الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية

 

الفصل الثالث عشر

سري لانكا (1)

أولا- مقدمة

تضاءلت أهمية القطاع الزراعي بالتدريج في السنوات الأخيرة، وبالرغم من ذلك فمازال يهيمن على الاقتصاد في سري لانكا. فبحلول عام 1998، كان نصيب الزراعة في الناتج المحلي الإجمالي قد انخفض إلى 17 في المائة وكان نصيبها في مجموع العمالة قد انخفض إلى نسبة 36 في المائة. ومع ذلك، فإن ما يقرب من 75 في المائة من السكان مازالوا يصنفون على أنهم من سكان الريف، وهذا يعني أنهم يشتغلون أساسا بالمزراعة، نظرا للروابط الاقتصادية التي توجدها الزراعة في الاقتصاد الريفي. وبالتالي، فإن كثيرا من فرص وإمكانات التوسع الاقتصادي مازالت تكمن في القطاع الزراعي.

وقد سارت سري لانكا منذ عهد بعيد على سياسة زراعية من شقين، يطبق أحدهما على قطاع المزارع الكبيرة التي تزرع المحاصيل التصديرية مثل الشاي، والمطاط وجوز الهند- ويستفيد هذا القطاع من بعض الحوافز التي تقدمها الحكومة من أجل التوسع في الصادرات وزيادة حصيلة النقد الأجنبي. أما الشق الثاني فكان يطبق على المزارع الصغيرة التي يقوم صغار المزارعين بزراعتها من أجل إنتاج الأغذية الأساسية في المقام الأول. وغالبا ما كان هذا القطاع، الذي يشار إليه بأنه "قطاع زراعة الكفاف"، يتمتع بقدر من الحماية من منافسة الواردات، كما كان يحصل على إعانات في صورة دعم مستلزمات الإنتاج، وخصوصا الأسمدة، والبذور والتقاوي، وكذلك عن طريق تدابير الدعم الأخرى مثل أسعار الفائدة المنخفضة على التسهيلات الائتمانية، وضمان تسويق المنتجات عن طريق المؤسسات التابعة للدولة، والحصول على مياه الري دون مقابل تقريبا. وعموما، كان هذا الموقف "الداعم" موجها أساسا نحو قطاع الأغذية، بهدف مزدوج يتمثل في إتاحة بعض المزايا الاقتصادية لصغار المزارعين على كثرة أعدادهم، وتعزيز الاكتفاء الذاتي من الأغذية.

وقد شرعت سري لانكا في عملية واسعة النطاق لتحرير الاقتصاد في 1977. وكانت الجولة الأولى من تدابير الإصلاح تغطي معظم جوانب السياسة الاقتصادية، بما في ذلك السياسة التجارية. وفي التسعينات حدثت "موجة ثانية" من التدابير التي تستهدف تحرير الاقتصاد. ونتيجة لذلك، كانت البيئة الاقتصادية في سري لانكا قد أصبحت متحررة إلى حد كبير عند التوقيع على اتفاقية منظمة التجارة العالمية في 1994، وكان القطاع الخاص قد أصبح "محرك النمو" الرئيسي.

ومع ذلك، فعندما يتعلق الأمر بالزراعة، توجد أهداف اجتماعية واقتصادية مهمة لا يمكن إغفالها. فمازالت سري لانكا تعطي أولوية متقدمة لـ"الأمن الغذائي" وضمان حد أدنى من الدخول والقوة الشرائية للمجتمع الزراعي. ومازال من المهم تحقيق زيادة في الإنتاج من أجل تحقيق الأمن الغذائي نظرا للدور المهم الذي تلعبه الزراعة في الاقتصاد. وفي نفس الوقت، فمن الضروري التقليل إلى أدنى حد ممكن من النفقات التي تنفق على الأغذية بالنقد الأجنبي، لأن السلع الرئيسية التي تصدرها سري لانكا (الشاي، والمطاط، وجوز الهند) تواجه أسواقا عالمية غير مستقرة. وبتطبيق اتفاقيات جولة أوروغواي وما تتضمنه من ضوابط على السياسات الحدودية والمحلية، أصبحت سري لانكا تواجه بعض التحديات فيما يتعلق بضمان عدم الإضرار بتنمية القطاع الزراعي.

 

ثانيا- تجربة تنفيذ اتفاقية الزراعة

2 - 1 النفاذ إلى الأسواق

بحلول عام 1994، كانت سري لانكا قد مرت بالفعل بعملية تحرير شملت إلغاء معظم الحواجز غير التعريفية أمام التجارة (مع بعض الاستثناءات المهمة كما سيتضح فيما يلي). وبالتالي، لم يكن من الصعب عليها أن تتقيد بأحكام اتفاقية الزراعة عند بدء العمل بها في 1995.

وفي جولة أوروغواي قررت سري لانكا ربط بنود التعريفة الجمركية على جميع المنتجات الزراعية عند مستوى 50 في المائة. وفي نفس الوقت التزمت الحكومة من جانبها بأن تعمل على خفض التعريفة بالتدريج والتنسيق بين فئاتها إلى أن تصل إلى فئة واحدة. وكانت الخطة الأصلية تقوم على تطبيق تعريفة مزدوجة بنسبة 10 و 20 في المائة (في 1996) والوصول إلى تعريفة موحدة بنسبة 15 في المائة بحلول عام 1997 أو 1998. بيد أنه تقرر صرف النظر عن هذه الخطة في الوقت الحاضر، وتقرر أن تكون المعدلات المطبقة على معظم السلع الزراعية بنسبة 35 في المائة، باستثناء التبغ الذي تطبق عليه تعريفة أعلى من ذلك، وبعض محاصيل النباتات الطبية التي أصبحت التعريفة المطبقة عليها بنسبة 10 في المائة (الجدول 1). وعلاوة على ذلك، فقد ألغيت الرسوم على عدد من السلع لاعتبارات تتعلق بتكاليف المعيشة. وواردات جميع أصناف البذور والتقاوي معفاة من الرسوم، كما تنازلت الحكومة عن الرسوم المفروضة على الآلات والمعدات المستوردة بغرض استخدامها في تطبيق الأساليب التكنولوجية الجديدة والمبتكرة في الزراعة.

 

الجدول 1: التعريفات المطبقة على عدد من المنتجات الزراعية (نسبة مئوية، بحسب القيمة)

المصدر: جداول التعريفة الجمركية المعلنة.

 

وهكذا، تعد شروط النفاذ إلى السوق في سري لانكا متحررة بدرجة ملحوظة مقارنة بالوضع في كثير من البلدان النامية. ومع ذلك لم يكن الانتقال إلى نظام الاستيراد الحر هينا، فقد كان من بين التحديات المحافظة على قدرة قطاعات الإنتاج المحلي على المنافسة، بل وزيادتها بعد خفض التعريفات الجمركية. فحيثما يؤدي تحرير التجارة إلى حدوث طفرة في الواردات تهدد الإنتاج المحلي، يمكن أن تكون النتائج قاسية على شريحة كبيرة من سكان الريف. وتوضح التجارب السلعية التالية طبيعة المشكلات التي تواجه سري لانكا في مجال النفاذ إلى الأسواق.

والمحصول الغذائي الرئيسي في سري لانكا هو الأرز، وقد أولته الحكومة اهتماما خاصا نظرا لأنه يمثل غذاء أساسيا للسكان. ورغم زيادة الرقعة المحصولية في السنوات الأخيرة، مالت الغلة إلى الركود. ونظرا لأهمية إنتاج الأرز في توفير الإمدادات الغذائية والدخل الزراعي، تعد السياسات التي تحكم استيراد الأرز ذات أهمية فائقة وينبغي مراعاة العناية الشديدة عند الاستطراد في تحرير التجارة. وعلاوة على ذلك، فإن نظام استيراد القمح والدقيق يؤثر أيضا على قطاع الأرز (أنظر ما يلي).

ويعد القمح من الأغذية الأساسية المحلية الأخرى، ولكنه على خلاف الأرز لا يتم إنتاجه محليا بل يتم استيراده بكميات كبيرة من الخارج. والمؤسسة التعاونية للبيع بالجملة هي التي تحتكر استيراد القمح. وحتى عام 1994، كان سعر الدقيق يحدد عادة بما يغطي التكلفة الكاملة لإنتاجه، وكانت المؤسسة تحقق أرباحا من البيع. بيد أنه كان من الآثار الجانبية الرئيسية لذلك أن وفرة دقيق القح بسعر رخيص نسبيا لم تكن تشجع على إنتاج الأرز، مما اضطر الحكومة في حالات كثيرة إلى إعادة النظر في سياستها للمحافظة على نوع من التعادل بين السعرين. وعلاوة على ذلك، لم يكن من الممكن تحرير نظام استيراد القمح بالكامل نظرا للالتَزامات التعاقدية مع مطاحن القمح.

ومن المحاصيل الحقلية الأخرى الفلفل، والبصل، والدرة والمحاصيل البستانية مثل البطاطس. وتعد بعض هذه المحاصيل من المحاصيل "الحساسة"، سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية، مما يضطر الحكومة في حالات كثيرة إلى اتخاذ قرارات صعبة في مجال السياسات لحماية مصالح المنتجين المحلين. وقد واجه منتجو المحاصيل البستانية، في السنوات الأخيرة، منافسة زائدة من الواردات وكانت التجربة الأخيرة في مجال تحرير استيراد الفلفل والبصل سلبية، فقد أثرت تأثيرا كبيرا على العمالة في الريف (أنظر مناقشة الأمن الغذائي في القسم 3-2 فيما يلي).

وقد تعرض إنتاج السكر لكثير من التقلبات صعودا وهبوطا، وانعكس ذلك على نمط الاستيراد. ولا توجد قيود كمية على واردات السكر. والقطاع الخاص هو المسئول أساسا في الوقت الحاضر عن استيراد وتوزيع السكر والاحتفاظ بمخزونات احتياطية، وتقوم المؤسسة التعاونية للبيع بالجملة بدور تكميلي فقط. وتهدف التعريفة التي طبقت في الفترة الأخيرة بمعدل 3.50 روبية للكيلوجرام إلى توفير حماية جزئية لصناعة السكر وكذلك إلى زيادة الإيرادات الضريبية. ولقد كان من التجارب المثيرة للاهتمام أن الحكومة اضطرت إلى تطبيق تعريفات نوعية على السكر نتيجة للتقلبات الحادة في أسعار السكر في الأسواق العالمية.

ولقد تناقص إنتاج اللبن الحليب واللبن المجفف، مما أدى إلى زيادة الواردات. وتبلغ الرسوم الجمركية في الوقت الحاضر على اللبن المجفف واللبن كامل الدسم 20 في المائة، ويبدو أن المقصود منها هو زيادة الحماية "لضمان حصول المنتجين المحليين ومصانع الألبان المحلية على إيرادات كافية"، وكذلك "لزيادة استهلاك اللبن السائل على المستوى المحلي والتقليل من الاعتماد على اللبن المجفف المستورد". وتوجد شركتان رئيسيتان لإنتاج الألبان، هما نسلة و كيريا. ولم يكن من السهل على الحكومة أن تضع سياسات حدودية ملائمة تنظم استيراد الألبان.

وفيما يتعلق بالعناصر الأخرى للنفاذ إلى الأسواق، فلم تفتح سري لانكا من جانبها أي خصص للتعريفة الجمركية، ولذلك ليست لها تجربة بإدارة هذه الحصص. وفي حالة أسواق الاستيراد، فلم تخصص أي حصص معينة للتعريفة الجمركية لصالح سري لانكا، باستثناء وحيد هو أن الاتحاد الأوروبي خصص حصة مقدارها 2553 طن من الموز للبلدان غير الأعضاء في مجموعة دول أفريقيا والكاريبي والمحيط الهادي (بما في ذلك سري لانكا) بسعر 75 دولارا للطن. ولم تستطع سري لانكا الاستفادة من هذه الحصة نظرا لعدم توافر إنتاج من نوع جيد.

وليس من حق سري لانكا الاستفادة من التدابير الوقائية الخاصة التي تنص عليها اتفاقية الزراعة، ولذلك فليس لها تجربة بهذه الأداة التجارية، أو بالتدابير الوقائية العامة التي تنص عليها منظمة التجارة العالمية. وفيما يتعلق بتجربتها في أسواق التصدير، فإن إلغاء أحد التدابير الوقائية (الرسوم التفضيلية العالية) التي كانت تواجه صادرات سري لانكا من جوز الهند المجفف إلى البرازيل- بعد نزاع عرض على منظمة التجارة العالمية- لابد أن يساعد على زيادة الصادرات إلى البرازيل. ومع ذلك، فلم تستغل هذه الفرصة نظرا للصعوبات التي تواجهها الإمدادات.

