوروبيين معها، بل ينبغي عليها أن تحاول الحصول على معاملة خاصة وتفضيلية بالمعني الحقيقي لهذا المصطلح. وهي في حاجة إلى مثل هذه المعاملة من أجل خلق

 

ظروف أفضل وأكثر استقرارا" للزراعة فيها. وهذا شيء يلزم التعامل معه في المفاوضات، وسوف يتطلب بالضرورة مزيدا من الآليات الحقيقية.

 

وهناك قضية أخرى بدأت الآن تدخل دائرة الحوار برسالة شديدة القوة وهي الكائنات المعدلة وراثيا. وهذه القضية شديدة الحساسية ينبغي التعامل معها، ولكن ذلك ينبغي أن يكون في السياق المناسب وهو النظام التجاري الذي تطبقه منظمة التجارة العالمية. وهناك بعض المجالات الأخرى التي يجب النظر فيها وإن كانت لا تندرج ضمن اختصاصات منظمة التجارة العالمية، وسوف يكون التحدي في كيفية التعامل مع تجارة المنتجات المعدلة وراثيا. فما هي المعايير التي تنظم هذه التجارة؟ وفي ذلك، ينبغي أو تؤخذ المشكلة الأخلاقية والمشكلة العلمية في الاعتبار، ولكن ليس من جانب المفاوضين في منظمة التجارة العالمية حيث ينحصر اهتمام هؤلاء في كيفية طرح المنتجات للتعامل التجاري، ونوع المعلومات التي ينبغي ان تكون في متناول المستهلك عن هذه المنتجات، ومدى حصافة المستورد في التعامل معها. ولم تعرض على مائدة المفاوضات حتى الآن أي مقترحات أو أفكار محددة في هذا الشأن، ولكنني على ثقة من أن هذه المسألة سوف تطرح في المستقبل القريب.

 

وتحدد المادة 20 من اتفاقية الزارعة، كما يحدد الهيكل العام للاتفاقية، المجالات التي ينبغي أن تتناولها المفاوضات، وهي: المشكلات التقليدية المرتبطة بدعم الصادرات، والدعم المحلي، والنفاذ إلى الأسواق، وكذلك هذه الاهتمامات غير التجارية، بطبيعة الحالى. وستكون قضية الأمن الغذائي وتقييم أوضاع البلدان التي تعد مستوردة صافية للغذاء في غاية الأهمية، ولكن هذه المسألة تحتاج إلى نظر دقيق في إطارقرار مراكش.

 

ولما كنت أنتمي إلى بلد من البلدان النامية، كولومبيا، لابد لي أن أقول إن هذه المناسبة ستكون مناسبة لرفع مستوى البلدان النامية في التجارة الدولية. فمن الواضح للكثيرين أن البلدان الصناعية قد أحمسنت استغلال جولة أوروغواي وحققت أفضل استفادة منها، لأنها كانت قادرة على ذلك. ولكن البلدان النامية استطاعت الآن أن تحدد مشاكلها، مثل التعريفات التصاعدية وارتفاع مستوى التعريفات إلى الذروة. وقد حققت البلدان المتقدمة فائدة أكبر من البلدان النامية خلال هذه السنوات الخمس لأن سوق المنتجات الزراعية تطورت كثيرا" من حيث التجارة في المنتجات ذات القيمة المضافة. واليوم، تمثل المنتجات الزراعية ذات القيمة المضافة 50 في المائة من مجموع المنتجات الزراعية المتداولة في التعاملات التجارية، بينما كانت هذه النسبة من عشر سنوات أقل من 30 في المائة. والبلدان الصناعية هي التي تضيف هذه القيمة المضافة، وسوف تواصل البلدان النامية توريد المواد الخام وبمجرد دخولها في عملية التصنيع تبدأ التعريفات الجمركية في البلدان الصناعية في الارتفاع الشديد. وهذا شيء يلزم تناوله في المفاوضات. ولاشك أن التعريفات التصاعدية تعد من العقبات الرئيسية أمام اجتذاب الاستثمارات الجديدة، وعندما تصبح لدى البلدان المتقدمة صورة أوضح عما يمكن عمله فيما يتعلق بالتنويع الأفقي والرأسي للمنتجات الزراعية، وبإمكانيات اجتذاب المزيد من الاستثمارات، وتحقيق مزيد من الإنتاج، وتحديد معالم زيادة المشاركة في التجارة الدولية، سنكون نحن أبناء البلدان النامية هناك أيضا".

 

وسيكون من الصعب الاتفاق على أسعار محددة وتفصيلية للمفاوضات. وعلاوة على ذلك، فإن السنة المقبلة هي سنة الانتخابات في الولايات المتحدة، وهذا يعني أن مشاركتهم الكاملة في المفاوضات قد تتأخر. ومع ذلك، فهنالك أيضا" عقبة تتعلق بالتواريخ المحددة المنصوص عليها في الاتفاقية، مثل انتهاء فقرة السلام. ويبدو أن ثلاث سنوات من المفاوضات فترة معقولة، لاسيما أننا لسنا مضطرين إلى صياغة مزيد من الاتفاقيات أو صياغة اتفاقية جديدة، ولذلك يمكن للمفاوضات ان تدخل في التفاصيل على الفور. وعندئذ، سنرى إلى أي مدى يمكن تلبية أهداف وطموحات مختلف البلدان، ولكن الأمر المؤكد هو أنها لن تكون مفاوضات سهلة.

 

مناقشة

 

أسئلة موجهة إلى السفير Osorio : إن ديباجة اتفاقية الزراعة تدعو إلى تحسين شروط النفاذ إلى الأسواق، ولاسيما بالنسبة للمنتجات الزراعية ذات الأهمية الخاصة للبلدان النامية الأعضاء، بما في ذلك التحرير الكامل لتجارة المنتجات الزراعية الاستوائية. ولقد كان ذلك، كما أوضحتم عن حق، من بين أهداف المفاوضات، ولكنه لم يتحقق. فهل سيكون من الممكن تحقيق هذا الهدف في الجولة المقبلة؟

 

جواب: من الضروري أن تكون الصورة واضحة أمام البلدان، وأن تحدد عدد المنتجات الزراعية التي تقوم بتصديرها، والى أين، وأن تحدد العقبات التي تواجهها في التصدير والأسواق التي لا يمكنها دخولها بسبب وجود حواجز تعريفية خاصة او حواجز غير تعريفية. وعلى سبيل المثال فقد كان من بين مشاكل دخول البن المجهز إلى الأسواق وجود تعريفة تصاعدية. إذ تستطيع كولومبيا تصدير البن الأخضر بدون تعريفة جمركية الى أي مكان تقريبا"، ولكنك بمجرد أن تدخل في صناعة تحميص البن، وإنتاج البن سريع الذوبان، تبدأ التعريفات الجمركية في التصاعد. هذه مشكلة تم تحديدها بالفعل، وسيكون أمامك هدف في المفاوضات. وبمجرد أن تزداد معرفة البلدان بهذا النوع من الأهداف، وتحدد هذه الأنواع من المعايير، يمكنها أن تقوم بدور له قيمته في المفاوضات. كذلك ففيما يتعلق بحصص التعريفة الجمركية: يعلم جميع من تطبق عليهم حصص التعريفة الجمركية أين تكمن المشكلة. فحصة السكر المطبقة في الولايات المتحدة تلحق أضرارا كبيرة بكثير

 

من البلدان، كما أن حصة الموز تلحق أضرارا" ببلدان أخرى، ويمكن أن يحدث ذلك بالنسبة للتبغ. وهكذا توجد أهداف محددة: وهي أن تحاول البلدان المعنية توسيع نطاق هذه الحصص أو إلغاءها. وهذا يثير مشكلة لأن بعض البلدان النامية التي تقوم بتوريد هذه المنتجات وجدت لها منفذا" يتمتع بالحماية، وإذا ألغيت الحصص أو تم توسيع نطاقها فسوف يتسبب ذلك في متاعب. ولهذا فمن الصعب التحدث عن مصالح مشتركة تجمع بين البلدان النامية.

 

سؤال: إن كثيرا" من البلدان النامية الصغيرة وكثيرا" من البلدان النامية التي تعد مستوردة صافية للغذاء لا تستطيع الاستفادة من آلية التدابير الوقائية، على خلاف معظم البلدان المتقدمة وبعض البلدان النامية المتقدمة نسبيا". إذ تفتقر هذه البلدان الى الإطار المؤسسي والقانوني اللازم لمتابعة التدابير الوقائية العامة. فهل ستتطرق المفاوضات لهذه القضية؟

 

جواب: إن البلدان النامية في حاجة إلى شيء من الحماية فيما يتعلق بالتدابير الوقائية. والتدابير الوقائية الخاصة لا تستخدمها إلا البلدان المتقدمة التي تطبق درجة عالية من الحماية. ومن بين الأفكار المطروحة أن التدابير الوقائية الخاصة ينبغي أن تلغى، وان يتاح للبلدان النامية شكل من أشكال التدابير الوقائية في صورة معاملة خاصة وتفضيلية. وعموما، فإن النظام العام للتدابير الوقائية هو الذي ينبغي أن يتعامل مع هذه المشاكل.

 

سؤال: فيما يتعلق بقرار مراكش، هناك عملية تقييم تجري منذ خمس سنوات حتى الآن، فهلا أخبرتني ببعض المناهج المحددة الخاصة بتقديم المساعدة للبلدان النامية التي تعد مستوردة صافية للغذاء.

 

جواب: لقد قامت منظمة الأغذية والزراعة ومؤسسات أخرى بإجراء كثير من الدراسات، ولا أستطيع أن أحدد أين نحن الآن من الناحية الفنية، فيما يتعلق بمسألة تقييم أوضاع هذه البلدان. ولكن السؤال الذي سيكون مطروحا في المفاوضات هو ما سيكون تأثير إلغاء الدعم أو تخفيضه بالنسبة بالبلدان المستوردة الصافية للأغذية. وهنا توجد مدرستان للتفكير: هناك من يقولون أن خفض الدعم سيؤدي إلى ارتفاع الأسعاركما لن يكون من السهل توافر المنتجات، وهناك من يقولون إن الأمر على العكس من ذلك، فبعد خفض الدعم ستزدار المنافسة وستزداد المنتجات المطروحة في الأسواق، وستنخفض الأسعار. وسوف أترك هذه المسالة للمتخصصين في الاقتصاد لمواصلة المناقشة.

 

سؤال: لو أننا تركنا مسألة الكائنات المعدلة وراثيا برمتها لمنظمة التجارة العالمية، فإننا، كما حدث في حالة الهرمونات وفي حالات اخري كثيرة، لن نعرف ما ستفعله أجهزة تسوية المنازعات. وكما يقول البنك الدولي، فإن البلدان النامية التي تتبنى إنتاج الكائنات المعدلة وراثيا" قد تجد أن السوق أمامها في الشمال مغلقة. وليس من المؤكد على الإطلاق ما اذا كانت جميع المنتجات المعدلة وراثيا مأمونة تماما". فهناك جدل واسع حول هذا الموضوع، والعلماء منقسمون على انفسهم، ولذلك فإن مبدأ الحذر والحيطة قد يكون من الصعب على البلدان النامية تطبيقه. والأمر كذلك، فإذا أنت سمحت بتجارة المنتجات المعدلة وراثيا"، فماذا ستكون النتائج بالنسبة لبلدان النامية الفقيرة؟

 

جواب: فيما يتعلق بالمنتجات المعدلة وراثيا"، أنا لا أقترح أي شيء. والرسالة الوحيدة التي أود توصيلها هي أن هذا الموضوع سوف تناقش في المفاوضات. والصعوبة التي تواجهها منظمة التجارة العالمية هي هل سيكون من الممكن إيجاد حل لمشكلة التجارة. والقضية الأخرى في غاية الأهمية، ولكنني أحاول التركيز على ما يتعلق بالتجارة والدور الذي يمكن أن تلعبه في المفاوضات، وليس لي أي موقف على الإطلاق في هذه المسألة.

 

سؤال: إذا كانت المفاوضات يمكن أن تطول الى هذا الحد، فهل هناك سبيل للتعامل مع بعض المسائل أو المشاكل العاجلة، مثل الارتفاع الشديد للواردات والمنتجات المعدلة وراثيا"؟

 

جواب: خلال المرحلة الأولى من المفاوضات، سنرى ما اذا كان من الممكن النظر في بعض الالتزامات التي لم تتحقق قبل الدخول في صلب المفاوضات. ومع ذلك فإن المنهج الذي نسميه "الحصاد المبكر"، وهو اتخاذ بعض القرارات في المراحل الأولى من المفاوضات منهج مخادع لأنه قد يستند على تعهد واحد. وفي حالة التعهد الواحد يمكنك أن تخلق عالما" يمكن للمفاوضين فيه ان يمارسوا عمليات الأخذ والعطاء من قطاع لآخر، ولذلك ففي اللحظة التي تبدأ فيها الحديث عن الحصاد المبكر، لابد أن يطبق ذلك بطريقة أفقية.

 

سؤال: فيما يتعلق بمسألة المعاملة الخاصة والتفضيلية وضرورة توافر مزيد من المرونة، هل يمكن أن تحدد التدابير التي يمكن للبلدان النامية أن تقدم عليها؟ هل تفكر، على سبيل المثال في زيادة التعريفات الجمركية في البلدان النامية أو في حصص مختلفة الأحجام للبلدان النامية او بعض تدابير "الصندوق الأخضر"؟

 

جواب: أعتقد أن من التدابير التي يمكن اتخاذها لذلك زيادة مستويات الحد الأدنى المسموح به، أو وضع تدابير تفاضلية بحيث انه في حالة الاتفاق على صيغة لخفض التعريفات يكون هناك نظام للبلدان النامية وآخر للبلدان المتقدمة من حيث النفاذ إلى الأسواق أو خفض الدعم أو غير ذلك. ويمكن أن يكون هناك منهج خاص للتعامل مع كل هذه العقبات الفنية أمام التجارة، وهناك أربع أو خمس مسائل يمكن تغطيتها بشكل محدد. كذلك، فحيثما تكون هناك موضوعات تتصل بالزراعة، من الممكن النظر إليها في سياق أطول وغير محدد المدة يتجاوز فترة الثلاث أو الأربع سنوات التي تعطى للمعاملة الخاصة أو الاستثنائية.

 

كلمات أعضاء مجموعات المناقشة

 

HARMON THOMAS (20): سأحدد بإيجاز العناصر الرئيسية التي تتضمنها ورقة العمل رقم 4، التي نلخص فيها بعض القضايا الرئيسية وثيقة الصلة بالتنمية الزراعية، والتجارة والأمن الغذائي. وعموما"، تتصل هذه القضايا بحاجة البلدان النامية إلى الانتقال من موقف سلبي في أساسه، فيما يتعلق بدعم القطاعات الزراعية، إلى موقف محايد، أو في حالة بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض إلي موقف يتسم بمزيد من الإيجابية فيما يتعلق بتأثير السياسات. وهناك ضرورة أخرى وهي أن تكون البيئة التجارية أقل تشوها"، وخصوصا" من جراء الدعم الذي يؤدي إلى إخراج البلدان النامية من الأسواق العالمية. والعنصر العام الثالث هو تحسين فرص النفاذ إلى الأسواق لتمكين هذه البلدان من التوسع في صادراتها الزراعية، مما يساعد بالتالي في زيادة النمو الاقتصادي والتنمية. وتناقش الورقة هذه المسائل بالتفصيل.

 

(21)BABA DIOUM : بالنسبة للبلدان العشرين التي أمثلها في غربي ووسط أفريقيا، تعد القضايا الحرجة في المفاوضات المقبلة مهمة، ليس فقط لأن الزراعة تعد عاملا" رئيسيا" في التنمية، بل كذلك لأن السياق غير مضمون. وهو غيرمضمون لأننا لم نقم 

 

بعد بتنفيذ التدابير التي تدعو لها اتفاقية الزراعة، كما أن التدابير التي نفذت بالفعل لم يتضح تأثيرها بعد. وبناء عليه، فمن الصعب تقييم التأثير الكامل للاتفاقية، وتوضيح ما ينبغي تغييره بشكل أواخر. ومن ناحية أخرى، يجب على البلدان النامية، في المفوضات المقبلة، أن تفكر من منظور التنمية وعلاقته بالتجارة. إذ يجب أن تكون التنمية هي النقطة المحورية في اهتماماتها، ولا سيما تنمية القطاع الزراعي.

 

وتتمثل حاجتها الأولي في النفاذ إلى الأسواق، حيث لم تتحقق أي نتائج في هذا الصدد تقريبا". ثانيا"، يتعين عليها أن تعيد النظر في الدعم المحلي بمزيد من التعمق. وثمة قضية أخرى في غاية الأهمية وهي تدابير الصحة النباتية التي تؤدي إلى التمييز في المعاملة. وعلاوة على ذلك، كيف يمكن التوفيق بين المواقف التي اتخذت في إطار اتفاقية لومي والمواقف التي اتخذت في إطار منظمة التجارة العالمية؟ وتبلغ نسبة نفاذها إلي أسواق الاتحاد الأوروبي، بالشروط التفضيلية 52 في المائة من مجموع الإنتاج، وليست لديها رغبة في التخلي عن هذه الأفضليات. وثمة نقطة أخرى مهمة وأساسية وهي الملكية الفكرية، وخصوصا" القواعد التي ينبغي أن تطبقها البلدان التي تتاجر في أصناف الخضر والحيوانات، والعلامات التجارية وما إلى ذلك. 

 

ومن المهم، في ضوء كل هذه القضايا، الربط بين الاتفاقيات التي ستجري المفاوضات بشأنها في مجال الزراعة بحلف يتضمن الأمن الغذائي والتنمية الزراعية. وبمعنى آخر، فتح صندوق جديد للتعامل مع الزراعية والأمن الغذائي، يرقى إلى مستوى توفير معاملة خاصة وتفضيلية للبلدان الأقل نموا". كذلك ينبغي على البلدان النامية أن تحاول تقوية قدراتها التفاوضية، وهي عملية تندرج تحت بند بناء القدرات. إن البلدان التي أمثلها تنظم صفوفها بما فيه الكفاية لاتخاذ مواقف مشتركة ولكي تكون قوية بها فيه الكفاية في المفاوضات. وإنني أفكر في تشكيل لجنة استشارية في مجال

 

الزراعة، تساعد البلدان على التفكير في مشاكل التجارة واتخاذ موقف موحد بشأنها. والأهم من ذلك، أعتقد أنه يجب ان تكون هناك مشاركة حقيقية لكي يمكن فتح اسواق مربحة. وبمعنى آخر، ينبغي ألا نتفاوض بعد الآن في أمور الدعم بل في آلية للتمويل تجعل التنمية ممكنة. وأعني بذلك الصندوق الذي أشرت إليه.

 

وباختصار، نحن الآن أشبه ما نكون باثنين يحبان بعضهما البعض ويريدان أن يتزوجا ولكن كلا منهما ينتمي الى ديانة مختلفة. فماذا ينبغي علينا أن نفعل؟ إن أحدهما ينبغي أن يعتنق ديانة الآخر، وهذه هي اللبرالية.

 

(22) NIP0N POAPONGSAKORN< : سوف أناقش القضايا الحرجة فيما يتعلق بدعم الصادرات، والنفاذ الى الأسواق من وجهة نظر البلدان المصدرة للمواد الغذائية، مثل تايلاند ومجموعة كايرينز، وأول مدى الحاجة إلى ربط المفاوضات الخاصة بالزراعة بهذه القطاعات الأخرى.

 

ومما لا جدال فيه أن تايلند قد حققت مكاسب من اتفاقية الزراعة، ليس فقط نتيجة لارتفاع أسعار الأرز، بل وكذلك نتيجة لتقوية آليات تسوية المنازعات، وكذلك وزيادة حصص استيراد الحبوب العلفية مما ساعد على خفض تكاليف إنتاج الدواجن. ولذلك فإن تايلاند تشارك مجموعة كايرينز في الرأي من حيث أن إقامة نظام منصف ويقوم على آليات السوق لتجارة المنتجات الزراعية سيزيد من الفائدة التي تعود على العالم أجمع. ومع ذلك، ففي خلال السنوات الخمس الماضية، كان التقدم في خفض الحماية الزراعية والدعم محدودا" جدا"، وخصوصا" في بلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. وبناء عليه، يجب أن تكون القضية الأولى والأهم في المفاوضات الزراعية المقبلة هي حظر دعم الصادرات، والمساواة بين المنتجات الزراعية 

 

والمنتجات الصناعية بموجب اتفاقية الجات، وبذلك نحتكم إلى المبدأ الذي وضعته الجات وهو عدم التمييز. وقد يكون التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضية أقل صعوبة مما كان عندما بدأت جولة أوروغواي، نظرا" للإصلاحات الزراعية التي أدخلت من جانب واحد في الولايات المتحدة والإصلاحات الجزئية التي أدخلت في الاتحاد الأوروبي، وكذلك الإصلاحات التي أدخلت في اليابان في منتصف الثمانينات.

 

وفيما يتعلق بالدعم المحلي، قد يكون من الممكن الغاء "الصندوق الأزرق "، الذي يتضمن مدفوعات احتياطية ومدفوعات في حالة العجز، لأن القانون الاتحادي لتحسين وإصلاح الزراعة الذي أصدرته الولايات المتحدة في 1996 زاد من الفصل بين تدابير دعم الدخل الزراعي والإنتاج. وينبغي زيادة تعزيز تدابير "الصندوق الأخضر" للتقليل من عدد الثغرات التي تسمح بتقديم الدعم من اجل زيادة الإنتاج. وأخيرا"، ينبغي زيادة خفض مقياس الدعم الإجمالي لتشجيع البلدان المتقدمة على توفيق سياساتها مع معايير "الصندوق الأخضر".

 

وفيما يتعلق بنفاذ الواردات إلى الأسواق، فمازال هناك قدركبير من الميوعة في التعريفات مما يبطل فاعلية التعريفات المربوطة. فالتعرفة القذرة من جانب البلدان المتقدمة وربط التعريفات الجمركية في مستويات مرتفعة جدا" في البلدان النامية يسمح لها بتطبيق مستويات متباينة من الحماية. ولذلك، فمن الضروري خفض التعريفات المربوطة إلى مستويات لا تزيد كثيرا" عن معدلات التعريفات المطبقة على المصنوعات. ويمكن أن يتم ذلك بعدة طرق، أولها، إجراء خفض كبير وشامل. والطريقة الثانية هي الأخذ بالصيغة السويسرية، التي تقضي بزيادة معدل الخفض كلما زاد مستوى التعريفة، وهذه الصيغة لها ميزتها الاقتصادية من حيث أنها تقلل من تشتيت التعريفات. أما الطريقة الثالثة فهي ما يسمى "المنهج الصفري "، وهي تزيد من تشتت التعريفات فيما بين المنتجات. ويبدو أن حكومة تايلاند تحبذ الخيارين

 

الأولين. كذلك، ينبغي أن يطبق الخفض على الواردات التي تتجاوز الحصص في نظام حصص التعريفة الجمركية، فقد أظهرت الدراسات أن إجراء خفض بنسبة مئوية معينة في معدل التعريفة الجمركية المفروضة على الحصة الزائدة من السكر سوف يؤدي إلى ارتفاع في الأسعار العالمية للسكريفوق الارتفاع فيما لو طبقت نفس النسبة على زيادة الحصص، ومع ذلك فإن البديل الأفضل التالي هو التوسع في الحصص، للتقليل من اهميتها وزيادة المنافسة.

 

ومن الضروري أيضا" ربط المفاوضات الخاصة بالزراعة بالمفاوضات الخاصة بالقطاعات الأخرى. فمن الخصائص الرئيسية التي تتميز بها منظمة التجارة العالمية أن المفاوضات متعددة الأبعاد، بما يسمح بالأخذ والعطاء فيما بين القطاعات المختلفة والربط بينها. ويعد هذا الربط من الشروط الضرورية لتحقيق تقدم في تحرير الزراعة. فالمزارعون الذين يوجهون إنتاجهم نحو التصدير لهم مصلحة في المفاوضات ليس فقط فيما يتعلق بزيادة فرص النفاذ الى أسواق الأغذية في الخارج بل أيضا" فيما يتعلق بزيادة المنافسة في السوق المحلية للمنتجات والخدمات غير الزراعية التي كثيرا" ما يكونون في حاجة إليها كمدخلات مباشرة. والأهم من ذلك، أن البلدان الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، ممن تستورد منتجاتنا الزراعية وخدماتنا، يهمها التقليل من المعوقات التي تزيد من صعوبة الحصول على الواردات الزراعية لو أن حكومتنا قللت من المعوقات التي تعطل تصدير خدماتهم إلينا. وعلاوة على ذلك، فإن دافعي الضرائب في تايلاند سوف يستفيدون من الشركات الأجنبية التي تقوم بأعمال المقاولات لحكومة تايلاند على أسس سليمة.

 

(23) B.L.DAS سأبدأ حديثي بقضيتين غير جديدتين ولكنهما في حاجة إلى تأكيد. الأولى هي ان الزراعة لها وضع خاص جدا" في العالم وخصوصا" في البلدان الصناعية الرئيسية، ومن هنا كانت القواعد متعددة الأطراف في هذا المجال مختلفة عن القواعد التي تحكم المجالات الأخرى. كذلك فالزراعة لها وضع خاص في ذلك العدد الكبير من البلدان النامية حيث ترتبط ارتباطا" وثيقا" ليس فقط بالأحوال الاقتصادية بصفة عامة بل وكذلك بالأحوال الاجتماعية والسياسية.

 

والقضية الثانية هي أن اتفاقية الزراعة تنطوي على الكثير من الإجحاف، لأن التوصل إلى النتائج النهائية في عملية التفاوض بأكملها كان على أساس الاتفاق في الراي بين الأطراف الرئيسية، وهي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وتتسم الاتفاقية بالتقييد الشديد للواردات، والدعم الكبير للمزارعين المحليين والدعم الكبير للصادرات في البلدان المتقدمة. كذلك، فإن البلدان التي كانت تصرفاتها تؤدي إلى تشويه التجارة يمكنها مواصلة تلك التصرفات، في حين أن البلدان التي لم تكن تفعل ذلك محظورعليها ان تفعله، حتى وان كان ذلك في سبيلى دفع عجلة التنمية وترويج التجارة. وهذا يمثل إجحافا" حقيقيا".

 

ولدي خمسة اقتراحات فيما ينبغي أن تكون عليه القضايا الرئيسية في المفاوضات لدى التعامل مع الطبيعة الخاصة للزراعة وتخليص الاتفاقية من عدم التوازن والإجحاف.

 

أولا": أن أنشطة، وسياسات وتدابير معينة ينبغي أن تكون خارج نطاق الاتفاقية بل وخارج نظام منظمة التجارة العالمية برمته. وأحدها إنتاج الأغذية في البلدان النامية من أجل الاستهلاك المحلي، وترجع أهمية هذا الجانب إلى أنه يتعارض مع مفهوم العولمة وتحرير التجارة. وأستطيع القول دون مغالاة إن انتاج الأغذية من اجل الاستهلاك المحلي يكاد يتساوى في أهميته مع أمن الحدود. وتنص المادة الحادية والعشرون من اتفاقية الجات على استثناءات تتعلق بتدابير أمن الحدود- وهذا ليس بالشيء الجديد. فلماذا الحرص على حماية الحدود إذا كان السكان يفتقرون إلى الغذاء؟ والأمر الثاني الذي ينبغي أن استبعاده من قواعد منظمة التجارة العالمية هو حماية أسر المزارعين الصغيرة في البلدان النامية. فجوهر الاتفاقية هو بطبيعة الحال ضمان المنافسه الدولية في الإنتاج والتجارة. ومع ذلك، فإذا كان صغار المزارعين والأسر الزراعية الصغيرة في البلدان النامية يتعرضون لأضرار المنافسة الدولية، فلن يؤدي ذلك إلى حدوث كارثة اقتصادية فحسب، بل إلى حدوث فوضى اجتماعية وسياسية كاملة.

 

ثانيا: فإذا نحن أخضعنا الزراعة للنظم الاقتصادية والتجارية الدولية، يجب إلغاء القيود على الواردات في البلدان المتقدمة تماما". فالزراعة تتمتع بحماية كبيرة في هذه البلدان وتمثل سوقا" مغلقة في كثير من القطاعات.

 

ثالثا": تتطلب المعاملة المماثلة للمزارعين في البلدان النامية والبلدان المتقدمة الغاء الدعم المحلي ودعم الصادرات في البلدان المتقدمة- ولا أقول تخفيضه فقط بنسبة مئوية معينة بل إلغاءه تماما"لأنه يؤدي الى وجود ما اصطلح الآن على تسميته بملعب شديد الانحدار.

 

رابعآ: أن البلدان النامية التي منعت حتى الآن من استخدام الدعم بما يتجاوز مستويات الحد الأدنى المسموح به أو استخدام تدابير الاستيراد من أجل تحسين وتنويع منتجاتها الزراعية ينبغي السماح لها بذلك في حالات محددة. ومن اللازم النظر في المعوقات التي واجهتها خلال هذه السنوات الخمس.

 

خامسا": أن أحكام منظمة التجارة العالمية الخاصة بالبلدان النامية التي تعد مستوردة صافية للغذاء شبيهة بكثير من الأحكام الواردة في نظام الجات/ منظمة التجارة العالمية. ورغم قوة الألفاظ التي صيغ بها/القرر الوزاري، فلم تتخذ حتى الآن اجراءات بشأنه. وما لم تتم تقوية الأحكام الخاصة بالبلدان النامية التي تعد مستوردة صافية للغذاء بإضافة بعض التعهدات الملزمة، فلن يحدث أي شيء. والذي أقترحه أن يكون لدينا صندوق لتعويض هذه البلدان خلال فترة معينة. ومن الإنصاف أن تكون البلدان المتقدمة الرئيسية التي استفادت من الحماية الشديدة طوال هذه السنوات، وعلى الأقل خلال السنوات الخمس منذ بداية تطبيق اتفاقية الزراعة، هي الممول الرئيسي لهذا الصندوق.

 

(24)T.J.ALDINGTOI: يتناول إعلان روما كما تتناول خطة العمل الصادرة عن مؤتمر القمة العالمي للأغذية قضية الأمن الغذائي والتجارة. وقد ذكرتنا السيدة Stanton بان النظام التجاري متعدد الأطراف، إذا استطاع إزالة الاختلاف في وجهات النظر، سيؤدي الى استقرار السلام الذي يعد عظيم الأهمية للتنمية الزراعية والريفية والتنمية العالمية بصفة عامة. ونحن في حاجة الى أن ننظر الى الأمور نظرة واسعة، أي أن ننظر إلى دور التجارة في التنمية الزراعية والريفية وإلى القضايا الرئيسية بالنسبة للبلدان النامية ,دون أن ننغمس بعمق في الخصوصيات الكثيرة.

 

 وينبغي أن نتذكر أيضا" أن مؤتمر القمة العالمي للأغذية كان واحدا" من سلسلة من المؤتمرات التي عقدتها الأمم المتحدة، مثل مؤتمر القمة الاجتماعي الذي عقد في كوبنهاجن، ومؤتمر السكان الذي عقد في القاهرة، ومؤتمر الأمم المتحدة المعني بالبيئة والتنمية وجدود أعمال القرن الواحد والعشرين. وقد وضعت هذه المؤتمرات جدول أعمال مهما" للتنمية ككل، يلعب فيه الأمن الغذائي دورا" مهما".

 

!اذا نحن قارنا جولة أوروغواي والمفاوضات التي تتسم بشيء من الإلزام من وجهة نظر القانون الدولي بالالتزامات السبعة الواردة بخطة العمل الصادرة عن مؤتمر القمة العالمي للأغذية لوجدنا أن الالتزامات السبعة ضعيفة نسبيا". والنقطة الرئيسية هي كيف يمكن أن يأخذ القانون الدولي الجامد رغبات البلدان النامية واحتياجاتها الإنمائية في الاعتبار بشكل فعاد؟ وتتصل ثلاثة من هذه الالتزامات السبعة بالتجارة، وهي:< (1) الالتزام الرابع، الذي يتعرض للتجارة على وجه التخصيص، <(2) والالتزام الثالث، الذي يتعرض للإنتاج الزراعي، بما في ذلك الوظائف المتعددة التي تقوم بها الزراعة، <(3) والالتزام الثاني، الذي يتصل بتحسين الفرص المادية والاقتصارية لحصول الفئات الحساسة على حاجاتها من الموارد. كذلك، يتناول الالتزام الرابع الأمن الغذائي، ويتصل، على سبيل المثال بإتفاقية تطبيق التدابير المتعلقة بالصحة والصحة النباتية. وسوف تكون مشكلة مرض جنون البقر ومشكلة الديوكسين اللتان ظهرتا حديتا" من الموضوعات الصعبة في المفوضات المقبلة، كما أن القضايا البيئية ينبغي ألا تغيب عن البال.

 

مناقشة

 

سؤال: يبدو أن معظم الاقتصاديين الذين يبشرون بفوائد التجارة الحرة ينقلون عن بعضهم البعض فيما يستشهدون به من قرائن تجريبية. إذ توضح القرائن أن التجارة الحرة لم يحدث ان حققت أي نمو، ولكن النمو هو الذي يؤدي الى التجارة الحرة. فالنمو وزيادة الإنتاجية، وغيرهما تحققها عوامل أخرى ليست التجارة من بينها. فهل يستطيع السيد Poapongsakorn  أو أي عضوآخر من أعضاء مجموعات المناقشة أن يلقي شيئا من الضؤ على ذلك؟

 

رد السيد Poapongsakorn : أعتقد أن النمو أثر على التجارة كما أن التجارة أئرت على النمو. وتحرير التجارة ليس إلا عاملا واحدا" من عدة عوامل تفسر النمو. والعلاقة بين النمو والتنمية علاقة سببية متبادلة. فقد كانت الحماية التي سادت في الثلاثينات هي التي ادت الى انهيار شامل في التجارة العالمية مما أدى إلى حدوث الكساد الكبير، وكان تحرير التجارة هو الذي أدى الى الانتعاش والنمو.

 

تعقيب: فيما يتعلق بالأمن الغذائي، من المعترف به عموما" الآن أن الخيار الأمثل لا يتمثل في الاكتفاء الذاتي الكامل ولا في التحرير الكامل. وتستطيع منظمة الأغذية والزراعة مساعدة البلدان النامية في تحديد ما يمكن اعتباره قدرا" كافيا" من الأمن الغذائي لكي يستطيع كل بلد إيجاد التوازن المناسب لدى التعهد بالتزامات في منظمة التجارة العالمية.

 

تعقببب: إن الإجحاف الشديد الذي تنطوي عليه اتفاقية الزراعة يقلق جميع البلدان النامية، وربما لا يكون أكثر وضوحا" مها" هو في الأحكام المتصلة بالدعم المحلي وحساب مقياس الدعم الإجمالي. واتفق مع ما اقترحه السيد Das فيما يتعلق بإلغاء جميع اشكال الدعم ودعم الصادرات، ومع ذلك ينبغي علينا أن نكون واقعيين. واقترح إدماج "الصندوق الأزرق" في حساب مقياس الدعم الإجمالي ووضع حد لمقياس الدعم الإجمالي كنسبة مئوية من مجموع الإنتاج، مع توفير قدر اكبر، بطبيعة الحال، للبلدان النامية في صورة المعاملة الخاصة والتفضيلية. كذلك، فإن الدعم الذي يندرج ضمن "الصندوق الأخضر" قد ارتفع كثيرا" في البلدان المتقدمة، وينبغي النظر في وضع حد أقصى لهذا النوع من الإنفاق، شأنه في ذلك شأن مقياس الدعم الإجمالي.

 

تعقيب: يجب حظر دعم الصادرات لأنه يمثل ضريبة على المنتجين في البلدان الأخرى اذ أنه يضطرهم إلى تحمل تكاليف الدعم في البلدان المتقدمة. وفي الأساس فإذا دفع أي بلد مبلغا" معينا" مقابل كل طن من الإنتاج فإنه لا يستطيع بيع هذا الإنتاج في الداخل، وعلى الحكومة أن تتحمل هذا المبلغ. أما إذا امكن بيع الإنتاج في الخارج، فإنها تتحمل جزءا" من التكاليف. وهذه ضريبة يتحملها المنتجون في البلدان النامية التي فقدت مكانها في السوق العالمية، ولا ينبغي عليها أن تنافس وزارات الخزانة في البلدان المتقدمة، فهذا موقف فجحف بكل المعايير.

 

سؤال: إذا رغبت البلدان النامية في تقديم دعم محلي يتجاوزنسبة مئوية معينة من الإنتاج، فمن الإنصاف ان يسمح لها بزيادة تعريفاتها الجمركية. ولقد كان بوسع الحكومات أن تنظم الواردات لضمان احتياطيات وافية من الأغذية، ولكنها أصبحت أقل قدرة على فعل ذلك الآن بموجب الاتفاقية، بينما لا يوجد اي تعهد فلنرم على المستوى العالمي بمساعدة البلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء. وليس في ذلك أي نوع من الإنصاف.

 

سؤال موجه إلى السيد Das  : إن القول بإنشاء صندوق لمساعدة البلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء، تموله أساسا" البلدان المتقدمة الرئيسية هو أشبه ما يكون بسرقة شخص لكي تسدد دينا لنفس الشخص، بدلا" من أن تسرق شخصا" لكي تسدد دينا" لشخص آخر. فما لم يكن هناك استعداد لفرض ضريبة على الصادرات التجارية المربحة وإيداع الحصيلة في صندوق للمساعدات، فمن المشكوك فيه أن توضع في هذا الصندوق أي أموال جديدة. فكيف يمكن تمويل هذا الصندوق بشكل فعال؟

 

جواب: إن ما انادي به هو انشاء صندوق تكون المساهمات فيه إلزامية على البلدان المتقدمة التي لها نصيب كبير في الصادرات الزراعية، أي البلدان التي استفاد المزارعون فيها كما استفاد اقتصادها حتى الآن من النظام. إن هذه البلدان تتحمل مسئولية في تقديم مساهمات خاصة في هذا الصندوق.

 

تعقيب: إن نظم المعونة الغذائية تسمح للبلدان المانحة بتقديم المعونة على شكل أموال وينبغي على البلدان المتقدمة التي تقدم كميات كبيرة من المعونة الغذائية أن تفعل ذلك. كذلك فإن النظام القانوني، واتفاقية الزراعة والخطوط التوجيهية الخاصة بتصريف الفوائض كلها تسمح بذلك، ولذلك، فلسنا بحاجة إلى آلية جديدة. والأمر لا يتعدى مجرد تخصيص الأموال. وفيما يتعلق بتمويل التنمية الريفية، فإن البلدان النامية ليس لديها المال أو الموارر البشرية التي تمكنها من المضي في برامج التنمية الريفية. ولقد كان للبنك الدولي دوركبير في هذا المجال في السبعينات، ولكن الاعتمادات خفضت في الثمانينات. وعلى البلدان النامية أن تطلب من البنك الدولي وبنوك التنمية الإقليمية زيادة نصيب برامج التنمية الزراعية في اعتماداتها. والأموال متوافرة.

 

سؤال موجه إلى السيد Dioum : إن خطة العمل الصادرة عن مؤتمر القمة العالمي للأغذية تتحدث عن استئصال الفقر والقضاء على عدم المساواة، وعن تحسين فرص تحقيق الأمن الغذائي، وعن سياسات تجارية تتسم بمزيد من العدل والإنصاف. وهذه الكلمات لا يمكن ان تكون مجرد إعراب عن النوايا، فلابد من وجود سبيل إلى التنفيذ. وربما كان علينا أن نقبل مبدأ التمييز وخصوصية بلدان العجز الغذائي منخفضة الدخل. فلماذا لا نفكر في المفاوضات أيضا" في إنشاء صندوق خاص يخصص للأمن الغذائي؟ وما هو الدور الذي يمكن أن يلعبه ائتلاف مثل مؤتمر وزراء الزراعة الأفارقة؟

 

جواب: لابد أن يكون عندنا تصور للتنمية القائمة على أراء السوق. فإذا كنا نريد فتح السوق العالمية، فإننا نريد بنفس القدر العمل على تحقيق تنمية متجانسة، وهذا يعني أن نساهم في ذلك ليس فقط بمواردنا الطبيعية والمالية، بل ان نساهم أيضا" بمواردنا الفكرية. والفكرة التي تكمن وراء مؤتمر وزراء الزراعة الأفارقة هي أن نخلق ما يسميه الإنجليز ب ". الرأي المدافع عن مصالحنا"- أي أن نعرف ما نريد وأن نفهم قواعد اللعبة. فإذا نحن اتفقنا على أن الأمن الغذائي يمثل قضية رئيسية بالنسبة لنا، فإن هذه القضية يجب تطرح بطبيعة الحال في مفاوضات منظمة التجارة العالمية. وبخلاف التجارة، هناك أيضا" قضية الحصول المادي على الغذاء. فلابد من إنتاج الأغذية، ولابد أيضا" من توافر الموارد المالية التي تمكن من الوصول إلى الأسواق. ولذلك فنحن نصرعلى القول: لا بأس من التفاوض، ولكن دعونا أيضا" نبقى شركاء في هذا المشروع الإنمائي. ويجب ان نواصل الحوار لنستطيع، بالإضافة إلى ما قيل في مؤتمر القمة العالمي للأغذية، أن نبرز هذه الفكرة في اتفاقية تجارية متوازنة تدافع عن المصالح التي حددناها في مؤتمر القمة.

 

تعقيب موجه إلى السيد Das : إن الاتفاقية توفر للبلدان النامية بالفعل حرية واسعة لدعم التنمية الزراعية والأمن الغذائي. اذ تنص المادة السادسة على أن البنود المستثناة من حساب مقياس الدعم الإجمالي هي: توفير الدعم للتنمية الزراعية والريفية كجزء لا يتجزأ من برامج التنمية، والدعم المالي للاستثمارات المتاحة عادة للزراعة، والدعم المالي للمستلزمات الزراعية المتاحة عادة للمنتجين منخفضي الدخل أو محدودي الموارد، وما إلى ذلك. كذلك فإن الملحق الثاني يستثني المخزونات العامة التي تحتفظ بها البلدان لأغراض الأمن الغذائي، والمعونة الغذائية المحلية، والمدفوعات المباشرة التي تقدم للمزارعين، وقائمة طويلة من الخدمات العامة، وغيرها. ورغم أن بعض الحكومات قد لا تتوافر لديها الموارد المالية التي تمكنها من

 

تقديم هذا الدعم، فهذه قضية أخرى. وكل هذه الأمور يمكن أن توضع فيما يسمى ب " صندوق التنمية"، ولكنها موجودة بالفعل في الاتفاقية.

 

رد على التعقيب: تنص الاتفاقية على أن البلدان النامية تستطيع شراء الأغذية بأسعار السوق وعرضها بأسعار أقل، ولكن ذلك لا يمثل أمنا" غذائيا" حقيقيا". فالأمن الغذائي بالنسبة للبلدان النامية هو القدرة على إنتاج الأغذية اللازمة لتلبية الاستهلاك المحلي. والقضية هنا هي قضية توافر الأغذية. فإذا كانت الأغذية متوافرة في أماكن أخرى من العالم بأسعار رخيصة جدا، فهل تستطيع البلدان الفقيرة التي لا تملك احتياطيات من النقد الأجنبي شراءها؟ فمهما كان ما يقوله خبراء الاقتصاد عن كفاءة الإنتاج، واستغلال الموارد وغير ذلك، فإن الأمن الغذائي، شأنه شأن الأمن القومي، هو شيء ينبغي إدارته برمته بطريقة مستقلة تماما وأن تكون إدارته من الداخل فيما يتعلق بالإنتاج والتوزيع. وهذا يعني إنتاجا" محليا من اجل الاستهلاك المحلي. وهذا، بطبيعة الحال لا يستثني التجارة في الأغذية، فالتجارة في الأغذية، على خلاف الاكتفاء الذاتي، مسألة تجارية. فإذا كان أي نص في الاتفاقية يتعارض مع الأمن الغذائي الحقيقي، عندئذ ينبغي أن يكون هناك استثناء، شأنه في ذلك شأن الأمن القومي.

 

تعفيب: رغم أن البلدان النامية قد لا تكون في حاجة إلى أي شيء إضافي من اتفاقية الزراعة نظرا" لأنها تسمح بالفعل بالسياسات الإنمائية، فإن كثيرا من هذه البلدان بدأ يعترض على الحد الأدنى المسموح به في مقياس الدعم الإجمالي. هل ذلك لأن زيادة الإنفاق على الدعم لن يكون مسموحآ به؟ فهل إذا زعم أي بلد أن جميع المزارعين، أو على الأقل 90 في المائة منهم، هم من الفقراء حسب أي تعريف للفقر، فهل يمكن لهذا البلد أن يرفع مقياس الدعم الإجمالي إلى ما يتجاوز الحد الأدنى المسموح به دون

 

أن يكون ذلك محل اعتراض او احتجاج؟ إننا هنا أمام كثير من القضايا التي ينبغي طرحها وتوضيحها.

 

رد من أحد المشاركين: إذا كان لديك برنامج موجه حقيقة للمنتجين الفقراء، سيكون أمامك الكثير مما يمكن عمله، بما في ذلك دعم مستلزمات الإنتاج. فأمامك كل المجال الذي يغطيه "الصندوق الأخضر"، إذ تستطيع بناء الطرق الريفية وتنفيذ مشروعات الري (وكثير منها لا يندرج ضمن مقياس الدعم الإجمالي). ولكن البرنامج يجب ان يكون محكم الصياغة ومحددا".

 

ردود أعضاء مجموعات المناقشة:

 

السيد Das : لدي اقتراح بسيط وهو أن أشكال الدعم المحظور عليها حاليا" تجاوز مستوى الحد الأدنى المسموح به، يحب أن يسمح بها ثم تنظم بطريقة ما، وبذلك توضع الأمور على أرضية ملعب مستوية. والأمر المهم هو أن الأغذية ينبغي توفيرها، وأنه ينبغي تنويع الإنتاج الزراعي والمضي في التنمية الاقتصادية.

 

السيد Aldington : ليس الأمر المهم هو ما هو مسموح به للبلدان النامية ولكن ما هو مفروض عليها. والفكرة التي طرحت في مؤتمر القمة العالمي للأغذية بشأن قيام نظام تجاري عادل ومستند إلى قوى السوق بدلا" من مجرد تحرير الأسواق جديرة بالمناقشة. ولذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو ما هو الإجراء الذي يمكن أن تتخذه البلدان النامية لحماية نفسها أمام الضغوط الهائلة للعولمة وتحرير التجارة التي سنفرضها على أشد الفئات حساسية.

 

تعقيب: فيما يتعلق بتتابع الخطوات في المفاوضات، هناك رأيان. رأي يرى أن من المناسب البدء بدعم الصادرات والدعم المحلي، ثم الانتقال الى فرص النفاذ إلى الأسواق، وإلا فإنك تتيح فرص الوصول أمام المنتجات المدعومة. والرأي الآخر يقول بعكس ذلك تماما": وهو التفاوض في فرص النفاذ إلى الأسواق أولا"، ثم الانتقال إلى دعم الصادرات والدعم المحلي لأنه ما أن يتاح لك النفاذ إلى الأسواق سيكون الإبقاء على الدعم مكلفا" جدا". ومن المهم تحليل هذه القضايا بوضوح من منظور البلدان النامية.

 

تعقيب: إن الربط بين اتفاقية الزراعة والاتفاقيات الأخرى (اتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية، واتفاقية الحواجز الفنية أمام التجارة، واتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية) في غاية الأهمية لأن المعايير الفنية هي التي أحبطت عملية تحرير التجارة.

 

رد من السيد Aldington : إن اتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية والاتفاقيات الأخرى عديمة القيمة بدون التنظيمات والقواعد القطرية اللازمة لتنفيذها. وهنا تستطيع الجهات الدولية المانحة أن تساعد البلدان النامية. وكما قال بروفيسور Deep Ford ، فليست البلدان هي التي تتاجر ولكن الذين يتاجرون هم الأفراد، والشركات وقطاع الأعمال، وينبغي على هذه الأطراف أن تعمل في إطار تنظيمي. والسؤال هو ما مدى كفاءة السوق في تحويل الحوافز التي يوفرها نظام التجارة الحرة القائم على آليات السوق، وهو ما نتلمس طريقنا إلية، وكيف يمكن تنظيمه لحماية الأمن الغذائي؟ فمن الضروري وضع هذه القواعد القطرية التي تدعم ما يجري على المستوى الدولي.

 

تعقيب: إن أوراق العمل العامة تعطي الانطباع بأن النظام المعمم للأفضليات لم يعد مهما" ولن يكون مفيدا في المستقبل. ومع ذلك، مازالت هناك بعض التعريفات التي تصل إلى 400 في المائة كما أن هناك تعريفات ضمن الحصص تتجاوزنسبتها 30 في المائة. ولذلك، مازال هناك دور للنظام المعمم للأفضليات، ولاسيما في البلدان التي تعاني من الضعف أكثرمن غيرها.

 

رد من السيدThomas: إن النقطة التي أود توضيحها هو أن مواصلة الإصلاحات في النظام التجاري متعدد الأطراف سوف تقلل من نطاق المعاملة التفضيلية في المدى البعيد، ومن اللازم ألا يغيب ذلك عن بال البلدان التي تعتمد على الأفضليات وهي تنتقل إلى بيئة تقوم على المزيد من المنافسة. وفي نفس الوقت، فإن اهتمامات البلدان التي تستفيد من خطط الأفضليات سيكون من اللازم أخذها في الاعتبار.

 

تعقيب: لقد أجرينا تقديرات عن الفصل بين المدفوعات وبين مستوى الإنتاج الذي يحققه المزارعون، وثبت أن هذه الفكرة برمتها غير سليمة. فما قول الاقتصاديين في ذلك؟ لقد ارتفع الإنتاج في الولايات المتحدة في الوقت الذي انخفضت فيه الأسعار، وكان ذلك يرجع في جانب منه الى الاندماج بين المزارع الذي يؤدي إلى ضياع فرص العمل، ويرجع في جانب آخر إلى التقدم التكنولوجي. ولم تثبت صحة النظرية القائلة بأن انخفاض الأسعار سيضطر المزارعين إلى خفض الإنتاج. فالعلاقة بين المزارعين والأسعار العالمية ضعيفة جدآ. فالمزارعون في الولايات المتحدة لا يبيعون انتاجهم في السوق العالمية، ولكنهم يبيعونه إلى الشركات الكبيرة. ومن المهم إجراء تحليل ادق عن هذه الآليات لكي تكون الافتراضات الخاصة بالأسعار والعرض والطلب قائمة على ما يحدث بالفعل في السوق وليس على أساس نموذج افتراضي.

 

 رد من السيد Das : إن المشكلة الأساسية التي تنشأ فيما يتعلق بالأسئلة التي طرحت هي أننا نميل إلى اتخاذ مواقف جامدة. فكيف جاءت كل هذه الصناديق- الاستثناءات، ومقياس الدعم الإجمالي وغيرها. إننا جميعا" نعرف كيف جاءت. فخلال الفترة من 1947إلى 1994 لم يكن هناك شيء، وكان كل حديث عن الضوابط في الزراعة تستبعد على الفور، فلا مكان له. وكانت المناقشات التي تجري في جنيف تجري بصوت خافت، وتحيط بها السرية، وتواجه الكثير من المقاومة والتردد حتى عام 1994. عندئذ جاءت اتفاقية الزراعة ولكنها ليست إنجيلا" لا يمكن المساس به. والتحدي الذي يواجهنا هو أن نتجاوز بتفكيرنا الإطار الراهن للاتفاقية ولا نتجاوز هذه الصناديق فحسب. فلنترك الصناديق للمفاوضين، ولنترك للمفكرين والمنفذين توسيع مجال رؤيتهم.

 

سؤال موجه إلى السبد Aldington  : لقد استفادت الحكومة السويسرية استفادة كبيرة من مفهوم الطابع متعدد الوظائف الذي يميز الزراعة في صياغة سياسة زراعية، وقد يكون بوسع البلدان النامية الاستفادة من بعض الدروس التي تعلمناها نحن في سويسرا خلال السنوات القليلة الماضية. وعندما أشار بروفيسوParikh  على سبيل المثال< ، الى خطة ضمان فرص العمل في مهاراسترا ربما لم يكن يدرك تماما" أنها تشمل البعد الاجتماعي للوظائف المتعددة التي تقوم بها الزراعة. فهنالك برامج لتنمية أحواض الوديان، وهذه البرامج تحصل على الدعم والمساندة، وهذا يبرز العامل البيئي للوظائف المتعددة التي تقوم بها الزراعة. فهل المقصود من الورقة التي تقدم بها السيد Aldington  هو تشجيع المناقشة حول هذا الجانب من الصلة بالنسبة للبلدان النامية في نطاق آليات "الصندوق الأخضر"؟

 

جواب: في البحوث التي اجريتها عن الجوانب المتعددة للزراعة تبين لي أن البلدان النامية، باستثناء الهند، كثيرا" ما تغفل هذا الجانب لأنها تنظر إلى الزراعة على انها طريقة حياة للمجتمعات الريفية. وأهمية الوظائف المتعددة التي تقوم بها الزراعة تذكرنا بالعوامل الخارجية الإيجابية للزراعة فيما يتصل بالأمن الغذائي، والخدمات البيئية والمجتمعات المحلية الريفية. وهذه العوامل الخارجية كلها يمكن تعزيزها

 

والنهوض بها عن طريق السياسات الإنمائية المسموح بها بموجب المادة السادسة في سياق التنمية القطرية، أي بسياسات إنمائية رشيدة تكون لها تأثيرات جانبية إيجابية. ولذلك، ليس هناك ما يستدعي وجود بند منفصل في "الصندوق الأخضر. "، فكلها يمكن تضمينها في السياسات الإنمائية للبلدان النامية. وبطبيعة الحال، فإن الوظائف المتعددة التي تقوم بها الزراعة لها مدلول مختلف قليلا" بالنسبة للبلدان المتقدمة. وإذا نحن سلمنا بذلك فإن وضع هذه السياسات الإنمائية في صندوق منفصل قد يجعل الأمور اكثر شفافية، ولذلك فربما تكون هذه الفكرة، رغم كل شيء، فكرة طيبة.

 

(1) السيد ، المدير العام المساعد، مصلحة الشئون الاقتصادية والاجتماعية، منظمة الأغذية والزراعة.

(2) سعا دة (تنزا نيا).

(3) مستشار منظمة التجارة العالمية.

(4) رئيس وحدة الدراسات المنظورية العالمية سابقا"، منظمة الأغذية والزراعة.

(5) رئيس قمسم التجارة والأسواق، إدارة الأغذية والزراعة ومصايد الأسماك، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

(6) المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية

(7) أستاذ، مدرسة الدراسات العليا في العلوم الزراعية وعلوم الحياة، جامعة طوكيو.

(8) مدير قسم السلع والتجارة سابقا"، منظمة الأغذية والزراعة.

(9) كبير زملاء البحوث، معهد بحوث سياسات الأغذية والزراعة، جامعة ولاية أيوا

(10) مستشار، قسم الزراعة، منظمة التجارة العالمية.

(11) خبير اقتصادي ورئيس فريق السلع، البنك الدولي.

(12) تعقيب من جانب المشترك الذي كان يرد عليه Mr Mohanty

(13) كبير اقتصاديين، قسم السلع والتجارة، منظمة الأغذية والزراعة

(14) أستاذ الاقتصاد، جامعة جواهرلال نهرو، الهند.

(15) أستاذ الاقتصاد، جامعة أيبادان، نيجيريا.

(16) كلية الزراعة، جامعة عين شمس، القاهرة.

(17) أستاذ الاقتصاد الزراعي، جامعة Santa Ursula وجامعة ولاية Rio de Janeiro ، البرازيل.

(18) أشاذ الاقتصاد، جامعة فيرمونت، الولايات المتحدة.

(19) سعادة Nestor Osorio Londono (كولومبيا).

(20) رئيس إدارة السياسات والتوقعات السلعية، قسم السلع والتجارة، منظمة الأغذية والزراعة

(21) المنسق العالم، مؤتمروزراء زراعة غرب ووسط أفريقيا.

(22) نائب رئيس معهد بحوث التنمية، تايلند.

(23) سفير الهند السابق لدى الجات، والرئيس السابق للأطراف المتعاقدة في الجات.

(24) مستشار فني سابق وأمين لجنة الزراعة، منظمة الأغذية والزراعة.

 

الصفحة السابقةأعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة