الصفحة السابقةالمحتوياتالصفحة التالية

 

1-2 تربية الأحياء المائية والادارة الساحلية- مراجعة موجزة للنظرية والممارسة

 لقد ناقش التخطيط الإستراتيجي بصورة تقليدية عدم كفاية التوجهات على مستوى المنشأة والتي تم ابرازها في القسم السابق. إلا انه مع بعض الاستثناءات الواضحة (مثل الحاجز المرجاني العظيم في استراليا)، فإن هذه التوجهات قد اتجهت نحو وضع تأكيد محدود على قضايا الموارد الطبيعية والتي كان يتم تناولها عادة بواسطة الادارات القطاعية مثل ادارات المصايد، الزراعة والغابات.

 ولذلك تم اقتراح توجهات اكثر شمولية لإدارة الموارد الساحلية كأطر للتعامل مع قضايا الاستخدام لمستدام للموارد الساحلية بصورة اوسع، والتخفيف من التضارب، والتوزيع الأمثل للموارد بما فيها الأرض والماء. وتتراوح هذه التوجهات بين مبادرات متعلقة بالتخطيط والإدارة البيئية على مستوى لقطاع (عرفت اسفل باسم الإدارة القطاعية المحسنة)، الى برامج أكثر طموحا للادارة الساحلية التكاملية.

وتفحص الأفسام التالية الهياكل المختلفة للادارة الساحلية المستخدمة أو المقترحة  وتناقش نقاط قوتها ومواطن ضعفها. كما يتم كذلك عرض دراسات حالة موجزة في الإطارات التوضيحية وذلك لإيضاح التطبيق العملي للتوجهات المختلفة.

 

1-2-1 نطاق الادارة الساحلية

 تتضمن الإدارة الساحلية امورا اوسع من مجرد مناقشة قضايا التنمية او الموارد المتعلقة بنشاط بعينه أو قطاع محدد في المنطقة الساحلية. وقد اقترح (Olsen et al. (1997 المصطلحات التالية لللادارة الساحلية.

الإدارة القطاعية المحسنة:  تركز على قطاع او موضوع واحد على نحو يبين التأثيرات و التداخلات   مع القطاعات الأخرى، وكذلك وظانف النظام البيئي والقدرة المؤسسية.

ادارة المنطقة الساحلية:  تعني التخطيط متعدد القطاعات والضوأبط التي تركز على الخصائص والاحتياجات للشريط الضيق، المحدد جغرافيا على امتداد. الخط لساحلي.

الإدارة الساحلية التكاملية: تعني التوسع في خصائص ادارة المنطقة للساحل ية عبر القطاعات و تأخذ الاعتبار عمليات النظام البيئي فيمجاري المياه الساحلية والمحيطات

وفي التطبيق العملي، هناك مدى واسع او متصل لمبادرات الادارة الساحلية ذات العلاقة بتربية الأحياء المائية والتي تتكامل بشكل او باخر من حيث النطاق الجغرافي، التكامل الأفقي (القطاعي)  اوالتكامل الرأنسي (السياسات). وتتداخل عمليا كل من مبادرتي ادارة المنطقة الساحلية والإدارة الساحلية التكاملية بشكل كبير وبصورة اصعب معها تحديد حدود كل منهما. ولأغراض عملية، سيجري تكاملهما معا في المناقشة التالية.

 

1-2-2 الادارة القطاعية  المحسنة

تنتشر المبادرات التي تستهدف التنمية والإدارة القطاعية لتربية الأحياء المائية  بشكل كبير في الدول المتقدمة:

 Krivy, 1995; PAP/RAC, Ibrekk et al., 1993; (Black, 1991; GESAMP, 1996a; ICES, 1997; Truscott, Rosenthal and Burbridge, 1995; 1996 ; PAP/RAC, 1995 Rosenthal et al. 1993; 1994  . ولقد ازداد الاهتمام بهذه التوجهات بسبب تنامي الوعي بأمور ألاستدامة بوجه عام، وخصوصا القضايا التي تتعلق بتربية الأحياء المائية كما سبق شرحه في الأقسام1-1-2.الى 1-1-4  وتتجه الإدارة القطاعية المحسنة بطبيعتها !لى التحفظ، كما تظهر المبادرات عادة من داخل للمؤسسات القائمة  واعتمادا على المسؤوليات والقوى المو جود ة.

 وتتسم هذه المبادرات بالتنوع، وتشمل استخدام تقييم اللاثر البيئي على مستوى القطاع !و المزرعة، كما قد تشمل مجموعة من الأليات والحوافز للوصول الى الاختيار الأفضل للموقع او الممارسات المستدامة (اطار 1-3).  وقد تم في بعض الحالات تقييم للقدرة البيئية وعلاقتها بجودة او موقع انتاج تربية الأحياء المائية (اطار 1-2). وتركز المبادرات الأخرى على تحديد المواقع او المناطق الملاءمة لتنمية تربية الأحياء المائية، مستعينة في مهمتها باستخدام نظام المعلومات الجغرافي او الاستشعار عن بعد. ويتم حاليا في تسمانيا Tasmania استخدام توجه أكثر شمولا يتطلب إعداد الخطط المحلية التنموية لللاستزراع البحرى (إطار 1-4).

 وقد تم تمويل هذا النوع من المبادرات من طرف الحكومة على كافة المستويات، بواسطة البنوك التنموية او وكالات المعونة و الشركات الخاصة. ولكن تظل الريادة للمؤسسات الملتزمة بالمسؤولية التقليدية للمصايد وتربية الأحياء المائية.

 

اطار رقم 1- 2 الادارة القطاعية المحسنة في النرويج

 في  بداية التسعينيات تم في النرويج إعداد برنامج !دارة لتربية الأحياء المائية في المناطق الساحلية عرف باسم LENKA.

 ا لأهداف

 الإجراءات

1- تصنيف البيئة الساحلية من حيث حساسيتها للحمل العضوي والعناصر الغذائية.

2- تقييم القدرة الطبيعية لكل فئة على استيعاب الحمل العضوي والعناصر المغذية.

3- تقييم الحمل الكلى والمدخلات الكلية الحالية:

4- تقدير الحد الأقصى للحمل العضوي المسموح به والذي يتجول الى مكافئ انتاجية في  تربية الأحياء المائية

5 - تقييم المساحة الفعلية المتاحة لتربية الأحياء المائية وذلك بطرح كافة المساحات غير المناسبة وكذلك كافة المساحات المشغولة حاليا من المساحة الأجمالية.

6- التقدير الإجمالي للانتاج الإضافي الممكن تحقيقه دون تجاوز المساحة او قدرة العناصر الغذائية المتاحة.

  وعلى الرغم من المستقبل الواعد، فإن LENKA لم تتحول الى اداة تخطيط رئيسية في صناعة تربية الأحياء المائية، ولا لإدارة ساحلية بوجه عام، ولم يتم دمجها في اطار تخطيط  !كئر شمولا بحيث يمكن استخدامها لتوضيح !و انجاز الأهداف التخطيطية.

 ويوضح هذا الفشل ضرورة  الاهتمام بالقضايا المؤسسية، والتأكد من وجود آلية لنشر الحوافز والضوابط بصورة فعالة لبلوغ الأهداف الاقتصادية والبيئية. وتعتبر، LENKA اداة قوية ولكن دون اطار.

المصدر: Ibrekk et al. )1993)

 

اطار رقم 1-3 الادارة القطاعية المحسنة في هونج كونج

 لقد ادى التطور السريع غير المنظم لتربية الأسماك في الأقفاص البحرية في هونج كونج في السبعينيات الى مشاكل في جودة المياه وتعارض في الاستخدامات الترفيهية. ونتيجة لذلك، تم استحداث اطار قانوني لإدارة تربية الأحياء المائية، كما تم اجراء تقييم بيئي للقطاع.

 ويتم تنظيم تربية الأحياء المائية حاليا عن قرب من خلال ادارة تراقبها مجموعة عمل حكومية. وتشمل التشريعات تحديد المواقع، الترخيص وحدود الإنتاج. ويتم الإنتاج بشكل مستقر في مناطق تتسم بقلة التدفق المائي، ولذلك اصبح التأئير البيئي لهذه الصناعة الان في حدود مقبولة. ولسوء الحظ فقد عانت هذه الصناعة في السنوات الأخيرة من نفوق الأسماك ومن مشاكل تسويقية تتعلق ب '' المد الأحمر red tide" مما ابرز الحاجة إلى توجه اكثر شمولية ياخد في ألاعتبار جميع صور تحميل المواد لمغذية حول هونج كونج.

 المصدر : (  Wong (1995

 

اطار رقم 1-4. تسمانيا -  توجه مؤسسي لللادارة القطاعية المحسنة

 يقدم قانون تخطيط الاستزراع البحري بشمانيا لسنة 1995 خططا لتنمية الاستزراع البحرى تتكون من:

وتوضع الخطط بعد التشاور الشعبي الذي يأخذ الاتي في الحسبان:

 وتتمثل المراقبة العامة المتبعة في ادارة مناطق الاستزراع البحري فى الأمور التالية:

 ويضع هذا التوجه مزيدا من التأكيد على الإطار التخطيطي،  وقليلا من الاهتمام على القدرة البيئية مقارنة بتوجه لنكا LENKA. ويجب الانتظار للحكم على مدى نجاحه، غير انه يمهذه قوة إجرائية كبيرة للتنفيذ مدعومة باحكام قانونية محددة.

 

مكمن القوة:

 

 مواطن الضعف:

 

1-2-3 المنطقة الساحلية والادارة الساحـلية التكاملية

لقد اقترحت توجهات ادارة المناطق الساحلية، والإدارة الساحلية التكاملية كأساليب اكثر شمولية للادارة الساحلية التى تعالج الحدود والصعوبات المتعلقة بالتوجهات القطاعية والقطاعية المحسنة، خاصة المرتبطة بتربية الأحياء المائية (1997 ,Chua). وتتضمن ادارة المناطق الساحلية التخطيط والتنظيم متعدد القطاعات، وكذلك بعض التنسيق والصلاحية لتقييم وتحقيق التوازن بين اهتمامات القطاعات المختلفة. وتمنح الإدارة الساحلية التكاملية آليات تمكنها من تناول قضايا متشعبة (مثل تداخلات الأرض، الساحل والمحيط).

 وتختلف مبادرات الإدارة الساحلية التكاملية اختلافا كبيرا عن ادارة المنطقة الساحلية من حيث الأهداف المحددة, التوجه العام، النطاق الجغرافي والقطاعي، لوائح البدء والتنفيذ، ومدى تأثيرها على صنع القرار واستخدام الموارد في المناطق الساحلية. ولقد نشأت هذه التوجهات من مبادرات اكاديمية أو سياسية، مشاريع ممولة من برامج المعونة او استجابة لمشكلة بيئية او لحاجة تنموية. ولكن معظم مبادرات الإدارة الساحلية التكاملية تشترك في صفات محورية عامة.

وتتضمن الأهداف اشارة إلى واحد نو ئكثر من الأمور الآتية:

 وفي بعض الحالات قد يكون للادارة الساحلية التكاملية أهداف اجتماعية وسياسية صريحة مثل مستوى المعيشة؛ التوزيع الأكثر انصافا للمكاسب الاقتصادية؛ العدل الاجتماعي والعدل عبر الأجيال وازلة الفقر (GESAMP,1996b;Yap,1996)

وهناك الكثير من الدراسات والتوجهات تتعلق بالإدارة الساحلية التكاملية تم نشرها في الأعوام الأخيرة ( ,Chua  1997 ; Chua and Fallon-Scura, 1992; Cicin-Sain et al. 1995; Clark, 1992; Pernetta and Elder, 1993; GEF/UNDP/IMO, 1996; GESAMP, 1996b; OECD 1993; Post and Lundin, 1996; Sorenson, 1997; Scialabba, 1998; Cicin-Sain and UNEP, 1995; Lowry et aL, 1999 Knecht, 1998) . وعلى الرغم من اتفاق الرأي حول يلمكونات لرئيسية لبدارة الساحلية التكاملية بشكل عام، فإن التفاصيل تختلف بشكل كبير. ولقد قارن Cicin-Sain وآخرون (1995) توجهات الإدارة لساحلية التى تم أعدتها خمس هيئات دولية (OECD,1991; Pernetta and Elder, 1993; IPCC, 1994; UNEP, 1995; World Bank, 1993 ). وبناء على هذه المقارنة، فقد أعد المؤلف!ن بالإجماع مجموعة من الإرشادات تخص بدارة المناطق الساحلية (جدول1-1).

 

التطبيق العملي للادارة الساحلية التكاملية

لقد تم دعم توجهات الادارة الساحلية التكاملية على نطاق واسع، كما تمت الموافقة على هذه التوجهات (فيما عدا بعض الاستثناءات الحديثة (Davos, 1998; Nichols 1999) . او في الحقيقة يصعب انتقاد مفهوم الإدارة الساحلية التكاملية. إلا ان التطبيق، ولسوء الحظ، كان صعبا، كما كان النجاح العملي غير واضح. ولقد ناقش( Sorensen 1997) النتائج المخيبة للآمال لمجهودات الإدارة الساحلية بوجه عام. فالقليل جدا من المبادرات الحديثة الكثيرة هو ما تم تقييمه بصرامة تبعا لمعايير محددة. ولذلك كانت مؤشرات النجاح قليلة وامثلة الفشل كثيرة. وقد أعزى المؤلف الكثير من هذا الفشل الى غياب التكامل الرئسي والأفقي الحقيقي.

 

جدول 1.1. مجموعة الآراء الخاصة بارشادات الادارة لساحلية التكاملية.

المصدر  Cicin-Sain et al. )1995) :

تربية الأحياء المائية والادارة الساحلية التكاملية:

تعتبر تربية الأحياء المائية من جوانب عديدة نموذجا تقليديا يبرر الحاجة الى الإدارة الساحلية التكاملية:

·         

ولسوء الحظ لا يوجد سوى عدد  قليل من الأمثلة الواضحة حول نجاح التكامل الشامل بين تربية الأحياء المائية والإدارة الساحلية التكاملية. و وهناك جدل بأن هذا النقص يعود إلى قلة عدد المبادرات الأصيلة للادارة الساحلية التكاملية التي تم فيها تقييم تربية الأحياء المائية جنبا الى جنب مع سلسلة من الأنشطة الحالية او المحتملة في المنطقة الساحلية، مع استخدام معايير تقييم متسقة ومنطقية ومتفق عليها من طرف اصحاب المصالح والوكالات. ولكن تنفيذ هذه المبادئ بدقة، يتطلب وقتا طويلا ويعنى ذلك معضلة في الكثير من الدول النامية حيث تتطور تربية الأحياء المائية فيها بدرجة سريعة جدا. ويعد نموذج الإكوادور مثالا واضحا لذلك، حيث ان الضغط السكاني والتنمية الصناعية وتربية الجمبرى (الروبيان)  كان له تائير سلبي على موارد مصبات الأنهار خلال الفترة التي كان يجري فيها إعداد مشروع طويل الامد للادارة الساحلية التكاملية. كما أن تربية الجمبري ( الروبيان) في سيريحنكا قد تطورت حديثا ولكن بدصن مراقبة (إطار 1-5)، وقد صاحب هذا عواقب بيئية سلبية وتلوث ذاتط، على الرغم من لوعط القوى باهمية الإدارة الساحلية التكاملية ووجود العديد من مبادراتها.

 

اطار رقم 1-5. ادارة المناطق الساحلية في سيريلنكا

لقد اشتدت الحاجة الى بلورة بعض اشكال إدارة الموارد الساحلية وادارة البيئة فى سيريلنكا منذ منتصف السبعينيات نتيجة لتدمير الشعاب المرجانية لأغراض عمرانية. ولذ لك جرى إعداد خطة لإدارة البيئية الساحلية (الساحل الغربي) فى عام 1984 بهدف منع التدهور البيئي للمناطق الساحلية. وقد تضمنت الخطة مقاييس التدهور، تقييم الاثار البيئية للاتشطة التنموية وتحريم الأنشطة التي يمكن ان تؤدى!لى تدهور مناطق طبيعية معينة.

 ومنذ سنة 1997 ,نتج عن برنامج ادارة الموارد الساحلية مجموعة من الإجراءات تتضمن خطة لإدارة المناطق الساحلية تهدف الى دعم الإنتاج المستدام من الاستخدامات المتعددة لمصبات الأنهار، البحيرات الشاطئية ومناطق المانجروف في الإقليم. وطبقا لهذه المبادرات والتشريعات الحديثة، فإن عمليات تربية الأحياء المائية يجب ان يتم تسجيلها، كما يجب إجراء تقييم الأئر البيئي (بواسطة مجموعة متنوعة من الوكالات الحكومية وذوي الاهتمام الآخرين) للمزارع التي تتجاوز مساحتها اربعة هكتارات.

 وعلى الرغم من هذه الإجراءات، فإن تربية الجمبري (الروبيان) قد تطورت بشكل سريع ولكن في غياب اية رقابة، مما ادى!لى تلوث ذاتي، امراض، تعارض بين المستخدمين في بعض المناطق، وتدمير للمانجروف. ويعزى الفشل في مبادرات الإدارة الساحلية بشكل كبير الى صعوبة تنفيذ التعليمات وأوامر التسجيل، وعدم مقدرة دراسة بيئية واحدة على التغلب على المشاكل ذات التأثير التراكمي، مهما كانت صغيرة. وبمعنى آخر، على الرغم مما يحمله الاسم من دلالات، فإن خطة ادارة المناطق الساحلية كان ينقصها التوجه الاستراتيجي فى التخطيط لتنمية تربية الأحياء المائية، بل اعتمدت بدلا من ذلك على اسلوب بيروقراطي مهلهل كان مآله الفشل الحتمي.

 

اما الدول الأخرى التي تكون الهياكل المؤسسية و التخطيطية القائمة فيها ملائمة وحيث يقل الضغط التنموي الى حد كبير، تصبح الإدارة الساحلية التكاملية مطلوبة ومجدية. وتعتبر حالة نيوزيلندا مثالا لذلك (إطار 1-6).

 

عناصر القوة

 

مواطن الضعف

 

اطار رقم 1-6 الادارة الساحلية التكاملية وتربية الاحياء المائية فى نيوزيلندا

تمتلك نيوزيلندا الآن اطارا شاملا نسبيا للادارة الساحلية التكاملية يقوم على منهج " التخطيط المتسلسل'' (التكامل الرأسي).

 وتبعا لقانون ادارة الموارد لسنة 1991، فقد تم تعريف السياسة العامة والمبادئ الأساسية في فقرة " السياسة الساحلية الوطنية" التى تم تفسيرها وتنفيذها على ارض الواقع من خلال خطط ساحلية اقليمية استراتيجية اكثر تفصيلا.

 وتعمل لجان التقصي على المستوى الإقليمي على تناول مشاكل محددة، فى حين تعمل المحكمة البيئية على المستوى الوطني على معالجة مظالم محددة ناتجة عن تطبيق القوانين.

 وهناك مبدآن اساسيان يجب معرفتهما في هذا السياق:

 ومبرر هذا هو تشجيع تبنى التقنيات المتطورة للاقلال من الآثار البيئية، بدلا من الحد من مستوى التنمية نفسه. ويجب ان يسمح هذا، وسوف يسمح، في النهاية بتخصيص حقوق الاستخدام البيئي، او تخصيص جزء من الطاقة البيئية لمستخدمين بعينهم أو لمجموعات من المستخدمين.

 وعلى طالبى الترخيص ان يبرهنوا على مسؤوليتهم البيئية من خلال القيام بتقييم للائر البيئي وان يوضحو كيف سيقومون بالحد من، ومعالجة، الآئار البيئية. والمشاكل الرئيسية التي برزت في هذا الأمر حتى الآن هي:

 

1-2-4 الدروس  المستفادة

معوقات التكامل

ليس من الصعب معرفة اسباب النجاح المحدود للادارة الساحلية التكاملية. فعادة ما تكون هناك عوائق مؤسسية وسياسية للمتطلبات الأساسية للتكامل الرأسي والأفقي، وكذلك معوقات سياسية تعوق المشاركة الكاملة، كما أن موضوعات استخدام الموارد هي قضايا معقدة. والسيطرة على، أو تملك، الأرض والماء في المناطق الساحلية، خاصة في المناطق التى تشملها حركة المد (والتي عادة ما تستخدم لتربية الأحياء المائية)، هي ايضا مبهمة او غير منظمة في كثير من البلدان.

 ان التوجه الشامل للادارة الساحلية التكاملية (كما تم تعريفه في الجدول 1-1) يمكن ان يجعل منها عملية طويلة ومعقدة. والتعامل مع هذه التعقيدات، وتحديد التفاصيل أوالدقة المطلوبة لأى تقييم للموارد او لعملية المشاركة يعتبر تحديا كبيرا لممارسي الإدارة الساحلية التكاملية.

 وتكمن المشكلة الأخرى في ان الخطط الشاملة والتفصيلية التي تتسم بمنظور تنموي محدد` ربما تفسدها القوى المطلقة للمصالح المالية والسياسية/ا لاقتصادية  (1996 ,Yap). وقد يمثل هذا الأمر مشكلة خاصة لبعض انماط تربية الأحياء المائية، كما هو الحال في استزراع الجمبرى (الروبيان) والذي يعتبر اكثر أنماط تربية الأحياء المائية ربحية.

 

الادارة الساحلية المحلية التكاملية

يمكن التغلب على الكئير من المشاكل المتعلقة بالإدارة الساحلية التكاملية بواسطة إعداد مبادرات على المستوى المحلى. وعلى الرغم من ان هذا ربما يفسد مبدأ التكامل الرأسي، فإنه سيخفف من التعقيد ويجعل مشاركة المستفيدين أكثر تنظيما وفعالية. والتوجه المحلي الجاري حاليا في تايلاند  (اطار 1-7)  لدعم استدامة أكثر لتربية الجمبري (الروبيان) تبدو احتمالات نجاحه كبيرة حيث انه يحتفظ بالتكامل وان كان بمعدلات اقل، وحيث ان المخططين المحليين او زعماء التجمعات المحلية قد اعتادوا تبني اساليب أكثر تكاملا. ولذلك تصبح المشاكل الخاصة المتعلقة بغياب التكامل الرئسي واضحة، ثم يتزايد الضغط من القاعدة لتحقيق التغير و/ او التكامل على المستويات الادارية الأعلى. وقد تشكل تربية الأحياء المائية ذاتها، والإمكانيات والمشاكل المتصلة بها، الحافز ونقطة البداية لتطوير وبروز إجراءات الإدارة الساحلية التكاملية.

 

اطار رقم 1-7 ادارة تربية الاحياء المائية الساحلية فى تايلاند

لقد ادى النجاح والفشل الشديدان المتعلقان بالتطور السريع لتربية الجمبرى (الروبيان) في تايلاند، وكذلك حساسية الجمبرى لرداءة جودة المياه (الناجمة عن الاستخدامات الأخرى للموارد وعن تربية الأحياء المائية ذاتها) الى خلق مجموعة من لوائح التشغيل، والى تنوع مجهودات الإدارة الساحلية مع التركيز على النتمية المستدامة لتربية الكائنات المائية. ومن السابق لأوانه التعليق على نجاح او فشل هنه المبادرات، وان كانت هناك عدة ظواهر تستحق الإشارة.

 اولا حجم المبادرات: اذ تشترك عدة مشاريع في استخدام التخطيط الإستراتيجي للموارد الساحلية (تحديد المواقع) على المستوى المحلى او الإقليمي، حيث ترتبط في بعض الحالات بتطور البنية التحتية (نظم الرى بماء البحر) التي يجب ان تشجع افضل اختيار للموقع، افضل تصميم وادارة للمياه فى المشروعات الصغيرة. كما ان هناك ايضا اهتماما متزايدا بمبادرات علامات الجودة (مثل ايزو 14000 )، كوسيلة لخلق تميز تسويقي يمكنه الخضوع كليا او جزئيا للضرائب مما يساعد في تطوير البنية التحتية والبحوث.

 وبالإضافة الى هذه المشاريع المبشرة، فهناك اطار لتنظيم هذه الصناعة قانون المصايد  (1947) من خلال قواعد تعلنها وزارة الزراعة والتعاونيات (1991). وتشمل هذه القواعد التسجيل السنوي في مكتب المصايد بالمنطقة. متطلبات معالجة المياه (الترسيب) للمزارع التي تتجاوز مساحتها 8 هكتار؛ ومعايير تدفق ماء الصرف (متطلب الأكسيجين الحيوى BOD). إلأ ان تنفيذ هذه الضوابط لا يتسم بالتوافق.

 

المبادرات القطاعية المحسنة

في حالات أخرى، عندما تصبح المبادرات المحلية صعبة او غير مناسبة، بسبب طبيعة الموارد او بسبب النظم الإدارية القائمة على ادارتها، فإن المبادرات القطاعية المحسنة ربما تقدم افضل انطلاقة للتخطيط والإدارة المحسنة لتربية الأحياء المائية. وبمجرد تفعيل هذه المبادرات، فغالبا ما يعوقها ضعف التكامل الأفقي في مناطق محددة ولكن، وكما هو الحال مع الإدارة الساحليةا التكاملية المحلية  فإن هذه المبادرات يمكن أن تك!ن حافزا لإحداث تغييرات جوهرية تجاه التكامل المنشود.

 

تحديد المواقع والقدرة البيئية

يبدو نموذج نيوزيلندا (اطار 1-6 ) متقاربا مع النموذج المثالي للادارة الساحلية التكاملية، و على الرغم من انه ما تزال تشوبه بعض المشاكل، فإنه لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بعدم نجاحه في المستقبل البعيد. وهناك العديد من السمات الهامة في النظام النيوزيلاندى تستحق التأكيد:

وتبرز الميزة الأخيرة امكانية اعتماد طريقتين مختلفتين من أجل تكامل نشاط تربية الأحياء المائية مع الإدارة الساحلية. ويعتمد هذا التوجه التقليدي كما يظهر في فقرة "محمية الحاجز المرجاني العظيم " في استراليا، على تحديد المناطق، اي التخصيص المكاني. وفي المقابل، فإن التأكيد على التأثيرات يتضمن تخصيصا للقدرة البيئية لمستخدم بعينه او لمجموعة مستخدمين، وغالبا ما يستوفي معايير الكفاءة والمواءمة. كما انه يرتبط !يضا تلقائيا بالتوجهات الاقتصادية في التنفيذ. ولهذا فقد تم التأكيد في الجزء الثاني على هذه التوجهات البديلة. إلا ان هذه التوجهات تجسد توجهات الإدارة الفنية وتوجهات التحكم والسيطرة في !دارة الموارد والتي انتقدها بعض المؤلفين(  1998 ,Davos )

 

 الحاجة الى الحوافز

من الملاحظ !ن القليل جدا من المبادرات هي التي تتضمن حوافز تحث على الإنجاز، سواء بالنسبة للتوجهات القطاعية المحسنة اوالتوجهات الأكثر تكاملا، وعادة ما تقتصر على الاعتماد على التوصيات او التعليمات. وبالنظر الى طبيعة تربية الأحياء المائية في المناطق الساحلية على اعتباره من الأنشطة الصغيرة  فإن تنفيذ التوصيات قد يصعب على المزارع، كما يصعب على السلطات تطبيق القوانين. ولذلك تشتد الحاجة الى الاهتمام بالحوافز المالية لتحقيق اختيار افضل للمواقع وادارة افضل لمشاريع تربية الأحياء المائية.

 

مقارنة تجارب الدول المتقدمة مع الدول النامية

لقد اتسم تطور تربية الأحياء المائية في الدول المتقدمة بالالتزام والصرامة، ويرجع ذلك جزئيا لحداثة النشاط في مناطق عديدة وكذلك بسبب الأولويات البيئية العالية في هذه الدول. وعلى العكس، لم تشهد تربية الأحياء المائية في الدول النامية من المراقبة سوى النذر اليسير. ويعزى ذلك جزئيا الى غياب الأطر المؤسسية والإدارية الملائمة لترسيخ الإدارة الساحلية وايضا للاولويات الكبيرة المعطاة للتنمية مقارنة بهذه الممنوحة للبيئة.

 وتقدم !ستراليا، نيوزيلندا والولايات المتحدة الأمريكية نماذج لخطط متقدمة للادارة الساحلية تدعمها تشريعات موازية و هذه الخطط أكثر شمولا فى نطاقها من هذه التي تعتمدها الدول النامية. فإجراءات الادارة الساحلية في الدول النامية كانت في الغالب لحظية وتمول على صورة مشاريع وليس من خلال الأطر القائمة للتخطيط والتنظيم. ويجب ئن تستفيد مبادرات الإدارة الساحلية من القوانين الحالية وإلا وجب تغييرها (اذا كان ذلك ضروريا وممكنا) فلا يمكن ان يتعايش الاثنان معا.

 

1-2-5 الخلاصة والتوصيات

1. لا يوجد اطار اوحد للتخطيط والإدارة يمكن تطبيقه عالميا لدعم استدامة تنمية تربية الأحياء المائية في المناطق الساحلية بصورة اكبر. ولذلك يجب على صانعي السياسات والمخططين تقييم البدائل التنموية المتاحة، وان يعتمد اختيارهم على الظروف المحلية.

2.  على الرغم من جودتها النظرية، فمن غير المرجح ان تقدم الصور الأكثر شمولية من صور الإدارة الساحلية التكاملية (وطنية، اقليمية) حلولا فعالة للاحتياجات العاجلة للتخطيط والإدارة المحسنة لمشاريع تربية الأحياء المائية في المناطق الساحلية القائمة او هذه التي تشهد تطورا سريعا. وفي مثل هذه الحالات، قد يكون من الأنسب البدء بمبادرات مركزة وأكثر محلية للادارة الساحلية او بمبادرات  قطاعية محسنة.

 3. يجب ان تكون الصور الأشمل للادارة الساحلية التكاملية أكثر فعالية حينما تكون تربية الأحياء المائية في المناطق الساحلية في مراحل تطورها الأولى، حيث تتسم قواينين ادارة الموارد بالمرونة او تكون غير قائمة أصلا وتكون النظم القانونية والمؤسسية المناسبة موجودة أو يكون بالامكان تطويرها سريعا، وكذلك حيث تكون الإمكانيات العلمية والتقنية متوفرة.

 4. يقدم تقسيم المناطق (التخصيص المكاني) !شارة عملية للمزيد من التخطيط التكاملي لتنمية تربية الأحياء المائية. كما تمنح القدره البئية بديلا فعالا وقابلا للتكيف، حتى وان كان صعبا في بعض الأحيان، وقادرا على الارتباط تلقائيا بالتوجهات الاقتصادية لإدارة الموارد. وربما يصبح التوجه الذى يجمع بين كلا التوجهين فعالا من الناحية العملية.

 5. يجب ان يحظى تنفيذ الخطط خاصة استخدام الحوافز الاقتصادية والمالية للتأثير في طبيعة وموقع التنمية، وادارة العمليات، باهتملم اكبر.

 

الصفحة السابقةاعلى هذه الصفحةالصفحة التالية