 

2 - 2 الدعم المحلي

يمنح الجانب الأكبر من الدعم للمزارعين عن طريق التدابير التي لا تؤدي إلى تشويه التجارة مثل البحوث والإرشاد وتنمية مرافق البنية الأساسية (تدابير الصندوق الأخضر). ولم تبلغ سري لانكا في جولة أوروغواي عن أي إنفاق على تدابير الدعم التي تؤدي إلى تشويه التجارة في إطار مقياس الدعم الكلي، وبذلك ألزمت نفسها بأن لا تتجاوز نسبة الدعم 10 في المائة من قيمة الإنتاج بموجب قاعدة الحد الأدنى المسموح به للدعم. كما لم تبلغ سري لانكا عن أي إنفاق على التدابير الإنمائية (المعاملة الخاصة والتفضيلية)، ومع ذلك فمن حقها المطالبة بهذا الاستثناء لمثل هذه التدابير في المستقبل عند اللزوم.

وتقدم سري لانكا أنواعا مختلفة من الدعم للزراعة، ويندرج العديد منها ضمن فئة الصندوق الأخضر. ويتم تمويل هذه التدابير من برامج الأموال العامة ولا تتضمن أي نقل للموارد من المستهلكين، كما أنها لا تؤثر من حيث تقديم دعم سعري للمنتجين. وبالتالي، فإنها تتفق تماما مع معايير الصندوق الأخضر ولم تثر تساؤلات بشأنا في داخل منظمة التجارة العالمية. وتتضمن هذه التدابير ما يلي:

وبالإضافة إلى الدعم في إطار الصندوق الأخضر، تقدم الحكومة أيِضا بعض الدعم لمستلزمات الإنتاج الزراعي، منها دعم الأسمدة لمزارعي الأرز الذين يستخدمون سماد اليوريا في إنتاجهم. وقد بلغت هذه الإعانات ما يقرب من 1500 مليون روبية في السنة في السنوات الأخيرة. وقد قدر دعم مشروعات الري بنحو 500 12 مليون روبية في السنوات الأخيرة أي نحو 3 في المائة من مجموع القيمة المضافة في قطاع الأرز. وسوف تكون هذه النسبة أقل من ذلك عند نسبتها إلى مجموع قيمة إنتاج الأرز الشعير. وتقوم الحكومة بإقامة وصيانة مشروعات للري التي تخدم مزارعي الأرز بدون مقابل.

ومن فئات الدعم الأخرى للزراعة صندوق تنمية المحاصيل الذي يتم تمويله من الضريبة المفروضة على المحاصيل التصديرية. وقد ألغيت رسوم التصدير على جميع محاصيل المزارع الكبيرة، في ديسمبر/كانون الأول 1992، كجزء من عملية التحرير، ومع ذلك يتم تحصيل العديد من الضرائب والرسوم الإضافية بفئات معقولة. وترد حصيلة الضريبة الإضافية إلى قطاع المزارع التصديرية الكبيرة في صورة حوافز انتقائية، وإعانات لعمليات إعانة التشجير وإعالة الزراعة، وإعانات تشجيعية للمصدرين الجدد، وإنفاق على البحوث، والإرشاد وترويج المنتجات. وتبلغ نسبة الضريبة الإضافية المفروضة على الشاي في الوقت الحاضر أقر من 2 في المائة من قيمة الصادرات فوب، ونفس النسبة على المطاط وجوز الهند. ويوضح الجدول 2 كيفية استخدام حصيلة الضريبة الإضافية المفروضة على الشاي. ولا تقدم الحكومة أي مساهمات في صندوق حصيلة الضريبة الإضافية، وبالتالي فإن البرامج التي يتم تمويلها من حصيلة هذه الضريبة مستدلاة من التزامات الخفض.

 

الجدول 2: تخصيص أموال الضريبة المفروضة على الشاي في 1994

 

وبناء عليه، يمكن القول، باختصار، أنه نظرا لعدم حساب مستويات مقياس الدعم الكلي في فترة الأساس وفي السنوات الجارية، فليس من المرجح مطلقا أن تعد المصروفات التي تنفق على دعم الزراعة في سري لانكا، مما يؤدي إلى تشويه التجارة كبيرة بما يمثل خرقا لالتزاماتها أمام منظمة التجارة العالمية. وتتمثل المشكلة، إن وجدت، في عدم وجود استثمارات كافية في القطاع الزراعي، لأسباب تتعلق بالميزانية.

وعدم توافر تقديرات تفصيلية عن مقياس الدعم الكلي يزيد من صعوبة تقدير الموقف على وجه الدقة. ومن المهم أن تقوم الحكومة بإجراء هذا التقدير لكي تحدد مدى التقيد بأحكام منظمة التجارة العالمية. والأهم من ذلك تعد هذه المعلومات مهمة من أجل اتخاذ موقف إزاء القواعد الجديدة التي تنظم تدابير الدعم في جولة المفاوضات التجارية الجديدة.

 

2 - 3 دعم الصادرات، والضرائب والقيود

لم تعلن سري لانكا، أثناء جولة أوروغواي عن أي دعم للصادرات في جداولها، فلم تكن تقدم أي دعم من هذا القبيل في فترة الأساس، 1986-1988.

وأقرب الخطط إلى دعم الصادرات هي البرامج الممولة من حصيلة الضرائب الإضافية، المنوه عنها فيما سبق. وبالنسبة للشاي، قدرت الإعانات التي خصصت لأغراض إنشاء مزارع جديدة للشاي أو إعادة الزراعة، أو تطوير وتحديث مصانع تجهيز الشاي بما يقرب من 250 مليون روبية أو ما يعادل 1.6 في المائة من مجموع قيمة إنتاج الشاي في 1994. وبالنسبة لجوز الهند، بلغت الإعانات نسبة 0.44 في المائة فقط من قيمة الإنتاج.

ومن غير المرجح أن تمثل هذه البرامج خرقا لالتزامات سري لانكا في مجال دعم الصادرات. فلا تقدم الحكومة أي مساهمات من الميزانية كما أن أموال الضريبة الإضافية "ليست رهن التصدير"، لأنها تستخدم في النهوض بقطاع مزارع الشاي التي يستهلك جزء من إنتاجها في السوق المحلية أيضا. وعلاوة على ذلك يستخدم الجانب الأكبر من هذه الأموال في أشكال الدعم التي يغطيها الصندوق الأخضر، وحتى وإن كانت في بعض المجالات قد تنطوي على دعم مما يؤدي إلى تشويه التجارة، فإنها تحسب ضمن فئة الدعم المحلي بموجب اتفاقية منظمة التجارة العالمية. كذلك فإن أرقام الدعم صغيرة جدا قياسا على قيمة إنتاج هذه المحاصيل.

ولا توجد أي قيود كمية على الصادرات بخلاف شرط الحصول على إذن تصدير بالنسبة لعدد محدود من السلع الثانوية لقيمتها من الناحية الثقافية أو لما لها من تأثير على الصحة، وهو أمر متوافق مع منظمة التجارة العالمية.

 

2 - 4 التجارب الأخرى

تجربة اتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقية العوائق الفنية على التجارة: القواعد التي تنص عليها قوانين الحجر الزراعي في البلدان المختلفة هي التي تحدد شروط التقيد بقواعد الصحة النباتية. وسري لانكا لديها بعض التجارب في هذا المجال فيما يتعلق بالشروط التي تطبقها الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي واليابان، وهي الدول التي تمثل أكبر أسواق التصدير بالنسبة للمنتجات البستانية. ويهدف قانون الصحة النباتية رقم 77/93 الذي يطبقه الاتحاد الأوروبي إلى الحيلولة دون انتشار الأمراض والآفات الضارة.

وتعد الشهادة الصحية، التي يجب على المصدرين من خارج الاتحاد الأوروبي الحصول عليها لإثبات أن المنتجات كانت في حالة صحية جيدة قبل مغادراتها للبلد المصدر، من التدابير التي تهدف إلى منع انتشار الأمراض والآفات الضارة في بلدان الاتحاد الأوروبي. وهذه الشهادة مطلوب تقديمها عن الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي، وتخضع النباتات للتفتيش بواسطة الإدارة الحكومية المسئولة عن الصحة النباتية عند نقطة الدخول إلى أي بلد عضو في الاتحاد الأوروبي.

ويحدد التجار والمستهلكون الأوروبيون شروطا مشددة من حيث نوعية منتجات الأزهار، وأن تكون متفقة مع المعايير التي ينص عليها القانون 316/88 الذي يحدد الحد الأدنى لأزهار القطف. والعناية السليمة بالأزهار بعد قطفها يمكن أن تؤدي إلى تحسين نوعية الأزهار وإطالة عمرها. وأهم القواعد التي يجب أن يتقيد بها الموردون الأجانب هي التي تحددها إدارات المزادات في هولندا، وهذه القواعد أكثر تفصيلا وأكثر تحديدا من القواعد التي تحددها أسواق الاتحاد الأوروبي. وتشمل هذه القواعد التشكيلة، والحجم، والتماثل، والتعبئة وطريقة العرض. والوفاء بهذه القواعد أمر في غاية الصعوبة بالنسبة لسري لانكا، وعدم التقيد بها يعني أن صادراتها قد لا تنمو.

كذلك فإن التقيد بمستويات التعبئة والتغليف يعد من الأمور شديدة الأهمية بالنسبة للصادرات، فمن المهم مثلا ضمان أن تكون مواد التعبئة والتغليف مطابقة لقواعد التخلص من العبوات في الأسواق المستهدفة، بعد أن أصبحت مواد التعبئة والتغليف من القضايا البيئية متزايدة الأهمية في معظم البلدان. والاتجاه العام في أوروبا هو تسهيل عملية إعادة استخدام مواد التعبئة والتغليف عن طريق منح الحوافز أو الحرمان منها، مثل الإعانات والإعفاءات الضرائب، والقيود الإلزامية أو الاختيارية. وهذا أيضا من المجالات التي يمكن أن تبذل فيها جهود كبيرة.

ولا تعد المشاكل المترتبة على اتفاقية تطبيق تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقية العوائق الفنية على التجارة في الوقت الحاضر من المشاكل الحادة نظرا لقلة كميات الصادرات إلى البلدان التي تطبق شروطا وقواعد مشددة في هذا الشأن. ومع ذلك؟ فما لم تؤخذ هذه الشروط في الاعتبار، فمن المحتمل أن تتعرض صادرات سري لانكا لآثار ضارة، وخصوصا للعديد من أصناف الفواكه، والخضر، والكاشو، والأغذية المصنعة، والتوابل والأزهار.

العلاقات التجارية التفضيلية : تقتصر تجربة سري لانكا في هذا المجال على التجارة داخل الإقليم. ففي نطاق اتفاقية التجارة التفضيلية بين دول جنوب آسيا، يمكن الاتفاق على شروط التجارة التفضيلية فيما بين البلدان الأطراف في الاتفاقية. وقد تسبب تصنيف البلدان الأعضاء في الاتفاقية بين بلدان نامية (الهند، وباكستان وسري لانكا) وبلدان أقل نموا (بنغلادش، وبوتان، ونيبال، ومالديف) إلى نوع من الاختلال في التجارة. وتتصل بعض التجارب المحددة التي مرت بها سري لانكا برفع الرسوم الجمركية التي تفرضها باكستان على وارداتها من أوراق التنبول التي تأتي من سري لانكا بنسبة بلغت 265 في المائة بعد أن كانت 88 روبية للكيلوجرام فيما سبق. وفي نفس الوقت، فقد استفادت بنغلادش من التعريفة التفضيلية (أي خفض الرسوم الجمركية بنسبة 14 في المائة) في أسواق باكستان بما في ذلك من ضرر على سري لانكا. ومن الأمثلة الأخرى، أن بذور السمسم التي تصدرها سري لانكا تصل إلى سوق الولايات المتحدة بدون رسوم جمركية طبقا للعلاقات التفصيلية، وهي معاملة تفضيلية لا تتمتع بها فيتنام.

 

ثالثا- تجربة سري لانكا في مجال تجارة المنتجات الغذائية والزراعية

3 - 1 تجارة المنتجات الزراعية

صادرات سري لانكا الزراعية التقليدية هي الشاي، وجوز الهند، والمطاط والتوابل. ومع أن سري لانكا بدأت، في الآونة الأخيرة تصدير عدد من المحاصيل البستانية والأزهار، تمثل المنتجات التقليدية الجانب الأكبر من صادراتها الزراعية. وكما هو الحال في كثير من البلدان النامية، تمثل المنتجات الغذائية ما يقرب من 90 في المائة من مجموع الواردات الزراعية، ولكنها تمثل أقل من 20 في المائة من الصادرات الزراعية.

ويوضح الشكل 1 تطور تجارة المنتجات الزراعية خلال الفترة 1985-1998. وحتى عام 1992، كانت قيمة الصادرات تتفاوت حول رقم 0 60 مليون دولار ولكنها انخفضت إلى أدنى من 400 مليون دولار في 1994، ثم سجلت ارتفاعا حادا إذ تجاوزت 1000 مليون دولار في عامي 1997 و1998. بيد أن الاتجاه العام خلال الفترة 1985-1994 كان نحو الهبوط. وفي 1995، سجلت الصادرات ارتفاعا حادا، بنسبة 80 في المائة، لتصل إلى 672 مليون دولار، وواصلت ارتفاعها في 1996 و1997، بنسبة 30 في المائة و 23 في المائة، على التوالي. وفي ضوء هذه الاتجاهات، كانت تجربة سري لانكا في الفترة التالية لعام 1995 إيجابية، حيث كانت صادراتها أعلى بنسبة 62 في المائة في المتوسط مما كانت عليه في الفترة 1990-1994، وبنسبة 107 في المائة من القيمة المستقرأة من الاتجاه (الجدول 3).

 

 

ولما كانت المنتجات الغذائية تمثل أكثر من 80 في المائة من مجموع الواردات الزراعية، كان أداء الواردات الزراعية مماثلا لأداء الواردات الغذائية، كما سيرد فيما يلي. وعلى نقيض الصادرات، ارتفع مجموع الواردات الزراعية، وإن كان بنسبة متواضعة، خلال الفترة 1985-1994. وقد شهدت ارتفاعا حادا في 1995 و1996 واستقرت بعد ذلك تقريبا. ونتيجة لذلك، كانت الواردات في الفترة 1995-1998 أعلى بنسبة 49 في المائة في المتوسط مما كانت عليه في الفترة 1990-1994. ولما كان الاتجاه في صعود (الشكل 1)، كان هذا الارتفاع يمثل 28 في المائة فقط قياسا على القيمة المستقرأة من الاتجاه (الجدول 3).

 

الشكل 1: تجارة المنتجات الزراعية، في الفترة 1985-1998 (بملايين الدولارات؛ تمثل الخطوط السميكة القيمة الفعلية، وتمثل الخطوط الرفيعة الاتجاه في الفترة 1985-1994، والقيمة المستقرأة حتى عام 1998)

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة.

 

وكان صافي الصادرات الزراعية إيجابيا ولكنه انخفض بشكل مطرد خلال الفترة 1985-1994، بل وتحول إلى السالب في 1993-1994 (الشكل 1). وبدأ الفائض في الارتفاع اعتبارا من 1995، وبذلك كان صافي قيمة الصادرات في الفترة 1995-1998 أعلى بنسبة 153 في المائة مما كان عليه في الفترة 1990-1994 . ولما كان الاتجاه سالبا، كان الأداء أفضل قياسا على القيمة المستقرأة من الاتجاه.

ويبدو أن من الضروري إجراء تحليلات أخرى لتحديد السلع أو مجموعات السلع التي كانت صادراتها أكثر حركة في الفترة التالية لجولة أوروغواي- بما في ذلك المنتجات الغذائية والزراعية المجهزة، لأن تحديد هذه السلع والعوامل التي تكمن وراء نجاحها (والأسباب التي جعلت السلع الأخرى لا تحقق نفس القدر من النجاح) سيكون مفيدا في الاستعداد للمفاوضات التي ستجريها منظمة التجارة العالمية بشأن الزراعة.

ومن المرجح أن يكشف هذا التحليل أن الجانب الأكبر من النجاح الذيِ حققته الصادرات قد لا يعزى إلى اتفاقية الزراعة. وعلى سبيل المثال، كانت شروط النفاذ إلى الأسواق بالنسبة للمنتجات التقليدية- التي تمثل جانبا كبيرا جدا من الصادرات الزراعية- قد تم تحريرها بالفعل بدرجة معقولة قبل جولة أوروغواي. ويعد الشاي من الأمثلة الجيدة على ذلك، وكذلك جوز الهند والمطاط. وبالمثل، تعد بلدان الخليج من بين أهم أسواق التصدير بالنسبة لمنتجات سري لانكا، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى تلبية احتياجات الجاليات العرقية التي تنتمي إلى جنوب آسيا. ولا يمكن أن يكون أي تغيير في شروط النفاذ إلى هذه الأسواق قد جاء نتيجة لجولة أوروغواي لأن معظم البلدان المعنية ليست أعضاء في منظمة التجارة العالمية. كذلك، فإن الأزمة المالية التي حدثت في آسيا- وهي أيضا لا صلة لها بالإصلاحات التي أجريت بعد جولة أوروغواي- كان لها تأثير سلبي على صادرات المطاط، لأن مطاط ماليزيا وإندونيسيا أصبح أرخص نسبيا في الأسواق العالمية.

ومن ناحية أخرى، شهدت ازدادت صادرات المنتجات الزراعية غير التقليدية، مثل التوابل، والأزهار، والفواكه والخضر الموسمية والطازجة بشكل طفيف أو أعلى من ذلك قليلا في مختلف أسواق التصدير. ومن المعتقد أن من بين أسباب هذه الزيادة تحسن شروط النفاذ إلى الأسواق نتيجة لاتفاقية الزراعة. وعلى سبيل المثال، ربما يكون خفض التعريفة الجمركية، بعد جولة أوروغواي على زيت السمسم (من 17 روبيه إلى 14 روبية للكيلوجرام) قد أسهم في زيادة واردات زيت السمسم من سري لانكا.

 

3 - 2 تجارة المنتجات الغذائية والأمن الغذائي (2)

تمثل الأغذية ما يقرب من 90 في المائة من الواردات الزراعية، في الوقت الذي تمثل فيه المنتجات الغذائية أقل من 20 في المائة من الصادرات الزراعية. وقد ارتفعت الواردات الغذائية بشكل مطرد، من 300 مليون دولار تقريبا في 1985 إلى أكثر من الضعف في 1998 (الشكل 2). وبعد حدوث انخفاض غير عادي في 1994، ارتفعت الواردات الغذائية ارتفاعا حادا في السنتين التاليتين على التوالي ثم استقرت بعد ذلك. وبالتالي، كان المتوسط السنوي لقيمة الواردات الغذائية في الفترة 1995-1998 (609 مليون دولار) أعلى ما كان عليه في الفترة 1990-1994 بما قيمته 180 مليون دولار (42 في المائة). ولكن، لما كان اتجاه الواردات الغذائية موجبا، كانت الزيادة التي حدثت في الفترة 1995-1998 تمثل 24 في المائة فقط مقارنة بالقيمة المستقرأة من الاتجاه (الجدول 4).

 

الجدول 4: تجارة المنتجات الغذائية في الفترة 1990- 1994 والفترة 1995-1998 (متوسط القيمة سنويا، بملايين الدولارات، والنسبة المئوية للتغيير)

المصدر: محسوبة من واقع البيانات المسجلة بقاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة. والأغذية لا تشمل المنتجات السمكية.

 

وكانت الصادرات الغذائية قليلة ومستقرة نسبيا خلال الجزء الأكبر من الفترة 1985-1994، مع حدوث انخفاض غير مألوف في عامي 1993 و1994 . وارتفعت الصادرات ارتفاعا ملموسا في الفترة 1995-1997 وبقيت على ارتفاعها في 1998. ونتيجة لذلك كان متوسط القيمة السنوية للصادرات في الفترة 1995-1998 أعلى بنسبة 58 في المائة (58 مليون دولار) مما كان عليه في الفترة 1990-1994.

 

الشكل 2: تجارة المنتجات الغذائية في الفترة 1985-1998 (بملايين الدولارات، تمثل الخطوط السميكة القيمة الفعلية، وتمثل الخطوط الرفيعة الاتجاه في الفترة 1985-1994، والقيمة المستقرأة حتى عام 1998)

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة.

 

ورغم حدوث تغيرات في الصادرات الغذائية من سنة لأخرى، ورغم أنها سجلت ارتفاعا حادا بعد عام 19994، كان هناك اتجاه واضح نحو الصعود في صافي الواردات الغذائية في التسعينات، وكان المؤشر الغالب هو اتجاه إجمالي الواردات الغذائية نحو الصعود. وهكذا، كان المتوسط السنوي لقيمة صافي الواردات الغذائية في الفترة 1995-1998 أعلى بنسبة 38 في المائة (122 مليون دولار) مما كان عليه في الفترة 1990-1994، ومع ذلك، كانت هذه الزيادة بنسبة 12 في المائة فقط (46 مليون دولار) مقارنة بالاتجاه المتصاعد.

والآن ماذا يمكن قوله، في التحليل النهائي، عن تجربة سري لانكا فيما يتصل بالواردات الغذائية مقارنة بالصادرات الزراعية؟ يوضح الشكل 3 تطور هذه العلاقة. ففي الفترة 1985-1987، بلغت قيمة الواردات الغذائية 46 في المائة من قيمه الصادرات الزراعية. وبعد ذلك، ارتفعت هذه النسبة ارتفاعا حادا لتصل إلى 90 في المائة في عامي 1993 و 1994، ثم انخفضت إلى نحو 60 في المائة في 1997 و1998. وبالتالي، كان متوسط قيمهَ هذه النسبة في الفترة 1995-1998 (66 في المائة) أدنى مما كان عليه في الفترة 1990-1994 (75 في المائة). وقد تأثرت هذه النتيجة بدرجة كبيرة بسنتين غير عاديتين في كلتي الفترتين- حيث كانت النسبة شديدة الارتفاع في 1993 و 1994 وشديدة الانخفاض في 1997 و1998، أي أن التجربة كانت شديدة التفاوت. ومن اللازم إجراء مزيد من التحليلات لاستيضاح الأسباب التي يرجع إليها هذا النمط من السلوك.

ومن المقبول عموما أن إلغاء جميع أشكال الحواجز غير التعريفية وتحديد التعريفات المطبقة بنسبة 35 في المائة على جميع السلع الزراعية لم تكن فقط سببا في حدوث زيادة حادة في الواردات بل وكذلك في تعريض المساحة المحصولية والإنتاج لتأثيرات سيئة. وربما كانت الزيادة المفاجئة في الواردات منذ عام 1996 هي السبب وراء حدوث انخفاض في المساحة المزروعة وفي الإنتاج في 1997 و1998، كما أن البيانات الأولية تشير إلى استمرار هذا الانخفاض في 1999. ولم يمض حتى الآن عدد كاف من المواسم المحصولية التي تساعد بياناتها على الخروج بعلاقة إحصائية معنوية بين هذه المتغيرات، ومع ذلك فمن الواضح أن الموقف يتطلب متابعة دقيقة.

 

الشكل 3: نسبة مجموع قيمة الواردات الغذائية إلى مجموع قيمة الصادرات الزراعية

المصدر: قاعدة البيانات الإحصائية (FAOSTAT) التي تحتفظ بها منظمة الأغذية والزراعة.

 

وهناك أسباب أخرى تؤدي إلى تفاقم التحديات التي تواجه القطاع الزراعي. فكما سبق التنويه، أدى التأثير التراكمي لنقص التكنولوجيا وعدم تحسين المعاملات الإدارية إلى ركود غلة المحاصيل وضعف قدرة الصادرات على المنافسة. وفي حالات عديدة، أخصها الخضر وكذلك بعض المحاصيل الغذائية الأخرى، يبدو أن موقف سري لانكا التنافسي ضعيف في مواجهة الهند؟ وهي أكبر البلدان الموردة لهذه المنتجات الغذائية (الجدول 5).

 

الجدول 5: التكلفة النسبية لإنتاج الفلفل، والبصل، والبطاطس في سري لانكا والهند (روبية/ كيلوجرام)

المصدر: مصلحة الزراعة، حكومة سري لانكا.

 

النتائج المترتبة على زيادة الواردات فيما يتعلق بالأمن الغذائي : يبدو، عموما، أن تأثير الزيادة الحادة في الواردات من المنتجات الغذائية الرخيصة نسبيا بالنسبة للأمن الغذائي، بعد تطبيق عملية التعرفة، كان سيئا، ومع ذلك فمن الصعب قياس هذا التأثير بدقة.

ولا يبدو أن قطاع الأرز قد تأثر كثيرا، ولكن الصورة ليست واضحة حتى الآن نظرا لكميات دقيق القمح الضخمة التي يتم استيرادها سنويا. ورغم أن هذه الكميات أسهمت في الأمن الغذائي لفقراء الحضر والريف، فإن قطاع الأرز كان على الدوام يتأثر بانخفاض أسعار دقيق القمح.

وفيما يتعلق بالمواد الغذائية الرئيسية الأخرى، ولاسيما الفلفل، والبصل، والبطاطس، يبدو أن الموقف محفوف بالخطر، كما يدل على ذلك الانخفاض الملحوظ في المساحات المزروعة وفي كمية الإنتاج وكذلك زيادة الواردات.

وقد اتضحت مخاطر الاعتماد على المواد الغذائية المستوردة مثل البصل في عام 1998 عندما فرضت الهند حظرا على صادرات البصل، مما أدى إلى ارتفاع أسعار البيع بالتجزئة في سري لانكا بمقدار أربعة أضعاف تقريبا، أي إلى 80- 100 روبية للكيلوجرام. وعلاوة على ذلك، انخفض الإنتاج المحلي إلى 17000 طن بعد الانخفاض الكبير في المساحة المزروعة، بما كان لذلك من آثار في غير صالح منتجي البصل والمستهلكين على السواء.

ومن الواضح، في ضوء هذه الأوضاع، أنه ينبغي وضع استراتيجيات لتنمية إنتاج الأغذية في المدى الطويل. ولا تلقى سري لانكا أي اعتبار خاص في هذا الصدد من جانب شركائها التجاريين في ترتيبات التجارة الإقليمية وفي بعض الترتيبات الثنائية مثل اتفاقية التجارة التفضيلية بين دول جنوب آسيا واتفاقية التجارة الحرة بين الهند وسريِ لانكا. وقد تم تصنيف هذه السلع الزراعية ضمن "قائمة السلع الحساسة"، وهذا يعني في جوهره أنها لا تخضع لأي امتيازات تجارية. ومع ذلك، فبدون قدر كبير من الحماية في إطار مبدأ الدولة الأولى بالرعاية، تواجه سري لانكا مشكلات في مجال التجارة متعددة الأطراف.

التأثير على العمالة : لما كان قطاع التصدير في البلدان النامية يتخصص عموما في المنتجات كثيفة العمالة، فإن تحسن فرص النفاذ إلى الأسواق نتيجة لتحرير التجارة من المرجح أن تكون له آثار طيبة من حيث زيادة فرص العمل. ولم يتضح هذا التأثير في سري حنكا حتى الآن لأن اتفاقية الزراعة لم تؤد حتى الآن إلى فتح أسواق في البلدان المتقدمة الرئيسية.

ولم تكن التجربة مواتية في القطاعات المنافسة للواردات. فباستثناء قطاع الأرز، الذيِ تضرر كثيرا نتيجة لسياسات استيراد وتسعير دقيق القمح، هناك دلائل واضحة على أن تأثير الواردات لم يكن في مصلحة الإنتاج المحلي من الخضر، وخصوصا البصل والبطاطس. فقد ترتب على ذلك انخفاض مساحات زراعة البصل والبطاطس، وأثر ذلك على ما يقرب من 300000 شخص من المشتغلين بالإنتاج والتسويق. ولأن المزارعين المتضررين لا توجد أمامهم إمكانيات للتحول إلى محاصيل أخرى على الفور، تعد الآثار الاقتصادية المترتبة على تحرير الاستيراد شديدة على هذا القطاع.

 

رابعا – القضايا التي تهم سري لانكا في المفاوضات المقبلة بشأن الزراعة

إجراء مزيد من الخفض على التعريفات المربوطة

رغم أن سري لانكا ربطت جميع تعريفاتها الزراعية بنسبة 50 في المائة، فإن الفئات المطبقة على معظم السلع الزراعية لا تتجاوز 35 في المائة، كما سبق التنويه. ونظرا للارتفاع الشديد الذي سجلته الواردات في السنوات الأخيرة فإن أي خفض آخر للتعريفات المربوطة من المرجح أن يؤدي إلى مشكلات. كذلك فإن المجال محدود أمام رفع التعريفات المطبقة إلى مستوى التعريفات المربوطة. ومن ناحية أخرى، فإن تجربة السنوات الخمس الماضية تدل على أن القطاعات الزراعية المحلية قد تعرضت للمتاعب بسبب منافسة الواردات، كما أن فرص العمل البديلة في الزراعة أو غيرها من القطاعات محدودة.

ورغم أن خفض التعريفات الجمركية قد يكون مفيدا من الناحية الاجتماعية في المدى القصير نظرا لأن المكاسب التي تعود على المستهلكين قد تتجاوز الخسائر التي تلحق بالمنتجين، فإن الآثار المترتبة على ذلك في المدى البعيد يمكن أن تكون وخيمة من الناحية الاجتماعية أيضا، عن طريق القضاء الكامل تقريبا على الإنتاج المحلي، ولاسيما من البصل والبطاطس في سري لانكا.

وقد نشط حوار على المستوى القومي بعد ذلك حول المستوى اللائق من الحماية الحدودية. وقد شكلت الحكومة لجنة خاصة لدراسة قضايا التجارة والتعريفات الجمركية (1998). وقد خلصت اللجنة إلى ما يلي بعد مناقشة هذه القضايا:

"مع وجود مستويين من رسوم الاستيراد بنسبة 35/30 في المائة سيكون من الصعب تحقيق حماية فعالة للمنتجين الزراعيين المحليين ولمنتجاتهم نظرا للتباين الكبير في أسعار تصدير هذه المنتجات على مدار السنة في مصادر التوريد المختلفة. وبمستوى أسعار التصدير شديدة الانخفاض في الأوقات التي يوجد بها فائض نتيجة لوفرة المحصول، لا يمكن للرسوم التي تكون بنسبة 35/30 في المائة أن توفر الحماية لجميع المنتجين المحليين. ولهذا السبب، أخذت بلدان كثيرة بأسلوب فرض "رسوم نوعية" بحسب وحدة الوزن أو الوحدة الكمية. وعلى سبيل المثال، تطبق سويسرا العديد من الرسوم النوعية على المنتجات الزراعية، بينما تفرض اليابان رسوما نوعية على واردات السكر بحسب القيمة تصل إلى ما يقرب من 90 في المائة."

ورغم أن اتفاقية الزراعة لا تتضمن نصا واضحا حول ما إذا كان من الممكن تطبيق الرسوم النوعية في حالة عدم الإشارة إليها في جداول الالتزامات القطرية، يبدو أنه لا يوجد اعتراض من الناحية القانونية على تطبيق هذه الرسوم طالما بقيت الحماية الحدودية المترتبة على ذلك في حدود التعريفة المربوطة.

وبعد أن استعرضت اللجنة متوسط الأسعار "سيف" للشحنات الأخيرة من الأرز، والبصل، والبطاطس، والفلفل المجفف، آخذة في الاعتبار الأسعار التي تضمنها الحكومة للمنتجين المحليين، استطردت تقول:

"وقد قارنت اللجنة الأسعار المشار إليها وقامت بحساب "الدعم" الذي يمكن منحه للمنتجين المحليين زيادة على الأسعار "سيف" لتمكينهم من بيع إنتاجهم بأسعار معقولة تغطي تكاليفهم، كما استعرضت أسعار التجزئة السائدة في السوق المحلية خلال الجزء الأكبر من السنة.

وحددت اللجنة رسما بحسب القيمة لحماية المنتجين المحليين على مدار السنة مع الحيلولة في نفس الوقت دون حدوث زيادة كبيرة جدا في الأسعار التي يدفعها المستهلكون في الفترة الفاصلة بين محصول وآخر أو عند حدوث عجز في الإنتاج المحلي. فلابد في الأساس من وجود نوع من "الموازنة" بين مصالح المنتجين ومصالح المستهلكين. كذلك توجد حاجة ماسة إلى وجود نظام "تلقائي" للحماية بدلا من النظام السائد الذي يقوم على "التنازل" عن الرسوم أو تغييرها والذيِ يعتمد على ردود الفعل البيروقراطية/السياسية، وبالتالي فإنه يِفتقر كثيرا إلى الكفاءة كما أثبتت ذلك التجربة الأخيرة فيما يتصل بالفلفل المجفف."

واستنادا إلى هذه الاعتبارات، قررت اللجنة أن توصي بفرض رسم بحسب القيمة بنسبة 50 في المائة يستمر العمل به لمدة سنتين ثم يخفض إلى 40 في المائة بعد ذلك على الأرز، والفلفل، والبصل البني، والبطاطس، والدرة، والبسلة الخضراء، واللوبيا، والفول السوداني والبصل الأحمر. وأعلنت الحكومة الأسعار التي تضمنها للمنتجين المحليين لهذه السلع في 1998.

 

الحماية في حالات الطوارئ

وفي ضوء ما سبق، سيكون من مصلحة سري لانكا أن تتفاوض أيضا من أجل وجود أداة أبسط لتطبيق التدابير الوقائية في حالة السلع الحساسة. ومن بين مجموعة الأدوات الحالية، يبدو أن الأحكام التي تنص عليها اتفاقية الزراعة في شأن التدابير الوقائية الخاصة هي الأنسب لهذا الغرض، وعلى الأخص بالنسبة لكثير من البلدان النامية الأخرى، لأن التعريفات المربوطة تعد منخفضة نسبيا بالفعل ولأن أي خفض آخر عليها من المرجح أن يجعل القطاعات المحلية أكثر عرضة للصدمات الخارجية.

 

دعم الزراعة المحلية

ونظرا للتأثير السيئ الذي تعرض له القطاع الزراعي المحلي من جراء التدابير الإصلاحية، فمن اللاحزم توفير مزيد من الدعم في المدى القصير والمتوسط. كذلك فإن رفع الدعم عن الأسمدة والتسهيلات الائتمانية التي تقدم بأسعار فائدة منخفضة، وما إلى ذلك، ستكون له في المدى القصير تأثيرات سيئة على المجتمع الزراعي. وتعد الأعباء الاجتماعية التي يمكن أن تترتب على عدم توفير دعم إضافي باهظة جدا فيما يتعلق بفرص العمل. كذلك، يتعين على سري لانكا أن تعيد النظر في خطط الحد الأدنى لأسعار المنتجات الزراعية.

ورغم أن الحكومة لا تدعو إلى إقامة هيئات جديدة "شبه حكومية" لتسويق المنتجات الزراعية، يبدو أن من الضروري إعادة النظر في ترتيبات دعم التسويق وتحديد الأسعار التي يحصل عليها المزارعون، على أن تساند ذلك هيئة عامة قوية.

ولم تقدم سري لانكا مستويات مقياس الدعم الكلي السارية فيها في جولة أوروغواي، وبالتالي فإن الدعم الذي تقدمه للزراعة لا يجوز أن يتجاوز مستوى الحد الأدنى المسموح به، وهو 10 في المائة. وهناك حاجة إلى إعادة النظر في وضع مقياس الدعم الكلي- وعلى وجه التحديد ما إذا كانت المرونة الحالية التي توفرها القواعد التي تنص عليها اتفاقية الزراعة تعد كافة. وإذا ثبت العكس، ينبغي على سري لانكا أن تتفاوض من أجل إتاحة مزيد من المرونة من أجل تقليم الدعم السعري وغير السعري للمز ارعين.

 

المساعدات الفنية والمالية

كذلك يتعين على سري لانكا أن تثير قضية المساعدات الفنية والمالية في المفاوضات المقبلة، لأن الأحكام الحالية الواردة في مختلف اتفاقيات منظمة التجارة العالمية في هذا الشأن لم تنفذ بشكل فعال حتى الآن.

 

1- استنادا إلى دراسة عامة أعدها Nimal Ranaweera ، كولومبو، بتكليف من قسم السلع والتجارة، بمنظمة الأغذية والزراعة.

2- الأغذية، في هذا القسم، لا تشمل المنتجات السمكية.

 

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية