الصفحة السابقةبيان المحتوياتالصفحة المقبلة

الفصل السادس

 

الخيارات المتاحة أمام البلدان النامية لتعزيز الإنتاج الزراعي،

 والتجارة، والأمن الغذائي، في سياق المفاوضات المقبلة

لمنظمة التجارة العالمية بشان الزراعة

كلمات أعضاء مجموعات المناقشة

 

(25)PANOS KONANDREA: ليس هناك ما يبرر أن نعيد إلى الأذهان المشاكل التي كانت اتفاقية الزراعة مطالبة بحلها. فلقد كانت المشكلة الرئيسية هي السياسات التي تؤدي إلى تشويه الإنتاج والتجارة في البلدان المتقدمة، مما أدي إلى وجود فائض في العرض في السوق العالمية. أما البلدان النامية فقد كانت مشكلتها عكس ذللك تقريبا". فقد كانت تنتج أقل بكثير من حاجتها، وكثيرا" ما كان ذلك يؤدى إلى سيالات تنطوي على حوافز سلبية. وبموافقتها على تدابير الحد من الإنتاج الواردة في الاتفاقية، وافقت البلدان النامية على مجموعة من التدابير التي تعالج مشكلة لا تعاني هي منها. ولذلك، فمن الضروري جدا" تصحيح اختلال التوازن في الاتفاقية في المجالات التالية: زيادة القدرة على الإنتاج، وتحسين فرص النفاذ إلى الأسواق، وحماية استقرار الأسواق المحلية وبناء القدرة المؤسسية.

 

ففي مجال الدعم الداخلي، استطاعت الكثير من البلدان المتقدمة إعطاء صفة شرعية للتدابير التي تؤدي إلى تشويه الإنتاج والتجارة، بينما لا يجوز للبلدان النامية تطبيق هذه التدابير فضلا" عن أنها تفتقر إلى القدرة على ذلك. ولهذا، فإن كثيرا من البلدان النامية تسيرعلى منهج يقوم على شقين يهدف أولهما إلى الحد من التدابير التي تؤدي إلى تشويه الإنتاج والتجارة من جانب البلدان المتقدمة، بينما يهدف الثاني إلى زيادة مرونة الأحكام الحالية في المجالات التي تهم البلدان النامية، في شكل المعاملة الخاصة والتفضيلية. ومن بين الأفكار المطروحة في هذا المجال: إعادة حساب مقياس الدعم الإجمالي، واعادة النظر في جداول الالتزامات القطرية، ورفع مستويات الحد الأدنى المسموح به للدعم، وتوسيع نطاق "الصندوق الأخضر" ليشمل تدابير الأمن الغذائي، وتوضيح بعض القضايا المنهجية والتعاريف الواردة في الاتفاقية.

 

ولقد اصيبت البلدان النامية بخيبة الأمل لعدم قدرتها على النفاذ إلى الأسواق منذ اختتام أعمال جولة أوروغواي. اذ ان معظم صادراتها من السلع الأولية، ولم تتمكن من تحقيق تنويع يذكر في مجال المنتجات المصنعة ذات القيمة المضافة. ولقد سبق التعرض في هذه الندوة لبعض مجالات التحسن فيما يتعلق بالنفاذ إلى الأسواق- التغرفة القذرة، والتعريفات التصاعدية، وادارة حصص التعريفة الجمركية، وما إلى ذلك.

 

ويعد تحقيق الاستقرار للسوق المحلية من الأمور ذات الأهمية الخاصة للبلدان النامية لأنها تعتمد على السوق العالمية في الحصول على الجانب الأكبر من الأغذية التي تستهلكها وتنفق جانيا" كبيرا" من حصيلة صادراتها على الواردات الغذائية، كما أن سكانها يعتمدون في معيشتهم على الزراعة. ولذلك فإن حدوث تقلبات كبيرة في أسعار المنتجات الزراعية يعني تعرض دخولها لتقلبات كبيرة، كما أن كثيرا" من الأسرينفق الجانب الأكبر من دخلها على الغذاء. ورغم أنه قد سبق ذكر بعض الآليات اللازمة لتحسين استقرار الأسواق، هناك تعقيب لابد منه على أحكام التدابير الوقائية الخاصة. فإذا تقرر تمديد الفترة المسموح خلالها بإعمال أحكام التدابير الوقائية الخاصة فسوف يكون من الإنصاف أن يكون ذلك متاحا" لجميع أعضاء منظمة التجارة العالمية، ومع ذلك ربما يكون ذلك مقصورا" على عدد محدود من المواد الغذائية الأساسية الحساسة، مع تشديد "ضوابظ إعمال هذه الأحكام حتى لا يساء استخدامها.

 

والمشكلتان الرئيسيتان المتصلتان لقرر مراكش- وهما عبء الإثبات الثقيل والافتقار إلى الوضوح فيما يتعلق بمن يفعل ماذا ومتى- يمكن التعامل معهما على النحو التالي: جعل القرر ملزما من الناحية القانونية؟ وإيجاد آلية لتحديد أهلية الحصول على المساعدات بطريقة تلقائية بموجب بعض المتغيرات التي يتم الاتفاق عليها، وإنشاء صندوق لتقديم المساعدات الفنية والمالية للبلدان التي يكون من حقها الحصول على هذه المساعدات، ولاسيما من أجل زيادة الإنتاجية الزراعية، وتوضيح أدوار ومسئوليات منظمة التجارة العالمية وغيرها من المؤسسات التي لها دور في تنفيذ القرر

 

وتتعلق النقطة الأخيرة ببناء القدرات المؤسسية. فمن بين 38 بلدا من البلدان الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، يبلغ عدد البلدان التي يوجد لها ممثلون دائمون في جنيف نحو ثمان بلدان فقط. ونتيجة لذلك، تعاني هذه البلدان من القصور الشديد في التفاوض بشان الاتفاقيات وتنفيذها. ولذلك فهناك حاجة الى تعزيز القدرات الفنية في البلدان ذاتها لتمكينها من المنافسة في المجالات الدولية. كذلك هناك حاجة إلى التنفيذ الفعال للإطار المتكامل الخاص بالبلدان الأقل نموا"، كما يلزم مساعدة البلدان في عملية الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، لا سيما أن معظمها من البلدان النامية.

 

وختاما، فقد حاولت أن أوضح في هذه القائمة الموضوعات التي يوجد حولها اتفاق على نطاق واسع من جانب عدد كبيرمن البلدان، ولكن من الواضح أن هذه القائمة ليست شاملة كما انها لا تعد قائمة بأولويات الإصلاحات التي تهم الجميع.

 

 (26)LUIS ABUGATTAS: هناك ست قضايا رئيسية ينبغي أن تركز عليها البلدان النامية. وإحدى هذه القضايا تشمل مجموعة المسائل المتصلة بوصول التعريفات الجمركية إلى ذروتها، والتعريفات التصاعدية، وحصص التعريفة الجمركية، والتغزفة القذرة، ثم أخص بالذكر هذه المسألة الأخيرة وهي مقياس الدعم الإجمالي المبالغ فيه. والقضية هي ما اذا كانت الجولة المقبلة من التخفيضات ينبغي أن تتخذ هذه التعريفات المبالغ فيها والدعم المحلي أساسا" لها، أو ما اذا كان ينبغي الإقدام على محاولة ل "تنظيفها" قبل التفاوض في التزامات جديدة.

 

والقضية الثانية هي أن اتفاقية الزراعة كان تأثيرها ضئيلا" جدا" حتى على صياغة السياسات في معظم البلدان النامية. فقد أدخلت الإصلاحات على السياسات في هذه البلدان في سياق برامج التكيف الهيكلي والالتزامات التي تعهدت بها هذه البلدان للصندوق النقد الدولي، مما أدي إلى التخفيف من التحيز ضد الزراعة وحقق في الفترة الأخيرة أثزا" إيجابيا" فيما يتعلق بالإنتاج الزراعي. ولا يمكن للمفاوضات التجارية أن تحقق الكثير فيما يتعلق بزيادة الإنتاج لأن تدابير زيادة الإنتاج تعد جزءا" من الإصلاحات الداخلية. ولقد كانت هذه الإصلاحات ضرورية، ولكن من الواضح أنها لم تكن كافية. ومن اللازم اتباع بعض السياسات النشطة لملء الثغرات التي لا تملؤها السوق: في مجالات الاستثمار، والائتمان والخدمات. إذ توجد مشكلة مالية حادة، وخصوصا" في البلدان التي أدخلت فيها اصلاحات مالية جذرية، أدت إلى إلغاء بنوك التنمية. كذلك لا توجد تسهيلات ائتمانية في القطاع الزراعي ولا توجد أموال يمكن توظيفها في الإنتاج الزراعي. كما ان السوق لا توفر جميع الخدمات المتصلة بالإنتاج الزراعي بسرعة كافية. ومن ناحية أخري فقد بدأ نظام التجارة الدولية يعاني من حالة من عدم الاتساق الهيكلي. فأدوات السياسات التي تعد مشروعة في سياق النظم متعددة الأطراف تتطلب مستوى مرتفعا" من القدرات المؤسسية - وهذا ما تفتقر إليه معظم البلدان النامية- بينما يجري التخلص من أدوات السياسات التي من الممكن استخدامها بدون صعوبات مؤسسية كبيرة. وسيكون من الأهداف الرئيسية للبلدان النامية خلال الجولة المقبلة ضمان حريتها في تنفيذ السياسات التي تعزز القطاع الزراعي.

 

ومن القضايا التي تكشف عن وجهها من حين لآخر أثناء المباحثات قضية استقرار الأسواق. لذلك، ينبغي توضيح مشروعية آليات تحقيق استقرار الأسعار  وخصوصا المادة الرابعة والحاشية المتصلة بها، لتوضيح أن من المشروع استخدام رسوم متغيرة كأداة لتحقيق الاستقرار للأسعار.

 

والقضية الرابعة هي قضية الضمانات. فسيكون من المفيد للبلدان النامية أن تتضمن الاتفاقية نوعا من الضمانات الزراعية الدائمة. وهناك قضية أخرى ورد ذكرها وهي العلاقة بين الزراعة والمجالات الأخرى في المفاوضات. فالتطورات في اتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية، واتفاقية تدابير الاستثمار المتصلة بالتجارة لها تأثير اكبر من تأثير اتفاقية الزراعة على القطاع الزراعي في البلدان النامية، في مجالين، هما: توسيع مجال الأصناف النباتية والسلالات الحيوانية التي تشعلها حقوق تسجيل براءات الاختراع، والتحكم في التكنولوجيا والواردات الموارية. فهذه القضايا لها تأثير على تكلفة مستلزمات الإنتاج الأساسية اللازمة للقطاع الزراعي. وتوضح البيانات المتاحة أنه قد حدثت

ريادة كبيرة في أسعار مستلزمات الإنتاج مما جعلها بعيدة المنال بالنسبة لفقراء وصغار المزارعين. وهناك اتفاق في الرأي في المباحثات التي تجري بشأن الاستثمارات على وضع اتفاقية للاشثمار، ولكن لا شك في أن المباحثات الخاصة بالجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية سوف تفتح مرة أخرى. وبالفعل فإن تطبيق شروط حظر المكونات المحلية قد اثر على كثير من القطاعات الزراعية، وخصوصا" الألبان.

 

وأخيرا"، هناك قضية المنافسة. فبالرغم من أن أي بلد يجوز له أن يتفاوض في حق تصدير منتجات غذائية إلى بلد آخر، فإن تراخيص مزاولة النشاط قد تحول دون توريد هذه المنتجات من سوق لأخرى. وتتصل هذه القضية بحاملي تراخيص الأسماء التجارية وامتيازات التوزيع مما يؤدي إلى اعاقة الصادرات. وهناك أيضا" مشكلة التجارة فيما بين فروع الشركات وهي المشكلة التي نشأت مع التوسع في انشاء الشركات الكبيرة بعد فتح جميع الاستثمارات في الزراعة. وهذه قضية من الواجب أن تكون محل تحليل.

 

هشام يوسف(27): لقد كان قرر مراكش الخاص بالبلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء مهما" لأنه مكن عددا من البلدان النامية من أن توافق على مجموعة اتفاقيات جولة أوروغواي، وهذه نقطة لا ينبغي إغفالها.

 

وينطوي القرر على خمسة عناصر رئيسية، هي(1)تحديد مستوى لالتزامات المعونة الغذائية يكون كافيا" لتلبية احتياجات البلدان النامية أثناء برنامج الإصلاح؛ (2) ضمان حصولها على نسبة متزايدة بشروط ميسرة، (3) توفير المساعدات الفنية والمالية من أجل تحسين الإنتاجية الزراعية ومرافق البنية الأساسية، (4)ضمان معاملة تفضيلية للبلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء، في مجال توفير التسهيلات الائتمانية التصديرية، (5) وضمان التمويل اللازم للمستويات المعتادة من الواردات، إما عن طريق مؤسسات التمويل الدولية أو عن طريق ما يمكن إنشاؤه من تسهيلات.

 

ولكي تستطيع البلدان النامية الحصول على المساعدات بموجب القرر، طلب منها أن نثبت تعرضها لآثار سلبية من جراء اتفاقية الزراعة. ورغم أنه يكاد يكون في حكم المستحيل، كما رأينا، عزل آثار الاتفاقية، فقد طلب من البلدان النامية أن تثبت وجود علاقة سببية بين الاتفاقية وما تواجه من صعوبات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن بعض البلدان النامية المستوردة للغذاء لا تنفرد بهذا الوضع، بالضرورة، لأن جميع انواع البلدان تواجه هذه المشاكل. ومع ذلك، فقد أوضح عدد من الدراسات التي أجرتها منظمة الأغذية والزراعة ومنظمات أخرى وجود اختلاف واضح بين البلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء والبلدان النامية الأخرى من حيث نصيب الفرد من الدخل، وعدد السكان الذين يعانون من نقص التغذية، وإنتاج الحبوب، وواردات الحبوب ونسبة الواردات الغذائية إلى مجموع الواردات. وهكذا تمثل البلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء مجموعة فريدة تعاني من مشكلة فريدة فيما يتعلق بهذه المسألة.

 

وفيما يتعلق بالتنفيذ، فلم يتم أي شيء مطلقا" حتى الآن. فالموقف فيما يتعلق بالمعونة الغذائية يبعث على الحزن. إذ انخفضت المعونة الغذائية من الحبوب للبلدان الأقل نموا"، خلال الفترة من 1994إلى 1997 بنسبة 37 في المائة، وللبلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء بنسبة 65 في المائة، وانخفضت في حالة مصر بنسبة 77 في المائة. ولقد كنا نتوقع ان نحصل على شيء من المعاملة التفضيلية ولكن شيئا" لم يحدث. كذلك، انخفضت المساعدات الفنية والمالية التي كنا نحصل عليها من عدد من البلدان المانحه- استراليا، وكندا، واليابان. وبقيت المساعدات من

 

الولايات المتحدة على مستواها المعتاد دون تغير خلال تلك الفترة. اما الاتحاد الأوروبي فوضعه مثير للاهتمام. فلم يتقدم الاتحاد الأوروبي بإخطارات في 1996 أو 1997، وهكذا يبدو أنهم هم أيضا" في حاجة إلى مساعدات فنية في هذا المجال. ورغم المساعدات التي تقدمها نيوزيلندا قد حققت شيئا" من الزيادة فإنها كانت قد بدأت من مستوى متواضع جدا". كذلك، هناك زيادة بالنسبة لجنوب أفريقيا. وكانت النرويج متفوقة كعادتها.

 

وفيما يتعلق بالأسعار، فقد تحدثنا عن الأسعار والتمويل لفترة من الوقت اثناء هذا الاجتماع. إن حجم واردات الحبوب التي تستوردها البلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء في تزايد منذ 1993 كما أن قيمتها في تزايد. وبطبيعة الحال، فقد كانت سنة 1996/1995 سنة غير عادية، وهذا يفسر ارتفاع الواردات الى ذروتها في تلك السنة، رغم أن الواردات كانت في تزايد طوال تلك الفترة. ولقد قيل إن التغيير لا يعد كبيرا، ولكنه لا يستهان به. ولقد أظهرت دراسات منظمة الأغذية والزراعة أن نسبة 40 في المائة من هذه الزيادة في قيمة الواردات الغذائية كانت بسبب الزيادة في حجم الواردات وأن نسبة 60 في المائة ترجع لعوامل أخرى. ولقد كانت هناك مشاكل كثيرة مع مؤسسات التمويل الدولية فيما يتعلق بتمويل واردات البلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء. وأتفق في سنغافورة على أن يناقش أعضاء منظمة التجارة العالمية مؤسسات التمويل الدولية لمعرفة ما إذا كان من الممكن تعزيز التسهيلات الحالية أو إنشاء تسهيلات جديدة، ولكن شيئا" لم يحدث في هذا المجال أيضا". وعندما كانت الأسعار شديدة الارتفاع في 1996/1995 ، استطاع عدد قليل من البلدان النامية فقط الحصول على تمويل إما عن طريق تسهيلات التمويل في حالات الطوارئ أو من تسهيلات التمويل التعويضية التي يقدمها صندوق النقد الدولي. ولذلك، فإن قضية التمويل في حاجة إلى اعادة نظر.

 

وبالنسبة للمستقبل، يعد من الصعوبات الأساسية في القرر أننا نتعامل مع المشكلة كمشكلة عارضة، وإن لم تكن كذلك. وهناك بعض البلدان- وهي البلدان الصغيرة جدا" ومحدودة القدرة على التصدير وعلى زيادة الإنتاج- ستظل عرضة للمخاطر بصرف النظر عما نفعله. وهناك اعتبارآخر وهو ان تنفيذ القرارموزع في شتى أنحاء العالم. فهناك اتفاقية المعونة الغذائية في لندن للمعونة الغذائية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في باريس لتوفير التسهيلات الائتمانية للصادرات، وهناك مؤسسات تمويلية أخرى في واشنطن، ولكن القليل جدا" يحدث في جنيف حيث من المفروض أن تتم الموازنة بين الحقوق والالتزامات. وتستطيع منظمة الأغذية والزراعة في روما أن تفعل أكثر مما تفعل، لاسيما فيما يتعلق بزيادة الإنتاجية والإنتاج الزراعي بجوانبه المختلفة. وفيما يتعلق بالمعونة الغذائية، فإن أهم نقطة هي أن العلاقة بين المعونة والأسعار في السوق العالمية تعد عكسية حتى الآن، فعندما تكون الأسعار مرتفعة وتكون البلدان في أمس الحاجة إلى المعونة لا توجد معونة، ولكن عندما تكون الأسعار منخفضة وليس من العصب الحصول على الأغذية بطريق الشراء من الأسواق تكون المساعدات سخية. كذلك علينا أن ننظر إلى الالتزامات الخاصة بزيادة المساعدات الفنية والمالية، وهنا يمكن أن يكون إنشاء صندوق لهذا الغرض مفيدا". أما قضية توفير التسهيلات الائتمانية للصادرات فهذه مسألة ينبغي معالجتها بجدية.

 

والنقطة الأخيرة هي أننا إذا كنا جادين فيما يتعلق بتحقيق أهداف مؤتمر القمة العالمي للأغذية- خفض عدد السكان الذين يعانون من نقص التغذية إلى النصف بحلول عام 2015- فسيكون من الواجب توافر قدر أكبر من الإرادة السياسية. وقررمراكش لم ينفذ حتى الآن، ولو أننا تعاملنا مع الالتزامات الأخرى في إطار منظمة التجارة العالمية بنفس طريقة تعاملنا مع القرار، فسوف تكون هناك متاعب شديدة. ولن يكون هناك وجود لاتفاقيات بلير هاوس. والبلدان النامية تقوم بدور

 

يتسم بمزيد من الجدية إزاء اهتماماتها وستظل تفعل ذلك. ورغم أن أي اتفاقات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ستكون محل ترحيب على الدوام، فإنها لن تكون هي العوامل المؤثرة في التوصل إلى اتفاقيات أخرى في المستقبل.

 

 (28)ADEMOLA OYEJIDE: دعوني أبدأ بمقولة مؤداها "إنك لا تحصل من المفاوضات على ما تستحقه، ولكنك تحصل على ما تنجح في التفاوض بشأنه ". وعلى البلدان النامية ألا تذهب إلى المفاوضات وهي تفترض أن الجانب الآخر سوف يوافق على كل ما تريده. وينبغي على البلدان النامية أن تسيطر على اقدارها وأن تدرك أن قدرتها على التفاوض بكفاءة في منظمة التجارة العالمية تعد ذات أهمية كبيرة. ثانيا"، فإذا أنت قرأت اتفاقية مراكش التي قامت بموجبها منظمة التجارة العالمية، وليس فقط اتفاقية الزراعة، فسوف يتبين لك وجود عدم التناسق بين التعهدات الملزمة والعروض التطوعية الخاصة بتقديم المساعدات. وقد وقعت البلدان النامية على أساس عرض مؤداه أن البلدان المتقدمة سوف تفعل "شيئا""، ولكن شيئا" لم يحدث. وإذا كان في ذلك درس ينبغي أن نستخلصه فهو أن من الواضح أن المساعدات ملزمة في هاتين الاتفاقيتين في المستقبل.

 

ومن المهم أن ندرك أن هناك نوعين من الأعباء المرتبطة بأي اتفاقية تجا!ية: هي أعباء التنفيذ وأعباء التكيف. ففي البلدان النامية يتطلب التنفيذ إنشاء مؤسسات جديدة وتوفير قدرات بشرية جديدة. ومن ناحية أخرى، فكلما حدث أي تغيير في السياسات، ينبغي أن يتكيف الاقتصاد مع هذا التغيير ولابد من وجود من يربحون ومن يخسرون من جراء ذلك. ويستطيع النظام المالي ان تعوض الفئات التي تتعرض للخسارة، أما في التجارة العالمية فقد لا تكون الفئات الرابحة والفئات الخاسرة في نفس البلد بالضرورة. وبحساب أعباء التنفيذ و أعباء التكيف يمكن لأي فرد معرفة الرابحين والخاسرين، وبذلك يمكن للنظام أن يتوصل إلى نوع من التعويض للخاسرين. وربما يتعين على البلدان النامية، في المفاوضات المقبلة، أن تطلب تكليف وكالة معينة، غير منظمة التجارة العالمية، بحساب هذه الأعباء. وفيما يتعلق بالزراعة، فما هي الوكالة التي تستطيع القيام بهذه المهمة أفضل منظمة الأغذية وانصراعة؟

 

والقضية الثانية هي قضية المعاملة الخاصة والتفضيلية. وهذه قضية قديمة، ولكن جولة أوروغواي قلبتها رأسا" على عقب وزادت من تعقيدها. ومن مصلحة البلدان النامية أن تتفاوض من أجل الوصول إلى نوع من الاتفاقي متعدد الأطراف حول يعنيه هذا المفهوم قبل التفاوض في القضايا الأخرى. والطريقة المتبعة حاليا" في تصنيف البلدان طريقة غريبة. فهي تقوم على مجموعة من المعايير التي تعكس الاعتبارات السياسية اكثر مما تعكس القدرة التنافسية في التجارة، او الأمن الغذائي أو أي معيار موضوعي آخر. وعلى البلدان النامية أن تصر على إجراء مفاوضات متعددة الأطراف حول المعيار الذي ينبغي تطبيقه. والمرحلة التالية هي التفاوض حول نوع الأحكام والنصوص المطلوبة. ففي مجال النفاذ الى الأسواق، ينبغي توسيع مفهوم النظام المعمم للأفضليات بحيث يكون مطلوبا" من البلدان النامية أن تعرض أفضليات على البلدان الأقل نموا". إذ يتعين على البلدان النامية- وخصوصا" التي استفادت من الأفضليات التجارية السابقة- أن ترد شيئا" مما أخذته. ومع ذلك، فإن البلدان الأقل نموا" لا ينبغي أن تأخذ بلا مقابل. إذ يجب أن يكون لديها نظام رشيد للإنتاج الزراعي وتجارة المنتجات الزراعية. فجميع البلدان الأفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى تقريبا" تطبق تعريفة موحدة بنسبة 150 في المائة على جميع المنتجات، ولكنني أشك فيما اذا كان أي بلد يحتاج في الحقيقة إلى تعريفات تتجاوز 40 في المائة، سواء لأغراض تحقيق الحماية أو تحقيق الدخل. وكثير من البلدان الأفريقية لا تتمتع بالقدرات التي تمكنها من المشاركة الفعالة في عملية منظمة التجارة العالمية، ومع ذلك فإن لها مصالح مهمة ينبغي أن تدافع عنها. وأملي أن تكون منظمة الأغذية والزراعة على استعداد لتقديم بعض أشكال المساندة- بأن تقوم، على سبيل المثال، بتنظيم حلقات دراسية منتظمة يشترك فيها ممثلو البلدان الأفريقية. كذلك فمن اللازم توفير المساعدات لتمويل نفقات سفر مندوبي البلدان الأفريقية الذين يشاركون في المفاوضات، كما أنهم في حاجة إلى من يساعدهم على فهم أحكام الاتفاقية الحالية فهما كاملا وعلاقتها بنظم الإنتاج الزراعي ونظم التجارة المطبقة لديهم.

 

(29) ZAID BAKHT: لقد حاولت اتفاقية الزراعة تلبية ثلاثة اهتمامات رئيسية. أولا، إخضاع السياسات الزراعية التي تؤدي الى تشويه التجارة لقواعد ونظم متعددة الأطراف، ويمثل هذا في جوهرة محاولة "لضبط الأسعار". ورغم تحقيق تقدم كبير في هذا الاتجاه، فما زال هناك الكثير مما يجب عمله. وتشمل القضايا الرئيسية التي يلزم التصدي لها في جولة المفاوضات المقبلة: اختلال التوازن في الأحكام الحالية الخاصة بحساب مقياس الدعم الإجمالي فيما يتعلق بالاستخدامات الخاصة  ل"الصندوق الأخضر" و "الصندوق الأزرق "، واستمرار التعريفات شديدة الارتفاع، والتعريفات التصاعدية، والتعقيدات التعريفية ودعم الصادرات، وعدم تناسق التدابير الوقائية الخاصة؛ واللجؤ إلى استخدام الأحكام الاجتماعية والتدابير غير التعريفية كشكل جديد من أشكال الحماية. ويبدو أن القائمة الكاملة لما يلزم عمله طويلة جدا ومثيرة للخلاف، ولذلك فإننا لن نبحر في مياه هادئة، ولكن يجب علينا ان نأمل في تحقيق الأفضل.

 

والاهتمام الرئيسي الثاني الذي حاولت اتفاقية الزراعة تلبيته هو توفير قدر من المرونة للبلدان النامية في سياسات التنمية الزراعية. فلقد كان الاعتقاد هو ان الأحكام المتعلقة بالمعاملة الخاصة والتفضيلية قد حققت ذلك، ولكن معظم البلدان لم تكن توجد لديها سياسات زراعية تؤدي الى تشويه التجارة كما أن ما كان لديها من هذه السياسات تكفلت بإصلاحه إلى حد بعيد برامج التكيف الهيكلي. وبناء عليه، كانت الأحكام الخاصة بتقليل التخفيضات واطالة أمد فترة الانتقال عديمة الجدوى. والسؤال الذي يطرح نفسه هو ما إذا كانت هذه البلدان تتمتع بالمرونة التي تلزمها من حيث الاستفادة من تدابير الدعم؛ وعلى سبيل المثال، فإن بنغلادش ربطت تعريفاتها على المنتجات الزراعية عند معدل 200 في المائة، ولكنها طبقت معدلا" أدنى من ذلك بكثير، وبذلك يكون من حقها زيادة تعريفاتها الجمركية اذا نشأت حاجة إلى ذلك. بيد أن المرونة لا وجود لها من الناحية العملية، وذلك يرجع في جانب كبير منه إلى عمليات ثني الأذرع والضغوط الشديدة التي تمارسها المؤسسات الأخرى المعروفة، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. وتتطلع البلدان النامية، في جولة المفاوضات التجارية المقبلة، إلى مزيد من التناسق في وجهات النظر بين منظمة التجارة العالمية والمؤسسات الأخرى.

 

وفيما يتعلق بالأفضليات، يبدو أن النظام المعمم للأفضليات كان له دور حاسم في تشجيع نمو الصادرات في كثير من البلدان. ولا يستطيع النمو طويل الأجل للصادرات أن يعتمد على هذه الأفضليات، ومع ذلك فلما كانت قاعدة الصادرات مازالت ضيقة جدا" بصفة عامة لأسباب عديدة أهمها قيود العرض المختلفة، فلا مفر من محاولة تمديد العمل بهذه الأفضليات وتوسيع نطاقها.

 

ويتصل الاهتمام الأخير بالمساعدات الفنية والمالية التي تقدم للبلدان النامية لزيادة الإنتاج الزراعي وتوسيع قاعدة الصادرات، ومواجهة التأثيرات السلبية لعملية الإصلاح، والوفاء بمعايير اتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية وبناء قدرتها على التفاوض في الاتفاقيات متعددة الأطراف وتنفيذها. والحقيقة أن كشف الحساب

 

في هذا المجال سلبي تماما". فلم يتم أي شيء في سبيل تلبية هذه الاحتياجات. ويبدو أن اتفاقية الزراعية حرصت فقط على ضبط الأسعار، ولكن القرائن العملية توضح أن العوامل غير السعرية- قلة موارد الاستثمار، وعدم توافر القدر الكافي من مرافق البنية الأساسية والتكنولوجيا، وضعف المؤسسات- تعد من المعوقات الشديدة. ولذلك، فإن الأحكام المتصلة بالمعاملة الخاصة والتفضيلية لابد من جعلها أكثر جدوى ولابد من الشروع في تنفيذ قرارمراكش.

 

(30) ABHIJET SEN : يبدو أننا قد وسعنا من مجال المناقشة كثيرا" في هذه الجلسة، حيث تطرقنا للتطورات الخاصة بتنفيذ اتفاقية مراكش برمتها وليس فقط اتفاقية الزراعة. وسوف أقتصر في ملاحظاتي على اتفاقية الزراعة، وألقي الضوء على بعض القضايا، ولاسيما قضية الأمن الغذائي، في هذا السياق. ومع ذلك، فهناك مسألتان عامتان لهما اهميتهما- اتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية، واتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية. وترجع أهمية اتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية إلى أن المساعدات الدولية التي كانت متاحة من قبل في نشر التكنولوجيات الجديدة- من النوع الذي أدى إلى قيام "الثورة الخضراء "، على سبيل المثال لم تعد متاحة الآن. أما اتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية فتعني في جوهرها أنه مهما كان ما يمكن للبلدان النامية أن تحققه فيما يتعلق بنفاذ منتجاتها الى الأسواق، فسوف يكون في أيدي البلدان المتقدمة مجموعة من القواعد التي يمكن أن تتحكم بها في النفاذ إلى الأسواق. وهاتان المسألتان ينبغي ألا تغيبا عن البال.

 

إننا بصدد اتفاقية غير منصفة. وقد يقول البعض إن ما تطالب به البلدان النامية هو الحصول على زيادات من البلدان المتقدمة: أي أن تزيد من فرص النفاذ إلى الأسواق

 

وتعمل على تخفيض الدعم، مع السماح للبلدان النامية بمواصلة التحكم في أسواقها والسماح لها بمزيد من المرونة فيما يتعلق بجانب الدعم. ومع ذلك ينبغي أن يكون هناك أساس للتفاوض يقوم على مجموعة من المبادئ. فاتفاقية منظمة التجارة العالمية برمتها تتحدث عن خفض الحواجز أمام التجارة على اعتقاد أن ذلك سيساعد الجميع. ولذلك، ينبغي ان نركز على الجوانب التي لا تسير فيها الأمور في الاتجاه المنشود وان نتمسك بقوة بالجوانب التي تسير فيها الأمور على نحو ما نهوى. وترتيبا" على ذلك، يجب أن تركز البلدان النامية على خفض شامل للدعم- سواء الدعم الذي تقدمه البلدان النامية أو البلدان المتقدمة. وبمعنى آخر، ينبغي أن يتضمن "الصندوق الأخضر" جانبين- الجانب الذي لا تسير فيه السوق في الاتجاه السليم، والجانب الذي ينطوي على مؤشرات خارجية أو قضايا شديدة الوضوح في مجال التوزيع دفاعا عمن لا يستطيعون الوصول إلى الأسواق. وهذه قضية تجارية.

 

فهل يستطيع "صندوق التنمية" أو "صندوق الأمن الغذائي " تلبية هذه المعايير؟ وكما علمنا التاريخ، فمن الواضح أن قوى السوق بمفردها لا تضمن تحقيق التنمية، كما أنها لا تضمن، بالضرورة، تحقيق الأمن الغذائي بالمعني الوارد في تعريفه. ونحن في حاجة إلى تعزيز هذا التعريف. ولا ينبغي أن نطالب بمرونة بلا حدور، بل أن نحدد ما تعنيه المرونة بوضوح من حيث ما هو مسموح به، لأنه اذا كانت البلدان النامية تتمتع بمرونة فإن البلدان الأخرى تتمتع أيضا" بمرونة وسيكون بوسعها الاستفادة منها أكثر من البلدان النامية. وتتصل المشكلة الحقيقية بتصنيفات معينة. والسبب في أن اتفاقية الزراعة تثير قضايا تتصل بما أسفرت عنه جولة أوروغواي برمتها هو أن معظم البلدان النامية تعاني من حقيقة بسيطة، وهي أن معظم سكانها مرتبطون بالزراعة ليس لأنهم يريدون ذلك بل لأن عملية التنمية قد فشلت. وهذا يتناقض تناقضا" صارخا" مع الحالة في البلدان المتقدمة التي تدفع إعانات للمزارعين لإغرائهم على الاستمرار في الزراعة، وتبدد من الأموال الكثير تحقيقا" لهذه الغاية.

 

فكيف يعكن نقل ما يشبه اقتصاديات الحجم إلى ملايين السكان الفقراء ومساعدتهم على زيادة إنتاجهم بطريقة لا تؤدي الى تدمير الحوافز أو خلق جوانب من القصور؟ هذه هي قضية التنمية القديمة، وهذا هو مكمن المشكلة بالنسبة لكثيرمن السكان في البلدان النامية.

 

والتجارة تلعب دورا" واحدآ في ذلك، ولكنها تؤدي أيضا" إلى خلق مشكلات. فقد حققت الهند، على سبيل المثال مستوى جيدا" من النمو الزراعي بعد الاستقلا ل، وخصوصا" بعد الثورة الخضراء، حين كانت التكنولوجيا تقدم دون مقابل. ولكن النجاح اقتصر على جزء معين من البلاد ثم بدأ يتوقف. فقد اعتمدنا لمدة عشرين سنة على منطقة البنجاب كجزء من الهند، ولكن ذلك لم يعد ممكنا" الآن. ويجب علينا ان نعمل على نشرالتكنولوجيا في بقية أنحاء البلاد، ولكنني أشك فيما إذا كان نموذج الإعانات الذي كان مطبقا" في الماضي سوف ينجح. والذي لا نحتاجه في هذه اللحظة بكل تاكيد هو ان نجد أنفسنا في وضع تصبح فيه بعض البلدان النامية الأخرى التي تستطيع في الوقت الحاضر النفاذ إلى أسواق البلدان المتقدمة قادرة فجأة على النفاذ إلى أسواقنا. ونحن في وقت شديد الحرج فيما يتعلق بالتنمية الزراعية في الهند، فمعدلات النمو في تباطؤ، وينبغي أن نتوسع في زراعتنا في أنحاء جديدة من البلاد، وأن نزرع محاصيل جديدة. ولذلك فنحن نشعر بالقلق، ولكن قلقنا ليس من أجل الحماية، ولكنه لأن الزراعة، شأنها شأن كثير من الأمور الأخرى، تعد في مرحلة المهد في مناطق معينة من البلاد، ولذلك فمن الضروري توفيرأنواع معينة من الحماية. وربما لم تعد هذه فكرة رائجة، ولكنها ليست أقل أهمية اليوم مما كانت من قبل. وهذه الطريقة ل"السير على ساقين " ينبغي أن تستوعب الاختلاف فيما بين البلدان النامية، وخصوصا" إذا أبقت البلدان المتقدمة على أبوابها مغلقة.

 

مناقشة

 

تعقيب من أحد المشاركين: إنني لا أشعر بالارتياح إزاء المناقشة التي تتعلق بعدم استقرار الأسعار والقول بإعطاء صفة شرعية لحزم الأسعار. فمع تحسن القواعد في النظام الجديد، لن تكوق هناك حاجة الى الاحتفاظ بمخزونات كبيرة، كما أن عدم استقرار الأسعار لا يؤدي بالضرورة إلى عدم استقرار قيمة الواردات، لأن كثيرا من الأسعار ترتبط ارتباطا" عكسيا" بالكميات. ولقد كان هناك تركيز شديد جدا" على استقرار الأسعار دون التركيز على القضية الأهم، وهي استقرار الدخول. ومن الصعب تطبيق حزم الأسعار بطريقة محايدة. فهي تؤدي على الدوام إلى تحويل الدخل، والى نوع من الحماية، كما أن من الصعب تبرير استخدامها في البيئة التجارية الجديدة. ومن الأفضل التعامل مع عدم استقرار الأسعار والدخول بآليات السوق مثل الصفقات الآجلة.

 

رد من الرئيس: لقد أقدم البنك الدولي على مبادرة بهذا المعنى، تؤكد على إدارة المخاطر بالنسبة للبلدان النامية، ونظم سلسلة من الاجتماعات حول هذا الموضوع.

 

سؤال موجه إلى بروفيسور Sen: لقد طالب بخفض الدعم في البلدان النامية والمتقدمة على السواء. وفي معظم البلدان النامية، تكون قدرة صغار المزارعين قليلي الموارد على الحصول على التسهيلات الائتمانية محدودة، بينما توفر البلدان المتقدمة الدعم إلى المزارعين فيها فضلا" عن كونها أكثر تقدما" من الناحيتين التكنولوجية والمالية. ففي حالة إلغاء دعم الزراعة في البلدان النامية، ما هو السيناريو المتصور؟

 

جواب: إنني لم أناد بخفض الدعم في البلدان النامية. وكل ما قلته هو أن الدعم لا ينبغي الإبقاء عليه إلا لسببين: توفيرأشياء لا تستطيع السوق توفيرها، ومساعدة

 

الفئات التي لا يستطيع أن يصل إليهم القطاع الخاص. ولذلك ينبغي إنشاء المؤسسات اللازمة لخدمتهم، أو ينبغي، على أقل تقدير، توجيه الإعانات خصيصا" لهذه الفئات من السكان.

 

تعقيب: دعا بروفيسور Oyejide إلى مفاوضات متعددة الأطراف من أجل تصنيف البلدان، كما دعا إلى التخلي بالتدريج عن المعاملة التفضيلية لكي تبدأ البلدان في تنفيذ سياسات سليمة كلما تقدمت من مرحلة لأخرى. وهذه العملية يمكن أن تشرع فيها منظمة الأغذية والزراعة، بالتعاون مع منظمة التجارة العالمية، كي يمكن إجراء بعض المحادثات التمهيدية قبل اجتماع سياتل. وبمكن وضع بعض الخطوط التوجيهية، خصوصا" وأن كثيرا" من هذه البلدان ليست لديها القدرة على التفاوض.

 

تعقيب: باعتبار أن بلدي من البلدان المصدرة للنفط، فإنها تجد نفسها مصنفة بطريقة لا تتفق مع وضعها الحقيقي. فمعيار نصيب الفرد من الدخل يتجاهل مشكلات مثل معدل الوفيات بين الرضع، ومعدل العمر المرتقب، ونسبة الأمية والفقر الحاد.

 

رد من الرئيس: فيما يتعلق بتوفير محفل للتفاوض بشأن تصنيف البلدان، لا أستطيع تقديم التزام نيابة عن منظمة الأغذية والزراعة، لأن طابع هذه المشكلة سياسي أكثر من كونه علميا" او فنيا". ومع ذلك، فنحن نقدم بالفعل معلومات عن المؤشرات التي يمكن أن تعتمد عليها البلدان كأساس للتصنيف، بما في ذلك معلومات عن بلدان العجز الغذائي ذات الدخل المنخفض.

 

تعقيب: هناك قضيتان في غاية الأهمية تتصلان باتفاقية الزراعة. أولاهما هي ظاهرة التكتلات الإقليمية التي تستهدف تحقيق استثناءات خاصة من مبادئ الدولة

 

الأولى بالرعاية مما يترتب عليه تمييز ضد البلدان الأخرى. والقضية الثانية هي قضية البيئة، بما لها من ارتباط كبير بالسياسات الزراعية والإنتاج. وينبغي النظر في القضايا البيئية في المفاوضات الخاصة بالسياسات الزراعية التي تؤدي إلى تشجيع المنافسة في تجارة المنتجات الزراعية.

 

سؤال: كثر الحديث عن فترة تفاوض تتراوح مدتها بين ثلاث وأربع سنوات. فماذا يمكن عملة أثناء فترة الانتقال فيما يتعلق بالتشوهات وغير ذلك من المشاكل القائمة؟

 

جواب: إن الموقف من المفاوضات ينبغي أن يكون هجوميا" ودفاعيا" في أن واحد. وينبغي ان تتجاوب البلدان مع اقتراحات البلدان الأخرى، وأن تدرس البلدان أوضاعها الداخلية لتحديد القضايا التي تود أن تقترحها، ثم تقوم بتكوين مجموعات ائتلافية مع البلدان الأخرى، سواء كانت نامية أو متقدمة. وعندئذ، ينبغي أن تضغط هذه المجموعات الائتلافية بأقوى ما تستطيع.

 

سؤال: فيما يتعلق بالإبقاء على المرونة من أجل المضي في التنمية الزراعية، اقترحPanos Konandreas أن يكون بوسع البلدان النامية رفع التعريفات الجمركية على السلع الحساسة، ولكن ذلك سيكون له تأثيران جوهريان. فسوف يضير بالمستهلكين الفقراء، وإذا بقيت الفروق التعريفية في المدى البعيد، فسوف تسفر عن تشويه خطير للموارد. وقد يفتقر قطاع السلع الحساسة إلى الكفاءة، ولذلك فإلى أي مدى يمكن الإبقاء على هذه الفروق في التعريفات

 

جواب: لقد كنت أشير الى بعض البلدان التي ألزمت نفسها أيضا" بمستويات شديدة الانخفاض للتعريفة الجمركية على بعض السلع التي تعد ذات أهمية شديدة بالنسبة لها. ومن أمثلة الحالات التي قد تحتاج إلى شيء من تصحيح التوازن مصروالهند.

سؤال: ان الاقتراح الخاص بزيادة توزيع حصص التعريفة الجمركية، اي بربطها بالمنتجات، قد يعني زيادة إخضاع التجارة للإدارة، مقارنة بموقف يكون فيه التجار أحرارا" في الاختيار من تشكيلة من المنتجات التي تشملها سلة حصص التعريفة الجمركية. فهل سيكون ذلك أفضل، من وجهة نظر المستهلك، من حيث الاستفادة من حصص التعريفة الجمركية وتطوير الأسواق؟

 

تعقيب: من الجوانب المهمة للتنمية الزراعية تحقيق زيارة في القيمة المضافة للسلع التي تقوم البلدان بتصديرها. وهناك تركيز متزايد لتجارة المنتجات الزراعية، وبصرف النظر عن الفرص التي ستكون متاحة للنفاذ إلى الأسواق، فطالما استمر هذا التركيز، فإن القيمة المضافة التي سيحتفظ بها المنتجون الزراعيون والمصدرون ليس من المرجح أن ترتفع كثيرا". وهذا يثير قضية سياسة المنافسة، ولكن هذا يفهم في منظمة التجارة العالمية على أنه يشير فقط إلى السياسات الداخلية. والأوضاع التي تتطلب إجراءات محلية تترك دون ضوابط على المستوى الدولي. وهكذا نكون أمام قضية مهمة لابد من التعامل معها في المفاوضات، ولكن الكثيرين يتحسبون من إثارتها في المفاوضات نظرا" لتأثيراتها المحتملة علي السياسات الداخلية. ومع ذلك، فإن هذه القضية في غاية الأهمية.

 

ملاحظات ختامية لرئيس الندوة

 

لقد أظهرت مناقمشاتنا ان فهمنا لنظام التجارة العالمية في المنتجات الزراعية أصبح أفضل مما كان منذ خمس سنوات مضت. ورغم أننا خلصنا الى أن الوقت لم يحن بعد لوضع تقدير كمي للآثار المترتبة على جولة أوروغواي، يبدو أن بيننا اجماع على حدوث نقلة نوعية. وقد اسفرت هذه النقلة النوعية عن إدخال نظام للتجارة العالمية في المنتجات الزراعية يقوم على قواعد، ويؤثر في عملية وضع السياسات الدولية والوطنية، وفي المفاهيم وطريقة التفكير. أما التأثير الكمي الكامل فلم يتحدد بعد.

 

 ولقد كان هناك اتفاق عام على أن التجارة وزيادة تحرير التجارة يجب أن يؤديا إلى تحقيق الأمن الغذائي، وهذا ما تتوخاه خطة العمل الصادرة عن مؤتمر القمة العالمي للأغذية. وقد اتفق جميع من شاركوا وتحدثوا على أن الأمن الغذائي هو الهدف الذي تتوخاه البلدان المعنية من التنمية، وأن حالة انعدام الأمن الغذائي التي مازال يعاني منها نحو800 مليون نسمة في العالم النامي تمثل التحدي الرئيسي الذي يواجه واضعي السياسات كما يواجه المفاوضين في المفاوضات الزراعية.

 

ويجب على منظمة الأغذية والزراعة، كمنظمة دولية، أن تأخذ موقف الحياد في هذه العملية. فدورها هو أن توفر محفلا" تعرب فيه البلدان عن مواقفها. وقد أسفرت هذه الندوة عن اقتراحات في اتجاهين: تحقيق مزيد من التوازن في الاتفاقيات القائمة ومحاولة تحقيق مزيد من المرونة لتمكين البلدان النامية من المضي في تحقيق سياسات الأمن الغذائي وأهداف التنمية. وبهذه الروح كان الكثير من الاقتراحات التي أبديت أو كلها. ولقد كانت الحاجة إلى التركيز على المصالح الخاصة للأطراف التي ستتعرض لخسائر عارضة أو دائمة من جراء النظام التجاري العالمي أو الإصلاحات التي ستدخل عليه محل تأكيد خاص، كما كان هناك تأكيد على ضرورة تعويض هذه الأطراف أو مساعدتها في فترة الانتقال.

 

وباعتبارها واحدة من الوكالات الدولية التي لها دور في عملية إصلاح الأوضاع الزراعية، فسوف تواصل منظمة الأغذية والزراعة تحليل الأوضاع ورصدها ومحاولة

 

تقديم المعلومات والمساعدات. ولقد عرضت كثير من الأمثلة عن التأثيرات التي ستتعرض لها بلدان نامية معينة. وينبغي تكثيف إجراء هذه الدراسات القطرية ومتابعتها، ونحن في منظمة الأغذية والزراعة على استعداد للمساعدة في هذا الصدد. وفيما يتعلق بطلب بروفيسور Oyejide بأن تكون منظمة الأغذية والزراعة على استعداد لتقديم الدعم الفني، فلست على ثقة من أننا نستطيع أن نفعل ذلك لمجموعة من البلدان أو لبلدان منفردة لأننا يجب أن نكون في خدمة جميع الأعضاء. ومع ذلك، أود أن أسترعي الانتباه الى برنامج للتدريب شرعنا في تنفيذه منذ فترة قصيرة وسينفذ في 14 او 15 منطقة، وسيشارك فيه خمسة أفراد من كل بلد من البلدان النامية أو البلدان التي تمر بمرحلة الانتقال. ويتكون برنامج التدريب من دورة مدتها أسبوع يشارك فيها من يعنيهم الأمر من المسئولين الزراعيين وغيرهم، وتتناول اتفاقية الزراعة، واتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية، واتفاقية الجوانب التجارية لحقوق الملكية الفكرية، واتفاقية الحواجز الفنية أمام التجارة. وهكذا سيتطرق برنامج التدريب لمشكلة الأمن الغذائي بما لها من اهمية.

 

 

(1) السيد ، المدير العام المساعد، مصلحة الشئون الاقتصادية والاجتماعية، منظمة الأغذية والزراعة.

(2) سعا دة (تنزا نيا).

(3) مستشار منظمة التجارة العالمية.

(4) رئيس وحدة الدراسات المنظورية العالمية سابقا"، منظمة الأغذية والزراعة.

(5) رئيس قمسم التجارة والأسواق، إدارة الأغذية والزراعة ومصايد الأسماك، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

(6) المعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية

(7) أستاذ، مدرسة الدراسات العليا في العلوم الزراعية وعلوم الحياة، جامعة طوكيو.

(8) مدير قسم السلع والتجارة سابقا"، منظمة الأغذية والزراعة.

(9) كبير زملاء البحوث، معهد بحوث سياسات الأغذية والزراعة، جامعة ولاية أيوا

(10) مستشار، قسم الزراعة، منظمة التجارة العالمية.

(11) خبير اقتصادي ورئيس فريق السلع، البنك الدولي.

(12) تعقيب من جانب المشترك الذي كان يرد عليه Mr Mohanty

(13) كبير اقتصاديين، قسم السلع والتجارة، منظمة الأغذية والزراعة

(14) أستاذ الاقتصاد، جامعة جواهرلال نهرو، الهند.

(15) أستاذ الاقتصاد، جامعة أيبادان، نيجيريا.

(16) كلية الزراعة، جامعة عين شمس، القاهرة.

(17) أستاذ الاقتصاد الزراعي، جامعة Santa Ursula وجامعة ولاية Rio de Janeiro ، البرازيل.

(18) أشاذ الاقتصاد، جامعة فيرمونت، الولايات المتحدة.

(19) سعادة Nestor Osorio Londono (كولومبيا).

(20) رئيس إدارة السياسات والتوقعات السلعية، قسم السلع والتجارة، منظمة الأغذية والزراعة

(21) المنسق العالم، مؤتمروزراء زراعة غرب ووسط أفريقيا.

(22) نائب رئيس معهد بحوث التنمية، تايلند.

(23) سفير الهند السابق لدى الجات، والرئيس السابق للأطراف المتعاقدة في الجات.

(24) مستشار فني سابق وأمين لجنة الزراعة، منظمة الأغذية والزراعة.

(25) مكتب منظمة الأغذية والزراعة للاتصال بمقر الأمم المتحدة (جنيف).

(26) مستشار، وزارة الصناعة، والتكامل والمفاوفات الدولية، بيرو.

(27)مكتب وزير الخارجية، القاهرة

(28) أستاذ الاقتصاد، جامعة إيبادان، نيجيريا

(29) مدير البحوث، معهد بنغلاديش لدراسات التنمية.

(30) أشاذ الاقتصاد, جامعة جواهرلال نهرو، دلهي.

 

الصفحة السابقةأعلى هذه الصفحةالصفحة المقبلة