في مختلف انحاء العالم

الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية

تايلند: خفض مطرد للفقر وسوء التغذية

  انخفض انتشار الفقر وسوء التغذية انخفاضا شديدا في تايلند خلال الثمانينات ويرجع الفضل في ذلك استراتيجية التخفيف من وطأة الفقر ركزت على خفض سوء التغذية ودعم التنمية الريفية المستدامة. ونتيجة لهذا الجهد الذي شمل البلد بأكمله انخفض انتشار الفقر من 32.6 في المائة من السكان في 1988 إلى 11.4 في المائة في 1996.

   ونشأت خطة التخفيف من وطأة الفقر من سلسلة من المسوحات أجريت في أوائل الثمانينات كشفت عن أن انتشار سوء تغذية ناجم عن نقص البروتين والطاقة يمثل مشكلة رئيسية في المناطق الريفية الفقيرة. وقد استكملت المسوحات ببيانات أخرى عن مستويات المعيشة لوضع رقم دليلي للفقر. وركز هذا الرقم على 268 منطقة من المناطق شديدة الاحتياج يقطنها نحو 40 في المائة من السكان.

   وكان نقص التغذية شديدا بصورة خاصة بين الرضع والأطفال الصغار نتيجة لسوء الحالة التغذوية لأمهاتهم فالنساء، التي كانت تتعرض لنقص الأغذية لدى دخولها سنوات الإنجاب، عانت من انخفاض مسـتويات التغذية خلال فترة الحمل نتيجة لعدم كفاية المتحصلات الغذائية والعادات التقليدية. فقد كانت هذه العادات تمنعهن من تناول بعض الأغذية المغذية مثل البيض وغيره من البروتين الحيواني فضلا عن الفاكهة والخضر.

   ولذا فإن وزن النساء الحوامل في المناطق الريفية لم يزد إلا بمقدار 5 إلى 7 كيلوغرامات في المتوسط بدلا من المعدل العادي البالغ 5 و 12 كيلوغرام وكان وزن أطفالهن يقل عند الولادة بنحو 350 إلى 450 غراما، وأطوالهم أقل بنحو 2 سم عن الأطفال المولودين في مستشفى حضرية ملحقة بكلية طب في بانجكوك. ويميل الأطفال الذين يولدون ناقصي الوزن إلى أن يظلوا كذلك طوال سنواتهم الأولى مما يجعلهم معرضين بشدة لسوء التغذية والمرض والوفاة. وفي عام 1982، كان أكثر من 50 في المائة من الأطفال دون الخامسة في تايلند يعانون من نقص الوزن، وارتفع هذا الرقم إلى 70 في المائة في معظم المناطق المحرومة.

   وأطلقت الحكومة، بما لديها من هذه المعلومات، استراتيجيتها لمكافحة الفقر وسوء التغذية من خلال التدابير المجتمعية في 1982 وكانت المناطق البالغ عددها 286 التي حددت بأنها أشد مناطق البلاد فقرا ونائية وتفتقر إلى البنية الأساسية كما يتضح من الخريطة. ونفذ برنامج التخفيف أن وطأة الفقر في هذه المناطق أولا، غير أن الفقر وسوء التغذية لم يكونا قاصرين على هذه المناطق، فقد كانا منتشرين على نطاق واسع في مختلف أنحاء هذا البلد، ولذا جرى تمديد برنامج التخفيف من دولة الفقر ليشمل جميع مناطق تايلند عام 1984. وكان البرنامج يعتمد على خمسة مبادئ مازالت تشكل جوهرة حتى اليوم وهي: إسناد الأولوية لمناطق معينة يتركز فيها الفقر، ضمان تلبية المستوى المعيشي الأدنى، وتوافر الخدمات الأساسية لكل فرد، وتشجيع الناس على تحمل المسؤولية عن العناية بأنفسهم، وتأكيد استخدام التكنولوجيا منخفضة التكاليف، ودعم المشاركة الشعبية في صنع القرار وحل المشكلات.

   قد تركز العمل في البداية على التخفيف من أخطر مشكلات التغذية السائدة بين فقراء الريف، وهي مشكلة سوء التغذية الناجم عن نقص البروتين والطاقة، ونقص فيتامين أ واليود.

    وكان البرنامج، الذي يجمع بين مراقبة التغذية، والتغذية التكميلية للأطفال الصغار، والتغذية التغذوية، وتحسين الرعاية الصحية الأولية وإنتاج الأغذية المغذية، موجه إلى مجتمعات محلية بأسرها وشمل حملة إعلامية عامة وتدريب وتعبئة المتطوعين، واحد لكل عشر أسر وكان العمل يستهدف زيادة إنتاج الأسماك والدجاج والخضر والفاكهة والترويج لأنماط  الأكل السليمة، وتصحيح المعتقدات الغذائية الضارة. كما بذلت الجهود لتحسين الرعاية الصحية الأولية في المجتمعات الريفية.

    وعلاوة على ذلك، أنتجت القرى تركيبات غذائية مغذية (الأرز والبقول والسمسم أو الفول السوداني) لاستكمال النظام الغذائي الخاص بالأطفال الصغار الذين تبين معاناتهم من نقص الأغذية. كما جرى التشجيع على إقامة حدائق الحضر وأحواض تربية الأسماك، وتربية الدواجن لاستكمال برامج وجبة الغداء  المدرسية.

    وأدى هذا الأسلوب إلى إحداث خفض مطرد في الفقر بمحور الوقت (أنظر الجدول) وحقق تقدما كبيرا في الحد من نسبة ناقصي الوزن بين الأطفال قبل سن المدرسة. والواقع أنه قد تم في غضون عشر سنوات القضاء تقريبا على الأشكال الأكثر حدة من سوء التغذية بين هؤلاء الأطفال وفيما بين عامي 1982 و 1998، انخفضت حالات سوء التغذية الطفيف من 35 إلى 8 في المائة في هذه الفئة العمرية، وسوء التغذية المعتدل من 13 إلى أقل من 1 في المائة وسوء التغذية الحاد من 2 في المائة إلى مستوى لا يذكر.

    وعدلت الحكومة البرنامج، الذي بدأ في 1990، لضمان المحافظة على المكتسبات التي تحققت بالفعل ومعالجة طائفة أوسع من القضايا.

    وأعيد تنظيم الترتيبات المؤسسية لتعزيز التعاون بين الوزارات الحكومية ذات الصلة ابتداء من المستوى القطري إلى مستوى المجتمعات المحلية. وفي حين ظل المجتمع المحلي قلب البرنامج، وضع دور أقوى لإقامة الشراكات أنيط بمديريى الخدمات العامة على المستويات الجهوية والقطرية.

    كما جرى توسيع نطاق التدابير، فبعد السيطرة على سوء التغذية الناجم عن نقص البروتين والطاقة، استطاعت الحكومة توجيه الاهتمام إلى طائفة أوسع من قضايا الأغذية والتغذية لتحقيق تحسينات أخرى في نوعية الحياة.

   وكان البرنامج الموسع يضم سبعة عناصر هي:

إن تجربة تايلند تجربة فريدة من حيث تنفيذها المنظم في كل مجتمع محلى في البلاد. وتوفر هذه التجربة نموذجا لبرنامج شبكة الأمان الغذائية التي لا تلبى فقط الاحتياجات المباشرة لمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي، بل وتضع الأساس لتخلصهم نهائيا من نير الجوع.

 

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية