الصفحة السابقة بيان المحتوياتلصفحة المقبلة

الجزء الثاني

استعراض الحالة في الأقاليم

 

أولا: أفريقيا

عرض عام للإقليم

الأداء الاقتصادي العام

تحسن النمو الاقتصادي تحسنا طفيفا في عامي 2000 و 2001.

لقد بلغ النمو الاقتصادي في أفريقيا جنوب الصحراء 3 في المائة في عام 2000، مما يمثل تحسنا طفيفا عن عام 1999. وعلى الرغم من التباطؤ الاقتصادي العالمي، من المتوقع أن يكون الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي قد حقق نموا بنسبة 3.5 في المائة في عام 2001 (1) . وربما تصاعد النمو في معظم الاقتصادات الرئيسية في المنطقة. ووفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي لعام 2002 من المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي 4.2 في المائة. ولا تزال بلدان كثيرة في أفريقيا جنوب الصحراء تعني حالات عجز مالي خارجي كبيرة. ويرجع ذلك جزئيا إلى ضعف أسعار السلع الأساسية غير الوقود. واستمرار ارتفاع تكاليف خدمة الدين الخارجي.

ومع كون الصادرات تشكل ما يربو على ثلث الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة، فإن التباطؤ العالمي يقوض قطاع تجارة السلع، لاسيما التجارة مع الاتحاد الأوروبي، التي تستوعب زهاء 45 في المائة من صادرات المنطقة (2) . ومع ذلك، فإن التأثيرات المحلية مازالت تلعب دورا مهيمنا في التوقعات الاقتصادية لمعظم البلدان الأفريقية. فعلى وجه الخصوص، نجد أن توقعات الاستثمار الخاص والتنويع الاقتصادي والنمو في المدى الأطول أفضل عموما في البلدان التي اتبعت سياسات سليمة في مجال الاقتصاد الكلي والهيكلة (ومنها مثلا بوتسوانا والكاميرون وموزامبيق وجمهورية تنزانيا المتحدة وأوغندا). وعلى العكس من ذلك نجد أن سوء الأداء على مستوى السياسات، الذي أقترن غالبا بحالة التباس سياسي و/أو صراع، كانت له تأثيرات معاكسة ملحوظة على احتمالات النمو المستدام وعلى احتمالات الحد من الفقر في عدد من البلدان.

الجدول 5

معدلات النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى

الشكل 20

أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مؤشرات مختارة

 

أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى: مؤشرات مختارة

 

ولا ريب في أن قطاعات الاقتصاد المختلفة قد لعبت في السنوات الأخيرة دورا متزايدا في النمو الاقتصادي في منطقة جنوب الصحراء. فمنذ الثمانينات من القرن العشرين تخلف النمو الصناعي عن نمو الناتج المحلي الإجمالي، ويبدو حدوث تحول نحو زيادة الاعتماد على النمو في قطاعات مثل الزراعة والخدمات.

وبينما مرت البلدان الأفريقية في الماضي بطفرات من الاستثمار والنمو، فإنها لم تستطع في الغالب أن تحقق إنجازا مهما في مجالات الاستثمار والمدخرات والصادرات. فنسبتا المدخرات الداخلية والاستثمار الداخلي انخفضت كلتاهما انخفاضا كبيرا في الثمانينات من القرن العشرين ثم انتعشتا في الجزء الأخير من التسعينات. فقد بلغ الاستثمار في أفريقيا جنوب الصحراء في التسعينات 18.2 في المائة (3) من الناتج المحلي الإجمالي، مما يمثل زيادة قدرها 1.2 نقطة مئوية بالمقارنة بالثمانينات. ومن ناحية أخرى بلغت المدخرات 14.5في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في التسعينات، مما يمثل زيادة لا تتجاوز 0.6 في المائة عن الثمانينات (4) .

ولقد أثرت أحداث 11 سبتمبر/أيلول وتداعياتها تأثيرا سلبيا على الاحتمالات المتوقعة للبلدان النامية في أفريقيا جنوب الصحراء. فزيادة ضعف التوقعات الاقتصادية العالمية أدت إلى انخفاض أسعار معظم السلع الأساسية، التي كان كثير منها منخفضا بالفعل. فقد انخفضت أسعار النفط في العالم إلى نحو 18 دولارا أمريكيا للبرميل في أواخر نوفمبر / تشرين الثاني 2001، بعد أن كانت أسعاره تتجاوز 25 دولارا أمريكيا قبل أحداث سبتمبر/أيلول (5) . وهذه الاتجاهات أضعفت الاحتمالات المتوقعة لكثير من أشد البلدان فقرا في المنطقة، مما أدى إلى إجراء مراجعة كبيرة للتوقعات فيما يتعلق بعام 2002.

الأداء الزراعي

لقد كان عام 2000 عام أداء زراعي ضعيف، في الوقت الذي أشارت التوقعات إلى حدوث انتعاش متواضع في عام 2001.

لقد اعترت الأداء الزراعي في أفريقيا جنوب الصحراء حالة ضعف كبير في عام 2000 . فقد انخفض الإنتاج الزراعي الإجمالي بنسبة 3.7 في المائة في عام 2000 بعد أن كان قد زاد بنسبة 3.7 في المائة في عام 1998 و1.9 في المائة في عام 1999. وانخفض إنتاج المحاصيل بنسبة 1 في المائة، كما أنكمش الإنتاج الغذائي بنسبة 0.3 في المائة. وانخفض إنتاج الحبوب الغذائية بنسبة 3.2 في المائة، وهو ثاني انخفاض على التوالي. وارتفع إنتاج الجذور والدرنات بنسبة لا تتجاوز 0.5 في المائة، بعد أن كان قد ارتفع بنسبة قدرها 4.2 في المائة في عام 1999 وبنسبة قدرها 5.5 في المائة في عام 1998. وزاد الإنتاج الحيواني بنسبة 1.4 في المائة، مما يمثل تباطؤا عن العامين السابقين. وقد أشارت التقديرات الأولية لعام 2001 إلى أنه سيكون عاما آخر من الأداء الزراعي المخيب للآمال في المنطقة، بحيث يقل توسع الناتج الزراعي عن 1 في المائة بينما يرتفع إنتاج المحاصيل بنسبة لا تتجاوز 0.9 في المائة والإنتاج الحيواني بنسبة لا تتجاوز 0.5 في المائة.

وفي غرب أفريقيا تباطأ الإنتاج الزراعي في عام 2000 بعد أن حقق نموا قويا بلغ 3 في المائة في عام 1999 و 6 في المائة في عام 1998. فقد شهدت بلدان عديدة، من بينها على وجه الخصوص بينان وغامبيا وليبريا، توسعا شديدا في إنتاجها الزراعي. بيد أن بوركينا فاصو ومالي والنيجر وسيراليون وتوغو شهدت جميعها انخفاضات ملحوظة في صافي ناتجها الإجمالي. فقد انخفض إنتاج المحاصيل بنسبة بلغت نحو 0.3 في المائة. وانخفض إنتاج الحبوب الغذائية بنسبة 3.5 في المائة في عام 2000. وفي بلدان منطقة الساحل، بوجه خاص، أنخفض إنتاج الحبوب الغذائية بنسبة 12.7 في المائة. وارتفع إنتاج الجذور والدرنات بنسبة 2 في المائة، وهو معدل نمو منخفض إلى حد كبير بالمقارنة بالعامين السابقين. ومع ذلك، شهد عدد من البلدان، من بينها بينان وكوت ديفوار وليبريا والنيجر والسنغال، حدوث زيادات كبيرة في إنتاج الكسافا. وارتفع الإنتاج الحيواني بنسبة 27.4 في كوت ديفوار وبنسبة 8.4 في غانا ولكن الناتج الإجمالي ارتفع بنسبة 2 في المائة فقط.

وتشير التقديرات الأولية لعام 2001 إلى أن الإنتاج الزراعي سيزيد بنسبة 0.5 في المائة فقط. بيد أن التوقعات فيما يتعلق بإنتاج الحبوب الغذائية في بلدان منطقة الساحل جيدة في أعقاب موسم كان معدل هطول الأمطار فيه جيدا، بحيث يتوقع لبوركينا فاصو وغامبيا والنيجر أن تسجل غلات محاصيلها معدلات قياسية. وفي وسط أفريقيا انخفض الإنتاج الزراعي بنسبة 1 في المائة في عام 2000 بعد أن انكمش بنسبة 1.7 في المائة في عام 1999. وأنخفض إنتاج المحاصيل بنسبة 4.1 في المائة كما انخفض الإنتاج الحيواني بنسبة 0.7 في المائة بحيث أنكمش كلاهما للسنة الثانية على التوالي. وسجلت الكاميرون وجمهورية أفريقيا الوسطى زيادات في الناتج الإجمالي بلغت 2.4 في المائة للأولى وبلغت 3.7 في المائة للثانية، وهي زيادات تعزى بدرجة كبيرة إلى التوسع الكبير في إنتاج الحبوب الغذائية، بينما شهدت تشاد انخفاض ناتجها بنسبة 7.6 في المائة كما شهدت جمهورية الكونغو الديمقراطية انخفاض ناتجها بنسبة 3 في المائة.

وتشير التقديرات فيما يتعلق بعام 2001 إلى حدوث مزيد من الانكماش، وإن يكن صغيرا، في الناتج الزراعي في المنطقة. ومن المتوقع حدوث توسع معتدل في الناتج الزراعي في الكاميرون وتشاد. أما في جمهورية الكونغو فإن وضع الإمدادات الغذائية لم ينتعش بعد، كما أن استمرار الصراع الأهلي يشير إلى حدوث انخفاض آخر في غلة محصول الحبوب الغذائية.

الجدول 6

معدلات نمو الإنتاج الصافي في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى (1)

وشهد شرق أفريقيا أيضا أداء زراعيا سيئا في عام 2000، حيث أنخفض الناتج بنسبة 0.5 في المائة بعد أن زاد بنسبة 1.5 في المائة فقط في عام 1999 وبنسبة 1.1 في المائة فقط في عام 1998. وقد شهدت بوروندي وإريتريا وموزامبيق على وجه الخصوص انخفاضات كبيرة في ناتجها. ومن ناحية أخرى سجلت رواندا وزمبابوي نموا قويا في الناتج الإجمالي. وانخفض ناتج المحاصيل بنسبة 1 في المائة، حيث سجلت إنكماشات كبيرة بوجه خاص في إريتريا وكينيا وموزامبيق. وقد قابلت غلة الحصاد الجيدة في كل من رواندا والصومال وزمبابوي انخفاضات كبيرة في الناتج في بوروندي وإريتريا وكينيا ومدغشقر وموزامبيق وجمهورية تنزانيا المتحدة، مما أدى إلى حدوث انخفاض في إنتاج الحبوب الغذائية بنسبة 3.5 في المائة في عام 2000. فقد زاد إنتاج الجذور والدرنات بنسبة لا تتجاوز 0.5 في المائة بعد أن كان قد زاد بنسبة 6.7 في المائة في عام 1998 وبنسبة 8.2 في المائة في عام 1999. ولم يرتفع الإنتاج الحيواني سوى بنسبة 0.5 في المائة. إذ أن حالات الجفاف في مناطق الرعي في إثيوبيا وشمال كينيا والصومال أدت إلى نفوق ما يقدر بثلاثة ملايين رأس من رؤوس الماشية (6) . وفي موزامبيق تسببت الفيضانات في نفوق حوالي 350000 رأس من الماشية أو في إصابتها بأضرار شديدة.

وتشير التقديرات فيما يتعلق بعام 2001 إلى أن نمو الإنتاج الزراعي لم يتجاوز نسبة 1.3 في المائة، مع نمو إنتاج المحاصيل بنسبة 1.6 في المائة ونمو الإنتاج الحيواني بنسبة 0.8 في المائة. وفي الصومال زاد إنتاج الحبوب الغذائية بما يقرب من 54 في المائة في عام 2000 ولكن التوقعات فيما يتعلق بالوضع الغذائي في عام 2001 تدعو لقلق شديد. وفي إريتريا ظل الوضع الغذائي متأزما نتيجة للحرب مع إثيوليا وللجفاف في عام 2000. وقد انخفض محصول الحبوب الغذائية في عام 2000 انخفاضا شديدا نتيجة لتشريد مئات الآف من المزارعين من المناطق الغنية زراعيا التي تنتج عادة ما يناهز 70 في المائة من إنتاج الحبوب الغذائية، كما أن التوقعات فيما يتعلق بإنتاج الحبوب الغذائية في عام 2001 ليست إيجابية.

ففي السودان أدى فيضان النيل في المناطق الشمالية إلى تشريد عشرات الآلاف من الناس، وتدمير المحاصيل، وتفاقم وضع الإمدادات الغذائية المزعزع أصلا.

وعلى الرغم من ذلك كانت التوقعات الإجمالية فيما يتعلق بالحبوب الخشنة في عام 2001 إيجابية. ومن المتوقع أيضا أن تكون الأوضاع أفضل لأوغندا نتيجة لتحسن أحوال المراعي وتوافر المياه للماشية في منطقتي كوتيدو وموروتو.

وفي الجنوب الأفريقي (باستثناء جنوب أفريقيا(، انخفض الإنتاج الزراعي بنسبة 3.3 في المائة في عام 2000 بعد أن كان قد زاد بنسبة 14.2 في المائة في عام 1999. وانخفض إنتاج المحاصيل بنسبة 3 في المائة بينما الخفض الإنتاج الحيواني بنسبة 3.9 في المائة. بيد أن إنتاج الحبوب الغذائية ارتفع بنسبة 6.8 في المائة، مع تسجيل محاصيل جيدة بوجه خاص لبوتسوانا وناميبيا. وفي جنوب أفريقيا ارتفع الإنتاج الزراعي بنسبة 3.4في المائة في عام 2000 بعد أن كان قد زاد بنسبة 6.5 في المائة في عام 1999. وارتفع إنتاج المحاصيل بنسبة 5.2 في المائة مع ارتفاع إنتاج الحبوب العدائية بنسبة 37.1 في المائة بعد ثلاث سنوات من انخفاض الإنتاج.

وأشارت التوقعات فيما يتعلق بعام 2001 إلى حدوث انخفاض آخر في الإنتاج الزراعي يبلغ حوالي 0.5 في المائة. فمن المتوقع أن يؤدي مزيج من نوبات جفاف مطولة وفيضانات شديدة وأنقطاع أنشطة الزراعة إلى حدوث أنخفاضات في الإنتاج في المنطقة. وتشير التقديرات الأولية فيما يتعلق بعام 2001 إلى حدوث انخفاض في إنتاج الحبوب الغذائية بما يتجاوز 8 في المائة عن العام السابق. ومن المتوقع أيضا أن ينخفض الإنتاج الزراعي لجنوب أفريقيا بنسبة 5.7 في المائة مع انخفاض إنتاج المحاصيل بنسبة 10.5 في المائة.

دور المرأة في أفريقيا جنوب الصحراء

مقدمة

لقد أصبحت الحاجة إلى التركيز على إنتاج المرأة الزراعية واضحة بصورة متزايدة في أفريقيا جنوب الصحراء. فالمرأة تعد أداة فعالة للتغيير الاجتماعي، نظرا لدورها المهم في أنشطة الزراعة وما بعد الحصاد في معظم بلدان المنطقة. ومع ذلك تسود في المجتمعات المحلية الريفية مجموعة معقدة من الحقوق والالتزامات التي تعكس الأعراف الاجتماعية والدينية؛ وهذه الحقوق والالتزامات تملي تقسيما للعمل بين الرجل والمرأة وتكون بمثابة معوقات للمزارعات. وفهم دور المزارعات وأهميته وتلك المعوقات شرط مسبق لوضع سياسات تكفل تحسين الإنتاجية والتنمية الاجتماعية- الاقتصادية.

دور المزارعات وأهميتهن

في أفريقيا جنوب الصحراء تسهم المرأة بمعظم اليد العاملة للإنتاج الغذائي.

في أفريقيا جنوب الصحراء تسهم المرأة بما يتراوح بين 60 و 80 في المائة من اليد العاملة للإنتاج الغذائي سواء لاسهلاك الأسر أو للبيع (7) . وعلاوة على ذلك، تصبح الزراعة قطاعا يغلب فيه عمل الإناث نتيجة لهجرة الذكور إلى الخارج بدرجة أسرع (8) . فالنساء يشكلن الآن غالبية المزارعين ذوي الحيازات الصغيرة، بحيث يقدمن معظم اليد العاملة ويدرن جزءا كبيرا من أنشطة الزراعة بصفة يومية (9) .

وقد جرت العادة على أن يكون هناك أختلاف في دور الرجل والمرأة في الزراعة في أفريقيا. فالرجل يقوم بتطهير الأرض بينما تقوم المرأة بمعظم أنشطة الزراعة الباقية، لاسيما إزالة الأعشاب والتجهيز. ومنذ العهد الاستعماري، كان معظم نشاط الرجل يتركز في إنتاج المحاصيل النقدية بينما كانت المرأة تعنى أساسا بإنتاج المحاصيل الغذائية ومحاصيل البستنة، وبالإنتاج الحيواني على نطاق صغير، وبتصنيع الإنتاج الزراعي. وكانت أنشطة المرأة تتجه إلى المنزل، لأسباب بيولوجية وثقافية. كما كان كل من الرجل والمرأة مسؤولا أيضا عن مدخلاته ويسيطر على ناتجه.

وفي أفريقيا جنوب الصحراء جرت العادة على أن يتملك الرجل الأرض ولكن كان الرجل والمرأة يزرعان أو يديران معا أو على حدة قطعا من الأراضي.


الإطار 4

الكسافا ودور المرأة

ا لكسافا درـنة تزرع على أوسع نطاق في أفريقيا جنوب الصحراء، وهي ثاني أهم غذاء أساسي من حيث نصيب الفرد عن استهلاك الطاقة الغذائية (1) . وتلعب الكسافا دورا رئيسيا في الحد من انعدام الأمن الغذائي ومن الفقر في الريف بسبب قدرتها على تحمل ظروف الإجهاد إلإيكولوجي المفرط وسوء التربة.

ولقد زاد إنتاج الكسافا في المنطقة زيادة حادة على مدى العقدين الماضيين. ففي خلال الفترة ما بين عام1980 وعام 2001 ارتفع الإنتاج الكلي من 48 مليون طن إلى ما يقرب من 94 مليون طن، بينما زادت المساحة المزروعة بها من 7 ملايين هكتار إلى 10 ملايين هكتار. واليوم تمثل أفريقيا جنوب الصحراء ما يتجاوز نصف إنتاج العالم من الكسافا.

ومع أن الكسافا تعتبر بوجه عام محصولا تقليديا للكفاف، فإن إدخال أنواع جديدة مؤخرا (مثل الأنواع المدارية ” “TMS (2) التي توصل إليها المعهد الدولي للزراعة الاستوائية) قد حولها من محصول احتياطي منخفض الغلة لمجرد درء المجاعة إلى محصول نقدي مرتفع الغلة. وباستخدام وسائل البشر الآلية لتحضير الغاري ” “gari (وهو حبيبات محمصة، وتمثل ناتجا ذا قيمة مضافة)، يتزايد إنتاج وتصنيع الكسافا كمحصول نقدي للاستهلاك الحضري.

وهذا الاتجاه يعزى جزئيا إلى أن الكسافا متعددة الاستخدامات. فهي تستخدم في الخبز وكحبوب غذائية وأكلات خفيفة، وكأنواع من الحساء، وكمستحلبات للمشروبات وكمساحيق دهنية نباتية، وكمواد تحلية تستخدم في الحلويات. وتستخدم نشا الكسلفا أيضا في قطاعات صناعية مختلفة، مثل صناعة الورق، وأدوات التجميل، والمواد الصيدلانية

إنتاج الكسافا والمساحة المزروعة والغلة

وقد بات واضحا أن الكسافا "محصول نسائي". فالمرأة تضطلع بمعظم أنشطة التصنيع، مثل التقشير والغسل والنقل إلى مواقع البشر والطحن، حيث يرص مجروش الكسافا ومبشورها في أجولة ويوضعا في معدات التصنيع التقليدية لكي تجف منهما النشا. والآن تقوم النساء وصغار الفتيات في الأغلب بمهمة تحميص الغاري ونخله.

وتبين دراسة (3) جرت مؤخرا أن عمل المرأة تتزايد أهميته في الإنتاج أيضا. ومازال الرجل يلعب دورا رئيسيا في تحضير الأرـض وحرثها، ولكن المرأة تقوم بمعظم العمل اللازم لإزالة الأعشاب، والحصاد، والنقل، والتجهيز. وتتولى المرأة أيضا بصفة رئيسية مراحل النقل والتصنيع والتسويق اللاحقة.

والزيادة التي حدثت مؤخرا في إنتاج الكسافا ستضفي أهمية أكبر على دور المرأة بالنظر إلى أن عمل المرأة يهيمن على أنشطة ما بعد الحصاد (أنظر الشكل).

تقسيم القوة العاملة في إنتاج الكسافا، بحسب المهام، المتوسط في ستة بلدان أفريقية

نساء من غانا تقشرن جذور الكسافا

تشكل الكسافا جانبا مهما في طعام الكثير من الفقراء في أفريقيا.

بيد أن هناك بعض الاستثناءات. فعلى سبيل المثال، يتولى الرجال إلى حد كبير في غانا ونيجيريا أنشطة البشر والكبس، حيث جرت ميكنة هاتين المهمتين (4) . وفي نيجيريا يتقاسم الرجل والمرأة عملية التصنيع بالتساوي وربما كان تفسير ذلك هو أن إمكانية وصول المرأة إلى التملك محدودة. وقد ورد في الدراسة أن الرجال يملكون من آلات تصنيع الأغذية ضعف ما تملكه النساء، مع أن خدمات الآلات متاحة لكل من الرجل والمرأة.

وعلاوة على ذلك مازالت المرأة تفتقر إلى سلطة اتخاذ القرار في حالات كثيرة. فعندما يكون المقصود هو تخصيص نسب كبيرة من المنتجات للبيع، يتخذ الرجل معظم القرارات في الأسرة ويملي عادة كيفية إنفاق النقود المكتسبة. ولا يسمح للمرأة سوى بتصريف مبيعات ضئيلة من الكسافا، وتستخدم حصيلة البيع في شراء الضروريات للأسرة كالصابون والثقاب والملح.

وتحظى الكسافا بأهمية دائمة في كثير من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، كغناء أساسي وكمحصول نقدي على حد سواء. ومدخلات عمل المرأة في الإنتاج والجني والنقل والتصنيع كبيرة جدا وآخذة في التزايد ووجود سياسات موجهة فيما يتعلق بالائتمان، وخدمات الإرشاد الزراعي الموجهة للجنسين، والتغيرات التكنولوجية والمؤسسية الموجهة نحو المرأة من شأنه أن يزيد من تعزيز الإنتاجية في هذا القطاع. وتمكين المرأة هو السبيل للنجاح في اقتصاد الكسافا.

(1) توفر الكسافا 286 سعرا حراريا للشخص يوميا من مجموع قدره 2198 سعرا حراريا / شخص / يوم.

(2) أنواع من الكسافا المدارية.

(3) دراسة عن الكسافا في أفريقيا اضطلع بها المعهد الدولي للزراعة الاستوائية في الفترة من عام 1989 إلى عام 01997 استنادا إلى بيانات مستمدة من 281 قرية في 6 بلدان أفريقية ( Nweke وآخرون، 2002).

(4) المرجع السابق.


الأدوار التقليدية للمزارعين والمزارعات في حالة تغير.

وهذه الأنماط الزراعية تتغير بمرور الوقت. فقد شهدت بلدان كثيرة اتجاها متزايدا إلى الأسر التي تعولها إناث. فبحلول منتصف التسعينات من القرن العشرين كانت النساء يعلن ما يبلغ في المتوسط 31 في المائة من جميع الأسر الريفية- وهي نسبة أعلى كثيرا من النسب الموجودة في المناطق الأخرى. بيد أن هناك تباينا كبيرا في إطار هذا الاتجاه، يتراوح بين 10 في المائة في بوركينا فاصو والنيجر في أوائل التسعينات و 46 في المائة في بوتسوانا ونسبة 72 في المائة في ليسوتو في أوأخر الثمانينات (10) .

وعلاوة على ذلك، أدت الضغوط السكانية وتوافر فرص للرجال للعمل خارج المزارع إلى تزايد نسبة النساء اللائي أصبحن يدرن المزارع بحكم الأمر الواقع. وفي هذه الأسر يتباين استقلال المرأة الذاتي وسلطتها بمرور الوقت. ففي بعض الحالات يعود المهاجرون الذكور إلى العمل في المزرعة أثناء ذروة الموسم الزراعي. وغالبا ما يكون الرجال غائبين عن القوة العاملة الريفية عندما يكونون في عشرينيات وثلاثينيات عمرهم، وتفوق المرأة الرجل في الفئة العمرية 20- 44 سنة. فعلى سبيل المثال، نجد في كينيا أن النساء يشكلن حوالي 86 في المائة من المزارعين، و 44 في المائة منهن يعملن لحسابهن بينما تنوب 42 في المائة منهن عن أزواجهن في غيابهم (11) . ونتيجة لذلك تعمل نسبة من النساء أعلى من نسبة الرجال في معظم مراحل دورة إنتاج الأغذية والمحاصيل المقدية والماشية- علاوة على عملهن في الأسرة وأنشطتهن الصغيرة المدرة للدخل.

وعلاوة على ذلك تشارك المرأة في جميع أنشطة المزارع ومراحل دورة الإنتاج بصورة أكثر انتظاما من مشاركة الرجل في تلك الأنشطة والمراحل. فهي توفر معظم اليد العاملة وتدير مزارع كثيرة بصفة يومية. وكما يشير الجدول رقم 7، تعمل المرأة ساعات أطول من الساعات التي يعملها الرجل وتنفق وقتا أكبر على أنشطة الزراعة، حتى بالرغم من أن الأرقام بعيدة عن أن تكون متجانسة.

الجدول 7

متوسط عدد الساعات اليومية في الأنشطة الزراعية وغير الزراعية بحسب الجنس، 1994

ا لفروق بين الجنسين في الإنتاجية الزراعية والمعوقات التي تواجه المزارعات

إنتاجية النساء في الزراعة أقل من إنتاجية الرجال.

بينما يواجه الرجل والمرأة عادة نفس المعوقات الخارجية فإن إمكانية حصولهما وإدارتهما لأدوات الإنتاج متفاوتة. فما يحبى به كل سهما، مثل حقوق تملك الأرض والتعليم، يختلف، كما تختلف إمكانية وصولهما إلى التكنولوجيات واليد العاملة ورأس المال وخدمات الدعم والائتمان. وهذا التفاوت يؤدي إلى وجود فروق بينهما في الإنتاجية ليس في صالح المرأة.

ولقد بحث عدد من الدراسات الإنتاجية النسبية للرجل والمرأة في الزراعة في أفريقيا جنوب الصحراء. وتشير النتائج غالبا، ولكن ليس دائما، إلى أن المزارعات إنتاجياتهن أقل لأسباب قلة وصولهن إلى الموارد. ويبين أيضا الشكل رقم 21 الإنتاجية الأضعف للمزارعات: فمتوسط الإنتاجية لكل مزارع (12) يكون عادة أقل في البلدان التي تمثل المرأة فيها حصة من القوى العاملة الزراعية أكبر من الحصة التي يمثلها الرجل.

ومع أن المرأة أقل إنتاجية في الزراعة تتفق الآراء بوجه عام على أنها ليست أقل كفاءة من الرجل في استخدامها للموارد (13) . ولكن الافتقار إلى المدخلات التكميلية هو الذي يؤدي، بالأحرى، إلى انخفاض إنتاجية عمل المزارعات.

الشكل 21

أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى: إنتاج القوى العاملة في قطاع الزراعة وتركيبها بحسب النوع في عام 2000

 

يبدو أن إنتاجية الإناث الأقل تنبع من عدم تساويهن مع الذكور في الوصول إلى الموارد وفرص التعليم.

وتبين قرائن من بوركينا فاصو أن الإناث اللاتي يزرعن نفس المحاصيل التي يزرعها الذكور الذين ينتمون إلى نفس الأسرة وفي نفس السنة يحققن، بالمقارنة بهم، غلات أقل في المتوسط بنسبة 30 في المائة (14) . وكان من أسباب هذا الاختلاف انخفاض مستوى عمل الذكور والأطفال في مساحة الأراضي التي تسيطر عليها النساء. وعلاوة على ذلك، كان استخدام الأسمدة كله تقريبا مركزا في مساحة الأراضي التي يسيطر عليها الذكور. وتفيد التقديرات بأن إعادة تخصيص عوامل الإنتاج المختلفة بنقلها من الأراضي التي يسيطر عليها الذكور إلى الأراضي التي تسيطر عليها الإناث في نفس الأسرة من شأنها أن تزيد إنتاج الأسرة بنسبة تتراوح بين 10 و 20 في المائة. وكان من الاستنتاجات الهامة التي أسفرت عنها نتائج الدراسة أن الأسر لا تعمل عادة مثلما يعمل الفرد وحده، وأن من اللازم إجراء صياغة ملائمة لعملية صنع القرار وتعقيداتها في الأسرة لتوفير توجيه أفضل للسياسات.

وفي ما يتعلق بعينة من المزارعين الكينيين، وجد أن القيمة الإجمالية لناتج الهكتار من مساحة الأراضي التي يديرها الذكور كانت أعلى بنسبة 8 في المائة من مثيلتها لمساحة الأراضي التي تديرها الإناث (15) . وقد تبين أن النساء لو استخدمن نفس الموارد التي يستخدمها الرجال فإن إنتاجيتهن ستزيد بنسبة تبلغ نحو 22 في المائة. وتوصلت الدراسة أيضا إلى أن تعليم المرأة من الأرجح أن يزيد استخدام التكنولوجيات الجديدة أكثر مما يحقق ذلك تعليم الرجل.

ويشير بحث آخر جرى في كينيا إلى أن زيادة مستويات رأس المال المادي والبشري للمرأة (بحيث تصل إلى مستويات رأس المال المادي والبشري للرجل في نفس العينة) من شأنها زيادة الغلات لما يتراوح بين 7 و 9 في المائة (16) . وتبين أيضا أن أثر التعليم المدرسي على إنتاج المزرعة أكبر للمرأة منه للرجل لأن الرجل الذي يتلقى تعليما مدرسيا أكبر يسعى عادة إلى فرص عمل خارج المزرعة، ومن الأرجح أن ينجح في العثور على وظيفة والاستمرار فيها. أما المرأة، من ناحية أخرى، فهي قلما تكون قادرة على العثور على عمل خارج المزرعة.

وتفسر عوامل كثيرة ضعف إنتاجية المرأة في الزراعة. فالزارعة تعمل في ظل معوقات أكبر من المعوقات التي يعمل في ظلها الرجل. ذلك لأن إمكانية وصولها إلى المعلومات والتكنولوجيا والأرض والمدخلات والائتمانات تكون أقل كما ونوعا. كما أن واضعي السياسات والمديرين والوكلاء والمشاركين في خدمات الدعم الزراعي هم في العادة من الذكور، وليسوا دائما على وعي كاف بمشاكل المزارعات واحتياجتهن المحددة. ونتيجة لذلك، فإن خدمات الإعلام والإرشاد الزراعي توجه عادة نحو المزارعين الذكور، على افتراض أن الرسالة ستصل إلى المزارعات. بيد أن القرائن تبين أن هذا، في الحقيقة، لا يحدث.

حصول المرأة على الأرض يمثل مشكلة بوجه خاص.

وفي أفريقيا جنوب الصحراء نحد أن المرأة بوجه خاص وضعها غير موات بالمقارنة بالرجل لأنها تزرع قطعا أصغر من الأرض مع كون ملكيتها لتلك الأرض غير مضمونة بدرجة أكبر (17) . فحصول المرأة على الأرض تحد منه عوامل قانونية ومؤسسية، من قبيل أوجه التمييز القانوني ضد ملكيتها وتوارثها للأرض. ومع أن التغييرات التشريعية تتيح الآن للمرأة أن تتملك عقارا، مازالت التقاليد والعادات في بلدان كثيرة في المنطقة تحول دون أن تكون للمرأة ملكية فعلية.

ففي وادي كتم في السودان، مثلا، سجل نظام عقود الملكية معظم الأراضي التي تملكها نساء بأسماء رجال، ولكن النساء لم يصدر عنهن أي احتجاج حتى على ذلك لأنهن، بحكم الغرف، لا يمارسن أي علاقات مع الدولة، وهو أمر يعتبر حكرا على الرجل منذ أمد طويل (18) . وبدون وجود عقد مضمون لملكية الأرض، غالبا ما تحرم المرأة من العضوية في التعاونيات وغيرها من المنظمات الريفية. وعدم وجود عقد ملكية معناه أيضا عدم وجود ضمانة وبالتالي عدم إمكانية الحصول على الائتمان. ولقد أكدت بلدان نامية كثيرة قانونا يبيح للمرأة حقها الأساسي في تملك الأرض، ولكن سيطرة الإناث الفعلية على الأرض غالبا ما تكون موضع تأويل.

وتحصل المرأة عادة على أقل من 10 في المائة من الائتمانات التي تمنح لذوي الحيازات الصغيرة وعلى واحد في المائة فقط من المبلغ الإجمالي للائتمانات التي توجه إلى الزراعة في كينيا وملاوي وسيراليون وزامبيا وزمبابوي (19) . وفي أفريقيا جنوب الصحراء، نجد أن عدد النساء اللائي يحول فقرهن دون شرائهن مدخلات مثل الأسمدة أكبر من عدد الرجال المماثلين، ولا يعتبرن عادة جديرات بالحصول على ائتمان من جانب المؤسسات المالية التقليدية.

وقد استبان أن التدرب وخدمات الإرشاد الزراعي لاسيما استخدام أخصائيات ميدانيات في الإرشاد الزراعي، عامل يمكن أن يكون مهما في زيادة إنتاجية الإناث (20) . بيد أننا نجد في مثال صارخ لحالة "العمى النوعي" أن 7 في المائة فقط من خدمات الإرشاد الزراعي في أفريقيا كانت موجهة إلى المزارعات في عام 1988 وأن نحو 11 في المائة فقط من جميع موظفي الإرشاد كانوا من النساء (21) .

الملاحظات الختامية ودلالاتها بشأن السياسات

إن إنتاجية المرأة تبدو أقل من إنتاجية الرجل في أفريقيا جنوب الصحراء. وهذا لا يعني أن الإنتاجية الممكنة للمرأة منخفضة، ولا أن دور المرأة في الزراعة يمكن تجاهله. بل على العكس من ذلك تبين القرائن أن إنتاجية المرأة المنخفضة البادية هي نتيجة للمعوقات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجهها.

ولتحسين إنتاجية المزارعات في الإقليم، يلزم قدر كبير من التغيير. إذ يجب أن تحل قوانين وسياسات أقل تمييزا محل التشريعات والأعراف التي تقيد إمكانية حصول المرأة على مقومات الإنتاج مثل الأرض والائتمان والمدخلات والمعلومات والتكنولوجيا. ويجب أن تكون التدخلات مكيفة خصيصا بحسب كل حالة. كما يجب أن تكون التدابير المتخذة ملائمة تقنيا ومناسبة للتعاليم الاجتماعية- الثقافية والدينية للمجتمع المحلي الزراعي ولموارد ذلك المجتمع.

ومع ذلك لا يرجح لأي حلول سريعة أن تضمن تحقيق نتائج ملحوظة، وذلك لأن نجاح الكثير من العلاجات المطلوبة يتوقف على حدوث تغيرات في المواقف من جانب النساء أنفسهن. ومن الممكن اعتبار أن من أهم التحديات التي تواجهها الزراعة حاليا في أفريقيا جنوب الصحراء إيجاد الوسيلة المناسبة التي تزيد وعي المرأة بما يواجهها من ظلم وما ينجم عن ذلك من قصور، وتمكينها من الاختيار بين البدائل.

مكافحة ذبابة التسي تسي والتريبانوزوما (22)

ذبابة التسي تسي والتريبانوزوما تصيبان 37 بلدا أفريقيا.

مقدمة

التريبانوزوما الأفريقية مرض (23) تنقله ذبابة التسي تسي ويصيب ما يتراوح بين 9 و 10 ملايين كيلومتر مربع، أي ما يمثل 37 في المائة من القارة، ويؤثر في 37 بلدا (24) . فزهاء 45 مليون رأس من الماشية فضلا عن حيوانات منزلية أخرى كثيرة تعيش داخل المناطق المربؤة بالتسي تسي أو على هامش تلك المناطق مباشرة. ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يتعرض للخطر أيضا ملايين كثيرة من البشر، بحيث تعزى عشرات الآلاف من الوفيات كل عام إلى مرض النوم، وهو الشكل البشري للتريبانوزوما، بينما يحمل عدد من الناس يقدر بما يتراوح بين 300 ألف و 500 ألف هذا الشكل المميت في الغالب للمرض (25) .

ويؤدي هذا المرض إلى فقدان الإنتاجية في الحيوانات، وكثيرا ما يكون مميتا إذا لم يعالج. فقد أصبحت هناك الآن مناطق كبيرة من الأراضي بها ماشية قليلة نسبيا بسبب وجود ذبابة التسي تسي، والخسائر التقديرية من حيث الناتج والإنتاجية الزراعيين كبيرة جدا (26) . ومع ذلك فإن تكاليف مكافحة التسي تسي / التريبانوزوما أو القضاء عليهما كبيرة ولا يتوافر سوى أدلة محدودة نسبيا فقط على وجود جدوى اقتصادية لمكافحة ذبابة التسي تسي والتريبانوزوما و / أو القضاء عليهما في جنوب الصحراء.

الأثر المباشر للتريبانوزوما

يؤدي المرض إلى انخفاض الإنتاجية الحيوانية.

يؤثر المرض تأثيرا مباشرا على الإنتاج الحيواني بواسطة:

ورغم وجود تباينات كبيرة بين الملاحظات فإن حدوث انخفاض في إنتاج القطعان من اللحوم والألبان، الذي يبلغ في المتوسط 20 في المائة في المناطق المعرضة لخطر التسي تسي، يعتبر تقديرا متحفظا (28) . فعدد رؤوس الماشية ينخفض، على وجه الإجمال، بنسبة تتراوح بين 35 و50 في المائة لأن المزارعين يبقون حيواناتهم بعيدا عن المناطق التي يشتد فيها خطر ذبابة التسي تسي أو التريبانوزوما.

وتشير الأدلة المستندة إلى ممارسات المزارعين الفعلية(بعكس ما توحي به التجارب المدونة) لعينة من ملاك الماشية في بوركينا فاصو إلى أن 87 في المائة من المجيبين يعترفون بحدوث انخفاض كبير في عدد الماشية التي تنفق بسبب التريبانوزوما في أعقاب تنفيذ إجراءات مكافحة ذبابة التسي تسي. فقد قدر ملاك الماشية أن معدل النفوق الإجمالي انخفض من 63 في المائة في 1993 / 1994 - أي قبل المكافحة- إلى 7 في المائة في 1996 / 1997 - أي بعد المكافحة (29) .

وباستخدام بيانات من نظام معلومات برنامج مكافحة التريبانوزوما في أفريقيا قدر أن زيادة قدرها 200 في المائة في أعداد رؤوس الماشية في المناطق المعرضة للخطر قد تحدث في حالة القضاء الكامل والفوري على ذبابة التسي تسي (30) نظريا.

آ ثار المرض غير المباشرة

للمرض أيضا آثار سلبية على نظم إنتاج المحاصيل والإنتاج الحيواني.

قد يكون الأهم حتى من ذلك هو الأثر غير المباشر على إنتاج المحاصيل، واستخدام الأراضي، وبنية النظم الإيكولوجية وعملها، ورفاه الإنسان. فالتريبانوزوما تحول في أماكن كثيرة دون تطور نظم متكاملة لإنتاج المحاصيل والإنتاج الحيواني. وهذا معناه أن الحراثة يجب أن تكود يدوية وأن الإنتاجية الزراعية تكون أقل مما لو كنت توجد حيوانات موفورة الصحة لكي توفر قوة الحر.

وتشير أدلة من إثيوبيا إلى أن مجموعة من الثيران في منطقة موبوءة بذبابة التسي تسي لا تقدر على زراعة سوى ما يعادل 60 في المائة من الأرض الصالحة للزراعة في منطقة خالية من ذبابة التسي تسي (31) . وقد يؤدي المرض إلى عدم استخدام أنواع مناسبة إلى حد كبير للجر الحيواني في المناطق المعرضة للخطر. فعلى سبيل المثال، يقل استخدام الدرباني والحصان الموجودين في عرب أفريقيا في المناطق شبه القاحلة الأكثر رطوبة وفي المناطق دون الرطبة الأكثر جفافا في غرب أفريقيا بسبب خطر إصابتهما بالتريبانوزوما.

الجدول 8

مجموع أعداد الأبقار، والأبقار المهددة بالخطر، والأبقار المعزولة لإصابتها بذبابة التسي تسي (1)

 

الهوامش

  الصفحة السابقة اعلى هذه الصفحةلصفحة المقبلة