الصفحة السابقة بيان المحتوياتلصفحة المقبلة

رابعا: الشرق الأدنى وشمال أفريقيا

عرض عام للإقليم الأداء الاقتصادي العام

شهد إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا زيادة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 5.9 في المائة في عام 2000 وذلك إلى حد كبير نتيجة لارتفاع أسعار النفط

أدى في التباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي وأحداث الحادي عشر من سبتمبر / أيلول إلى إضعاف النمو في الإقليم حيث يتوقع أن يكون في حدود 1.8 في المائة عام 2001.

سجل إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا نموا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ 5.9 في المائة في عام 2000، وهو ما يمثل انتعاشا قويا بالقياس إلى النسبة البالغة 1.1 في المائة التي سجلت في 1999، ويزيد عن المتوسط البالغ 3.3 في المائة للفترة 1993-1999 (83) . ويستند هذا التحسن في الأداء الاقتصادي، إلى حد كبير، إلى الزيادة الكبيرة في أسعار النفط التي تعد العامل الاقتصادي الرئيسي في كثير من بلدان الإقليم. وتشير التوقعات إلى أن النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ 1.8 في المائة في 2001. ويرجع التدهور في الأوضاع الاقتصادية الشاملة في الإقليم عام 2001 إلى حد كبير إلى التباطؤ الشديد في النمو الاقتصادي العالمي وتأثيره على طلب النفط ومن ثم أسعاره.

وأدت أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول إلى تقويض أسعار النفط فضلا عن أسعار معظم السلع الأخرى من غير الوقود. ويتوقع أن تكون البلدان المصدرة للنفط هي الأكثر تضررا. غير أن هذا التأثير سوف يخف في عدد من البلدان ولاسيما في الشرق الأدنى نتيجة للسياسات الاقتصادية المحافظة نسبيا التي تطبق عندما ترتفع أسعار النفط. وأسهم تزايد القلق إزاء الأوضاع الأمنية في الإقليم إلى انخفاض السياحة التي تكتسي أهمية خاصة بالنسبة لمصر والأردن.

وفي جمهورية إيران الإسلامية، انخفض النمو في الناتج المحلي الإجمالي بصورة طفيفة من النسبة البالغة 5.8 في المائة في 2000 حيث وصل إلى 5 في المائة في 2001. ومن المتوقع أن يؤدي تحسن الإنتاج الزراعي بعد فترة جفاف طويلة، والأداء القوي لقطاعي التشييد والتصنيع، والزيادة في الطلب المحلي، إلى دعم النمو الاقتصادي في 2002.

وشهدت المملكة العربية السعودية نموا اقتصاديا قويا بلغ 4.5 في المائة في 2000 ونحو 2.3 في المائة في 2001. كما يتوقع تباطؤ آخر إلى ما يربو قليلا على 1.5 في المائة في 2002. ويطبق البلد سياسة تقييد الأنفاق للتخفيف من تأثيرات التقلبات في أسعار النفط، والحد من ارتفاع الدين المحلي.

وشهدت الجزائر، وهي إحدى البلدان الأخرى المنتجة للنفط، زيادة في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بلغ 2.4 في المائة في 2000، ويتوقع أن يكون هذا النمو قد بلغ 3.6 في المائة في 2001. وسوف يساعد صندوق تثبيت أسعار النفط الذي أنشئ خلال فترة ارتفاع الأسعار في التخفيف من هذا الانخفاض، ويتوقع حدوث نمو مستمر بصورة نسبية في حدود 3.5 في المائة في 2002.

ولم يتجاوز النمو في الناتج المحلي الإجمالي في المغرب 0.8 في المائة في عام 2000، وثمة عامل أساسي يكمن وراء هذا الرقم المنخفض يتمثل في التأثيرات السلبية للأحوال المناخية المعاكسة على الأداء الزراعي. وتشير التقديرات إلى أن النمو قد وصل في عام 2001 إلى 6.1 في المائة، ويتوقع في عام 2002 أن يصل النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي إلى 4.4 في المائة.

وفي مصر، تباطأ النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 5.1 في المائة في 2000 إلى النسبة المتوقعة البالغة 3.3 في المائة في 2001. ومن المتوقع أن يؤدي خفض قيمة العملة بنحو 25 في المائة منذ منتصف 2000، واتفاقية التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الأوروبي في منتصف 2001 إلى تحريك قطاع السلع المتداولة في التجارة.

وبالنسبة لبلدان شرق البحر المتوسط وهي الأردن ولبنان والجمهورية العربية السورية، يتوقع نمو اقتصادي أقل بعض الشيء مما في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا ككل. ويرجع جزء من ذلك إلى الأوضاع الأمنية الصعبة.

وانتعش الاقتصاد التركي من التقلص الذي بلغه في 1999 وقدر 4.7 في المائة حيث بلغ النمو في 2000 نسبة 7.2 في المائة بالأرقام الحقيقية. غير أن من المتوقع مرة أخرى أن يتقلص الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في 2001 بنحو 6.1 في المائة. وقد انهار الاستهلاك الخاص (84) ، والإنفاق الاستثماري الثابت نتيجة لتوقعات السياسات التي تحيط بها الشكوك بعد خفض قيمة العملة. وقد تفاقمت هذه الاتجاهات نتيجة للتأثيرات المتوالية للهجمات التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي. ويتوقع أن ينتعش الاقتصاد في 2002 حيث يصل النمو إلى النسبة المتوقعة وهي 4 في المائة.

الأداء الزراعي

أضر الجفاف بالإنتاج الزراعي في الإقليم بشدة حيث ظل الإنتاج راكدا في عام 2000 بعد تقلصه في العام السابق، واستمر الكثير من البلدان في التعرض لظروف الجفاف في 2001.

كان الجفاف هو العامل المسيطر في الإقليم في عام 2000. وقد أصيب الإنتاج الزراعي بالركود بعد أن سجل تقلصا قدره 4.2 في المائة في عام 1999. وانخفض إنتاج الحبوب للعام الثاني على التوالي. وأستمر الكثير من البلدان في التعرض لظروف الجفاف في عام 2001 للسنة الثالثة على التوالي في كثير من الحالات. وتشير التقديرات إلى أن الإنتاج الزراعي قد تقلص بما يقرب من 2 في المائة. وكانت النتيجة ستصل إلى أسوأ من ذلك لولا تأثير حالة الري في الإقليم.

وفي شمال أفريقيا، زاد الإنتاج الزراعي بما لا يتجاوز 0.7 في المائة في عام 2000 بعد أن كان الإنتاج قد أرتفع بنسبة 2 و7.1 في المائة في 1999 و 1998. وأنخفض الإنتاج المحصولي بنسبة 0.7 في المائة مع انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 9.7 في المائة- وهو ثاني انخفاض على التوالي. غير أن الإنتاج الحيواني زاد بنسبة 2.4 في المائة. وتشير توقعات عام 2001 إلى حدوث زيادة متواضعة في الإنتاج الزراعي تبلغ 0.7 في المائة. وفي حين يتوقع أن يزيد الإنتاج المحصولي بنسبة 0.8 في المائة، فإن من المتوقع لإنتاج الحبوب أن يزيد زيادة حادة تبلغ 11.4 في المائة.

الشكل 33

الشرق الأدنى وشمال أفريقيا: مؤشرات مختارة

الشرق الأدنى وشمال أفريقيا: مؤشرات مختارة

الشكل 34 *

الرقم الدليلي لأسعار النفط

وانخفض الإنتاج الزراعي في المغرب بنسبة 3.7 في المائة في عام 2000 بعد انخفاض بنسبة 10.5 في المائة في العام السابق. وقد أعاقت ظروف الجفاف بشدة إنتاج القمح الذي تعرض لانخفاض آخر قدره 51.8 في المائة بعد انخفاضه بنسبة 46.7 في المائة في 1999. وأصيب الإنتاج الزراعي في التسعينات بالركود نتيجة لهيمنة المحاصيل الحساسة للجفاف مثل الحبوب، وزيادة انتشار الجفاف. وقد تعرض البلد لست حالات جفاف خلال الفترة 1990-2000. ومن المتوقع أن يكون الإنتاج قد زاد بما يقرب من 5 في المائة في عام 2001، مع زيادة في إنتاج الحبوب إلى أكثر من الضعف بالقياس إلى عام 2000.

وفى عام 2000، انخفض الإنتاج الزراعي في الجزائر بنسبة 4.7 في المائة. وتقلص إنتاج الحبوب بنسبة 61 في المائة بعد انخفاضه بنسبة 36 في المائة في عام 1999. ويتوقع في عام 2001 أن يكون النمو في الإنتاج الزراعي قد بلغ ما يقرب من 9 في المائة. وتشير التقديرات إلى أن إنتاج الحبوب ربما وصل إلى 2.6 مليون طن عام 2001 بالقياس إلى 0.9 مليون طن في عام 2000، ومعدل السنوات الخمس الأخيرة البالغ 2.3 مليون طن.

كذلك في تونس، تضرر القطاع الزراعي من أحوال الجفاف الشديد نسبيا في عام 2000، فانخفض الإنتاج الزراعي الشامل بنسبة 4.9 في المائة، وانخفض إنتاج الحبوب بنسبة 42 في المائة في حين زاد الإنتاج الحيواني بنسبة متواضعة تبلغ 1.7 في المائة. ويتوقع في 2001 حدوث انخفاض آخر في الإنتاج الزراعي قدره نحو 8.7 في المائة. غير أنه فيما يتعلق بالحبوب، تشير التقديرات الرسمية للإنتاج في 2001 إلى أنه سيكون في حدود 1.35 مليون طن، أدى بزيادة 24 في المائة عن مستوى عام 2000. وعلى العكس من ذلك سيكون إنتاج الزيتون، الذي يشغل ثلث الأراضي الزراعية، في أدنى مستوياته منذ أكثر من 20 عاما. فقد انخفض المحصول في 2001-2002 بأكثر من 50 في المائة عن محصول العام السابق.

وزاد الإنتاج الزراعي في مصر بنسبة 4.4 في المائة في عام 2000 بعد أن توسع بنسبة 6.5 في المائة في 1999. وزاد إنتاج الحبوب بنسبة 3.7 في المائة مقابل 10.3 في المائة في عام 1999. وفي مصر، يعتمد الإنتاج الغذائي بأكمله تقريبا على نهر النيل والمياه الجوفية، ومن ثم فهو أكثر انعزالا عن تأثيرات الجفاف. غير أن من المتوقع أن يكون الإنتاج الزراعي قد تقلص بنسبة 1.1 في المائة وإنتاج الحبوب بنسبة 6 في المائة في عام 2001. وشهدت بلدان مجلس التعاون الخليجي (85) انخفاضا في الإنتاج الزراعي بنسبة 1 في المائة في عام 2000. وانخفض الإنتاج المحصولي بنسبة 1.7 في المائة مع تقلص إنتاج الحبوب على وجه الخصوص بنسبة 10 في المائة.

الجدول 26

معدلات النمو السنوي في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا

الجدول 27

معدلات نمو الانتاج الصافي في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا

وزاد الإنتاج الحيواني بصورة طفيفة بنسبة 0.8 في المائة. وأشارت التوقعات لعام 2001 إلى زيادة الإنتاج الزراعي بنحو 1.3 في المائة مع ركود الإنتاج المحصولي وزيادة الإنتاج الحيواني بنسبة 1.9 في المائة.

وانخفض الإنتاج الزراعي في بلدان الشرق الأدنى الواقعة في أسيا (باستثناء مجلس التعاون الخليجي) بنسبة 0.3 في المائة في عام 2000 بعد تقلصه بنسبة 7 في المائة في 1999. وحدث ركود في الإنتاج المحصولي وانخفاض الإنتاج الحيواني بنسبة 1.3 في المائة. وأشارت التوقعات لعام 2001 إلى انخفاض الإنتاج بنسبة 3.2 في المائة أخرى مع انخفاض الإنتاج المحصولي والحيواني بنسبة 4.4 في المائة و 1.3 في المائة على التوالي.

تشقق التربة بسبب الجفاف

يتسم إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا بقلة الأمطار واختلاف كمياتها. والجفاف ظاهرة متكررة في أجزاء كبيرة من الإقليم.

وانخفض الإنتاج الزراعي في تركيا بنسبة 0.8 في المائة في عام 2000 بعد انخفاضه بنسبة 5.2 في المائة في عام 1999. وأشارت التوقعات إلى أن تركيا ربما شهدت سنة أخرى رديئة نسبيا في عام 2001 حيث يحدث انخفاض آخر في الإنتاج الزراعي بنسبة 1.1 في المائة كما يتوقع أن يتقلص إنتاج الحبوب بنسبة 9 في المائة.

وفي الأردن، أضر الجفاف الذي ساد في السنوات 1998 و1999 و2000 ضررا بالغا بالإنتاج الزراعي. وعلى الرغم من أن الإنتاج الزراعي قد انتعش قليلا في عام 2000 بالمقارنة بعام 1999، فإن من المتوقع أن يكون عام 2001 قد شهد انخفاضا آخر بنسبة تبلغ نحو 6 في المائة. ونتيجة لاستمرار أحوال الجفاف، شهدت جمهورية إيران الإسلامية انخفاضا في الإنتاج الزراعي بلغ نحو 0.3 في المائة أخرى في عام 2000 بعد انخفاض بنسبة 6.3 في المائة في السنة السابقة. واستمر تأثير الجفاف على الزراعة في عام 2001، حيث يتوقع انخفاض الإنتاج بنسبة تبلغ نحو 8.5 في المائة. وتشير التقديرات إلى أن إنتاج الحبوب قد انخفض بصورة أكبر ليصل إلى 11.9 مليون طن، وهو أقل مستوى يصل إليه منذ عشر سنوات. وأضرت ثلاث سنوات من الجفاف الشديد بنحو 90 في المائة من سكان الريف والحضر والبدو الرحل. وتشير التقديرات إلى أن 200000 من أصحاب القطعان من البدو قد فقدوا مصدر رزقهم الوحيد. فعلاوة على الجفاف الذي ساد البلد بأكمله، أدت السيول الغزيرة التي هطلت خلال أغسطس / آب 2001 إلى تدمير مناطق إنتاج الأرز والقطن والقمح، وألحقت أضرارا بآلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية بالمقاطعات الجنوبية من جمهورية إيران الإسلامية.

التقلبات المناخية والقحولة والتعرض للجفاف

تتعرض الأراضي جيدة الإنتاج أيضا للجفاف ومن ثم يتعين تحقيق الإدارة الحاسمة للتربة لتجنب احتمالات حدوث أضرار غير قابلة للإصلاح.

يحتل إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا منطقة شاسعة تسودها ظروف مناخية معاكسة بصورة عامة، وتتسم بالانخفاض الشديد في المنسوب السنوي للأمطار وتقلباتها الشديدة وبدرجة عالية من القحولة. وفي الماضي، أرست الأنهار تربة خصبة عميقة وغرينية ووفرت سبل العيش للعديد من مجتمعات الري والحضارات الأولى، غير أنه حتى الأراضي جيدة الإنتاج تتعرض بشدة أيضا للجفاف إذا ما أديرت بصورة سيئة مما يؤدي إلى أضرار غير قابلة للإصلاح مثل التصحر. وتختلف هذه العملية عن الجفاف ولكنها تمثل أقصى نتائجه، إذا لم تتخذ تدابير كافية في الوقت المناسب. وقد نوقشت في عدد 2001 من حالة الأغذية والزراعة (86) مشكلة ندرة المياه العامة في الإقليم، والدور الرئيسي للإدارة السليمة لموارد المياه وتنمية الري. ويناقش هذا القسم بصورة أكثر تحديدا تأثير الجفاف وأهمية الاستعداد لمواجهته.

ينبغي النظر إلى الجفاف على أنه عملية لإدارة المخاطر مع التركيز على رصد وإدارة ظروف الإجهاد الناشئة عنه وغير ذلك من الأخطار ذات الصلة بتقلبات المناخ.

ا لجفاف- ظاهرة متكررة هيكليا في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا

للجفاف في الإقليم أسباب معقدة للغاية. فالمواقع الجغرافية المختلفة وتباين التضاريس (المناطق المطلة على البحار والجبال والتلال والأراضي المنبسطة والصحاري) مع تأثيراتها المحيطية والقارية، والتعرض لنظم الرياح الغربية والشرقية، والتعرض لنظم الضغط الجوي الأزورية، كلها من الأسباب المحددة طبيعيا والتي توضح المساحة المكانية للجفاف وحدته في الإقليم. ومن ناحية أخرى، أدت الضغوط السكانية إلى تدهور النظم الإيكولوجية على نطاق واسع خلال العقود الأخيرة الأمر الذي أدى إلى تفاقم تعرض الإقليم للجفاف من خلال التوسع في زراعة الأراضي القاحلة الحدية والهشة وتعرية التربة والتصحر.


الإطار 8

أفغانستان

أدى عقدان من الصراع إلى تحويل أفغانستان إلى بلد من أفقر بلدان العالم. فالاقتصاد بحالة سيئة للغاية ولا يوجد أي إطار للاقتصاد الكلي، ومرافق النقل والاتصالات رديئة بشدة، ولا توجد بنوك عاملة في البلد، كما إن قطاعي التصنيع والتصدير لا يعملان إلا بصورة هامشيه.

والزراعة هي عماد الاقتصاد في البلاد، إلا أن جزءا كبيرا من البنية الأساسية للزراعة تعرض، بعد عقدين من الحرب والصراعات الأهلية، للتدمير وفي حاجة عاجلة إلى إصلاح. والمساحة المزروعة بالحبوب أصغر بكثير اليوم مما كانت عليه في عام 1978. وعلاوة على ذلك، تعرضت أجزاء من أفغانستان لجفاف شديد في عام 1989 و2000 و2001 مما جعل أوضاع الأمن الغذائي الحالية محفوفة بأخطار بالغة. وقد وجدت بعثة تقدير المحاصيل والإمدادات الغذائية المشتركة بين منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي في مايو/أيار 2001 قرائن متزايدة على نشوء ظروف مجاعة واسعة النطاق (1) . وفي بداية عام 2002، كان البرنامج يساعد نحو ستة ملايين نسمة في أفغانستان (2) .

وفي عام 2001، أشار الإنتاج التقديري للحبوب البالغ مليوني طن إلى أن الاحتياجات من واردات الحبوب ستكون في حدود 202 مليون طن، وهو رقم يقترب من المستوى شديد الارتفاع في العام السابق. وتبدو آفاق محصول القمح لعام 2002 (الذي سيحصد في مايو/آيار 2002) سيئة حيث يتوقع أن ينخفض إنتاج الحبوب مرة أخرى مما سيؤدي إلى تفاقم أوضاع ا لإمدادات الغذائية الخطيرة بالفعل.

كما تعرض قطاع الثروة الحيوانية لأضرار جسيمة نتيجة لاستمرار الجفاف لثلاث سنوات متوالية فضلا عن الصراعات الجارية. وأصبح لنقص أراضي الرعي، وتوقف طرق الرعي التقليدية، ونقص الخدمات البيطرية عواقب وخيمة وخاصة بالنسبة لسكان أفغانستان الرحل وهم الكوتشي.

وأدت سنوات الحرب والصراعات الأهلية إلى إهمال البنية الأساسية للري. وتشير التقديرات إلى توقف استخدام نحو نصف المساحة المروية في البلاد. ويتألف الري التقليدي في أفغانستان من شبكات الري السطحية والجوفية باستخدام تقنيات تحويل واستخلاص بسيطة توفر المياه للري وللاستخدامات المنزلية للأسر على مستوى المجتمع المحلي. وهذا النوع من الري هو المصدر الرئيسي للمياه الذي يعتمد عليه في ري جزء كبير من زراعة الحبوب في البلاد. وكان مجموح مساحة الأراضي المروية منذ 23 عاما يبلغ 2.7 مليون هكتار، من بينها، 2.3 مليون هكتار يمكن تصنيفها بأنها مغطاة بشبكات الري التقليدية. وتشير التقديرات إلى أن نحو 50 في المائة من هذه المساحة في حاجة إلى إصلاح، وهو ما يعتبر أقصر طريق إلى الحد من انعدام الأمن الغذائي في البلاد. ومن بين العوامل الأخرى، فإن إصلاح الكثير من هيكل الري سيكون بسيطا نسبيا، ولكن التأثير على الإنتاج الغذائي سيكون فوريا، ويكن أن يصبح الإصلاح بمثابة مصدر كبير لفرص العمل الداخلية ولعودة اللاجئين. ويحتمل أن يشكل هذا الاستثمار، منخفض التكلفة نسبيا مع فترة نضوج قصيرة، قناة فعالة يمكن من خلالها استخدام المعونة الغذائية لتجديد الأصول الإنتاجية.

وسوف تعتمد زيادة الإنتاج المحلي من الحـبوب لا على إصلاح نظام الري فحسب، بل وكذلك على تحسين الإمدادات من المدخلات الضرورية وزيادة توافر قوى الجر وتعزيز خدمات الإرشاد.


الجفاف ظاهرة متكررة في إقليم الشرق الأدنى وشمال أفريقيا. ويرى بعض المحللين أن وتيرة الجفاف وحدته قد زادتا، على الرغم من أن القرائن على ذلك ليست قاطعة بعد.

وتشير القرائن التاريخية التي تعززها دراسات هالات الأشجار في شمال أفريقيا إلى أن الجفاف ظاهرة متكررة هيكليا في هذا الجزء من إقليم البحر المتوسط. ففي تونس، جرى تتبع أثر فترات الجفاف حتى عام 707، وأمكن خلال الفترة 1907-1997 وحدها رصد عدد من سنوات الجفاف بلغ 23 سنة. وفي المغرب، كان عدد فترات الجفاف على امتداد 1000 عام على النحو الذي كشف عنه تقييم هالات الأشجار، يتفاوت من قرن لآخر ولكنه يدور حول معدل 22 عاما من الجفاف في القرن الواحد (87) .

ومن بين الاثنين وعشرين سنة من سنوات الجفاف التي حدثت خلال القرن العشرين، وقع عشر منها خلال العقدين الأخيرين وشملت السنوات الثلاث المتعاقبة 1999 و2000 و2001.

كذلك، فإن الجفاف من الأحداث المتكررة في الشرق الأدنى. فالأردن مثلا تسوده الأراضي القاحلة وتعرض لنقص مزمن في المياه ويعاني من نقص شديد منها منذ الستينات.

وكانت حالات الجفاف الأخيرة في كل من أفغانستان وجمهورية إيران الإسلامية والأردن وباكستان والجمهورية العربية السورية والضفة الغربية وغزة من أسوأ ما سجل في هذه البلدان منذ عقود. وقد أكدت أحدث تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ حدوث بعض الاحترار العالمي في الإقليم، وتوقعت حدوث المزيد منه خلال القرن القادم، إلا أن التغييرات السابقة في أنماط هطول الأمطار والتنبؤات بشأن المستقبل لا تقوم على أسس جيدة بعد (88) .

الجدول 28

عدد حالات ا لجفاف التي شهدها المغرب من القرن الرابع عشر إلى القرن العشرين

 

ونقص المياه أصبح بالفعل العائق الرئيسي في معظم بلدان الإقليم. فاستنادا إلى عمليات محاكاة نموذج الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تشير التوقعات إلى أن ندرة المياه قد تتفاقم بدرجة كبيرة نتيجة للتغييرات في الأنماط المناخية في المستقبل (89) . إن تغير المناخ والجفاف والتصحر ظواهر مترابطة ولكن لا يمكن استخدام المفاهيم بصورة تبادلية لمعالجة القضايا المعقدة المتعلقة بالجفاف وإدارة المياه في هذا الإقليم.

قضايا موارد المياه والأراضي

يجري عادة الاعتماد الشديد على المياه السطحية والجوفية في جميع بلدان الإقليم حيث يستخدم ما بين 60 و90 في المائة منها في الزراعة. ويتزايد الطلب على المياه في جميع أنحاء الإقليم في حين تتناقص إمداداتها باطراد. ويحدث ذلك في سياق ضغوط متضاربة من القطاعات المنزلية والزراعية والصناعية والسياحية. ومازالت مسألة كيفية إحداث التوازن في معادلة المياه تشكل تحديا كبيرا أمام صناع القرار.

وقد سبقت مناقشة موضوع موارد المياه العذبة المتجددة وإدارة المياه في الإقليم في "حالة الأغذية والزراعة لعام 2001" (90) . وتؤكد البيانات المتاحة أن عشرة بلدان على الأقل في الإقليم كانت تعاني بالفعل من نقص شديد في المياه في 1995 (91) . فلدى الأردن والجماهيرية العربية الليبية والكويت وقطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية أقل من 200 متر مكعب من المياه للفرد سنويا لتلبية الاحتياجات المنزلية. وتبين التوقعات أن الجزائر وتونس سوف تنضمان إلى هذه المجموعة في عام 2025، في حين يتوقع أن تعاني مصر والمغرب وسورية من نقص شديد في المياه في عام 2050. ومن المتوقع أن يكون العراق وتركيا فقط البلدين اللذين سيكونان في وضع أفضل نسبيا (92) في عام 2025.

تأثير حالات الجفاف الأخيرة على الإنتاج المحصولي والحيواني

أثرت ثلاث سنوات من الجفاف الشديد على مالا يقل عن 40 في المائة من أعداد الحيوانات في الإقليم.

بعد الإنتعاش في 1998، أدت ثلاث سنوات من الجفاف في كثير من بلدان الإقليم إلى حدوث انخفاض شديد في الناتج الزراعي (أنظر القسم السابق). وتأثر الإنتاج المحصولي ولا سيما إنتاج الحبوب بشدة من جراء ذلك.

وكان للجفاف أيضا تأثيره على أعداد الحيوانات وإنتاجيتها في الإقليم. فالثروة الحيوانية تشكل ما بين 30 و50 في المائة من مجموع الناتج المحلي الإجمالي من الزراعة، كما أنها عامل مهم في دعم سبل معيشة الكثير من سكان الريف. ولذا فإن الخسائر الجسيمة في الحيوانات لها تأثير مباشر وشديد على الأمن الغذائي الأسري وخاصة سكان الريف في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها، الذين يعانون من أكبر قدر من التعرض للجفاف. وأشارت التقديرات إلى أن الجفاف قد أثر، خلال السنوات الثلاث الماضية، على ما لا يقل عن 40 في المائة من أعداد الحيوانات في الإقليم. ووردت تقارير واسعة النطاق من معظم البلدان عن حدوث خسائر فادحة نتيجة لنفوق الحيوانات وخسائر الإنتاج، وبيع الحيوانات تحت وقع الأزمات. والأرجح أن تأثيرات ذلك سوف تستمر بعد 2002 حيث تفاقمت الأوضاع نتيجة للتأثيرات التراكمية لحالات الجفاف المتوالية.

وكان لحالات الجفاف الشديد آثارها المدمرة على الغطاء النباتي للمراعي فضلا عن ندرة الأعلاف من الحبوب ومخلفات المحاصيل. ولذا، فإن المزارعين الذين يفتقرون إلى الموارد يضطرون في كثير من الأحيان إلى شراء الأعلاف على حساب استهلاك الأسرة. وأدى النقص الشديد في الأعلاف إلى بيع الحيوانات على نطاق واسع تحت وقع الأزمة، مما أدى إلى تشبع السوق وحدوث انخفاض شديد في الأسعار. وقد انخفض متوسط أسعار الأغنام الحية بأكثر من النصف فيما بين 1999 و2000. ولوحظ حدوث انخفاضات أخرى في جميع بلدان الإقليم تقريبا، مما يعكس التوقعات باستمرار الجفاف والانخفاض الحاد في الدخل المتاح للتصرف.

التأثير على سبل معيشة السكان ودخل الأسرة والفقر في الريف

علاوة على انهيار النشاطات الزراعية، تضررت إمدادات المياه في الريف والحضر بشدة خلال 1999-2001. وكان توزيع المياه بالحصص القاعدة العامة في معظم المدن الكبيرة في الإقليم. كذلك أدت حالات الجفاف المتكررة إلى حدوث مشكلات اقتصادية واجتماعية جسيمة. فعلى سبيل المثال، أدى الجفاف الذي أصاب الجزائر والمغرب وتونس خلال الفترة 1999-2001 إلى حدوث اختلالات كبيرة في الميزان التجاري للمنتجات الزراعية لهذه البلدان، مما أدى إلى الاضرار بالاقتصاديات الريفية المحلية وزيادة الهجرة إلى المناطق الحضرية وتفاقم الفقر في الريف. وسادت أوضاع مماثلة في جمهورية إيران الإسلامية والأردن والجمهورية العربية السورية وباكستان خلال فترة الجفاف هذه.

الشكل 35

التغيرات في الإنتاج التجميعي من الحبوب في البلدان المتضررة من الجفاف (1) في الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، 1989-2001

 

أدت ثلاث سنوات من الجفاف إلى تفاقم الفقر في الريف وزيادة الهجرة من الريف إلى المدن.

وتشير المعلومات المتوافرة إلى أن انتشار الفقر قد زاد في الإقليم زيادة كبيرة قرب نهاية العقد. وعلى وجه الخصوص زادت نسبة السكان الذين يعيشون على أقل من دولارين أمريكين يوميا من 25 إلى 30 في المائة، وهو تطور يعزى إلى الزيادة السكانية في مصر والمغرب واليمن (93) .

وأكثر المئات الأجتماعية تعرضا وتأثرا بصورة خطيرة هي مزارعو الأراضي الجافة (بما في ذلك منتجو الحبوب)، ومزارعو الزيتون والفاكهة وأصحاب قطعان الأغنام. وتعرض المزارعون وأصحاب القطعان لخسائر جسيمة في دخلهم من خلال خسارة المحاصيل والفقد الجزئي للقطعان وأنحفاض غلات إنتاج المحاصيل وضعف أسعار السوق. ونتيجة لثلاث سنوات من الجفاف، وجد الكثير من أصحاب القطعان والمزارعون في الإقليم أن من الضروري شراء أعلاف تكميلية ومياه وعقاقير وغير ذلك من المدخلات الزراعية مما أدى إلى زيادة مديوناتهم.

ومن العسير تقدير تأثير الجفاف على الدخل المتاح للأسرة بسبب ضعف البيانات الدقيقة المتوافرة. ويرد تلخيص للمعلومات المستمدة من المسوحات الحقلية والمناطق شبه القاحلة المنتجة للحبوب والثروة الحيوانية في المغرب في الجدول رقم 29. وقد أجريت المسوحات في نفس المجتمعات الزراعية على امتداد سنتين متعاقبتين: وكانت الفترة الأولى شديدة الجفاف (1992-1993)، والثانية تعتبر من سنوات الأمطار الجيدة (1993-1994). وتشير النتائج أنه بصرف النظر عن حجم المزرعة، فإن دخل الأسرة تباين تباينا شاسعا من المستوى المرتفع الآمن خلال سنة الأمطار إلى المستوى المنخفض غير الآمن خلال سنة الجفاف. وكان للجفاف تأثير شديد على دخل الكثير من الأسر نتيجة للفشل المحصولي الكامل وضعف عائدات الثروة الحيوانية. وكانت النشاطات غير الزراعية من بين أكثر الآليات شيوعا التي تستخدمها الأسر لمواجهة الموقف كما هو الحال في معظم أنحاء الإقليم. وتشير البيانات الخاصة بالإنفاق الكلي، من ناحية أخرى، إلى أن الأسر تميل في سنوات الجفاف، إلى الإبقاء على نسبة كبيرة من الإنفاق لتغطية تكاليف الإنتاج الفعلية في المزرعة على حساب احتياجات الاستهلاك العادية لأفراد الأسر.

تأثير الجفاف على البيئة

تتسبب ندرة المياه في حدوث إجهاد كبير للبيئة مما يؤدي إلى الأضرار بالتنوع البيولوجي في الإقليم.

تتعرض شبكات الري في الإقليم لإجهاد بيئي كبير، حيث يعاني جميع البلدان تقريبا من مشكلات الملوحة والتغدق. وثمة سبب آخر للقلق يتمثل في الإفراط في استغلال المياه الجوفية وخاصة في بلدان مجلس التعاون الخليجي وإن كان ذلك لا يقتصر عليها فقط. ونظرا لأن المياه تقدم دون تحميل التكاليف تقريبا في معظم البلدان، فإن استدامة شبكات الري تمثل شاغلا كبيرا.

ويتخذ تدهور الموارد الطبيعية بعدا خطيرا بصورة خاصة في المناطق منخفضة الأمطار التي تشكل نحو 70 في المائة من مجموع أراضي الرعي في الإقليم. إذ يعتمد دخل السكان الرحل بصورة مباشرة على نوعية أراضي الرعي ومساحتها. ففي السنوات العادية، تترك الحيوانات في المرعى لمدة ثمانية أشهر ثم تقدم لها الأعلاف في الشهور الأربعة الباقية. أما مع انتشار ظروف الجفاف، مما يعني نقص الأعلاف الخضراء ومياه الشرب في أجزاء كبيرة من أراضي الرعي، فإن الأعلاف الجافة تقدم للحيوانات معظم العام. وقد هاجرت أعداد كبيرة من المزارعين وأصحاب القطعان من قراهم بحثا عن الماء والكلأ. وتتطلب هذه الظاهرة اهتماما مباشرا لتلافي حدوث نزوح كبير للسكان ومزيد من تدهور البيئة.

الجدول 29

تأثير حالات الجفاف على دخل الأسرة وإنفاقها السنوي في منطقة شبه قاحلة في المغرب

ويتسبب طول فترة الجفاف في إحداث أضرار كثيرة بالبيئة، وبالتنوع البيولوجي بالإقليم بما في ذلك الأنواع الحيوانية والنباتية. وتضررت الحياة البرية بشدة نتيجة لنقص مياه الشرب والأعلاف، وجفاف الأراضي الغدقة، وتدهور موائل الحياة البرية. فعلى سبيل المثال، اختفت الأحياء المائية من أراضي هامون الغدقة في جمهورية إيران الإسلامية التي تكتسي أهمية دولية. كذلك فإن آكلات العشب من الأنواع الأولى من الحيوانات التي تتأثر من نقص الأعلاف. كما حدث جفاف للأراضي الغدقة والبحيرات الطبيعية في المغرب، فضلا عن بلدان أخرى في الإقليم مما تسبب في أضرار بيئية مماثلة، يرجح أنها لم يمكن إصلاحها. وفي الأردن تسبب الجفاف المستمر خلال 1999 و2000 في حدوث أضرار ملموسة للغابات الطبيعية والصناعية التي تشكل 20 و30 في المائة من المساحة الإجمالية على التوالي.

التدابير الحكومية لتلافي الجفاف وإغاثة السكان المتضررين في الإقليم

غالبا ما تركز الإدارة الحالية للجفاف والتدخلات للتخفيف من وطأته في الإقليم على عمليات إغاثة قصيرة الأجل.

صبي يحرث أرضه في منطقة قاحلة بالمغرب

يضر الجفاف ضررا بالغا بدخل الأسرة الزراعية.

على الرغم من تكرار الجفاف نسبيا في الإقليم، فإن إدارة الجفاف تركز في معظمها على عملية الإغاثة قصيرة الأجل التي تنفذ بتكاليف ضخمة.

في 2000 / 2001، خصص المغرب نحو 650 مليون دولار أمريكي لنشاطات الإغاثة من الجفاف والتخفيف من وطأته، ويمثل هذا المبلغ نحو ثلث الميزانية السنوية للاستثمار.

تتضمن الفقرات التالية أمثلة للسياسات التي نفذتها حكومات الإقليم استجابة لحالات الجفاف الممتد الأخيرة، والمتمثلة في التجارب العملية من شمال أفريقيا (المغرب) والشرق الأدنى (الأردن) وغرب آسيا (جمهورية إيران الإسلامية). فبالنسبة لهذه البلدان الثلاثة (ومعظم بلدان الإقليم) عندما يحدث جفاف على نطاق البلد تتمثل السياسة المطبقة في إنشاء برنامج وطني لمكافحة الجفاف تتولى رصده لجنة مشتركة بين الإدارات الحكومية (فريق المهمات الوطني المعني بالجفاف). ويتولى هذا الجهاز الذي يتخذ القرارات السياسية ويرأسه وزير الزراعة، اقتراح حزمة من تدابير الطوارئ تنفذ في مختلف أنحاء البلد. وتتشكل أيضا لجان محمية بالجفاف على مستوى المناطق والأقسام لرصد تنفيذ التدابير المخططة مركزيا. ولتنفيذ النشاطات المقترحة، يجري توفير الأموال للتخفيف من التأثيرات المعاكسة للجفاف، ومساعدة سكان الريف المتضررين على حل المشكلات ذات الصلة بما يلي: (1) مياه الشرب، (2) حماية الحيوانات، (3) توفير فرص العمل، (4) التخفيف من الضرائب الزراعية والإعفاء من الديون.

فقد خصصت الحكومة في المغرب، للبرنامج الوطني للإغاثة من الجفاف لعام 2000، نحو 650 مليون دولار للإنفاق منها على نشاطات الإغاثة من الجفاف والتخفيف من وطأته للفترة من أبريل/ نيسان 2000 إلى يوليو / تموز 2001. ويمثل هدا المبلغ الأساسي الهام ثلث ميزانية الاستثمار السنوية بأكملها في البلد. وصرف المبلغ على النحو التالي: 9.4 في المائة لمياه الشرب، 19.4 في المائة لتغذية الحيوانات وتوفير الحماية البيطرية لها، و60.5 في المائة لتوفير فرص عمل في المناطق الريفية، و4.5 في المائة لتثبيت أسعار السوق الخاصة بالحبوب، و 3.8 في المائة للحد من تدهور الغابات، و 1.8 في المائة لتغطية الإعفاءات من الديون الزراعية، ونسبة 0.5 في المائة الباقية للاتصال والتوعية العامة (94) . وفيما يتعلق بمستوى الاستثمار، وفترة التنفيذ، والنتائج الأولية، فإن البرنامج يتسم بنجاح نسبي وإن لم يكن قد أجرى بعد تقييم للتأثيرات الحقيقية (95) .

وفي الأردن، بلغت المساعدات المالية الحكومية لبرنامج الإغاثة من الجفاف في 1999 مقدار 58 مليون دولار أمريكي، وخصص مبلغ مماثل لعام 2000. وبلغت تقديرات خسائر الإنتاج الفعلية في 2000 مقدار 160 مليون دولار أمريكي (96) . ويركز البرنامج الوطني للتخفيف من وطأة الجفاف على توفير المياه والأعلاف لأصحاب قطعان الأغنام، وتقديم الدعم لأسعار الشعير والمواد العلفية المعانة، والمرونة في استيراد الأعلاف وتصدير الحيوانات الحية وتطبيق آليات لإرجاء استرداد القروض الزراعية أو الإعفاء منها بالنسبة لمعظم المجتمعات المحلية المتضررة. كما وزعت الحكومة المياه والمعونة الغذائية على السكان الرحل الذين يعيشون في المنطقة الصحراوية من البلد وسهوب البادية (البدو)، وفي الأجزاء المتضررة المماثلة في المناطق الأخرى.

تقدر خسائرالإنتاج المحصولي والحيواني ذات الصلة بالجفاف في جمهورية إيران الإسلامية بمقدار 2.6 مليار دولار أمريكي.

وخصصت حكومة جمهورية إيران الإسلامية 138 مليون دولار أمريكي و500 مليون دولار أمريكي في 2000 و2001 على التوالي للتخفيف من تأثيرات الجفاف الجارية. وخصص نصف ميزانية 2001 للبنك الزراعي لتقديم القروض لمشروعات التخفيف من وطأة الجفاف التي تركز، مثلا، على صيانة التربة والمياه على مستوى المزرعة وإمدادات المياه وصيانة قنوات الري التقليدية التي أصابها الدمار، وإدارة مستجمعات المياه. وخصص النصف الآخر من الميزانية لنشاطات الاستعداد وزيادة رأسمال صناديق التأمين على المنتجات الزراعية. وتمثل الميزانية المعتمدة لعام 2002 نحو 20 في المائة من مجموع الخسائر التقديرية التي وقعت في 2001 للإنتاج المحصولي والحيواني والتي كانت في حدود 2.6 مليار دولار أمريكي (97) .

من إدارة رد الفعل في الأزمات إلى استقراء المخاطر

البلدان التي لديها سياسات طويلة الأجل لإدارة الجفاف أكثر قدرة على معالجة الجفاف من البلدان التي تدير فقط الأزمة الناجمة عن ذلك.

الزراعة في الإقليم شديدة الحساسية للتقلبات المناخية من عام الآخر. وعلى الرغم من أن هذه التقلبات المناخية تثير قضايا معقدة تتعلق بإدارة المخاطر، فإن الكثير من البلدان ليس لديه أية سياسة مستدامة للإدارة للتصدي لهذه المخاطر الطبيعية. ولا شك في أن للري والإدارة السليمة لموارد المياه دور حيوي في هذا المجال (على النحو الذي تم تناوله في حالة الأغذية والزراعة لعام 2001).

وعلاوة على ذلك، أثبتت التجارب في الأماكن الأخرى أن البلدان التي لديها سياسات طويلة الأجل لإدارة الجفاف مثل استراليا وجنوب أفريقيا وبعض الولايات في الولايات المتحدة تكون أفضل استعدادا للتعامل مع الجفاف من تلك التي تدير الأزمة فقط. وتشمل الاستراتيجية الجديدة في الإقليم إنشاء المرصد الوطني للجفاف داخل وزارة الفلاحة في المغرب لوضع خطة وطنية لمكافحة الجفاف بتعاون مؤسسي وثيق بين صانعي السياسات والجامعات. والغرض من هذا الجهد هو إقامة بنية أساسية مؤسسية تتضمن نظاما للإنذار المبكر عن الجفاف، ونظاما لتوصيل المعلومات للمستخدمين ومديري عمليات الجفاف. وتتمثل النتيجة المباشرة لهذه المبادرة في تعزيز القدرة المؤسسية على الإنذار المبكر بالجفاف ورصد وتقدير تأثيراته.

وثمة عنصر رئيسي للتخطيط لمواجهة الجفاف والتخفيف من وطأته في الإقليم يتمثل في الرصد المبكر للجفاف وتوصيل المعلومات في وقتها وبصورة فعالة لصانعي القرار. ويتطلب ذلك رصدا مستمرا لأحوال المناخ وإمدادات المياه داخل البلدان المختلفة وكذلك عبر البلدان داخل الإقليم. وقد اتخذت في هذا السياق مؤخرا مبادرات لتعزيز الجهود الإقليمية لإقامة الشبكات للاستعداد لمواجهة الجفاف.

ويمثل مفهوم الشبكة العالمية للاستعداد لمواجهة الجفاف مبادرة يمكن، بدعم من منظمة الأغذية والزراعة والمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، أن تهيئ الفرصة للشبكات الإقليمية في الدول والأقاليم لتبادل الخبرات والدروس المكتسبة (جوانب النجاح ونقاط الفشل) من خلال شبكة المعلومات العالمية باعتبارها نظاما لتوصيل المعلومات.

وهناك عنصر مهم في هذه الشبكة العالمية يتمثل في "النظام العالمي للإعلام والإنذار المبكر" في منظمة الأغذية والزراعة الذي يقدم تقارير عن النقص في الأغذية على مستوى الأقاليم والأحداث الطارئة مثل حالات الجفاف التي قد تؤثر تأثيرا شديدا في نظام الإنتاج الغذائي في أنحاء العالم.

الهوامش

  الصفحة السابقة اعلى هذه الصفحةلصفحة المقبلة