الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية

 

الجزء الأول

استعراض عام لدراسات الحالة

أولا - مقدمة

يلخص هذا الجزء النتائج التي أسفرت عنها أربع عشرة دراسة قطرية أجريت بتكليف من منظمة الأغذية والزراعة قي صيف 1999، لاستعراض التجارب القطرية في مجال تنفيذ اتفاقية الزراعة التي انتهت إليها جولة أوروغواي، والتغيرات التي استجدت على التدفقات التجارية وغير ذلك من التأثيرات التي حدثت نتيجة لبرنامج الإصلاح. وقد كان هذا العمل جزءا من دراسة أوسع اجرتها المنظمة عن الزراعة، والتجارة والأمن الغذائي.

وكان الغرض من هذه الدراسات القطرية هو استعراض التجارب الإيجابية والسلبية في مجال تطويع السياسات الحدودية والمحلية بما يتفق مع أحكام اتفاقية الزراعة وتأثير ذلك على التدفقات التجارية حتى الآن. إذ تدعو المادة 20 من اتفاقية الزراعة أعضاء منظمة التجارة العالميه إلى استعراض تجاربها وخبراتها فيما يتعلق بتنفيذ الإلتزامات وتأثير ذلك على تجارة المنتجات الزراعية على المستوى العالمي، وإلى أخذ هذه التجارب في الاعتبار في المفاوضات المقبلة. وهذه الدراسات تسهم في هذه العملية كما أنها ستساعد، دون شك، في تحدي المجالات التي سيكون من المفيد فيها تقديم مساعدات فنية للبلدان النامية في تحليل وصياغة السياسات وهي تسعى من أجل توفيق سياساتها مع القواعد التجارية الجديدة.

وقد وقع الاختيار على البلدان الأربعة عشر استنادا إلى عدد من الاعتبارات، مثل ضرورة وجود توازن جغرافي واسع، وأن تغطي هذه الدراسات مختلف فئات البلدان، مثل البلدان الأفل نموا، والبلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء، والبلدان المصدرة للمنتجات الزراعية، وكذلك توافر خبراء استشاريين قطريين يستطيعون الانتهاء من هذه الدراسات في تواريخ محددة(1).

وتلعب الزراعة دورا رئيسيا في اقتصاديات جميع البلدان التي تشملها الدراسات، كما يتضح من الجدول 1، الذي يبين أيضا أوضاع السكان من حيث التغذية. وعلى سبيل المثال كان أكثر من 15 في المئة من السكان يعانون من نقص التغذية فى عشرة من البلدان الأربعة عشر فى 1995-1997 . كما يوضح الجدول أن الزراعة في هذه البلدان، عموما:

 

الجدول 1: المؤشرات الدالة على أهمية الزراعة فى الاقتصاد وحالة الأمن الغذائي (النسبة المئوية لنصيب الزراعة في 1995- 1997)

 

كذلك توفر الزراعة الجانب الأكبر من احتياجات السكان من المواد العذائية الأساسبة، وتضمن معيشة الكفاف والدخل النقدي لسكان الريف بأعدادهم الكبيرة.

ومن المضروري التأكيد من البداية على أنه، نظرا للدور الرئيسي الذي تقوم به الزراعة فى اقتصاديات هذه البلدان، لا يمكن تحقيق تقدم ملموس في دفع عجلة النمو الأفتصادي، والتخفيف من حدة الفقر وتعزيز الأمن الغذائي في معظم الحالات دون زيادة النهوض بإمكانيات القطاع الزراعي وزيادة مساهمته في تحقيق التنمية الأفتصادية العامة.

وفي الجزء المتبقي من هذا الفصل، يلخص القسم الثاني التجارب القطرية في مجال تنفيذ الأحكام الرئيسية التي تنص عليها إتفاقية الزراعة والالتزامات القطرية ولاسيما فيما يتعلق بالنفاذ إلى الأسواق، وتدابير الدعم المحلي ودعم الصادرات. كما يتناول هذا الجزء بإيجاز التحارب المتصلة بقرار مراكش الوزاري واتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقية العوائق الفنية على التجارة. ويستعرض القسم الثالث التجارب المتصلة بتجارة المنتجات الغذائية والزراعية منذ عام 1975. وأخيرا، يتضمن القسم الرابع بعض الاهتمامات الخاصة التي تشغل بال بلدان معينة في سياق المفاوضات المتجارية الجديدة الخاصة بالزراعة.

 

ثانيا - تجارب تنفيذ الأحكام الرئيسية التي تنص عليها اتفاقية الزراعة

يركز هذا القسم على تجارب تنفيذ إلالتزامات الخاصة بالنفاذ إلى الأسواق، والدعم المحلى ودعم الصادرات- ولكنه لا يحفل بالتأثيرات المترتبة على تنفيذها. أما التجارب والخبرات المتعلقة بالتدفقات التجارية فسوف يستعرضها القسم الثالث.

 

2 - 1 النفاذ الى الأسواق

يقوم المنهج المطبق فى استعرإض التجارب الخاصة بالتزامات النفاذ إلى الأسواق على المعيارين التاليين:

ويلخص الجدول 2 البيِانات الخاصة بالتعريِفات الجمركية المربوطة التي أبلغتها البلدان الأربعة عشر إلى منظمة التجارة العالمية، والمعدلات المطبقة في إحدى السنوات التالية لجولة أوروغواي. والأرقام الواردة بالجدول تقريبية في كثيِر من المحالات. ولقد كان من بين الدروس التي أسفرت عنها التحليلات التي أجريت أن هناك صعوبات عملية في حساب متوسطات بسيطة وغير مرجحة للمعدلات المربوطة نظرا لوجود معدلات نوعية ومعدلات مختلطة جنبا إلى جنب. وتزداد هذه الصعوبة بالنسبة للمعدلات المطبقة التي قد تتغير كثيرا حتى خلال السنة الواحدة. ومع ذلك، يمكن استخلاص عدد من الاستنتاجات من المعلومات الواردة بالجدول ومن التجارب المبينة في دراسات الحالة.

أولا، من الواضح أن المعدلات المطبقة تعد، عموما، أعلى من الممعدلات المربوطة. ويبلغ المتوسط البسيط للمعدلات المطبقة في إثني عشر بلدا من البلدان الأربعة عشر 22 في المائة، بينما يِبلغ المتوسط البسيط للمعدلات المربوطة 90 في المائة (2). وهناك عدد من العوامل التي تفسِّر هذه الاختلافات. أولها، أن جميع البلدان مرّت بسلسلة من الإصلاحات في مجال السياسات التجارية قبل الانتهاء من جولة أوروغواي، وبالتالي كانت فد ألغت معظم الحواجز غير التعريفية وخفضت معدلات التعريفة الجمركية المطبقة، مع وضع حد أقصى من جانب واحد في كثير من الحالات. وعلى النقيض من ذلك، فإن المعدلات المربوطة التي تحدد ما حدودها القصوى أثناء جولة أوروغواي كانت أعلى عموما من التعريفات المطبقة، وإن لم تكن كذلك بالنسبة لجميع البلدان. ثانيا، أن المعدلات المطبقة المنخفضة في بعض البلدان كانت ترجع إلى تطبيق التعريفة الجمركية المشتركة في إطار اتحاد جمركي. ثالثا، أن البلدان التي توجد بها نسبة كبيرة من السكان في مستوى الفقر أو بالمقرب منه لم تجد أن من المناسب من الناحية السياسية أن تكون الأسعار الداخلية فيها مرتفعة بسبب التعريفات الجمركية. وعلاوةَ على ذلك، هناك بعض القرائن التي تدل على أن بعض البلدان النامية كانت مضطرة إلى تحديد المعدلات المطبقة في مستوى أدنى بكثير من التعريفات المربوطة المبلغة إلى منظمة التجارة العالمية نظرا لشروط القروض. ومن بين الدروس التى يمكن أن تستخلص من ذلك أنه لن يكون من مصلحة البلدان النامية أن تؤيد أي اقتراح (في جولة المفاوضات المقبلة مثلا) يدعو إلى جعل المعدلات المربوطة في مستوى المعدلات المطبقة حاليا(3 ).

 

الجدول 2: التعريفات المربوطة المبلغة لمنظمة التجارة العالمية والتعريفات المطبقَة على المنتجات الزراعية

 

ثانيا، رغم أن التعريفات المربوطة تعد مرتفعة على العموم، هناك عدد من الأستثناءات. وعلى سبيل المثال، فإن التعريفات المربوطة في مصر (28 في المائة في المتوسط) تعد شديدة الانخفاض عموما مقارنة بمعظم البلدان النامية. وتصل معدلات التعريفات المربوطة في المغرب على 71 في المائة من جميع بنود التعريفة الجمركية على السلع الزراعية الى 34 في المائة (تضاف اٍليها 15 في المائة على شكل رسوم أو ضرائب أخرى). والتعريفة المربوطة في الهند بمعدل الصفر على 11 سلعة، منها الأرز وبعض الحبوب الخشنة واللبن المجفف منزوع الدسم- وكلها من السلع "الحساسة" من زاوية الأمن الغذائي. والتعريفات المربوطة في سري لانكا على جميع المنتجات الزراعية بمعدل 50 في المائهَ (وضع حد أقصى من جانب واحد للتعريفات المطبقة بنسبة 35 في المائة في 1999). ومن بين النتائج التي تترتب على التعريفات المربوطة المنخفضة أنها تساعد على زيادة خفض الالتزامات في الجولة الجديدة إذا بقيت التقلبات في الأسعار في الأسواق العالمية مرتفعة وبقيت القطاعات المنافسة للواردات ضعيفة. وعموما، ليست التعريفات المربوطة على بعض أو المنتجات الزراعية مرتفعة في جميع البلدان النامية- على عكس الآراء السائدة- رغم الخيار الذي كان متاحا لهذه البلدان في جولة أوروغواى بأن تعرض سقوفا ملزمة عموما.

ثالثا، أظهر العديد من الدراسات أنه كان من الصعب على بعض البلدان أن "تتقبل " التعريفات الجمركية العادية فى أبسط صورها بالنسبة لعدد من المنتجات، ولاسيما المنتجات الغذائية الأساسية. وفى أحيان كثيرة، كانت التعريفات الجمركية على هذه المنتجات أعلى من المتوسط وكانت تستكمل بتدابيِر إضافية مثل الرسوم الإضافية وأشكال من سياسات الحزم السعرية. ومن أمثلة ذلك، سياسة الضرائب الإضافية المطبقة في بيرو، والصيغة القائمة على الحد الأدنى للاسعار في تحديد التعريفة الجمركية على الواردات بالمغرب، والرسوم الإضافية في كينيا، ورسوم التمغة الإضافية في جامايكا، والقيود الكمية المفروضة في الهند لاعتبارت تتعلق بميزان المدفوعات. ولقد كان لهذه التدابير ما يبررها وأحدث تنفيذها أثرا طيبا. ففي حالة بيرو لم تكن التعريفة المربوطة فيها بنسبة 30 في المائة (على معظم المنتجات الزراعية) كافية لتحقيق الاستقرار في الأسواق المحلية للسكر، والقمح ومنتجات الألبان، حيث كانت التعريفات المربوطة عليها تتراوح بين 46-54 في المائة (وإن كانت لا تزال في حدود المعدل المربوط بنسبة 68 في المائة على هذه المنتجات). وعموما، توضح دراسات الحالة أن العديد من البلدان يواجه صعوبات خاصة في تقبل التعريفات البسيطة المعتادة وحدها، وخصوصا على المنتجات الغذائية الحساسة، وأن هذه الصعوبات لا يمكن التغاضي عنها ببساطة.

رابعا، أظهرت دراسات الحالة أن التعريفات كثيرا ما كانت الأداة الرئيسية، ما لم تكن الأداة الوحيدة المتاحة أمام هذه البلدان لتحقيق الاستقرار في الأسواق المحلية وحماية مصالح المزارعين في مواجهة التقلبات الحادة في الأسعار العالمية أو حدوث ارتفاع حاد في الواردات. وفي غياب تدابير شبكات الأمان، وعدم القدرة على التمتع بأحكام التدابير الوقائية الخاصة البسيطة التي تنص عليها اتفاقية الزراعة والصعوبات العملية المرتبطة بالاستفادة من التدابير الوقائية العامة التي توفرها منظمة التجارة العالمية، كثيرا ما كانت التعريفات تتغير لمواجهة التقلبات الحادة في أسعار السوق العالمية، وكذلك لمواجهة حدوث تغيرات في أسعار صرف العملات، في بعض الحالات (4). وعلى النقيض من ذلك، يتمتع الكثير من البلدان مرتفعهَ الدخل بخيار الاستفادة من أدوات أخرى غير تعريفية لمواجهة التقلبات السعرية وغيرها من المخاطر، مثل مدفوعات الإغاثة، والقروض المدعومة في حالات الطوارىء وأدوات إدارة المخاطر (5). وأحد الدروس المستفادة من ذلك هو أن التعريفات في البلدان النامية تلعب دورا أوسع بكثير وأهم بكثير مما تلعبه في البلدان المتقدمة نظرا لعدم وجود أدوات تجارية أخرى أو تدابير بديلة لشبكات الأمان- ومن هنا كانت أهمية المعدلات المربوطة.

خامسا، فيما يتعلق بالتدابير الوقائية والتدابير العلاجية كان من حق ثلاثة بلدان فقط من البلدان الأربعة عشر (بوتسوانا، والمغرب وتايلند) التمتع بالتدابير الوقائية الخاصة في مجال الزراعة، في مجموعة محدودة من المنتجات. ولم يكن بوسع أي منها الانتفاع بهذه التدابير الوقائيهَ في 1995-1999، ولذلك لم تكن لديها تجارب تتحدث عنها. ومع ذلك، علقت العديد من دراسات الحالة على التدابير الوقائية الخاصة، مؤكدة "عدم عدالة" النظام التجاري العالمي التي يعطي لبعض الأعضاء الحق في التمتع بالتدابير الوقائية الخاصة وينكرها على البعض الآخر. وأضافت بعض الدراسات أنه مما يضاعف من إجحاف هذا النظام أن البلدان المعنية كانت في الواقع قد حوّلت العوائق غير التعريفية إلى رسوم جمركية، وإن كان ذلك من طرف واحد قبل جولة أوروغواي، ولم تحصل على مقابل لذلك. كذلك أكد الكثير من الدراسات أن التدابير الوقائية العامة التي تنص عليها منظمة التجارة العالمية لم تكن ذات قيمة عملية لأن الحكومات كانت تفتقر إلى القدرات المؤسسية التي تمكتها من تطبيقها. وقد ركزت دراسة الحالة التي أجريت عن جامايكا، بصفة خاصة على ضرورة توافر إجراءات علاجية فعالة استنادا إلى التجارب التي أسفرت عنها العديد من الحالات التي ارتفعت فيها الواردات بشدة مما أدى إلى الإضرار بالقطاعات المحلية (وخصوصا الدواجن، واللحوم، ومنتجات الألبان والأرز). وقد بذلت بعض المحاولات لتطبيق تدابير مكافحة الإغراق ولكن صرف النظر عنها نظرا للافتقار إلى الآليات التشريعية والقدرات المؤسسية اللازمة لتطبيقها. وعموما، هناك حاجة الى آلية مناسبة لتطبيق التدابير الوقائية، ويبدو أيضا أن هذه الآلية تعد ضرورية جدا لعملية تحرير التجارة في المستقبل دون أن تترتب على ذلك أعباء اجتماعية ثقيلة.

سادسا، وأخيرا، فتحت ثلاثة بلدان فقط حصصا للتعريفة الجمركية، ولكن لم تتجمع لديها تجارب كثيرة يمكن الإبلاغ عنها. ففي البرازيل، كانت التعريفة المطبقة على الدولة الأوْلى بالرعاية أقل من التعريفة المطبقة على الحصص، بينما وجِّهت بعض الاستفسارات إلى تايلند في لجنة الزراعة بمنظمة التجارة العالمية بشأن انخفاض معدلات الاستفادة من حصص التعريفة الجمركية وبشاًن طرق إدارة الحصص في بعض الحالات (6). ولقد كان من بين أهداف دراسات الحالة تسجيل التجارب التي مرّت بها البلدان فيما يتعلق بالأستفادة من حصص التعريفة الجمركية التي فتحتها البلدان الأخرى، ولاسيما البلدان النامية. بيد أنه ثبت أن ذلك لم يكن ممكنا لأن الخبراء المكلفين بإجراء الدراسات لم يكن بوسعهم إجراء مقابلات مع التجار الذين كان من الممكن الحصول منهم على المعلومات المتصلة بذلك. ونظرا لأهمية حصص التعريفة الجمركية في النفاذ إلى الأسواق بالنسبة لكثير من المنتجات التي تمنع من النفاذ إلى الأسواق لكونها خارج الحصص، فإن الاستنتاج السادس هو أنه من الضرورى تسجيل وتحليل هذه التجربة- وخصوصا لتحديد البلدان التي استطاعت النفاذ الى حصص التعريفة الجمركية وإلى اى مدى، وما هي العوامل التي ساعدت على ذلك.

 

2 - 2 تدابير الدعم المحلي

استعرضت دراسات الحالة تجارب تنفيذ الالتزامات الخاصة بتدابير الدعم المحلي، استنادا إلى النقاط التالية:

وينبغي أن نتذكر أن هذا التحليل يركز على ما إذا كانت أحكام اتفاقية الزراعة والالتزامات القطرية الخاصة بسياسات الدعم المحلي قد اضطرت البلدان إلى تغيير أو تعديل سياساتها، ولا يركز على ما إذا كانت أشكال الدعم أو الإعانات مرتفعة أو منخفضة من حيث قيمتها المطلقة أو أنها كانت مرغوبة أو غير مرغوبة من وجهة النظر الأقتصادية. ويلخص الجدول 3 المعلومات الخاصة بتدابير الدعم في البلدان الأربعة عشر، وهذه المعلومات بالإضافة الى المعلومات الأخرى المستمدة من دراسات الحالة، تؤدي إلى الأستنتاجات الرئيسية التالية:

أولا، أن خمسة بلدان فقط من البلدان الأربعة عشر قدمت معلومات تفصيلية عن تدابير الدعم، أي عن الإنفاق على تدابير الصندوق الأخضر، ومستويات مقياس الدعم الكلي السلعي وغير السلعي، والنفقات الإنمائية أو النفقات المترتبة على المعاملة الخاصة والتفضيلية. ولم تكن لدى ثلاثة بلدان أخرى من البلدان التسعة المتبقية (بنغلادش، وغيانا وسري لانكا) أي معلومات على الإطلاق عن تدابير الدعم، بخلاف أنها ذكرت في تقاريرها أن جميع أشكال تدابير الدعم التي تطبقها مطابقة للفئات "المستثناة" (الصندوق الأخضر، والمعاملة الخاصة والتفضيلية، ومقياس الدعم الكلي في حدود المستويات المسموح بها). وأشارت ثلاثة بلدان أخرى إلى النفقات التي تندرج فقط ضمن الصندوق الأخضر، بينما أشار بلدان إلى النفقات المتصلة بالمعاملة الخاصة والتفضيلية. وقدمت بيرو معلومات عن الصندوق اللأخضر ومقياس الدعم الكلي غير السلعى.

ثانيا، تعد مستويات مقياس الدعم الكلي في السنوات الأخيرة أدنى بكثير من المستويات التي التزمت بها البلدان أو المسموح بها، ولا تعد "نسب الأستخدام " مرتفعة إلا في حالة تايلند (7). وتوضح الدراسة التي أجريت عن البرازيل بصفة خاصة حدوث انخفاض ملحوظ في مستويات مقياس الدعم الكلي نظرا لإدخال تغييرات جوهرية على السياسات الزراعية في 1915، مقارنة بفترة الأساس التي حددتها اتفاقية الزراعة وهي 9861-9981. وبالنسبة للبلدان الأربعة التي لم تلتزم بخفض مقياس الدعم الكلي (8) (بنغلادش (9) ، والهند، وباكستان وبيرو)، كان مقياس الدعم الكلي السلعي بالسالب بالنسبة للبلدان الثلاثة الأولى (ولا توجد معلومات عن بيرو)، بينما كان مقياس الدعم الكلي غير السلعي موجبا في البلدان الأربعة. ولقد كان مقياس الدعم الكلي غير السلعي مرتفعا بدرجة ملموسة (قياسا على نسبة العشرة في المائة من قيمة الإنتاج) فقط بالنسبة للهند (التي بلغ فيها مقياس الدعم الكلي غير السلعي 7.5 في المائة) وبيرو (5-6 في المائة). ويبدو أن هذا الوضع الذي يجمع بين مقياس الدعم الكلي السلعي السالب ومقياس الدعم الكلي غير السلعي الموجب من السمات العامة في كثير من البلدان النامية (10). وقد شجع ذلك على تقديم اقتراحات في منظمة التجارة العالمية، وفي غيرها من المحافل، تطالب بالربط بين مستويي مقياس الدعم الكلي السلعي وغير السلعي قبل فرض ضوابط عملية الخفض لكي تتعامل قواعد اتفاقية الزراعة مع التشوهات المترتبة على ذلك بنوعيها.

 

 

ثالثا، رغم أن الدراسات لم تكشف عن حالات انتهكت فيها البلدان قواعد والتزامات أتفاقية الزراعة، أسفرت الدراسات عن تحديد العديد من القضايا ذات الأهمية بالنسبة للمستقبل. وقد أثار أعضاء منظمة التجارة العالمية الكثير من هذه القضايا أثناء عملية التحقق التي جرت في لجنة الزراعة التابعة لمنظمة التجارة العالمية. وتتضمن حالتا الهند وباكستان بصفة خاصة مزيدا من التفاصيل. وبإيجاز، تتصل هاتان الحالتان بمراعاة التضخم وانخفاض قيمة العملة لدى حساب مقياس الدعم الكلي الجاري. وتعريف الإنتاج "المستوفى لشروط الدعم " والمزارعين "قليلي الدخل " و "قليلي الموارد". ومعالجة مقياس الدعم الكلي السالب. والالتباس الذي يكتنف المنطق وراء إستخدام الأسعار المرجعية الخارجية الثابتة في حساب مستويات مقياس الدعم الكلي الجاري، وكيفية التعامل مع الأسعار المرجعية لو أن إحدى الدول استطاعت تغيير وضع التجارة فيها أثناء فترة التنفيذ (كأن يكون ذلك بتحولها من مستوردة صافية إلى مصدِرة صافية). وكيفية التعامل بالشكل المناسب مع استرداد قيمة الاستثمارات وتكاليف التشغيل (كما هو الحال في مشروعات الري). ويعكس بعض هذه القضايا غموض التعبيرات والتعاريف المستخدمة في اتفاقية الزراعة، بينما يعكس البعض الآخر الصعوبات الخاصة التي تواجهها البلدان الزراعية ذات الدخل المنخفض. وبالنسبة للبلدان النامية ككل، وكذلك بالنسبة لأعضاء منظمة التجارة العالمية هذا الخصوص، فمن المهم توضيح جوانب الغموض، وإيجاد حلول للمشاكل المتصلة بالتعاريف والصعوبات العملية.

رابعا، رغم عدم وجود مشكلة فى الإمتثال لأحكام والتزامات اتفاقية الزراعة في السنوات الأخيرة، فقد أعرب الكثير من الدراسات عن مخاوف بشأن عدد من القضايا في المستقبل. فهناك بلدان عديدة لا تعرف موقفها على وجه التحديد وكانت السياسات التي تتبعها محل بحث دقيق في لجنة الزراعة (على سبيل المثال لتحديد ما إذا كانت تدابير معينة تندرج ضمن فئة الصندوق الأخضر أو مقياس الدعم الكلي)، ومن الأرجح أن ذلك يعكس نقص المعلومات الواردة في البلاغات. ولا يمكن افتراض استمرار هذا النقص إلى ما لانهاية. وعلاوة على ذلك، فليس من الواضح ما سيحدث في المستقبل، أي إذا تغيرت القواعد والتعاريف والاستثناءات الحالية، أو إذا تغيرت أولويات التنمية والخيارات المتاحة في السياسات القطرية.

وتمثل مصر النموذج الأخير. فقد أظهرت دراسة الحالة أن فشل الحوار القومي حتى الآن في الاتفاق على المستوى المرغوب من الاكتفاء الذاتي من القمح ربما يرجع إلى ضخامة شحنات القمح التي تحصل عليها مصر على شكل معونة غذائية وكذلك إلى دعم الصادرات الذي يحجب القيمة الحقيقية للواردات الغذائية- وهى التي ربما تكون أعلى مما تبدو بكثير. وفي مثل هذه الحالة يكون خفض مستوى الدعم للقمح منطقيا من الناحية الاقتصاية ولكنه لم يعد كذلك. ومن المرجح أن يستأنف الحوار حول هذا الموضوع الآن ليس فقط لارتفاع قيمة الواردات بل وكذلك لعظم أهمية القمح في تحقيق الأمن الغذائي. وتشير التقديرات إلى أن رفع نسبة الاكتفاء الذاتي من القمح في مصر من 48 في المائة في 1994/ 1195 إلى 60 في المائة سيؤدي إلى ارتفاع مقياس الدعم الكلي السلعي إلى ما يتجاوز مستوى الحد الأدنى المسموح به، مما يعد خرقا للالتزامات الجارية. وهناك بلدان أخرى كثيرة يمكن أن تجد نفسها في وضع مماثل. والسؤال المطروح في العديد من دراسات الحالة هو كيف يمكن الاستعداد للمفاوضات المقبلة دون وجود تحليل لاحتياجات الدعم الزراعي المرتقبة عندما تكون أسواق السلع والأسعار النسبية قد تغيرت بشكل جوهري. ويبدو أن البلدان التي يوجد لديها رد على هذا السؤال قليل جدا.

 

2 - 3 قدرة الصادرات على المنافسة

إن معظم البلدان الأربعة عشر التي أجريت عليها الدراسات لها سجل طويل في مجال تنظيم الصادرات عن طريق تحديد الكميات وفرض الضرائب. ومع ذلك، كانت نظم التصدير قد تحررت كثيرا وقت التوقيع على اتفاقية أوروغواي. إذ لم يعد دعم الصادرات، عموما، يمثل مشكلة- فرغم أن بلدا واحدا فقط (البرازيل) كان من حقه دعم صادراته الزراعية فإنه لم يمارس هذا الخيار حتى الآن. والصحيح هو أن معظم البلدان أصبح لديها شعور قوي بأن دعم الصادرات ينبغي حظره تماما، رغم أن بعض الدراسات لم تشِر إلى ذلك صراحة.

والأمر الذي كثرت الإشارة إليه في معظم الدراسات هو أن الحكومات كانت تلجأ أحيانا إلى تنفيذ برامج لتشجيع الصادرات، كأن يكون ذلك عن طريق خفض الضرائب، أو تثبيت أسعار الصرف أو رد الرسوم الجمركية على الصادرات. ورغم أن اتفاقية الزراعة لم تشير إلى هذه الخطط على وجه التخصيص، فقد تناولتها اتفاقية الإعانات وتدابير الرسوم الجمركية المقابلة (الملحق 1: قائمة توضيحية لأشكال دعم الصادرات). وليس من الواضح تماما ما إذا كان من المشروع تقديم إعانات للمنتجات الزراعية (بالرجوع إلى اتفاقية الإعانات) في الوقت الذي تحظر فيه اتفاقية الزراعة جميع أشكال دعم المنتجات الزراعية في البلدان التي تكون التزامات دعم الصادرات فيها بنسبة الصفر. وهذه قضية في حاجة إلى توضيح.

 

2 - 4 بعض التجارب الأخرى

قرار مراكش - تعتبر غالبية البلدان الأربعة عشر التي شملتها الدراسات من البلدان المستوردة الصافية للغذاء، ولذلك فإنها تهتم اهتماما كبيرا بقرار مراكش الخاص بالآثار السلبية الممكنة لبرنامج الإصلاح على البلدان الأقل نموا والبلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء. وكان من رأي الكثير منها أن القرار جزء من عقد شامل (اتفاقيات جولة أوروغواي) يعترف بأن بعض البلدان يمكن أن تعاني أثناء عملة الإصلاح، ولذلك تضمّن القرار أحكاما بشأن المساعدات. ولما كان التقدم الذي تحقق في تنفيذ القرار ضئيل جدا، كان من الواضح أن البلدان لم يكن لديها ما تستطيع أن تعرضه من قبيل التجارب "الإيجابية". وقد أشارت كثير من الدراسات إلى التجارب الخاصة بشحنات المعونة الغذائية، باعتبارها من آليات المساعدات، كنموذج على عدم فعالية القرار. وأكدت هذه الدراسات، بصفة خاصة، على أن شحنات المعونة الغذائية انخفضت إلى مستوى قياسي في فترة ارتفعت فيها أسعار المواد الغذائية (في 1995 و 1996) وسجّلت فيها قيمة الواردات الغذائية ارتفاعا حادا.

اتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقية العوائق الفنية على التجارة - كان من المقرر في الأصل أن تتضمن دراسات الحالة استعراض التجارب التي مرّت بها البلدان في مجال تطبيق هاتين الاتفاقيتين، وأن يتم هذا الاستعراض على أساس مقابلات مع التجار، ولكن ثبت أن ذلك لم يكن ممكنا على الدوام. ورغم أن الصورة التي اتضحت من ذلك غير كاملة، يمكن تلخيصها على النحو التالي. أولا، رئي أن الاتفاقيتين كانتا تمثلان تطورات إيجابية بالنسبة لحمالِة مصالح واهتمامات البلدان الصغيرة وعدم تعرضها للكثير من الإجراءات العقابية. ثانيا، كانت المشكلة الرئيسية هي وجود فجوة كبيرة بين البلدان النامية والبلدان المتقدمة في قدرتها على التقيد بالمعايير الدولية، وهي فجوة لا يمكن تضييقها في المدى القصير، لأن ذلك يتطلب الكثير من الاستثمارات. وستظل هذه الحالة تحد من صادراتها. ثالثا، أعطت البلدان التقليدية المصدرة للمنتجات الزراعية (مثل البرازيل وتايلند من بين البلدان الأربعهَ عشر) أهمية أكبر لهاتين الاتفاقيتين، لأسباب واضحة. رابعا، تضمنت دراسات الحالة أمثلة عديدة على التجارب الإيجابية والسلبية، وخصوصا الدراسات الخاصة بالبرازيل، ومصر، وجمايكا، وباكستان وتايلند. خامسا، كان من بين المشاكل التي واجهت هذه البلدان عدم الأعتراف المتبادل بنتائج وفوائد التفتيش (حيث كثيرا ما كانت البلدان المستوردة الكبيرة تطالب ب "التماثل" وليس "التكافؤ" فى عمليات التفتيش)، فضلا عن "التحرشات التجارية"، وهي مجالات لا تتضمن الاتفاقيات خطوطا توجيهية واضحة بشأنها. وأخيرا، انتقدت جميع الدراسات عدم تنفيذ المساعدات الفنية والمالية الموعودة.

 

ثالثا- التجارب المتصلة بتجارة المنتجات الغذائية والزراعلِة منذ عام 1995

هناك اهتمام كبير بالمعلومات الخاصة بتأثيرِ جولة أوروغواي بصفة عامة وتأثير اتفاقية الزراعة بصفة خاصة، على تجارة المنتجات الغذائية والزراعية. ومن الواضح أن هذا التحليل لابد أن يكون جزءا من أي تقييم للتجارب الخاصة بتنفيذ اتفاقية الزراعة وتأثير برنامج الإصلاح على التجارة العالمية في المنتجات الزراعية. ومع ذلك، فقد كان من الواضح منذ البداية أنه سيكون من الصعب كثيرا إرجاع تدفقات تجارية معينة إلى تنفيذ الاتفاقيات أي عزل تاثير جولة أوروغواي عن كثير من التطورات الأخرى التي حدثت في تلك الأثناء. ولذلك، فمن المهم أخذ هذا الجانب في الاعتبار لدى استعراض النتائج الواردة في الدراسات.

ونظرا للتعقيدات المرتبطة بتفسير التدفقات التجارية، أخذت عملية الاستعراض بمنهج بسيط- وهو المقارنة بين متوسط قيمة تجارة المنتجات الغذائية والزراعية خلال الفترة 1995-1998 والفترة 1990-1994، لمعرفة ما إذا كان قد حدث أو لم يحدث نمو في التجارة (11). وقد استعرضت جميع دراسات الحالة هذه التجارب بالتفصيل، مع التركيز على خمسهَ أو ستة من المنتجات الرئيسية التي تدخل ضمن الصادرات والواردات، ثم تحديد مصدر التغيير من حيث الكميات وتأثر الأسعار. وقد حاولت بعض الدراسات ربط التغيير الملحوظ في التدفقات التجارية بعوامل معينة مثل النفاذ إلى الأسواق التفضيلية، والتغيير في التعريفات الجمركية، وتدابير الصحة والصحهَ النباتية، والنمو في الإنئاجية المحلية.

وفيما يلي تلخيص النتائج الرئيسية استنادا إلى ثلاثة مؤشرات، هي: مجموع الصادرات الزراعية، ومجموع الواردات الزراعية. ونسبة الواردات الغذائية إلى الصادرات الزراعية. وتتضمن الدراسات، كل على حدة، مزيدا من التفاصيل.

 

3 - 1 الصادرات الزراعية (12)

يوضح الجدول 4 أن قيمة الصادرات الزراعية ف ي 1995 -1998 كانت أعلى مما كانت في 1990-1994 بالنسبة لاثني عشر بلدا من البلدان الأربعة عشر، وأن الفارق كان يتراوح بين 14 و 91 في المائة. وبالنسبة لخمسة من البلدان (بيرو، والهند، وسري لانكا، والبرازيل وغيانا)، ارتفعت الصادرات بنسبة 50 في المائة أو أكثر. وبالنسبة للبلدين الذين لم يشهدا ارتفاعا في الصادرات الزراعية، بقيت الصادرات الزراعية على مستواهما في بنغلادش، بينما انفردت السنغال بأنها شهدت انخفاضا في صادراتها (بنسبة 32 في المائة).

وفي هذا السياق المتصل بتحليل النفاذ إلى الأسواق، كان من الممكن أن تكون المعلومات الخاصة بحجم التدفقات التجارية كاشفة أكثر من المعلومات الخاصة بالقيمة، ولكن هذه المعلومات الأخيرة لم تكن متاحة. ومع ذلك فقد كان من الممكن استقراء التدفقات الخاصة بحجم الصادرات لما لا يقل عن 80 في المائة من جميع المنتجات الزراعية (72 فى المائة بالنسبة لتايلند) (13). وتشير هذه المعلومات إلى أن زيادة التجارة من حيث الحجم كانت أقل من زيادتها من حيث القيمة في ثمانية بلدان (الجدول 4)، وكان ذلك عموما نتيجة لأن الأسعار العالمية لكثير من السلع الزراعية كانت أعلى في الفترة 1995-1998 مما كانت عليه في الفترة 1990-1994 (14). وبالنسبة لثمانية بلدان (بوتسوانا، والبرازيل، وجامايكا، والمغرب، وبيرو، والسنغال، وسري لانكا، وتايلند) كانت الصادرات من حيث الكمية أدنى بما يتراوح بين 14-58 في المائة مما هي من حيث القيمة. وكانت تجربة بنغلادش على العكس من ذلك- فقد كانت الزيادة في الكميات أعلى من الزيادة في القيمة لسبب رئيسي هو أن أسعار الجوت في السوق العالمية انخفضت بشدة بينما ارتفعت كمية الصادرات. وفي الوقت الذي انخفضت فيه حجم الصادرات في النصف الثاني من الفترة بالنسبة لتايلند (وإن كان ذلك قد صاحبه ارتفاع في القيمة) والسنغال (مع انخفاض في القيمة أيضا)، لم يطرأ تغيير على حجم الصادرات في المغرب وإن كانت حصيلتها قد ارتفعت بنسبة 37 في المائة نظرا لإرتفاع الأسعار. وتتضمن الدراسات، كل على حدة، مزيدا من التفاصيل عن هذه التغيرات.

 

 

وقد حاولت العديد من الدراسات تفسير التغيير في التدفقات التجاريهَ على مستوى السلع كل على حدة. وعلى سبيل المثال، فإن النمو السريع في صادرات البرازيل الزراعيهَ (مثل فول الصويا ومنتجاته والسكر والدواجن) في السنوات الأخيرة يعزى في جانب كبير منه إلى الزيادة الملحوظة والمتصلة في غلة المحاصيل الزراعية، أي إلى الميزة التنافسية التي اكتسبتها البرازيل نتيجة للزيادة في الإنتاجية. ولقد كان أداء الصادرات فيما يتعلق بالدواجن ملحوظا بصفة خاصة (حيث بلغت الزيادة في كمية الصادرات 26 في المائة) رغم أن شروط النفاذ إلى الأسواق في جميع الأسواق الرئيسية لم تتغير كثيرا في جولة أوروغواي. وعلى النقيض من ذلك، فلابد من تفسير الأسباب التي جعلت أداء الصادرات بالنسبة لزيت فول الصويا أعلى كثيرا من الزيادة في صادرات فول الصويا ومسحوق فول الصويا، رغم أن الزيوت تواجه تعريفات جمركية أعلى في جميع الأسواق الرئيسية. بيد أن تحليل الصادرات من حيث جهة الوصول يكشف عن مزيد من الرؤى العميقة: فعلى سبيل المثال ازدادت الصادرات إلى اللأسواق التي تحسنت شروط النفاذ إليها نتيجة لاتفاقية الزراعة؟ وفي حالة البرازيل، كان لابد أن تتسع التجارة كثيرا في داخل السوق المشتركة بين بلدان أمريكا الجنوبية، وهو أمر لا علاقة له بالتغيرات التي طرأت على شروط النفاذ إلى الأسواق نتيجة لاتفاقية الزراعة. ومن اللازم إجراء تحليل دقيق لتأثير اتفاقية الزراعة على التدفقات التجارية وهو أمر أعقد بكثير مما هو مفترض عادة.

وقد جاء في الدراسة الخاصة بسري لانكا أن الجانب الأكبر من النمو في الصادرات في الفترة 1995-1998 لا يمكن ان يعزى إلى اتفاقية الزراعة لسببين: أولهما، أن معظم الصادرات كان من المنتجات التقليدية (مثل الشاي، وجوز الهند والمطاط)، التي كانت المشاكل التي تواجهها من حيث النفاذ إلى الأسواق أقل حتى قبل جولة أوروغواي. ثانيا، أن الجهات التي كانت تصل إليها جميع المنتجات الأخرى التي شهدت صادراتها نموا أكبر كانت تقع في منطقة الخليج الفارسي، التي لا تضم إلا عددا قليلا من أعضاء منظمة التجارة العالمية. وعلى الرغم من ذلك، يمكن أن يكون جانب من النمو فى الصادرات نتيجة للتغير في شروط النفاذ إلى الاسواق في اتفاقية الزراعة، كما هو الحال بالنسبة لزيت السمسم الذي ارتفعت صادراته إلى اليابان بعد خفض التعريفة الجمركية على الواردات. كذلك كانت التجربة إيجابية في حالة الأزهار، والفواكه والخضر الموسمية والطازجة.

وقد جاء في كثير من الدراسات أن الفواكه والخضر تعد من المنتجات غير التقليدية الرئيسية التي تعد إمكانيات التصدير امامها طيبة. وفي بعض الحالات، تحدثت التقارير عن تأثيرات إيجابية، وإن كانت طفيفة، كما حدث في بنغلادش، وغيانا، وباكستان، وجامايكا. وتتضمن الدراسة الخاصة بمصر والدراسة الخاصة بالمغرب تحليلا لشروط نفاذ الفواكه والخضر إلى أسواق المجموعة الوروبية كما أنهما تستعرضان خيارات التفاوض البديلة بشيء من التفصيل.

ولقد كان من الممكن أن توفر المعلومات الخاصة بالصادرات التي تخضع لحصص التعريفة الجمركية علاقة مباشرة بين التدفقات التجارية الملحوظة واتفاقية الزراعة. وللأسف ليس من السهل الحصول على المعلومات التي توضح الشروط التي تمكنت البلدان على أساسها من الحصول على حصص التعريفة الجمركية في الفترة 1995-1998. كذلك تحدثت تقارير كثيرة عن انتشار حالة من اللبس في الدوائر التجارية فيما يتعلق بتخصيص حصص التعريفة الجمركية، وطرق الحصول عليها وإدارتها.

 

3 - 2 الواردات الغذائية (15)

يوضح الجدول 5 أن قيمة الواردات الغذائية في الفترة 1995-1998 تجاوزت مستواها في الفترة 1990-1994 في جميع البلدان الأربعة عشر، وأن الزيادة كانت تتراوح بين 30 في المائة في السنغال و168 في المائة في الهند. وكانت الزيادة في قيمة الواردات الغذائية أعلى مما كانت في قيمة الصادرات الزراعية. فقد ازدادت قيمة الواردات الغذائية بأكثر من الضعف في بلدين (الهند والبرازيل) وبنسبة تتراوح بين50-100 في المائة في خمسة بلدان أخرى (بنغلادش، والمغرب، وباكستان، وبيرو، وتايلند). وتضمن العديد من دراسات الحالة توزيعا لمفردات الزيادة في قيمة الواردات الغذائية بحسب السلع، مع التميز بين التغيرات التي طرأت على الكميات وتلك التي طرأت على الأسعار.

وخلال السنوات العشر السابقة على 1994، كان الاتجاه في قيمة الواردات الغذائية في هبوط بالنسبة لثلاثة بلدان فقط من البلدان الأربعة عشر (بنغلادش، ومصر والهند). وعلى النقيض من ذلك، كانت التجربة بالسالب في الفترة 1995-1998، حيث ارتفعت قيمة الواردات الغذائية بما بين 56 و 216 في المائة. وفيما بين البلدان الأحد عشر الأخرى، تجاوزت قيمة الواردات في الفترة 1995-1998 الاتجاه السائد بنسب ضئيلة (أقل من 10 في المائة) في أربع حالات (بوتسوانا، وغيانا، وكينيا، والسنغال)، بينما حدثت زيادة ملحوظة في بقية البلدان قياسا على ما كان من الممكن حدوثه لو ان الاتجاه الإيجابي الذي ساد في السنوات العشر السابقة استمر حتى 1998.

وكما هو الحال بالنسبة لحصيلة الصادرات، يتضمن العديد من دراسات الحالة بعض التفسيرات للزيادة في قيمة الواردات الغذائية في الفترة 1995-1998. وعلى سبيل المثال، ازدادت قيمة واردات بوتسوانا من الحبوب بنسبة 53 في المائة وكان ذلك يرجع إلى الزيادة في الأسعار أكثر مما يرجع إلى الزيادة في الكميات، بينما كانت الزيادة بنسبة 35 في المائة في منتجات الألبان ترجع إلى الزيادة في الأسعار وفي الكميات، على السواء. وبالمثل، كانت الزيادة في قيمة واردات جامايكا من الحبوب بنسبة 37 في المائة ترجع كلها تقريبا إلى الزيادة في الأسعار، بينما كانت الزيادة في قيمة الواردات من اللحوم ترجع أساسا إلى الزيادة في كمية الواردات

 

 

و أشار العديد من الدراسات إلى حدوث زيادات حادة في واردات منتجات معينة، و خصوصا منتجات الألبان (وعلى رأسها اللبن المجفف) و اللحوم (و خصوصا لحوم الأبقار من الأجزاء ذات انوعية المنخفضة). وفي بعض المناطق، وخصوصا منطقة الكاريبي، تحدثت التقارير أيضا عن مواجهة المنتجات المنافسة للواردات لصعوبات من جراء التوسع في الاستيراد. ففي غيانا، على سبيل المثال، شهدت السنوات الأخيرة زيادة حادة في الواردات من المواد الغذائية التي كان يتم إنتاجها في الثمانينات في ظل نظام الاستيراد القائم على الحماية. وفي حالات عديدة، أدت الزيادة الكبيرة في الواردات إلى الإضرار بالإنتاج المحلي. وعلى سبيل المثال، أصبحت عصائر الفواكه التي يتم استيرادها من أماكن بعيدة مثل فرنسا و تايلند تحل محل جانب كبير من المنتجات المحلية. وأوضح منتجو وتجار أصناف الفول أن التوسعفي الإستيراد أدى إلى انخفاض الإنتاج المحلي من الأصناف التي أمكن استنباطها و نشر زراعتها في غيانا في الثمانينات. وينطبق نفس الشيء على أصناف الكرنب و الجزر المحلية. والخوف الذي أعربت عنه الدراسات هو أنه بدون توافر حماية مناسبة للأسواق المحلية، على أن تصاحبها برامج للتنمية، فسوف تؤدي المنتجات المستوردة إلى زحزحة الكثير من المنتجات المحلية الأخرى من الأسواق أو إلى الإضرار الشديد بها، مما سيؤدي إلى حدوث تحول في الأنماط الغذائية المحلية والى زيادة الاعتماد على الأغذية المستوردة.

وتتضمن إحدى الدراسات السابقة بعض الأفكار المفيدة بشأن العوامل التي ساعدت على ارتفاع قيمة الواردات الغذائية منذ 1994 في البلدان الأقل نموا والبلدان النامية المستوردة الصافية للغذاء في مجموعها (16). وقد أوضحت هذه الدراسة أ ن الزيادة في مجموع قيمة الواردات من الحبوب في هذه البلدان كانت ترجع في جانب منها إلى الزيادة في الكميات المستوردة (حيث ارتفعت الكميات بنسبة 23 في المائة تقريبا) وفي جانب آخر اٍلى الزيادة في الأسعار الاسمية العالمية (بنسبة 18 في المائة تقريبا)، بينما ترجع نسبة 60 فى المائة من الزيادة تقريبا إلى تغير الشروط المالية للاستيراد، مما يعكس تأثير الخفض الحاد في المعونة الغذائية واختفاء المبيعات المدعومة. وهكذا، تكشف هذه الدراسة أن قيمة واردات هذه البلدان من الحبوب في الوقت الحاضر أعلى بكثير مما كانت عليه قبل 1995.

 

3 - 3 نسبة الواردات الغذائية الى الصادرات الزراعية

والآن، ماذا يمكن أن يقال عن حصيلة تجربة تجارة المنتجات الزراعية في البلدان التي كانت محل الدراسة؟ من المفيد، للرد على هذا السؤال، استعراض اتجاه نسبة مجموع الواردات الغذائية إلى مجموع الصادرات الزراعية نظرا لحدوث زيادة أثناء تلك الفترة في حركة المنتجات الواردة والصادرة في معظم البلدان. فحدوث زيادة في النسبة يعني أن التجربة كانت بالسالب (أي أن قيمة الواردات الغذائية ارتفعت بمعدل أسرع من ارتفاع حصيلة الصادرات الزراعية) (17). ويوضح الجدول 6 أن النسبة كانت أعلى في الفترة 1995-1998 عما كانت في الفترة 1990-1994 في أحد عشر بلدا من بين البلدان الأربعة عشر (18). وكانت أسوا التجارب هي تجربة السنغال (حيث ارتفعت النسبة بين قيمة الواردات الغذائية وحصيلة وحصيلة الصادرات الزراعية بنسبة 86 في المائة، وتجربة بنغلادش (80 في المائة) و الهند (49 في المائة)، بل إن البلدان الرئيسية المصدرة للمنتجات الزراعية، مثل تايلند والبرازيل، تفاقمت النسبة في غير صالحها. وكانت البلدان الثلاثة التي انخفضت هذه النسبة فيها هي غيانا (9 في المائة)، وسري لانكا (13 في المائة) وبيرو (22 في المائة). ومع ذلك، كانت النسبة في بيرو هي أعلى نسبة بين البلدان الأربعة عشر في الفترة1995-1998.

 

الجدول 6: نسبة مجموع قيمة الواردات الغذائية إلى مجموع قيمة الصادرات الزراعية

(1) تدل العلامتان + و- على الاتجاه الخطي في الفترة 1985-1994. وتدل علامة + على الواردات الغذائية ارتفعت بمعدل أسرع من الصادرات الزراعية.

المصدر: محسوبة من واقع البيانات المسجلة بقاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذيه والزراعة.

 

وكان اتجاه النسبة في تصاعد خلال السنوات العشر 1985-1995 ، مما يدل على أن الواردات الغذائية كانت تتفوق الصادرات الزراعية في اثني عشر بلدا من بين البلدان الأربعة عشر (باستثناء الهند وجامايكا). ومقارنة بالاتجاه السابق، يمكن ملاحظة نوعين من التجارب. أولاهما أن الهند وجامايكا شهدتا تغيرا في اتجاه النسبة بعد عام 1994- من قيمة سالبة إلى قيمة موجبة بدرجة حادة، ومن الواضح أن هذه النتيجة بالسالب. ثانيا، تفاقم وضع كل من بنغلادش والسنغال بدرجة كبيرة قياسا على الاتجاه السابق، حيث أنهما شهدتا أكبر قدر من الزيادة قياسا على1990-1994.

ورغم أن هذه الدراسات لم تحلل تأثير اتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقية العوائق الفنية على التجارة، كان من بين الخصائص التي نوقشت عدم وجود تماثل في التجارة بين البلدان مرتفعة الدخل والبلدان منخفضة الدخل نظرا لوجود فجوة واسعة بين مستوى المجموعتين. ففي حين يمكن أن يؤدىِ تحرير التجارة من جانب البلدان منخفضة الدخل إلى زيادة فورية تقريبا في وارداتها من المنتجات الزراعية (وعلى رأسها الواردات الغذائية)- حيث أنه من غير المحتمل أن ترفض البلدان منخفضة الدخل منتجات البلدان مرتفعة الدخل لأسباب فنية- فإن العكس صحيح. وهذه من السمات المهمة التي تستحق دراسة عميقة.

وختاما، فرغم أن دراسات الحالة تضمنت معلومات عن اتجاهات حصيلة الصادرات الزراعية وقيمة الواردات الغذائية وحددت بعض العوامل التي تقف وراء ذلك، فإنها لم تستطع أن تربط بدقة بين التغيرات التي لوحظت نتيجة للعوامل المرتبطة بجولة أوروغواي نظرا للصعوبات التحليلية التي سبقت الإشارة إليها، ولأن المسح لم يشمل الحصول على معلومات من التجار. ومن الواضح أن من الحزم إجراء مزيد من التحليلات التفصيلية حتى يمكن التوصل إلى فهم أفضل لتأثير اتفاقية الزراعة على تجارة المنتجات الزراعية.

وعلاوة على ذلك، ففي الوقت الذيِ تعد فيه العلاقة بين تحسن شروط النفاذ إلى الأسواق ونمو الصادرات واضحة نسبيا، فإن العلاقة بين برنامج الإصلاح وارتفاع قيمة الواردات الغذائية أقل وضوحا. وبطبيعة الحال، تتأتى التغيرات في قيمة الواردات الغذائية نتيجة لتغير الكميات المستوردة و/أو تغير قيمة وحدة الواردات (أي الأسعار)، وينبغي أن يؤخذ هذان النوعان من التغيرات في الاعتبار لدى محاولة تفسير سلوك قيم الواردات. ومن المحتمل أن تؤدي التغيرات التي طرأت على السياسات نتيجة لاتفافية الزراعة وخصوصا الالتزامات الخاصة بخفض دعم الصادرات والدعم المحلي، إلى زيادة الأسعار في الأسواق العالمية و/أو إلى زيادة قيمة وحدة الواردات بالنسبة لبلدان معينة. وعلاوة على ذلك، فمن المتوقع أيضا أن تؤثر التزامات تحرير التجارة من جانب البلدان المستوردة للمواد الغذائية على حجم الواردات الغذائية. وهكذا، فمن الضروري جدا دراسة هذه الروابط بنوعيها، أي التأثيرات التي تحدث نتيجة للتغير في الأسواق العالمية والتأثيرات التي تحدث نتيجة لتحرير التجارة الداخلية، حتى يمكن الخروج بفهم أفضل لتأثير برنامج الإصلاح الذي تنص عليه اتفاقية الزراعة على الأمن الغذائي في البلدان النامية.

 

رابعا- التأثير على الزراعة والأمن الغذائي

رغم انقضاء فترة كافية من الوقت منذ الانتهاء من جولةأوروغواي تسمح بتقييم تأثير الاتفاقيات على الزراعة والأمن الغذائي فى المدى الطويل، فإن العديد من دراسات الحالة تطرقت لهذه الاهتمامات الواسعة اعتمادا على التجارب المتصلة بعملية تحرير التجارة الجارية حاليا (كما حدث بموجب برامج التكيف الهيكلي). و تشير تأثيرات عملية الإصلاح التي تمت بموجب اتفاقية الزراعة إلى نفس الاتجاه الذي تشير إليه الإصلاحات السابقة، وتوفر التجارب والخبرات المكتسبة حتى الآن أساسا مفيدا لمواجهة التحديات التي ستظهر في المستقبل.

ومن الملاحظات التي تشترك فيها العديد من دراسات الحالة أن هناك اتجاها عاما نحو تجميع المزارع لأن الضغوط التنافسية بدأت تتزايد بعد تحرير التجارة. ورغم أن هذا الاتجاه أدى عموما إلى زيادة الإنتاجية وزيادة القدرة على المنافسة، فإنه أدى أيضا إلى فقدان عمال المزارع لفرص العمل وإلى تهميشهم، مما يخلق صعابا تكتنف بصفة خاصة صغار المزارعين والفئات التي تعانى من انعدام الأمن الغذائي، في أوضاع لا يوجد فيها الكثير من شبكات الأمان. وفي البرازيل، على سبيل المثال، طرأ تحول شديد على القطاع الزراعي نتيجة لعملية الإصلاح. ففي قطاع منتجات الألبان، تزايد حجم المزارع الإنتاجية، وتحسنت القطعان، وبدأت إقامة معامل كبيرة لتصنيع الألبان لتحل محل الجمعيات التعاونية التقليدية. كذلك في القطاع الفرعي لإنتاج الذرة وفول الصويا، تم تجميع المزارع، ورغم اتساع المساحات المزروعة وزيادة الإنتاجية فإن الكثيرين من صغار المزارعين يتعرضون للتهميش. وقد تعرضت بعض القطاعات الفرعية الأخرى للانكماش نظرا للضغوط التنافسية، ومنها القمح، والأرز والقطن. وقد قيل إن الحل لا يكمن في التراجع عن عملية التحول بل في إنشاء مؤسسات جديدة. وعلى سبيل المثال ، فإن تعزيز القدرة على تطبيق تدابير مكافحة الإغراق يمكن أن يخفف من هذه الصعوبات. كذلك، فمن المطلوب إنشاء مؤسسات ائتمانية جديدة لاسيما المؤسسات التي تقدم التسهيلات الائتمانية لصغار المزارعين. كما أشارت الدراسة إلى ضرورة وضع قانون تعاقدي لضمان مصالح صغار المزارعين، بعد أن اتجهت الشركات الكبيرة إلى القطاع الزراعي.

وفى سري لانكا، أدت الإصلاحات التى أدخلت على السياسات وما صاحبها من زيادة في الواردات الغذائية إلى إحداث ضغوط على بعض القطاعات المحلية مما أثر على العمالة الريفية. وقد استشهدت الدراسة بمثال تعرض فيه نحو 300000 شخص من المشتغلين بإنتاج وتسويق البصل والبطاطس للضرر بعد تخفيض التعريفات الجمركية، مما أدى إلى حدوث طفرة في واردات البصل والبطاطس، لاسيما أن إمكانيات التنويع بالنسبة لهذا النوع من المحاصيل تعد محدودة.

وأشارت دراسة الحالة التي أجريت عن الهند إلى أن نسبة الفقر لم تنخفض رغم النمو الأقتصادي السريع الذي شهدته الهند منذ 1991، عندما شرعت في تنفيذ برنامج لتحرير التجارة، بينما كان مستوى الفقر قد انخفض في الثمانينات. وكان من التعليلات التي طرحت لتفسير ذلك أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت بأسرع من ارتفاع اسعار المواد الاستهلاكية الأخرى بعد 1991، وأنه رئي بعد ذلك أن من الضروري تثبيت الأسعار لحماية الفقراء أثناء الفترة الأنتقالية. وفى هذا السياق، خلصت الدراسة إلى أن السياسات التجارية وسياسات الاحتفاظ بالمخزونات تعد من العناصر الرئيسية في سياسات الأمن الغذائي الفعالة، واستعرضت بعض المشكلات التي نجمت عن سياسات الاحتفاظ بالمخزونات في إطار القواعد الحالية لاتفاقية الزراعة.

وتشير دراسات الحالة الأربع عشرة وغيرها من الدراسات الأخرى (19) إلى ضرورة توخي الحذر عند تحرير التجارة إذا كانت الحكومة تحرص على التقليل من الأعباء الاجتماعية. وإذا كانت هذه الأعباء تمس شريحة كبيرة من السكان، كما يحدث في كثير من البلدان الزراعية منخفضة الدخل، يصبح من غير العملي تطبيق الحل التقليدي القائم على توزيع المغانم بين الغانمين والخاسرين على المستوى القطري. ونتيجة لذلك، يجد واضعو السياسات في البلدان النامية- ومعظمهم مقتنعون بضرورة توجيه الأسواق وتحرير التجارة- أنفسهم أمام معضلة تحديد الخطى الملائمة لتحرير التجارة. وليس هناك حل سهل لأن المشكلة الرئيسية التي يواجهونها هي الافتقار إلى القدرة الكافية على المنافسة، سواء في الأسواق الداخلية أو أسواق التصدير. ولا يمكن تعزيز القدرة على المنافسة بين عشية وضحاها، فضلا عن أن ذلك يتطلب زيادة الاستثمارات في مجالاث التكنولوجيا ومرافق البيئة الأساسية. ولذلك، ينبغي، في التحليل النهائي، الربط بشكل ما بين خطى تحرير التجارة وقدرة الأطراف الاقتصادية الرئيسية في القطاع الزراعي على توفيق أوضاعها مع الظروف الجديدة وزيادة قدرتها على المنافسة.

 

1- قام بإعداد دراسات الحالة خبراء وطنيون، وشملت هذه الدراسـات كلا من: بنغلادش، وبوتسوانا، والبرازيل، ومصر، وغيانا، والهند، و جامايكا، وكينيا، والمغرب، وباكستان، وبيرو، والسنغال، و سري لانكا، وتايلند.

2- هذه الأرقام تقريبية وتدل فقط على ترتيِب تقريِبي لأوزان القيم الحقيقية. وبالنسبة لغيانا وجامايكا، أفترض أن متوسط التعريفة المطبقهَ هو 40 في المائَة وهو معدل التعريفة الخارجية المشتركة المطبقة في السوق المشتركة لدول الكاريِبي. وربما يكون المتوسط الفعلي ادنى كثيِرا من ذلك.

3- من المعروف أن بعض البلدان النامية قد اتخذت هذا الموقف في جولة اوروغواي بسبب الشروط المقيدة للقروض، وبذلك وضعت نفسها في موقف سيىء.

4- أنظر، على سبيل المثال، وثيقة: "استعراض اسعار الحبوب فى بلدان نامية مختارة في 1995-1996 وتدابيِر السياسات التي اتخذت لتعويض الارتفاع في الأسعار"، (الوثيقة .(ESCP Document No 1, FAO, 1996 وتوضح هذه الوثيقة أن السياسات التجارية استجابت في 1995 و 1996 عندما ارتفعت اسعار المواد الغذائية الأساسيهَ بشدة في الأسواق العالمية. ويمكن الاطلاع على معلومات مماثلة فى النشرة السنوية التي تصدرها المظمة بعنوان، "استعراض سياسات الحبوب".

5- لا تتناقض النقطة الموضحة في الفقرة السابقة، بشأن بعض التدابير الإضافية التي اتخذتها العديد من البلدان التي شملتها الدراسات، مع هذا الأستنتاج لأن هذه التدابير كانت تقوم ايضا على التعريفات.

6- رغم لأن دراسات الحالة لم تحمل كثيرا بحصص التعريفة الجمركية، نطرا لعدم وجودها في معظم البلدان، كان هذا الموضوع من بين الموضوعات المهمة التي استرعت كثيرا من الاهتمام في لجنة الزراعة بمنظمة التجارة العالمية في السنتين الأولين (أي 1995 و 1996 )، وكذلك في عملية تحليل وتبادل المعلومات .

7- تَوضح الدراسة التي اجريت عن المغ حاله مييرة للاهتمام فيما يتعلق بلتقلبات السنوية لمحادة في مقياس الدعم الكلي نتيجة للتقلبات في الإنتاح من جراء الظروف الجوية. ولم يتِسبب ذلك في حدوث مشكلة حتى الآن نظرا لارتماع مستوى المرونة، ولكن المشكلة يمكن أن تحدث إذا اقترب متوسط مقياس الدعم الكلى من الحد الاقصى المسموح به. وربما كان من القضايا الجديرة بلدراسة كيص يمكن التعامل مع التقلبات التي تطرأ على الإنتاج مع التقيد بمقياس الدعم الكلي.

8- لم تكن هناك التزامات بالخفض لأن مقياس الدعم الكلي كان في حدود الحد الأدنى المسموح به.

9- بيانات مقياس الدعم الكلي في بنغلادش غير رسمية وقد وردت في دراسة أجرتها إحدى مؤسسات البحوث الوطنية كجزء من مشروع قامت بتمويله منظمة الأغذية والزراعة.

ْ10- هذا ما أظهرته الدراسات التي أجريت في إطار برنامج المعونة الفنية التابع للمنظمة في 1995 و 1996 ، في كل من السودان، وسورية واليمن، على سبيل المثال (وجميعها ليست أعضاء في منظة التجارة العالمية).

11- كذلك أجريت مقانة بين متوسط القيمة الفعلية للتجارة في 1995-1998 ومتوسط القيمة المتوقعة لنفس المدة استنادا إلى الاتجاه الخطي للبيانات الخاصة بالسنوات العشر 1985-1994. وعلى افتراض أن القيم المتوقعة للفترة 1995-1998 توضح مستوى التجارة الذيِ كان من الممكن أن يسود لو أن الإتجاه الخطي خلال السنوات العشر استمر الى ما بعد 1994، تكشف هذه المقارنة عن حدوث تحول عن الأوضاع السابقة. بيد أن المشكلة الرئيسية في هذا المنهج هي التسليم بأن هذه القيم المتوقعة تمثل التصور المقابل الملائم.

12- جميع البيانات الخاصة بالتجارة مستمدة من قاعدة البيانات الإحصائية ( FAOSTAT ) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة، وبالتالي فهي لا تشمل المنتجات السمكية والحرجةَ.

13- قاعدة البيانات الإحصائية التي تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة لا تتضمن بيانات عن كميات المنتجات الزراعية ككل، ولكنها تتضمن بيانات عن معظم المجموعات السلعية، ويمكن من واقع هذه البيانات حساب التغيرات التي طرأت على الكميات والأسعار.

14- كان الرقم الدليلي المركب للاسعار العالمية الذي وضعته منظمة الأعذية والزراعة للسلع الأولية الرئيسية (1990=100) هو 97 للفترة 1990-1994 و 112 للفترة 1995-1998. وكان الرقم الدليلي الفرعي للمنتجات المدارية الرئيسية (مثل المشروبات، والمواد الخام، والموز) هو 100 في الفترة 1990-1994 و 131 في الفترة 1995-1998. وبقدر ما يعكس هيكل تجارة السلع في بلد معين الرقم الدليلي الذي وضعته المنظمة، يكون نمو التجارة فيها من حيث الحجم اقل بمقدار الزيادة في دليل الأسعار.

15- جميع البيانات الخاصة بالتجارة مستمدة من قاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التى تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة. والأغذية لا تَشمل المنتجات السمكية.

16- أنظر:

P.Konandreas and R. Sharma, The Net Food-Importing Developing Countries: Role and Perspectives, Chapter 16 in S. Bilal and P. Pezaros (eds.) Agriculture Trade and the Millenium WTO Round,European Institute of Public Administration and Kluwer Law International, London

17- تستخدم هذه النسبة في تلخيص العلاقة بيِن المتَغبرين اللذين نوقشا كثيرا في سياق الحديِث عن اتفاقية الرراعهَ. وليس المقصود منها تَوضيحق فدرة البلد على استيراد المواد الغذائية، فهذه تَوضحها النسبهَ بين الواردات الغذائيهَ ومجموع الصادرات، بما في ذلك الجدمات.

18- على سببل المثال، توضح النسبة في بنغلادش، وهي 12. 4، ان قَيمهَ الواردات الغذائيِة تجاوزت أربعهَ أضعاف حصيلهَ الصادرات الزراعية. بينما توضح النسبة في البرازيل، وهي 24. 0، أن قيمة الواردات الغذائيهَ كانت أقل من حصيلِة الصادرات الزراعية بنسبة 76 في المائهَ.

19- أنطر، على سبيل المثال:

John Madeley (ed) Trade and Hunger: How International Trade is Causing Hunger Association of World Council of Churches Related Development Organisations in Europe,(APRODEV), Brussels, 1999.

وتستند هذه النشرة على 36 دراسة حالة قام بإجرائها عدد كبير من منظمات المجتمع المدني في أف ريقيا، وآسيا وأمريكا اللاتينية. وتخلص هذه الدراسة الى أن برامح التكيف الهيكلي، بما في ذلك تحرير التجارة،قد أدت إلى تفاقم حالة الأمن الغذائي عند فقراء الريف في البلدان النامية.

 

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية